مصر تستبق ذروة انتشار «كورونا» بإجراءات جديدة

تفعيل «الضبطية القضائية» على المخالفين لـ«إغلاق المساجد»

مصر تستبق ذروة انتشار «كورونا» بإجراءات جديدة
TT

مصر تستبق ذروة انتشار «كورونا» بإجراءات جديدة

مصر تستبق ذروة انتشار «كورونا» بإجراءات جديدة

مع ترقب مصر لفترة «ذروة الانتشار» لفيروس «كورونا المستجد» التي يُخشى حدوثها خلال أسبوع، وفق التقديرات الطبية الرسمية، تصاعدت أزمة تطبيق «الحجر الصحي» على المواطنين العائدين من الخارج والذين تواصل السلطات إجلاءهم، ودخل البرلمان على خط القضية عبر بيان عاجل، أمس، يتهم مسؤولي الحكومة بـ«الإهمال الجسيم» لسماحهم بدخول 300 مواطن من الكويت دون فرض العزل الطبي عليهم.
ورغم تعليق مصر لحركة الطيران في 19 مارس (آذار) الماضي، فإنها تسير رحلات استثنائية لنقل رعاياها في دول مختلفة، وتستعد كذلك لإجلاء ألف من مواطنيها في الولايات المتحدة الأميركية. ورفض مصريون عائدون من الكويت، أول من أمس، الخضوع للحجر الطبي (28 يوماً)، واكتفوا بتوقيع إقرار يلزمهم بالعزل المنزلي.
ويخشى مواطنون ونواب وأطباء، من حمل العائدين للفيروس ونقله بشكل أوسع، وتأمل السلطات باستقرار معدلات التفشي عند حدودها الراهنة التي سجلت حتى مساء أول من أمس، 710 حالات منهم 157 حالة تعافي، و46 وفاة.
وتقدم النائب البرلماني عبد الحميد كمال، أمس، ببيان وطلب إحاطة عاجل، إلى رئيس الحكومة ووزراء الصحة والداخلية والنقل، بشأن العائدين من الكويت، داعياً إلى «تحقيق علني عادل لمحاسبة كل المقصرين والمسؤولين عن هذا الإهمال الجسيم (السماح لهم بعدم الخضوع للعزل)».
ودفعت تداعيات الأزمة المتحدث باسم الحكومة المستشار نادر سعد إلى التأكيد، مساء أول من أمس، على أن «الفحوصات المبدئية للعائدين أثبتت سلامتهم، غير أنهم رفضوا الخضوع للحجر»، وشدد على أنه «لن يتم السماح لأي شخص يرغب في العودة باستقلال الطائرة، قبل التوقيع على إقرار ملزم قانوناً بالخضوع للعزل والحجر الطبي في المكان الذي تقرره وزارة الصحة وعلى نفقة العائدين مع تدخل الحكومة لتخفيض التكلفة».
وفي سياق الإجراءات الحكومية المتعلقة بمواجهة كورونا، ترأس الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، اجتماع مجلس المحافظين، أمس، من خلال الفيديوكونفرنس، وأفاد بيان رسمي، بأن مدبولي راجع خلال الاجتماع «موقف المستلزمات الطبية بالمستشفيات بكل محافظة»، مشيراً إلى أن هناك خطة (إذا استلزم الأمر) في مرحلة ما للاستفادة من خدمات المُستشفيات الجامعية في استقبال المرضى، ضمن خطة مكافحة فيروس كورونا.
وعلى صعيد تخفيف الأعباء الاقتصادية، أعلن مدبولي «صرف 3.8 مليار جنيه من مستحقات شركات المقاولات لدى الحكومة حتى يتم سداد مستحقات العمال».
بدوره التقى وزير الطيران، محمد منار عنبة، مساء أول من أمس، مع عدد من رؤساء مجالس إدارات وممثلي شركات الطيران الخاصة المصرية لـ«بحث ومناقشة أوضاع شركات الطيران الخاصة وكذا تداعيات أزمة (فيروس كورونا) وتأثيرها على قطاع الطيران الخاص في ظل تعليق الرحلات الجوية من وإلى مصر».
بدورها، دفعت وزارة الأوقاف، وهي المسؤولة عن المساجد، ببعض مفتشيها ممن يحملون «الضبطية القضائية» لإحكام سيطرتها على المساجد لتنفيذ «قرارات غلق المساجد في ربوع البلاد غلقاً تاماً مؤقتاً في ظل الظرف الراهن». كما قررت الوزارة «صرف مكافأة لكل مفتش يضبط مخالفة تتعلق بعدم إغلاق المساجد»، وذلك عقب إحالة مسؤول بمديرية أوقاف شمال سيناء للتقاعد، لمخالفته تعليمات «الأوقاف» بالسماح بالصلاة في أحد المساجد.
ومددت «الأوقاف» مؤخراً قرارها السابق بـ«تعليق إقامة الجمع والجماعات، وإغلاق جميع المساجد والزوايا والمصليات». وقال مصدر في «الأوقاف» لـ«الشرق الأوسط»، إن «الوزارة سوف تُنهي خدمة كُل من يخالف تعليمات غلق المساجد على الفور، والوزارة جادة في هذا الأمر».
وأكد وزير الأوقاف، الدكتور محمد مختار جمعة، أمس، أن «من يخالف تعليمات الوزارة، أو يحاول فتح أي مسجد في أي وقت، يهدف إلى زعزعة استقرار المجتمع في وقت عصيب، بتعريض أمن المجتمع الصحي للخطر، ولا مكان له في (الأوقاف) صغر شأنه أو كبر، ولا مجال له في الخطاب الديني... كما يجب محاسبته قانونياً على تعريض الأمن الصحي للمجتمع للخطر».
وتدفع «الأوقاف» ببعض مفتشيها ممن يحملون «الضبطية القضائية» لإحكام سيطرتها على المساجد، وعدم استغلالها في ظل أزمة فيروس «كورونا». وقال المصدر في «الأوقاف»، إن «منح (الضبطية القضائية) لمفتشي (الأوقاف) أمر مهم، لتمكينهم من مراقبة إغلاق المساجد خلال هذه الفترة المهمة، التي تضع فيها الدولة المصرية إجراءات احترازية شديدة لمواجهة انتشار الفيروس».
ووفق مراقبين فإن «(الضبطية القضائية) الممنوحة لعدد من الموظفين الرسميين في الدولة المصرية، في مجالات معينة تتلخص، طبقاً للمادة (124) من قانون الإجراءات الجنائية، في ضبط المخالفات بأنفسهم، ومن ثم ينتهي دورهم بإحالة هذه المخالفات والمحاضر التي حرروها إلى جهات عملهم، والتي بدورها، تحيلها إلى النيابة العامة للتحقيق فيها».


مقالات ذات صلة

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا الطبيب البريطاني توماس كوان (رويترز)

سجن طبيب بريطاني 31 عاماً لمحاولته قتل صديق والدته بلقاح كوفيد مزيف

حكم على طبيب بريطاني بالسجن لأكثر من 31 عاماً بتهمة التخطيط لقتل صديق والدته بلقاح مزيف لكوفيد - 19.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد السعودية تصدرت قائمة دول «العشرين» في أعداد الزوار الدوليين بـ 73 % (واس)

السعودية الـ12 عالمياً في إنفاق السياح الدوليين

واصلت السعودية ريادتها العالمية بقطاع السياحة؛ إذ صعدت 15 مركزاً ضمن ترتيب الدول في إنفاق السيّاح الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك تم تسجيل إصابات طويلة بـ«كوفيد- 19» لدى أشخاص مناعتهم كانت غير قادرة على محاربة الفيروس بشكل كافٍ (رويترز)

قرار يمنع وزارة الصحة في ولاية إيداهو الأميركية من تقديم لقاح «كوفيد»

قرر قسم الصحة العامة الإقليمي في ولاية إيداهو الأميركية، بأغلبية ضئيلة، التوقف عن تقديم لقاحات فيروس «كوفيد-19» للسكان في ست مقاطعات.

«الشرق الأوسط» (أيداهو)
أوروبا أحد العاملين في المجال الطبي يحمل جرعة من لقاح «كورونا» في نيويورك (أ.ب)

انتشر في 29 دولة... ماذا نعرف عن متحوّر «كورونا» الجديد «XEC»؟

اكتشف خبراء الصحة في المملكة المتحدة سلالة جديدة من فيروس «كورونا» المستجد، تُعرف باسم «إكس إي سي»، وذلك استعداداً لفصل الشتاء، حيث تميل الحالات إلى الزيادة.

يسرا سلامة (القاهرة)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.