الحجر الصحي: «سجن» للبعض و«رفاهية» غير ممكنة لآخرين

عامل يومي في مومباي: «إذا لم أخرج لمدة أسبوع... فسيموت أطفالي وزوجتي»

عمال مهاجرون يتناولون الطعام الذي وزعته منظمة غير حكومية تحت جسر بجوار قضبان السكك الحديدية في مومباي بالهند (أ.ف.ب)
عمال مهاجرون يتناولون الطعام الذي وزعته منظمة غير حكومية تحت جسر بجوار قضبان السكك الحديدية في مومباي بالهند (أ.ف.ب)
TT

الحجر الصحي: «سجن» للبعض و«رفاهية» غير ممكنة لآخرين

عمال مهاجرون يتناولون الطعام الذي وزعته منظمة غير حكومية تحت جسر بجوار قضبان السكك الحديدية في مومباي بالهند (أ.ف.ب)
عمال مهاجرون يتناولون الطعام الذي وزعته منظمة غير حكومية تحت جسر بجوار قضبان السكك الحديدية في مومباي بالهند (أ.ف.ب)

بينما يجد الكثير من الناس الحجر الصحي الذي سببه انتشار فيروس «كورونا» حول العالم نقمة ويشعرون بأنهم مسجونون داخل منازلهم، يرى آخرون أن هذه التدابير رفاهية لا يمكنهم تحمل تبعاتها، خاصة أولئك الذين يعملون لتلقي أجر يومي بهدف تأمين قوتهم ومتطلبات عائلاتهم.
وفي الهند، أعلن رئيس الوزراء ناريندرا مودي في 24 مارس (آذار) عن إغلاق كامل على الصعيد الوطني لمدة 21 يوماً، وهي من أقوى الإجراءات الوطنية لمنع انتشار فيروس كورونا المستجد. وكان القرار بمثابة منعطف حاد. فقبل أسبوع واحد فقط ، كان يُنظر إلى ثاني أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان على أنها حالة غامضة ظلت سالمة نسبياً من الوباء المميت. ولكن بعد ذلك بدأت المعلومات تتدفق. ومع بدء الإغلاق، بدأ عدد الحالات المؤكدة في البلاد بالنمو بشكل مطرد، حيث ارتفع إلى 933 بحلول 28 مارس، وفقاً لتقرير نشرته صحيفة «فورين بوليسي».
وبينما اتخذت نيودلهي إجراءات حاسمة، إلا أن هناك مخاوف من أن يكون قد فات الأوان وأن الكثير من الفقراء والمشردين في البلاد سيتركون عرضة للإصابة بالفيروس.
ويتوقع رامانان لاكسمينارايان، خبير صحة عامة بارز ومدير مركز «ديناميات الأمراض والاقتصاد والسياسة»، ومقره الولايات المتحدة، أنه على الرغم من الإغلاق، من المحتمل أن يصل الوباء في الهند الى ذروته بحلول أواخر أبريل (نيسان) أو أوائل مايو (أيار). وسيحتاج مليون شخص إلى أسرة المستشفيات والرعاية الحرجة في تلك المرحلة. هنا يمكن أن تحصل كارثة النقص في الأسرة والأدوات الطبية.
وعندما أعلن مودي عن إغلاق البلاد دون ذكر كيف سيحصل الناس على إمداداتهم اليومية - أثارت كلماته حالة من الذعر. وهرع الناس إلى الشوارع بأعداد كبيرة قبل أن يتمكن مودي من إنهاء حديثه. واكتظت الصيدليات بالناس الذين يحاولون تأمين أدويتهم، وتم نسيان الحملات الداعية للتباعد الاجتماعي بسرعة. وفي المتاجر الكبرى، قامت العائلات المتلهفة بشراء السلع الأساسية بغية تخزينها. واختفى الحليب والبيض من الرفوف. ولكن في حين كانت أقلية صغيرة من الناس قادرة على شراء وتخزين حاجاتها، كان العديد من الأشخاص الذين يعملون مقابل أجر يومي يتدفقون إلى مسقط رأسهم، وبعضهم مع أطفالهم بينما تقوم الشرطة بضربهم لأنهم ينتهكون قواعد حظر التجول.
وقال أحد العمال: «إذا لم أخرج لمدة أسبوع، فسيموت أطفالي وزوجتي».
وفي مومباي، العاصمة المالية للبلاد، وضع حوالي 300 عامل مهاجر أنفسهم في شاحنات تنقل المواد الغذائية حتى يتمكنوا من الوصول إلى منازلهم بعيداً عن تدقيق الشرطة.
وفي دارافي المجاورة، الذي تحوي أكبر حي فقير في آسيا، ويبلغ عدد سكانه مليون نسمة في مساحة تقل عن ميل مربع، ضحك العمال عندما سُئلوا عما إذا كانوا ملتزمين بالبعد الاجتماعي.
وقال غانشيام لال وهو عامل مهاجر في مومباي يطعم أسرة مكونة من ثمانية أفراد بأجره اليومي البالغ 3 دولارات، إنه لا يكترث بالفيروس بقدر اهتمامه بوضع الطعام على طاولة عائلته. وكان قلقا بشأن زوجته، آشا التي تخضع لغسيل الكلى في مستشفى حكومي ويتم الآن تهيئته لإفساح المجال للمرضى الأكثر ثراء الذين ثبتت إصابتهم بالفيروس التاجي. وتابع: «سهل على رئيس الوزراء أن يقول لا تخرج من بيتك... إذا لم أخرج لمدة أسبوع، فسيموت أطفالي وزوجتي».
وليس هناك مبالغة في مخاوف لال، ففي مدينة يبلغ عدد سكانها 20 مليون نسمة، لا تملك المستشفيات الحكومية سوى 400 جهاز تهوية وألف سرير للعناية المركزة.
ويوم الأحد في 22 مارس، خرج بعض السكان الأثرياء على شرفاتهم وصفقوا، وهتفوا «مودي مودي». وسلط ذلك الضوء على الانقسام في البلاد. من ناحية، هناك الطبقة المتوسطة والغنية، النخبة التي قامت بتخزين حاجاتها وتنشر صوراً ذاتية وطنية على وسائل التواصل الاجتماعي، ومن ناحية أخرى تبرز الطبقة الفقيرة التي تكافح للوصول إلى الصابون أو الماء وتعيش ضمن مجموعات مكتظة في الأحياء الفقيرة. وهؤلاء الأشخاص أنفسهم معرضون بشدة للإصابة بالفيروس.
وإن عدم استعداد الرعاية الصحية والنظام الاجتماعي في الهند للتعامل مع الوباء يتفاقم بسبب تطبيق القوانين التي تستخدم العنف عند خرق أحد الأشخاص لحظر التجول. وفي 25 مارس، مع بدء الإغلاق، تعرض رجل يبلغ من العمر 32 عاماً للضرب حتى الموت على يد الشرطة في ولاية البنغال الغربية عندما خرج لشراء الحليب لعائلته. كما نقل راهول مسهر، الصبي البالغ من العمر 11 عاماً والذي كان يعمل مع والده في جمع الخردة كل يوم، إلى مستشفى حكومي في منطقة بهوجبور في بيهار هذا الأسبوع. وتبين أن مسهر لم يتناول الطعام منذ ثلاثة أيام. وحاولت والدته الحامل بطفلها الثاني إطعام نفسها وابنها. وبسبب الإغلاق، لم يستطع والد مسهار، الذي كان يكسب ما يكفي من المال لإطعام عائلته ليوم واحد، من تأمين الغذاء لهم. وتوفي مسهر عند عودته من المستشفى، ولم يقتل بالفيروس، بل بالجوع، وهو ما قد يقتل الكثيرين في الهند إذا لم تتخذ الحكومة إجراءات فورية.


مقالات ذات صلة

عدوى «كورونا» الشديدة قد تؤدي لالتهاب في «مركز التحكم» بالدماغ

صحتك طبيب يفحص أشعة على المخ لأحد المرضى (أرشيف - رويترز)

عدوى «كورونا» الشديدة قد تؤدي لالتهاب في «مركز التحكم» بالدماغ

كشفت دراسة جديدة عن أن عدوى «كورونا» الشديدة يمكن أن تتسبب في التهاب في «مركز التحكم» في الدماغ.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الممثل الأميركي الشهير آل باتشينو (أ.ف.ب)

آل باتشينو: نبضي توقف دقائق إثر إصابتي بـ«كورونا» والجميع اعتقد أنني مت

كشف الممثل الأميركي الشهير آل باتشينو أنه كاد يموت في عام 2020، إثر إصابته بفيروس «كورونا»، قائلاً إنه «لم يكن لديه نبض» عدة دقائق.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فيروس كورونا أدى إلى انخفاض مستمر في الذاكرة والإدراك (أ.ف.ب)

دراسة: «كورونا» تسبب في ضعف إدراكي مستمر للمرضى

وجدت دراسة فريدة من نوعها أن فيروس كورونا أدى إلى انخفاض بسيط، لكنه مستمر في الذاكرة والإدراك لعدد من الأشخاص.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق اعترف غالبية المشاركين بالدراسة بالحنين إلى الماضي (جامعة كوبنهاغن)

العاملون من المنزل يعانون «نوبات الحنين» لما قبل «كورونا»

أفادت دراسة أميركية بأنّ العاملين من المنزل يشعرون بالضيق ويتوقون إلى ماضٍ متخيَّل لِما قبل انتشار وباء «كوفيد–19»، حيث كانوا يشعرون بالاستقرار.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك العلماء يعتقدون أن الإنفلونزا أكبر تهديد وبائي في العالم (رويترز)

أول لقاح للإنفلونزا يمكن تعاطيه ذاتياً في المنزل دون إبر

وافقت إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) أمس (الجمعة) على أول لقاح للإنفلونزا يمكن تعاطيه ذاتياً في المنزل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الشرطة القبرصية تلقي القبض على 8 للاشتباه في صلتهم بتمويل الإرهاب

استنفار أمني قبرصي (متداولة)
استنفار أمني قبرصي (متداولة)
TT

الشرطة القبرصية تلقي القبض على 8 للاشتباه في صلتهم بتمويل الإرهاب

استنفار أمني قبرصي (متداولة)
استنفار أمني قبرصي (متداولة)

قالت السلطات إن الشرطة في قبرص ألقت الخميس القبض على ثمانية أفراد لاستجوابهم على صلة باتهامات بضلوعهم في جمع أموال لصالح جماعة مصنفة إرهابية في دولة أخرى.

وأُلقي القبض على المشتبه بهم، وهم سبعة رجال وامرأة، وجميعهم من سوريا، في مداهمات نفذتها الشرطة صباحاً في مدينتي ليماسول وبافوس. ولا تتوافر دلائل على أن المشتبه بهم كانوا يخططون لتنفيذ هجمات بأنفسهم، ورفضت الشرطة الكشف عن اسم الجماعة أو الدولة التي توجد بها.

استنفار أمني في العاصمة نيقوسيا (متداولة)

وقال المتحدث باسم الشرطة كريستوس أندريو لقناة «أيه إن تي 1» التلفزيونية القبرصية: «لا معلومات بالمرة عن تدبير هؤلاء الأفراد لتنفيذ هجوم إرهابي في قبرص. يتعلق الأمر فحسب بقضايا تمويل جماعة مصنفة إرهابية مقرها في دولة ثالثة». وأضاف أن إحدى القضايا قيد التحقيق تتعلق باحتمال جمع الأموال من الاتجار في المخدرات غير المشروعة والمواد المؤثرة على العقل.

وتقول الشرطة إن الرجال السبعة والمرأة يواجهون اتهامات تتعلق بقوانين مكافحة الإرهاب، فضلاً عن الانتماء إلى منظمة إجرامية والتآمر. وقد أُلقي القبض عليهم بعد مداهمة بلدتين على الساحل الجنوبي للدولة الجزيرة.