تضارب أنباء بشأن اعتراض «باتريوت» صواريخ في العراق

بعد يوم واحد من نشرها أول من أمس، أعلنت مصادر أمنية عراقية أن منظومة باتريوت للدفاع الجوي الأميركية اعترضت صاروخين كانا يستهدفان قاعدة «عين الأسد» في محافظة الأنبار غرب العراق. وقال مصدر أمني عراقي إن «الصاروخين اللذين سقطا على الطريق العام في قرية المعمورة غرب مدينة هيت (70 كم غرب الرمادي)، كادا يستهدفان قاعدة عين الأسد التي تضم القوات الأميركية». وأضاف المصدر أن «منظومة الباتريوت الأميركية اعترضت الصاروخين»، مشيرا إلى أن «سقوطهما في القرية أدى إلى إلحاق أضرار مادية دون وقوع أي خسائر بشرية».
لكن قائد عمليات الأنبار اللواء الركن قاسم المحمدي نفى أن تكون الصواريخ استهدفت عين الأسد. وقال المحمدي في بيان أمس إن «عصابات (داعش) الإرهابية، أقدمت في وقت متأخر من ليلة الثلاثاء على إطلاق صواريخ كاتيوشا لا يتعدى مداها 6 كم من غرب مدينة هيت وسقطت في صحراء نائية من دون أي أضرار». وأضاف أن «الحديث عن صد منظومة الباتريوت للصواريخ المطلقة عار عن الصحة»، مؤكداً أن الصواريخ سقطت على أرض صحراوية تبعد نحو 40 كم عن قاعدة عين الأسد.
ويأتي هذا التضارب في الأنباء بعد يوم واحد من قيام الجيش الأميركي بنشر منظومة «باتريوت» للدفاع الجوي في قاعدتي عين الأسد بالأنبار وحرير في أربيل، بعد شهرين من تعرض قواته لهجوم بصواريخ باليستية إيرانية عقب الغارة الأميركية التي أدت في الثالث من شهر يناير (كانون الثاني) الماضي إلى مقتل قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني ومعه نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي أبو مهدي المهندس.
ويأتي نشر هذه المنظومة المتطورة عقب مفاوضات طويلة بين الجانبين العراقي والأميركي وسط استمرار الخلافات السياسية بشأن الوجود الأميركي في العراق والذي تضاعف على إثر تكليف عدنان الزرفي من قبل الرئيس العراقي برهم صالح بتشكيل الحكومة العراقية المقبلة.
ولم يتضح حتى الآن ما إذا كانت الولايات المتحدة قد حصلت في النهاية على موافقة الحكومة العراقية حيث لم يصدر تعليق رسمي من الحكومة في وقت تواصل الفصائل المسلحة والقوى السياسية العراقية المناوئة للوجود الأميركي في العراق، خصوصا كتلة «الفتح» البرلمانية، هجومها على كل ما يرتبط بالنشاط الأميركي في العراق إن كان على المستوى السياسي أو العسكري.
وكان رئيس الوزراء العراق عادل عبد المهدي عبر عن قلقه مما سماه «طيران غامض غير مرخص لم يعلن عن هويته» (في إشارة إلى الولايات المتحدة) وعن هجمات لا قانونية ضد المصالح الأجنبية في العراق (في إشارة إلى الهجمات التي تقوم بها فصائل مسلحة مقربة من إيران ضد الوجود الأميركي) في وقت بدأت القوات الأميركية تخلي بعض قواعدها في العراق وتسلمها إلى القوات العراقية.
إلى ذلك، أكدت قيادة العمليات المشتركة أن هناك جدولا زمنيا لتسليم قوات التحالف الدولي مواقع أخرى في الأيام المقبلة. وقال الناطق باسم العمليات المشتركة اللواء تحسين الخفاجي في تصريح نقلته وكالة الأنباء العراقية الرسمية أمس، إن «هناك جدولاً زمنياً بين الحكومة العراقية وقوات التحالف الدولي لتسليم المواقع»، مبيناً أن «قوات التحالف سلمت الموقع الرابع الكائن في نينوى إلى القوات الأمنية العراقية» وأوضح أن «الموقع كان يقدم الدعم للقوات في معارك تحرير نينوى»، مشيراً إلى أن «قوات متعددة الجنسيات (كندية وبلجيكية وفرنسية وأميركية) كانت تشغل الموقع». وشدد الخفاجي على أن «قيادة عمليات نينوى لديها القدرة على التعامل مع أي تهديد إرهابي للمحافظة». وأشار إلى أن ما ترك من بنى تحتية في هذا الموقع، سيسهم في زيادة قدرات القوات الأمنية وتطويرها.
من ناحية ثانية، أكد المتحدث باسم التحالف الدولي ضد تنظيم «داعش»، مايلز كاغينز، استئناف مهام تدريب القوات العراقية بعد انتهاء شهر رمضان. وقال كاغينز إن «التحالف دعم العراق بأكثر من أربعة مليارات دولار والمئات من الآليات العسكرية والشاحنات، إضافة إلى مساعدة القوة الجوية العراقية»، مؤكدا مواصلة تقديم العون للقوات الأمنية العراقية والبيشمركة و«قوات سوريا الديمقراطية». وأوضح أن التحالف «كان يخطط منذ عدة أشهر لتسليم القواعد إلى القوات الأمنية العراقية»، مشيرا إلى «وجود مسلحي (داعش) في جبل حمرين وقرجوغ ونينوى والأنبار وشمال بغداد، وأن شراكتنا مع القوات الأمنية العراقية للتأكد من عدم قدرة (داعش) على مسك الأرض».
وحول التداعيات السياسية المحتملة لنشر منظومة الباتريوت في ظل احتدام الخلاف بشأن الوجود الأميركي في العراق، يقول أستاذ الأمن الوطني الدكتور حسين علاوي، رئيس مركز أكد للدراسات الاستراتيجية والرؤى المستقبلية، لـ«الشرق الأوسط» إنه «من المستبعد أن تكون هناك تداعيات سياسية بل أتوقع أن يحصل اتفاق بين الحكومة العراقية وقيادة العمليات المشتركة من جهة ومع الجهات الأميركية على صعيد التنسيق في نصب منظومة الباتريوت حيث إنها منظومة متقدمة للدفاع الجوي وتقوم في وقت واحد برصد 17 هدفا، ولذلك فإنها مكسب كبير أن تكون ضمن منظومة الدفاع الوطني العراقية». وأضاف علاوي أن «الولايات المتحدة لا تريد استخدامها لحماية البعثة العسكرية الأميركية والتحالف الدولي فقط وإنما حتى القوات العراقية الموجودة في قاعدة عين الأسد وقاعدة حرير»، مبينا أن «هذه المنظومة من حيث المنظور الاستراتيجي تعد مكسبا لكنها من حيث الجانب التكتيكي فيمكن أن يكون هناك تحديات لكون الفصائل المسلحة تقوم باستهداف القواعد التي تجود فيها القوات الأميركية بصواريخ كاتيوشا».