«كورونا» في الأردن... بيوت عزاء بلا معزين وإلغاء أعراس

غيّر من نمط يوميات الشعب... وحظر تجول عام اليوم

العاهل الأردني وولي العهد في اجتماع «فيديو كونفرنس» مع رئيس الوزراء عمر الرزاز (أ.ف.ب)
العاهل الأردني وولي العهد في اجتماع «فيديو كونفرنس» مع رئيس الوزراء عمر الرزاز (أ.ف.ب)
TT

«كورونا» في الأردن... بيوت عزاء بلا معزين وإلغاء أعراس

العاهل الأردني وولي العهد في اجتماع «فيديو كونفرنس» مع رئيس الوزراء عمر الرزاز (أ.ف.ب)
العاهل الأردني وولي العهد في اجتماع «فيديو كونفرنس» مع رئيس الوزراء عمر الرزاز (أ.ف.ب)

يسري اليوم حظر تجول عام في الأردن، لغايات عمل فرق التقصي الوبائي، وتعقيم بعض المرافق العامة، وقطع الطريق عن أي مخالفات قد تحصل نتيجة خروج البعض للتنزه خلال طقس الجمعة الربيعي.
ومع دخول قرار الحكومة الأردنية حظر التجول أسبوعه الثالث، تكسرت عادات كثيرة لدى الأردنيين، ودخل المزاج العام في مرحلة تعود على نمط حياة مختلف جذرياً عن أنماط سابقة.
ولم يقتصر التغيير في نمط حياة الأردنيين على التسوق مشياً على الأسواق، فمشهد المواطنين المحملين بأكياس من التزود الغذائي، يعود في البلاد إلى زمن ما قبل امتلاك المركبات الخاصة، ومحدودية وسائط النقل العام، في آخر ثلاثة عقود من القرن الماضي؛ بل زاد المشهد نحو التغيير من خلال تغيير واضح في نمط التسوق، باتجاه شراء محدود لما يلزم، بعيداً عن مشاهد الشراء المفرط والأكياس المنتفخة.
وفي السياق، دخل على خط عادات الأردنيين المتغيرة، إلغاء مئات من الدعوات للأعراس في القاعات العامة والفنادق، في موازاة مشهد محزن خلال حالات الوفاة التي أضحت وسائل التواصل الاجتماعي هي المكان الوحيد للإعلان عنها، واستقبال التعازي.
وفي مشاهد الحزن تلك، أجبرت حالة الطوارئ الأسر الأردنية على دفن موتاهم في حدود ضيقة جداً، فتصاريح الحركة خلال حظر التجول أصبحت تمنح على نطاق ضيق، من خلال منحها لأصول المتوفى فقط، مع إيقاف بيوت العزاء المفتوحة، وأي مظاهر لاستقبال المعزين، إذ كانت السيدة الأردنية الفلسطينية تيريزا هلسة (إحدى من اختطفوا طائرة «سابينا» البلجيكية إلى مطار اللد في إسرائيل عام 1972) قد توفيت دون إقامة أي مظاهر عزاء عامة.
وبرزت بالمقابل مشاهد مجتمعية عززت مفهوم التكافل الاجتماعي، سواء في المدن أو القرى الأردنية، وتبرع شبان الأحياء بمساعدة العائلات التي تترأسها نساء أو شيوخ، بالتكفل بنقل الأغذية والمستلزمات الأساسية لبيوتهم، أو عبر التكفل بتوزيع طرود خيرية تبرع بها ميسورو حال، أو تم شراء محتوياتها من تجار الجملة، ليتم توزيعها سيراً على الأقدام بين الأحياء السكنية، بينما اقتطع عديد من الأردنيين العاملين في وظائف ومهن من أجورهم الشهرية، وتبرعوا بها للعائلات محدودة الدخل أو الأسر المهمشة.
ولم تتوقف مظاهر التكافل الاجتماعي عند هذا الحد، فقد بدأ عديد من أصحاب العقارات والأملاك والبيوت السكنية المؤجرة، بإعلان إعفائهم لمستأجري تلك المساكن أو العقارات، في مشهد من مشاهد التكافل الاجتماعي، من إيجار شهر مارس (آذار)، بينما أعلن أحد المولات التجارية الشهيرة في العاصمة عمان إعفاء مستأجري المحلات كذلك، بسبب الإغلاق الكامل، عدا عن إطلاق عدة مبادرات لدعم الأشقاء العرب المقيمين في البلاد، في بلد يعمل فيه أكثر من 800 ألف عامل وافد من جمهورية مصر العربية، ويقيم فيها نحو نصف مليون عراقي، ونحو 50 ألف يمني، بالإضافة إلى أعداد كبيرة من الليبيين والسودانيين الذين توقفت أعمالهم في حظر التجول، كما توقفت مظاهر الحياة العامة.
وبينما يتفاوت التزام الأردنيين بحظر التجول الجزئي خلال ساعات النهار بين حين وآخر، ثمة صورة تجعل من المواطن أكثر التزاماً، فصورة العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في الميدان وغرف العمليات، وظهوره بالزي العسكري، تترك انطباعاً عاماً بطبيعة المرحلة وقراراتها الصارمة، ليخاطب الملك الأردني المواطنين عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، مطالباً بتسهيل الحياة على الأردنيين، واعداً بمحاسبة المقصرين من الرسميين.
وحول استقالة وزير الزراعة، أعلن رئيس الوزراء عمر الرزاز أنه نسب إلى العاهل الأردني أمس الموافقة على استقالة الوزير، وفق بيان رسمي نشرته وكالة الأنباء الأردنية (بترا) على صدر صفحتها الرئيسية.
ونسبت رئاسة الوزراء قبول استقالة الوزير، إلى «الالتزام بالمسؤولية السياسية والأدبية، ونتيجة الأخطاء الإدارية التي حدثت في بعض مديريات الزراعة بالمحافظات؛ وضع وزير الزراعة المهندس إبراهيم الشحاحدة استقالته بين يدي رئيس الوزراء».
ولا يزال تفشي فيروس «كورونا» يؤثر في أنماط حياة الأردنيين، فبينما انتشرت على نطاق واسع أدوات التعقيم كلها، ومظاهر الالتزام بارتداء القفازات والكمامات، والحفاظ على التباعد بين المواطنين في الأسواق، لا تزال هناك فوبيا اكتشاف بؤر جديدة للعدوى بالمرض، بعد الكشف أمس عن منزل في منطقة الرمثا الحدودية، انتقلت لسكانه العدوى من أحد أفراد الأسرة الذي عاد مؤخراً من السفر.


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
TT

مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)

تسعى الحكومة المصرية، لتعزيز الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، في مجال إدارة الموارد المائية، في ظل تحديات كبيرة تواجهها تتعلق بـ«محدودية مواردها». وخلال لقائه سفيرة الاتحاد الأوروبي في القاهرة أنجلينا إيخورست، الاثنين، ناقش وزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم، التعاون بين الجانبين، في «إعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجتها».

وتعاني مصر عجزاً مائياً، حيث يبلغ إجمالي الموارد المائية، نحو 60 مليار متر مكعب سنوياً، في مقابل احتياجات تصل إلى 114 مليار متر مكعب سنوياً، وبنسبة عجز تقدر 54 مليار متر مكعب، وفق «الري المصرية».

وتعتمد مصر على حصتها من مياه نهر النيل بنسبة 98 في المائة، والبالغة 55.5 مليار متر مكعب سنوياً.

وحسب بيان لـ«الري المصرية»، ناقش سويلم، مع سفيرة الاتحاد الأوروبي، مقترحات تطوير خطة العمل الاستراتيجية (2024-2027)، طبقاً للأولويات المصرية، مشيراً إلى الدعم الأوروبي لبلاده في مجالات «رفع كفاءة الري، وإعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجة المياه، والتكيف مع تغير المناخ».

ووقَّعت الحكومة المصرية، والاتحاد الأوروبي، إعلاناً للشراكة المائية، خلال فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ، COP28، الذي عُقد في دبي عام 2023، بهدف تحقيق الإدارة المستدامة للموارد المائية، وتعزيز الحوار، وتبادل الخبرات.

وأوضح وزير الري المصري أن «الإجراءات التي تتبعها بلاده لرفع كفاءة استخدام المياه، تندرج تحت مظلة الجيل الثاني لمنظومة الري»، منوهاً بقيام الوزارة حالياً «بتأهيل المنشآت المائية، ودراسة التحكم الآلي في تشغيلها لتحسين إدارة وتوزيع المياه، والتوسع في مشروعات الري الحديث»، إلى جانب «مشروعات معالجة وإعادة استخدام المياه، ودراسة تقنيات تحلية المياه من أجل الإنتاج الكثيف للغذاء».

ومن بين المشروعات المائية التي تنفذها الحكومة المصرية، بالتعاون مع عدد من دول الاتحاد الأوروبي، «البرنامج القومي الثالث للصرف، وتحسين نوعية المياه في مصرف (كيتشنر)، وتحديث تقنيات الري لتحسين سبل عيش صغار المزارعين في صعيد مصر، ومراقبة إنتاجية الأراضي والمياه عن طريق الاستشعار عن بعد».

وتعوِّل الحكومة المصرية على الخبرات الأوروبية في مواجهة ندرة المياه، وفق أستاذ الموارد المائية، في جامعة القاهرة، نادر نور الدين، الذي أشار إلى أن «القاهرة سبق أن استعانت بخبراء أوروبيين لصياغة حلول للتحديات المائية التي تواجهها مصر»، وقال إن «كثيراً من المقترحات التي قدمها الخبراء تنفذها الحكومة المصرية في سياستها المائية، ومن بينها التوسع في مشروعات معالجة المياه، وتحلية مياه البحر، واعتماد نظم الري الحديث».

وللتغلب على العجز المائي شرعت الحكومة المصرية في تطبيق استراتيجية لإدارة وتلبية الطلب على المياه حتى عام 2037 باستثمارات تقارب 50 مليون دولار، تشمل بناء محطات لتحلية مياه البحر، ومحطات لإعادة تدوير مياه الصرف بمعالجة ثلاثية، إضافة إلى تطبيق مشروع تحول للري الزراعي الحديث.

ويعتقد نور الدين، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الخبرة الأوروبية في مجال تطوير إدارة المياه والتغيرات المناخية هي الأفضل في هذا المجال»، مشيراً إلى أن «القاهرة تسعى إلى الاستفادة من المنح الأوروبية المقدَّمة في تلك المجالات، وخصوصاً، التكيف مع التغيرات المناخية»، معتبراً أن «التعامل مع العجز المائي في مصر من أولويات السياسة المائية المصرية».

ويُعد الاتحاد الأوروبي من أهم الشركاء في المجال التنموي بالنسبة لمصر، وفق أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، الذي أشار إلى أن «التعاون المائي بين الجانبين يأتي ضمن الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي جرى توقيعها بين الحكومة المصرية والاتحاد الأوروبي، لتطوير التعاون بمختلف المجالات».

ويرى شراقي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاتحاد الأوروبي يمتلك التكنولوجيا والخبرات الحديثة بشأن تطوير استخدام المياه، خصوصاً في الدول التي تعاني من شح مائي».