إدخال مساعدات إلى حي القدم بدمشق.. وإجماع المعارضة على فشل الاتفاقات المحلية

عضو في الائتلاف لـ(«الشرق الأوسط») : النظام انتزع اتفاقات بالحصار والتجويع

أطفال في مركز تعليمي ومساندة نفسية بريف دمشق بعد ان تدمرت غالبية المدارس في المنطقة (عابد دوماني أ. ف.ب)
أطفال في مركز تعليمي ومساندة نفسية بريف دمشق بعد ان تدمرت غالبية المدارس في المنطقة (عابد دوماني أ. ف.ب)
TT

إدخال مساعدات إلى حي القدم بدمشق.. وإجماع المعارضة على فشل الاتفاقات المحلية

أطفال في مركز تعليمي ومساندة نفسية بريف دمشق بعد ان تدمرت غالبية المدارس في المنطقة (عابد دوماني أ. ف.ب)
أطفال في مركز تعليمي ومساندة نفسية بريف دمشق بعد ان تدمرت غالبية المدارس في المنطقة (عابد دوماني أ. ف.ب)

ترفض المعارضة السورية التعويل على إدخال مساعدات إنسانية إلى حي القدم الدمشقي، أمس، بوصفها دليلا على نجاح الهدنة بين مقاتلي المعارضة والقوات الحكومية السورية، أو أنه يمكن الاستناد إليها لرسم ملامح نجاح مرتقب لخطة المبعوث الدولي إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، للتوصل إلى «تجميد القتال في مدينة حلب»؛ إذ أجمعت مصادر المعارضة على أن الهدنة السابقة «استغل فيها نظام الرئيس السوري بشار الأسد، الوضع الإنساني للمناطق المحاضرة حول العاصمة لإجبار المعارضة على القبول بالتوصل إلى اتفاقات»، وأنه «لم يلتزم بتطبيقها».
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، أمس، أن سيارات تحمل موادا غذائية وإغاثية دخلت أحد أحياء جنوب دمشق بفضل اتفاق لوقف إطلاق النار بين المسؤولين المحليين الموالين للحكومة السورية وقوات المعارضة، مشيرا إلى أن «وقف إطلاق النار في حي القدم بجنوب دمشق تم التوصل إليه في أغسطس (آب) بعد أشهر من المفاوضات؛ مما مهد الطريق لدخول المساعدات اليوم».
لكن المعارضة لا ترى في إدخال المساعدات إلى حي القدم، وعودة بعض سكانه نهاية الشهر الماضي، تجربة ناجحة يمكن التأسيس عليها لنجاح تجارب مماثلة، وقال رئيس المجلس الوطني السابق وعضو الائتلاف، عبد الباسط سيدا، لـ«الشرق الأوسط»، إن الهدنة في محيط العاصمة «وقعت نتيجة ظروف صعبة استغلها النظام، بعد استخدامه استراتيجية التجويع والحصار؛ مما سهل التوصل إلى حلول وقتية محلية»، مشيرا إلى أن «جزءا منها لم يستمر، لأن كل طرف لا يثق بالآخر، فضلا عن أن النظام يحاول دائما إعطاء الانطباع بأنه المتحكم بالأرض وبالمساعدات».
وأضاف: «انطلاقا من ذلك، تبدو خطة دي ميستورا (التي تهدف إلى التوصل لاتفاق يقضي بتجميد القتال في حلب)، ضبابية في غياب استراتيجية واضحة تبيّن كيف ستكون ملامح العملية السياسية بعده»، موضحا: «إننا على قناعة بأن الحل في سوريا يجب أن يكون سياسيا، لكن لم يتضح حتى الآن مصير الأسد ومعاونيه»، وقال: «ما لم تكن هناك استراتيجية واضحة تفسرّ الخطة التالية، وهي رحيل الأسد، فإن الخطة لن تكون موضع مناقشة ولن تحظى بموافقة من المعارضة».
وكان دي ميستورا وصف، أول من أمس، عمليات تجميد القتال في سوريا، بأنها «أفضل السبل لإنهاء الصراع على أساس المنطقة»، وقال إنه تلقى «إشارات إيجابية من المسؤولين السوريين في شأن مقترح للأمم المتحدة لإبرام هدنة في مدينة حلب في شمال البلاد».
وكان اتفاق أبرم بين قوات المعارضة في حي القدم ومحافظ دمشق وقائد قوات الدفاع الوطني وأعيان في الحي، في 20 أغسطس الماضي، وقال المرصد إن «عشرات السكان تمكنوا من دخول الحي في نهاية الشهر الماضي»، لكن الاتفاق، لم ينجح، بحسب ما أكد عضو مجلس قيادة الثورة في ريف دمشق، إسماعيل الداراني، لـ«الشرق الأوسط»، أن الجيش السوري الحر في حي القدم والعسالي «هدد بفسخ الهدنة، لأن النظام لم يلتزم بتطبيق بنودها»، وأوضح أن المعتقلين «لم يُفرج عنهم، كما أن النظام لم يعد ببناء البنى التحتية في الحي، ولم يعُد جميع السكان إلى الحي، وأن القدم تعرض لقصف مرارا، كان آخره وأعنفه قصفا مدفعيا تعرض له قبل أسبوعين». وكان الاتفاق قد قضى بوقف إطلاق النار والانسحاب الكامل للجيش من كل أراضي حي القدم وإعادة انتشار حواجز الجيش على مداخله فقط، كما نصّ على إطلاق سراح المعتقلين على أن يتولى الجيش السوري الحر مسؤولية تسيير أمور المنطقة في شكل كامل من دون تسليم السلاح.
وينسحب الفشل في نجاح الهدنة في حيي القدم والعسالي، على سائر المناطق التي توصل فيها الطرفان إلى هدنة في جنوب دمشق، والمناطق المحيطة بالعاصمة. ويرجع رئيس الرابطة السورية لحقوق الإنسان، عبد الكريم ريحاوي، هذا الواقع إلى أن المعارضة في تلك الأحياء «كانت مجبرة على القبول بها»، مشيرا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «الثوار يلجأون للحل بهدف حماية الأهالي وإنقاذهم من الجوع والمرض».
ويستدل ريحاوي إلى فشل الهدنة، بتسليط الضوء على قضية مخيم اليرموك الذي قال إنه «دخل يومه الرابع والستين بلا ماء؛ حيث يعاقبه النظام بالعطش»، لافتا إلى أن انتهاكات النظام في المخيم «تتمثل في اعتقال الناشطين يوميا، خلال توزيع الحصص الغذائية، وكان أهمهم الناشطة الفلسطينية سميرة السهلي التي اعتقلت على حاجز على مدخل المخيم في يونيو (حزيران) الماضي، قبل أن تسلم جثتها قبل أيام بعد موتها تحت التعذيب».
ويرى ريحاوي أن النظام «غير جدي في الهدنة، ولا يلتزم بتطبيق بنودها، كما لا يفتح أي مجال في المستقبل أمام الشعب السوري لبناء الثقة في حال وجود تهدئة، وهو ما يدفع الثوار للتشبث بسلاحهم ومواقفهم».
ويستكمل النظام السوري في منطقة جنوب دمشق مساعيه لتنفيذ مصالحات في المنطقة، تهدف إلى تأمين عاصمته من منطقة الجنوب، وتقليص بؤر التوتر والمعارك حولها، وكان هذا المسار بدأ العام الماضي بالتوصل إلى اتفاق حول المعضمية جنوب دمشق، قبل أن يتوسع إلى مخيم اليرموك، ويمتد إلى شمال العاصمة في منطقتي برزة والقابون في الغوطة الشرقية المحاذيتين لأحياء العاصمة السورية من الشمال.
ويقول ريحاوي إن هذه الهدنة «غالبا ما تكون أقرب إلى الاستسلام، بعد تجويع الناس ومحاصرتهم، وخصوصا في المناطق ذات الاكتظاظ السكاني التي تغيب فيها مساحات زراعية تقوت المحاصرين، مما يعني أن الهدنة لا تقوم على أسس تسمح لها بالاستمرار»، مؤكدا أن النظام «لم يلتزم بالتعهدات واخترق الهدنة عن طريق الاعتقال أو عن طريق عدم الوفاء بالتعهدات بالإفراج عن المعتقلين، وما يعني أيضا أنها عمليات كسب للوقت واحتيال على البنود، وسرعان ما تعود الحالة إلى ما كانت عليه في السابق».
وكان الاتفاق في القدم، الذي وقع في شهر أغسطس الماضي، قضى بـ«إعادة الخدمات إلى الحيين وإصلاح البنى التحتية تمهيدا لعودة المدنيين»، و«فتح الطرقات الرئيسية مع وضع حواجز على الشارع العام»، و«السماح بعودة الأهالي بعد إصلاح الخدمات»، كما أوكل الاتفاق الجيش السوري الحر مهام «تسيير أمور المنطقة بشكل كامل دون تسليم سلاحه»، باستثناء السلاح الثقيل، كما قضى بـ«تقديم العلاج للجرحى مع إدخال عيادات متنقلة وإبقائها في الداخل»، و«تسوية أوضاع بعض الشبان في الحيين للوقوف على حواجز مشتركة في منطقة القدم غرب»، إضافة إلى أن يتولى الجيش السوري الحر «حماية منشآت الدولة وضمان عدم التعرض لموظفيها».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.