{مفاجأة} في استهداف مسلمين بألمانيا بعد استبعاد المحققين «دوافع عنصرية»

في استنتاج يتماشى مع رواية «البديل» ويناقض افتراض ميركل

TT

{مفاجأة} في استهداف مسلمين بألمانيا بعد استبعاد المحققين «دوافع عنصرية»

عندما قتل رجل، الشهر الماضي، 9 أشخاص في مقهيين للأرجيلة في مدينة هاناو، معظمهم من المسلمين، وترك خلفه شريطاً مصوراً يتحدث فيه بلغة شديدة العنصرية، افترض الجميع، بمن فيهم المستشارة أنجيلا ميركل، أن الجريمة هي إرهاب يمين متطرف.
وتحدثت حينها ميركل عن أن «العنصرية هي سم في المجتمع». تلت الجريمة تلك التي قتل فيها المجرم نفسه في النهاية قبل أن يقتل والدته أيضاً، خطوات من الحكومة لملاحقة «اليمين المتطرف». فقد كانت هذه الجريمة بالنسبة إليهم، جرس الإنذار، لمدى الخطورة التي أصبح عليها اليمين المتطرف في هذه البلاد.
ولكن اليوم، بعد أكثر من شهر على الجريمة، يبدو أن المحققين توصلوا إلى استنتاج مختلف. فبحسب تقارير نشرتها وسائل إعلام ألمانية، فإن المحققين توصلوا إلى قناعة بأن دوافع الجريمة لا علاقة لها بالعنصرية ولا باليمين المتطرف. وبحسب تقريرهم الذي يعدونه ولم ينشر رسمياً بعد، فإن الرجل توبياس ر. كان يؤمن بنظريات المؤامرة، وأن هذا ما دفعه لارتكاب جريمته. وبرأيهم، فإن اختياره لمقهيين للشيشة، يرتادهما عادة من هم من أصول مهاجرة ومسلمون، كانوا أكراداً وأتراكاً بمعظمهم، لم يكن بدافع كراهية المسلمين. بل، بحسب المحققين، محاولة لجذب الأنظار إليه.
ويتطابق هذا الاستنتاج مع ما كان تحدث به نواب من حزب «البديل لألمانيا» اليميني المتطرف، الذي يجلس في البرلمان. فهؤلاء رفضوا منذ البداية اتهام «اليمين المتطرف» بالجريمة، وقالوا إن الرجل كان مجنوناً. ولكن معظم الأحزاب السياسية رفضت محاولة هذا الحزب «تبرئة» نفسه، وحملته مسؤولية الجريمة بشكل غير مباشر من خلال تحريضه المستمر ضد اللاجئين والمهاجرين والمسلمين وتشجيعه لسياسة الكراهية منذ دخوله البرلمان عام 2017. واستهدفت المخابرات الألمانية حزب «البديل لألمانيا» نفسه بعد هذه الجريمة، وقررت إخضاع مجموعة متطرفة فيه اسمها «الجناح» للمراقبة، ما يمهد الطريق أمام وضع الحزب بأكلمه تحت المراقبة الذي يمكن أن يؤدي بدوره لحظر الحزب بالكامل.
ولكن رغم كل هذا، جاء استنتاج المحققين شبيهاً لاستنتاج «حزب البديل» لألمانيا. وأسند المحققون تقريرهم بحجج دفعتهم للاعتقاد بأن الدوافع لا علاقة لها «بالعنصرية»، مثل أن توبياس ساعد أكثر من مرة جاراً له «ملون البشرة»، وكان يلعب كرة القدم مع أشخاص من أصول مهاجرة.
وحذرت صحف ألمانية من خطورة استنتاج المحققين فيما لو ثبت فعلاً أنه صحيح، وقالت صحيفة «تسودويتشه تزايتونغ» التي كانت من وسائل الإعلام التي نقلت التقرير، إن المحققين كانوا يعرفون أن مهمتهم ستكون صعبة منذ البداية، لأن «الخط بين الجنون والعنصرية بات مشوشاً». ونقلت الصحيفة عن ماتياس كوانت، عالم اجتماع متخصص باليمين المتطرف في مدينة يينا، قوله إنه «لا يجب التقليل من أهمية الرسائل الاجتماعية لأي اعتداء»، مضيفاً أنه كان واضحاً أن توبياس اختار ضحاياه استناداً إلى «معايير عنصرية». وأضاف أنه بحسب معايير الشرطة، فليس هناك مجال للشك بأن الجريمة دوافعها يمينية متطرفة.
وذكرت الصحيفة بجريمة قتل وقعت في مركز تسوق في ميونيخ عام 2016، استغرق المحققون فيها ٣ سنوات لتصنيفها بأنها جريمة «يمين متطرف». حينها قتل شاب في العشرين من العمر يدعى ديفيد سونبولي 9 أشخاص كلهم من أصول مهاجرة. ولكن الشرطة قالت في البداية إن المجرم الذي تعرض للتنمر لسنوات في المدرسة على يد طلاب أتراك، كان يسعى للانتقام، رغم أنه نفذ جريمته في ذكرى جريمة جزيرة أوتويا النرويجية التي قتل فيها اليميني المتطرف أندريس بريفيك 77 شخصاً. ولكن الشرطة اعتبرت هذا التاريخ مجرد صدفة، كما اعتبرت أن الشريط الذي عثرت عليه وتركه قبل عام يصف فيه المهاجرين بأنهم «أقل من البشر» وأنهم «صراصير»، ليس مرتبطاً بالجريمة. ورغم اعترافها بأن المجرم يؤمن بعقيدة متطرفة، فهي لم تصنف الجريمة على هذا الأساس إلا بعد ٣ سنوات من التحقيقات.
وتوجه انتقادات كثيرة للشرطة الألمانية لتراخيها مع جرائم «اليمين المتطرف» وعدم ملاحقة المتورطين بهذه الجرائم بجدية. وفي الماضي، استغرقت الشرطة 9 سنوات للعثور على مجموعة من النازيين الجدد نفذوا جرائم ضد مهاجرين طوال عقد من الزمن، من دون أن يتم اكتشافهم. ولم يُلقَ القبض على أفراد هذه الخلية إلا في عام 2011. وشكل حينها القبض عليهم صدمة في ألمانيا، لاستغراق الشرطة كل هذه السنوات قبل التوصل إلى كشف المجموعة الإرهابية.



الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
TT

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

ووفقاً للتقرير العالمي بشأن الاتجار بالأشخاص والصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإنه في عام 2022 -وهو أحدث عام تتوفر عنه بيانات على نطاق واسع- ارتفع عدد الضحايا المعروفين على مستوى العالم 25 في المائة فوق مستويات ما قبل جائحة «كوفيد- 19» في عام 2019. ولم يتكرر الانخفاض الحاد الذي شهده عام 2020 إلى حد بعيد في العام التالي، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال التقرير: «المجرمون يتاجرون بشكل متزايد بالبشر لاستخدامهم في العمل القسري، بما في ذلك إجبارهم على القيام بعمليات معقدة للاحتيال عبر الإنترنت والاحتيال الإلكتروني، في حين تواجه النساء والفتيات خطر الاستغلال الجنسي والعنف القائم على النوع»، مضيفاً أن الجريمة المنظمة هي المسؤولة الرئيسية عن ذلك.

وشكَّل الأطفال 38 في المائة من الضحايا الذين تمت معرفتهم، مقارنة مع 35 في المائة لأرقام عام 2020 التي شكَّلت أساس التقرير السابق.

وأظهر التقرير الأحدث أن النساء البالغات ما زلن يُشكِّلن أكبر مجموعة من الضحايا؛ إذ يُمثلن 39 في المائة من الحالات، يليهن الرجال بنسبة 23 في المائة، والفتيات بنسبة 22 في المائة، والأولاد بنسبة 16 في المائة.

وفي عام 2022؛ بلغ إجمالي عدد الضحايا 69 ألفاً و627 شخصاً.

وكان السبب الأكثر شيوعاً للاتجار بالنساء والفتيات هو الاستغلال الجنسي بنسبة 60 في المائة أو أكثر، يليه العمل القسري. وبالنسبة للرجال كان السبب العمل القسري، وللأولاد كان العمل القسري، و«أغراضاً أخرى» بالقدر نفسه تقريباً.

وتشمل تلك الأغراض الأخرى الإجرام القسري والتسول القسري. وذكر التقرير أن العدد المتزايد من الأولاد الذين تم تحديدهم كضحايا للاتجار يمكن أن يرتبط بازدياد أعداد القاصرين غير المصحوبين بذويهم الذين يصلون إلى أوروبا وأميركا الشمالية.

وكانت منطقة المنشأ التي شكلت أكبر عدد من الضحايا هي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 26 في المائة، رغم وجود كثير من طرق الاتجار المختلفة.

وبينما يمكن أن يفسر تحسين الاكتشاف الأعداد المتزايدة، أفاد التقرير بأن من المحتمل أن يكون مزيجاً من ذلك ومزيداً من الاتجار بالبشر بشكل عام.

وكانت أكبر الزيادات في الحالات المكتشفة في أفريقيا جنوب الصحراء وأميركا الشمالية ومنطقة غرب وجنوب أوروبا، وفقاً للتقرير؛ إذ كانت تدفقات الهجرة عاملاً مهماً في المنطقتين الأخيرتين.