تدشين مؤتمر وزراء الثقافة بالدول الإسلامية في المدينة المنورة

الأمير فيصل بن سلمان: الحراك الثقافي في المدينة سيكون بصفة مستمرة

الأمير فيصل بن سلمان لدى انطلاق أعمال مؤتمر وزراء ثقافة الدول الإسلامية في المدينة المنورة، أمس (واس)
الأمير فيصل بن سلمان لدى انطلاق أعمال مؤتمر وزراء ثقافة الدول الإسلامية في المدينة المنورة، أمس (واس)
TT

تدشين مؤتمر وزراء الثقافة بالدول الإسلامية في المدينة المنورة

الأمير فيصل بن سلمان لدى انطلاق أعمال مؤتمر وزراء ثقافة الدول الإسلامية في المدينة المنورة، أمس (واس)
الأمير فيصل بن سلمان لدى انطلاق أعمال مؤتمر وزراء ثقافة الدول الإسلامية في المدينة المنورة، أمس (واس)

تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، وبحضور الأمير فيصل بن سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة المدينة المنورة رئيس اللجنة العليا لمناسبة «المدينة المنورة عاصمة للثقافة الإسلامية 2013» - دشن الدكتور عبد العزيز خوجه وزير الثقافة والإعلام السعودي أمس، أعمال المؤتمر الإسلامي الثامن لوزراء الثقافة بدول منظمة التعاون الإسلامي، تحت عنوان «من أجل تعزيز الحقوق الثقافية في العالم الإسلامي لخدمة الحوار والسلام»، بمشاركة حشد من وزراء الثقافة ورؤساء الوفود والمنظمات الدولية المهتمة بالشأن الثقافي.
الأمير فيصل بن سلمان، وفي كلمة أمام وزراء الثقافة، أكد أن المدينة ومنذ اختيارها كعاصمة للثقافة الإسلامية شهدت العديد من الفعاليات الثقافية والندوات الفكرية والمعارض المصاحبة، مبينا أنه سبقت كل هذا أفكار ومقترحات في ورش عمل أثمرت عن إقرار العديد من المبادرات المتمثلة في مشاريع ثقافية وعلمية. وقال «لعله من دواعي سروري أن أنقل لكم أن هذه المبادرات ستكون بمثابة انطلاقة جديدة للعمل الثقافي المُستدام، حيثُ إن تنفيذها لن يقتصر على المدة الزمنية المحدّدة بعام واحد، بل أُعطيت صفة الاستمرارية، بهدف تقوية الجوانب الثقافية وجعلها متاحةً لمن يزور المدينة في أي وقت».
وفي ما يلي نص الكلمة:
«يطيبُ لي أن أُرحب بكم في المدينة المنورة، عاصمة الإسلام الأولى، منطلق الحضارة الإسلامية.. كما أرحب بكم في هذا المكان التاريخي الذي يعود تاريخه إلى مائة عام، والذي كانت له أدوار حيوية في جوانب دينية وثقافية واقتصادية، وكما ترونه الآن فقد تحول إلى متحف لتراث المنطقة.
ومنذ أن تم اختيار المدينة المنورة عاصمة للثقافة الإسلامية عملنا جهدنا على تجسيد هذا الاختيار لتصبح بالفعل عاصمة للثقافة الإسلامية، حيث تم تنظيم المئات من الفعاليات الثقافية والأدبية والتراثية، استقطبت جموعا كبيرة من داخل المملكة وخارجها. كما أننا لم نغفل عقد عشرات الندوات الفكرية والمعارض المصاحبة، وقد سبق هذا كله تلاقي أفكار ومقترحات في ورش عمل أثمرت عن إقرار العديد من المبادرات المتمثلة في مشاريع ثقافية وعلمية. ولعله من دواعي سروري أن أنقل لكم أن هذه المبادرات ستكون بمثابة انطلاقة جديدة للعمل الثقافي المستدام، حيث إن تنفيذها لن يقتصر على المدة الزمنية المحددة بعام واحد، بل أُعطيت صفة الاستمرارية، بهدف تقوية الجوانب الثقافية وجعلها متاحة لمن يزور المدينة في أي وقت.
ولعله من المناسب أن نقدم لكم عرضا وافيا عن هذه المبادرات التي نُفذ بعضها فيما سيكون تنفيذ ما تبقى خلال الفترات المقبلة، إن شاء الله، كما أننا نُقدر وافر التقدير تقييمكم للفعاليات التي تمت إلى جانب مقترحاتكم للمبادرات ومشورتكم حيالها وحيال كل ما يتعلق بثقافة المدينة المنورة.
وختاما، آمل أن يكون اختيارنا لهذا المكان تذكيرا بتاريخ ثقافي وحضاري يستحق أن نعمل لأجله الكثير.. والسلام عليكم ورحمة الله».
من جهته قال الدكتور خوجه في كلمة له: «نجتمع في هذا الجوار الكريم لنسطر من تاريخ المدينة المنورة بابا في التعاون والتكاتف والإخاء وإرساء دعائم المودة والسلام بين شعوبنا الإسلامية».
وأضاف: «إننا نجتمع ونحن نرى أمتنا الإسلامية تتقاذفها الأمواج والصراعات من كل حدب وصوب، ويواجه الضعفاء من شعوب العالم الإسلامي - من شيوخ ونساء وأطفال - أقسى ظروف الحياة، فهناك قتل وتشريد واضطهاد دون ذنب اقترفوه. وأمام هذا الوضع المأساوي وهذه الظروف الحالكة، علينا بوصفنا وزراء للثقافة في العالم الإسلامي أن نقف متوكلين على الله سبحانه أولا، ومتسلحين بكل ما تحمله الثقافة من مفردات ومضامين لإشاعة مبادئ الدين الإسلامي القويم في المحبة وتعميق أواصر الأخوة والوفاق والتفاهم، وأن ندعو مؤسساتنا الثقافية الرسمية وغير الرسمية للقيام بواجبها، والعمل على الاستعانة بكل الوسائل التي تعبر عن رقينا الثقافي والإسلامي لرفع الظلم عن الشعوب الإسلامية وإعطاء صورة نقية لما تحمله رسالة الإسلام العظمى».
وثمن خوجه جهود المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو) في هذا الإطار، مشيرا إلى أن الوثائق التي تطرحها في المؤتمر متضمنة رصدا لجهود المنظمة خلال العامين الماضيين، وتصورا استشرافيا للجهود المرجوة للعامين المقبلين.
وتابع وزير الثقافة والإعلام السعودي قائلا: «وفقا لما طرحته المنظمة، وكما طلبتم منها في مؤتمركم السابع الذي عقد في الجزائر لإعداد وثيقة تحت عنوان (مشروع خطة العمل لتفعيل مبادرة خادم الحرمين الشريفين للحوار بين أتباع الأديان والثقافات)، هذه الوثيقة التي تأتي مكملة لجهود القائمين على هذه المبادرة الكريمة والتي تبعتها عدة مشاريع أخذت مكانها على أرض الواقع - فإنني من هذا المنبر أدعو إخواني الوزراء إلى تبني قرار يصدر عن مؤتمرنا هذا يعكس تفاعلنا مع المعاني النبيلة لهذه المبادرة الكريمة وبحث أوجه التعاون لتفعيل المبادرة والخروج بصيغة لما يمكن للدول الأعضاء في منظمة الـ(إيسيسكو) المشاركة فيه في هذا المجال مستقبلا».
وأردف أن «انعقاد هذا المؤتمر يأتي ضمن برامج احتفالية (المدينة المنورة عاصمة للثقافة الإسلامية)، وبذلت خلال العام جهود موفقة وأنشطة كثيرة وبرامج كثيرة تنطلق في مجملها من ثقافة هذه البلدة المباركة»، منوها بما حظيت به المناسبة من دعم وتوجيه من الأمير فيصل بن سلمان بن عبد العزيز، ومن هنا جاءت الفعاليات متنوعة ومكثفة لتكشف عن التاريخ المضيء وعن العلم الوفير وعن كوكبة العلماء والأدباء والفقهاء والمؤرخين الذين أسسوا النواة الأولى للعلوم الإسلامية على اختلاف ضروبها.
وزاد خوجه بالقول إن «المدينة المنورة حفلت طوال العام بنشاطات وحركة ثقافية دؤوبة، قام على تنفيذها عدد كبير من الوزارات والجامعات والإدارات الحكومية ومؤسسات القطاع الخاص، وشملت ألوانا كثيرة من الفنون والعلوم والآداب لتعبر عن روح هذه المدينة العظيمة، وتلمح إلى ما أسدته إلى العلوم الإسلامية منذ شرفها الله بهجرة نبيه الحبيب سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - إليها وإلى يومنا هذا».
وثمن خوجه، رعاية خادم الحرمين الشريفين للمؤتمر، ومتابعته الحثيثة لهذه المناسبة الثقافية الإسلامية الكبرى، كما شكر الأمير سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع السعودي على دعمه، والأمير فيصل بن سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة المدينة المنورة الذي جعل إنجاح هذه المناسبة الكبرى في سلم أولوياته.
وقدم وزير الثقافة والإعلام السعودي، «مقترحين يجسدان رؤية لعمل ثقافي مشترك، ويعبران عن روحانية المدينة المنورة ودورها التاريخي في خدمة الثقافة الإسلامية ورعاية المبدعين المسلمين، يتمثل أولهما في استحداث (مشروع بوابة المدينة المنورة الإلكترونية للثقافة في العالم الإسلامي)، ويمكن لكل دولة إسلامية عرض ما تريد عن المعالم الثقافية أو النماذج البارزة لديها والتعريف بما لديها من منجزات في مختلف الفنون والآداب والعلوم، بينما يتمثل المقترح الثاني في (مشروع ببلوغرافيا المبدعين في العالم الإسلامي في مجال الفنون والآداب) ويمكن أن تكون هذه الببلوغرافيا ورقية وإلكترونية وتشتمل على تعريف بالمبدعين والعلماء والخبراء بالعالم الإسلامي في هذه المجالات الثقافية لكي نساعد في تقوية روابط الصلات بين المبدعين ونرسخ التعاون وتبادل الخبرات فيما بينهم».
من ناحيتها، ناشدت الشيخة مي بنت محمد آل خليفة، وزيرة الثقافة البحرينية، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، ضرورة أن يتوجه وزراء الثقافة في الدول العربية والإسلامية إلى «إنشاء بنى أساسية تحتية للثقافة تخدم طاقات الشباب وتصرفهم عن التوجهات السلبية».
وأوضحت الشيخة مي، قبيل انطلاق أعمال المؤتمر الإسلامي، أنه «لن تستطيع الثقافة أن تقدم ما يراد منها من دون وجود هذه البنى الأساسية».
وتساءلت الشيخة مي غداة المؤتمر عن جدوى الإنفاق على المؤتمرات واللقاءات فقط إذا لم يتزامن مع ذلك التأسيس لصروح ثقافية تخدم الثقافة العربية والإسلامية، وقالت: «ماذا لو خرجنا خلال اجتماعاتنا بمشروع مكتبة أو متحف أو مسرح أو صرح ثقافي ينقل صورتنا الحضارية».
وأشارت وزيرة الثقافة البحرينية على أن التمويل لا يمثل عائقا لتحقيق هذه الأفكار على أرض الواقع، مؤكدة أن «التمويل ليس عائقا وإنما القرار»، مضيفة أنه «باجتماع هذه المؤسسات بمبالغ زهيدة» يمكن التأسيس لمشروعات واعدة. وأضافت أنها كانت تقدمت في أحد الاجتماعات بمقترح لوزراء الثقافة العرب بتأسيس متحف للطفل كمشروع مشترك بين الدول العربية.
وشددت الشيخة مي في حديثها على أهمية «البناء لا الهدم. لأن البناء يوحي بالأمل ويعطي رسالة حضارية للجميع».



السلطان هيثم وإردوغان يبحثان العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية

الرئيس التركي مستقبلاً سلطان عُمان بالقصر الرئاسي في أنقرة (الرئاسة التركية)
الرئيس التركي مستقبلاً سلطان عُمان بالقصر الرئاسي في أنقرة (الرئاسة التركية)
TT

السلطان هيثم وإردوغان يبحثان العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية

الرئيس التركي مستقبلاً سلطان عُمان بالقصر الرئاسي في أنقرة (الرئاسة التركية)
الرئيس التركي مستقبلاً سلطان عُمان بالقصر الرئاسي في أنقرة (الرئاسة التركية)

اتفقت تركيا وسلطنة عُمان على الاستمرار في تعزيز علاقات الصداقة والتعاون فيما بينهما، وصولاً إلى رفع حجم التبادل التجاري إلى 5 مليارات دولار، وأكدتا دعمهما لأي مبادرات للتوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة، على غرار الاتفاق الذي تم التوصل إليه في لبنان.

وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إننا «نهدف لرفع حجم تجارتنا مع سلطنة عُمان إلى 5 مليارات دولار بما يتماشى وإمكاناتنا المتوفرة، وسندخل حقبة جديدة في تعاوننا بمجال الطاقة مع بدء إمدادات الغاز المسال من سلطنة عمان إلى تركيا اعتباراً من يوليو (تموز) 2025».

وعبر إردوغان، في مؤتمر صحافي مشترك مع سلطان عُمان هيثم بن طارق عقب مباحثاتهما بالقصر الرئاسي في أنقرة، الخميس، عن سعادته باستضافته في تركيا في أول زيارة رسمية على مستوى سلطان عمان إلى تركيا، مشيراً إلى أنه يعتزم زيارة السلطنة في المستقبل.

وأعرب عن رغبته في الاستمرار في تطوير العلاقات التاريخية بين البلدين في جميع المجالات، وتقدم بشكره إلى سلطان عمان على تضامن بلاده مع تركيا في مواجهة كارثة الزلزال العام الماضي، وكذلك على جهوده لإحلال السلام من خلال تحمل المسؤولية في العديد من القضايا التي تهم منطقتنا، وخاصة الصراع في اليمن، وهي جهود تستحق الإعجاب.

إردوغان والسلطان هيثم بن طارق خلال المؤتمر الصحافي (الرئاسة التركية)

إطار مؤسسي

وقال إردوغان: «نريد توفير إطار مؤسسي لعلاقاتنا، ولهذا الغرض، ناقشنا الخيارات التي يمكننا الاستفادة منها، بما في ذلك آلية التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى، وتم التوقيع على 10 وثائق لتعزيز تعاوننا في مجالات مثل العلاقات الخارجية والاقتصاد والصناعة والاستثمار والصحة والثقافة والزراعة والثروة الحيوانية».

وذكر أن التعاون في مجال الصناعة الدفاعية كان أيضاً على جدول الأعمال خلال الاجتماع، وقال إنهم فخورون بتفضيل سلطنة عمان للمنتجات الدفاعية التركية. وأشار إلى أن شركات المقاولات التركية لديها مشاريع بقيمة 7 مليارات دولار في سلطنة عمان حتى الآن، ويمكنها أن تقدم مساهمات ملموسة في إطار «رؤية عمان 2040».

وقال إردوغان إنه ناقش مع سلطان عمان القضايا والتطورات الإقليمية، لافتاً إلى أن إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن مبادرة جديدة لوقف إطلاق النار في قطاع غزة يعد «خطوة متأخرة للغاية ولكنها مهمة».

وأكد أنه لا يمكن الوصول إلى السلام الإقليمي والعالمي ما لم يتحقق وقف فوري وعادل ودائم لإطلاق النار في غزة، وأن تركيا لن تتردد في بذل كل ما في وسعها لتحقيق الهدوء والسلام في غزة، وتعرب عن ترحيبها بوقف إطلاق النار في لبنان.

بدوره، أكد سلطان عمان هيثم بن طارق أن بلاده ستواصل عملها على تعزيز علاقتها مع تركيا في مختلف المجالات وزيادة حجم التبادل التجاري بينهما إلى 5 مليارات دولار.

إرساء الأمن في المنطقة

وقال إنه ناقش مع الرئيس التركي العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية والدولية، وأكد أن الرغبة المشتركة للجميع هي إرساء الأمن والاستقرار في المنطقة. وأضاف: «علينا أن نعمل معاً لتعزيز التعاون الإقليمي، وفي هذا السياق، نود، كسلطنة عمان، أن نعرب عن دعمنا موقف تركيا من القضايا الدولية التي تهم منطقتنا». وأكد أن التعاون «يجب أن يستمر من أجل تحقيق حل الدولتين لفلسطين، ويجب تحقيق هذا الهدف من أجل إقامة العدل والسلام للجميع».

وكان إردوغان قد استقبل سلطان عمان، هيثم بن طارق، في مطار أسنبوغا في أنقرة يوم الخميس، وأقام مراسم رسمية لاستقباله بالقصر الرئاسي، وعقدا جلسة مباحثات ثنائية أعقبتها جلسة موسعة لوفدي البلدين جرى خلالها توقيع 10 اتفاقيات ومذكرات تفاهم.

جانب من مراسم الاستقبال الرسمي لسلطان عُمان (الرئاسة التركية)

وتبادل إردوغان وسلطان عمان أوسمة رفيعة المستوى، خلال مراسم أقيمت مساء الخميس في بالقصر الرئاسي، حيث قلّد إردوغان السلطان هيثم «وسام الدولة للجمهورية التركية»، وهو أرفع وسام في البلاد، وقلده سلطان عمان «وسام آل سعيد»، أرفع أوسمة السلطنة. وأقام إردوغان مأدبة عشاء على شرف سلطان عمان.