في مفاجأة للمعسكرين الديمقراطي والجمهوري، أظهر آخر استطلاع للرأي تقدم نائب الرئيس الأميركي جو بايدن على الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الانتخابات الرئاسية. وأظهر الاستطلاع الذي أجرته وكالة «رويترز - إيبسوس» أن بايدن متقدم على ترمب بـ6 نقاط، حيث أعرب 46 في المائة من الناخبين عن دعمهم لبايدن في انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) مقابل 40 في المائة قالوا إنهم سيصوتون لصالح ترمب. وتنفست حملة بايدن الانتخابية الصعداء لدى رؤية هذه الأرقام، وهي التي كانت تخشى من ظهور ترمب اليومي على شاشات التلفزة للحديث عن جهود الإدارة في مكافحة فيروس «كورونا»، الأمر الذي أدى إلى تزايد شعبيته في استطلاعات الرأي.
وبحسب الاستطلاع قال 89 في المائة من الناخبين إنهم قلقون للغاية من تفشي فيروس «كورونا»، وأعرب 48 في المائة منهم عن دعمهم لجهود ترمب لمكافحته.
احتمال تأجيل مؤتمر الديمقراطيين الوطني:
ومع محاولة الديمقراطيين التركيز على السباق الانتخابي لكن من دون تجاهل معاناة الأميركيين في مواجهة «كورونا»، فاجأ بايدن حزبه بإعلانه عن استبعاده عقد المؤتمر الوطني الديمقراطي في موعده المحدد في يوليو (تموز) المقبل، وذلك في معارضة مباشرة لتأكيدات رئيس الحزب توم بيريز بأن المؤتمر سيعقد في موعده في ولاية ويسكنسن. وقال بايدن: «من الصعب أن أتخيل أن المؤتمر سيعقد بعد 100 يوم تقريباً»، وتابع بايدن في مقابلة مع شبكة (إم إس إن بي سي): «لقد تمكنا من عقد المؤتمرات الحزبية والانتخابات التمهيدية والرئاسية في خضم الحرب الأهلية والحرب العالمية الثانية، لكن الوضع مختلف اليوم».
لكن بايدن أكّد أن الانتخابات الرئاسية ستجري في موعدها، مضيفاً أنه من الممكن التصويت غيابياً خلالها: «ليس هناك مبرر لإلغاء الانتخابات أو تأجيلها».
ويحاول بايدن من خلال هذه التصريحات أن يفرض وجوده في الساحة السياسية في ظل الظروف الحالية التي تحتم عليه البقاء في منزله في ولاية ديلاوير، والمشاركة في مداخلات تلفزيونية دورية مع المحطات التلفزيونية الأميركية. لكن منافسه الجمهوري لديه منصة يومية في البيت الأبيض تحظى بمشاهدة أكبر بكثير. وهو سبق وأن أكد أنه من المستحيل إلغاء المؤتمر الجمهوري الحزبي الذي سينعقد في نهاية شهر أغسطس (آب) في ولاية كارولاينا الشمالية. وقال ترمب: «نحن نخطط لهذا المؤتمر، وأحدهم سألني هل من الممكن إلغاؤه؟ فقلت له إن هذا مستحيل. سوف نذهب إلى المؤتمر وسيكون رائعاً».
ورد هذا في تصريح أدلى به ترمب الشهر الماضي، لكن الكثير تغير اليوم، حتى لهجة الرئيس الأميركي ونبرته في الحديث عن الفيروس. تغيير أتى بعد انتقادات كثيرة واجهها ترمب لمحاولته التخفيف من وطأة انتشار الفيروس في بداياته. والبطء في اتخاذ إجراءات حاسمة لمواجهته. فبعد أن اتهمته رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي بالاستهتار في شؤون إدارة البلاد، بدأ الجمهوريون بشن هجمات مركزة على بيلوسي والديمقراطيين.
العزل والفيروس
وعلى الرغم من محاولة الحزبين الاتفاق علناً على مصلحة البلاد الوطنية، فإن الطرفين يعلمان أن جهود مكافحة الفيروس هي ورقة انتخابية ثمينة قد تؤدي إما إلى خسارتهم الانتخابات التشريعية والرئاسية، وإما فوزهم بها. الأمر يعتمد على أسلوبهم في التعاطي مع الملف.
ومن هنا، بدأ الجمهوريون بالتركيز على الجدول الزمني لبدء انتشار الفيروس، وربطه بملف العزل. فاتهم زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش مكونيل رئيسة مجلس النواب بأنها أدت إلى تشتيت انتباه الإدارة الأميركية عن التهديد المحدق بالولايات المتحدة جراء الفيروس، بسبب إصرارها على عزل الرئيس. وقال مكونيل في مقابلة تلفزيونية: «لقد بدأت التحذيرات المتعلقة بالفيروس عندما كانت حركتنا مقيدة بمحكمة العزل. وأعتقد أنها أدت إلى تحويل انتباه الحكومة لأن كل الأخبار والملفات كانت حول العزل».
موقف وافق عليه السيناتور الجمهوري توم كوتون الذي قال: «في منتصف شهر يناير (كانون الثاني) وآخره كانت واشنطن، الكونغرس تحديداً، منشغلة بملف آخر وهو محاولة الديمقراطيين عزل الرئيس».
ويقول كوتون إنه حذّر الإدارة الأميركية من الوثوق بالحكومة الصينية، وذلك بعد تصريحات للرئيس الأميركي مفادها أنه يثق بالمعلومات الآتية من الصين قائلاً حينها: «لدي علاقة رائعة مع الرئيس الصيني».
وحاول كوتون الحديث مع زملائه، لكن مجلس الشيوخ كان منهمكاً بمحاكمة العزل التي استمرت من 16 يناير إلى 5 فبراير (شباط) وتحققت مخاوف كوتون عندما عقدت الإدارة اجتماعاً مغلقاً هو الأول مع أعضاء مجلس الشيوخ لإبلاغهم بتطورات الفيروس في الـ24 من يناير. فلم يحضر الاجتماع سوى 14 سيناتورا من أصل 100.
سيناتور أركنسا هو من صقور الحزب الجمهوري وعرف بغياب ثقته التامة بحكام الصين وإيران، لهذا فهو شكك منذ البداية بنيات الصين وما وصفه بعزمها على إخفاء تفاصيل مهمة متعلقة بالفيروس ومكافحته. وقال كوتون لصحيفة «ناشيونال ريفيو»: «هناك أمران حيراني في رد الصين: الأول هو كذب السلطات وتضليلها للجميع منذ بداية ديسمبر (كانون الأول). والثاني: التدابير الضخمة والحاسمة التي اتخذتها فجأة... تدابير لا يتم اتخاذها في بلد مثل الصين إن لم يكن هناك قلق فعلي من انتشار الفيروس».
هل استغل بعض الشيوخ منصبهم للاستفادة مالياً من تفشي الفيروس
مسألة يحقق فيها مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي)، الذي أعلن عن فتحه ملف رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الجمهوري ريتشارد بير. وكانت صحيفة «بروبابليكا» الاستقصائية كشفت عن أن السيناتور باع أكثر من مليون ونصف المليون دولار من أسهمه في الثالث عشر من فبراير بعد معلومات سرية متعلقة بالفيروس حصل عليها كرئيس للجنة، بحسب الصحيفة. وقد بدأت سوق البورصة بالتدهور بعد أسبوع من بيع هذه الأسهم.
ولم يكن السيناتور وحيداً في مساعيه، فحذا حذوه الجمهوريان كيلي لوفر وجيمس أنهوف والديمقراطية دايان فاينستاين. وحتى الساعة لا يوجد أي دليل على أن هؤلاء خرقوا القانون من خلال قراراتهم بيع أسهم لكن التحقيقات جارية في هذا الملف.