المستثمرون الألمان يتهافتون لشراء الين الياباني

TT

المستثمرون الألمان يتهافتون لشراء الين الياباني

منذ تفشّي فيروس «كورونا» حول العالم قفزت قيمة الين الياباني في أسواق الصرف الدولية 5%. ومن المتوقع أن ترتفع قيمته إلى حدٍّ أبعد اعتماداً على ثُلّة من العوامل الاقتصادية والمالية الدولية. في هذا الصدد، يقول الخبراء في العاصمة برلين إنّ ملاجئ الأمن والأمان تطفو دوماً على السطح لدى اندلاع الأزمات المالية الدولية. ومع أن ثقل الين الياباني لا تمكن مقارنته مع ثقل الذهب إلا أنه يصبح، في أوقات عدم الاستقرار لدى البورصات العالمية، ملجأ أمان يُقبل المستثمرون الدوليون على شرائه. وهذا ما حصل، بالفعل، منذ اندلاع موجة الهلع التي ترافق تفشّي فيروس «كورونا» عالمياً.
يقول الخبير الألماني شتيفان جانتي، إن سعر الين الياباني أمام الدولار الأميركي تَعزّز أكثر من 5% منذ 21 فبراير (شباط) من عام 2020، أي عندما بدأت عدوى فيروس «كورونا» تنتشر خارج الصين. ويُشدّد المستثمرون الدوليون على مسار سعر صرف الين الياباني أمام الدولار لأنه يرسم، يومياً وبصورة دقيقة، كيفية تحرّك رؤوس الأموال حول العالم.
ويضيف أن سعر صرف الين أمام الدولار بلغ سقفه التاريخي الأقوى في 30 سبتمبر (أيلول) من عام 2012 عند 77.90 ين ياباني لكل دولار أميركي واحد. حينذاك، ولّدت الأزمة المالية الدولية دوامة من المضاربات المالية العاتية التي راهنت على فشل الوحدة المالية الأوروبية وعدم قدرة اليورو على الصمود لفترة طويلة. وفي 29 يناير (كانون الثاني) من عام 2020 رسا سعر صرف الين أمام الدولار عند 108.99 ليصل إلى 112.11 في 20 فبراير الفائت، وليهوي، بعد ذلك، إلى 107.37 في 4 مارس (آذار) المنصرم.
ويختم: «استعاد الين الياباني مكانته كملاذ آمن في عيون المستثمرين الألمان بعدما خسرها، لفترة مؤقتة، عندما وسّع المصرف المركزي الياباني عملياته الشرائية لتشمل فئات واسعة من الأسهم. وآلت طباعة الملايين من الفئات النقدية الوطنية إلى تآكل قيمة الين. ولعب عدم الاستقرار والخوف المُستشري في قلب البورصات العالمية دوراً مهماً في إعادة ثقة المستثمرين الدوليين بالين الياباني».
من جانبه يشير المستشار المصرفي الألماني فرانك تيلين، إلى أن تقاليد الإمبراطورية اليابانية القديمة ساعدت الين في اكتساب ثقله كملجأ دولي آمن. فالأسر اليابانية مشهورة، منذ زمن بعيد بشراء السندات الأسترالية. وفي أعقاب الزلزال الذي ضرب اليابان في شهر مارس من عام 2011 رسا سعر صرف الدولار إلى ما دون 77 يناً يابانيلً. ما يعني أن قوة العملة الوطنية بلغت أوجها أمام العملة الأميركية.
ويضيف أن الطبيعة الاقتصادية المُستقرّة لليابان عامل إضافي لدعم الين في أسواق الصرف العالمية، على الرغم من التضخّم المالي الذي يُقلق اليابان والناتج القومي الذي يعاني من زيادة قيمة الضريبة المُضافة التي تلقي أعباءها على المُصدّرين اليابانيين.
ويتابع: «لا يشتري المركزي الياباني السندات منذ أعوام طويلة فحسب، إنما ينكبّ على شراء الأسهم وفق استراتيجيات مُعيّنة. ما يجعل درجة انكشافه على أسواق الأسهم والسندات الدولية بين الأعلى عالمياً. فإجمالي استثماراته في هذه الأسواق يرسو عند 4.3 تريليون دولار، أي أربعة أضعاف ما يستثمره الاحتياطي الفيدرالي الأميركي داخلها. ومع إطلالة فيروس (كورونا) على العالم دخل الين الياباني مرحلة القوة والتعافي».
ويختم: «نظراً لمواصلة الاحتياطي الفيدرالي قطع أسعار الفائدة في موازاة ترقّب دولي لرؤية ما ستؤول إليه آلية التعاون بين المصارف المركزية العالمية لمكافحة الأضرار الاقتصادية الجسيمة التي سببها فيروس (كورونا)، من المُستبعد جداً أن يتخلّى المركزي الياباني عن سياساته المالية التوسعية، وبالتالي شراء الأسهم والسندات الوطنية والدولية. وجاءت ردود الفعل الأولى على قطع أسعار الفائدة الأميركية على شكل تدهور قيمة الدولار أمام الين الياباني 1% من جراء المخاوف التي عصفت بالأسواق المالية. ولغاية شهر يونيو (حزيران) القادم قد تصل قيمة الدولار بين 105.6 و106 ين ياباني. وهذا مصدر إعجاب للمستثمرين الألمان».



شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
TT

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)

سجلت شركات البتروكيميائيات المدرجة في السوق المالية السعودية (تداول) تحولاً كبيراً نتائجها المالية خلال الربع الثالث من 2024، مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، لتتحول إلى الربحية وبنسبة نمو تجاوزت 200 في المائة.إذ وصلت أرباحها إلى نحو 525 مليون دولار (1.97 مليار ريال) مقارنةً بتسجيلها خسائر في العام السابق وصلت إلى 516 مليون دولار (1.93 مليار ريال).

ويأتي هذا التحول للربحية في النتائج المالية لشركات القطاع، وتحقيقها لقفزة كبيرة في الأرباح، بفعل ارتفاع الإيرادات ودخل العمليات والهامش الربحي وزيادة الكميات والمنتجات المبيعة.

ومن بين 11 شركة تعمل في مجال البتروكيميائيات مدرجة في «تداول»، حققت 8 شركات ربحاً صافياً، وهي: «سابك»، و«سابك للمغذيات»، و«ينساب»، و«سبكيم»، و«المجموعة السعودية»، و«التصنيع»، و«المتقدمة»، و«اللجين»، في حين واصلت 3 شركات خسائرها مع تراجع بسيط في الخسائر مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، وهي: «كيمانول»، و«نماء»، و«كيان».

وبحسب إعلاناتها لنتائجها المالية في «السوق المالية السعودية»، حققت شركة «سابك» أعلى أرباح بين شركات القطاع والتي بلغت مليار ريال، مقارنةً بتحقيقها خسائر بلغت 2.88 مليار ريال للعام السابق، وبنسبة نمو تجاوزت 134 في المائة.

وحلت «سابك للمغذيات» في المركز الثاني من حيث أعلى الأرباح، رغم تراجع أرباحها بنسبة 21 في المائة، وحققت أرباحاً بقيمة 827 مليون ريال خلال الربع الثالث 2024، مقابل تسجيلها لأرباح بـ1.05 مليار ريال في الربع المماثل من العام السابق.

وفي المقابل، حققت «اللجين»، أعلى نسبة نمو بين الشركات الرابحة، وقفزت أرباحها بنسبة 1936 في المائة، بعد أن سجلت صافي أرباح بلغ 45.8 مليون ريال في الربع الثالث لعام 2024، مقابل أرباح بلغت 2.25 مليون ريال في العام السابق.

مصنع تابع لشركة كيميائيات الميثانول (كيمانول) (موقع الشركة)

توقعات استمرار التحسن

وفي تعليق على نتائج شركات القطاع، توقع المستشار المالي في «المتداول العربي» محمد الميموني خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن تستمر حالة التحسن في أرباح شركات قطاع البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، بفعل حالة ترقب التحسن في الاقتصاد الصيني الذي يعد من أهم وأكبر المستهلكين لمنتجات شركات البتروكيميكال، والاستقرار المتوقع في الأوضاع الجيوسياسية، مضيفاً أن تلك العوامل ستعمل على بدء انفراج في أسعار منتجات البتروكيميكال، وتجاوزها للمرحلة الماضية في تدني وانخفاض أسعارها. وقال «لا أتوقع أن يكون هناك مزيد من التراجع، ومن المتوقع أن يبدأ الاستقرار في أسعار منتجات البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، وهو مرهون بتحسن أسعار النفط، وتحسن الطلب على المنتجات».

وأشار الميموني إلى أن أسباب تراجع أرباح بعض شركات القطاع أو استمرار خسائرها يعود إلى انخفاض متوسط أسعار مبيعات منتجات البتروكيميكال نتيجة لاتجاه السوق والأسعار نحو الانخفاض بالإضافة إلى فترة الصيانة الدورية لعدد من مصانع شركات القطاع، وكذلك ارتفاع تكلفة وقود الديزل في الفترة منذ بداية يناير (كانون الثاني) 2024 وارتفاع تكلفة الشحن بسبب الاضطرابات الجيوسياسية التي أثرت على مسار الشحن من خلال مسار البحر الأحمر، وارتفاع تكاليف التمويل، ورغم اتجاه أسعار الفائدة نحو الانخفاض منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، فإنه لم ينعكس بشكل جيد على وضع نتائج شركات البتروكيميكال حتى الآن، مجدِّداً توقعه بتحسن النتائج المالية لشركات القطاع خلال الربعين المقبلين.

تحسن الكفاءة التشغيلية

من جهته، قال المحلل المالي طارق العتيق، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن شركات القطاع أظهرت منذ بداية السنة تحسناً في الكفاءة التشغيلية لجميع عملياتها وأدائها، وارتفاع في أعداد الكميات المنتجة والمبيعة، وتكيّف شركات القطاع مع تغير ظروف السوق. وقابل ذلك تحسّن ظروف السوق وزيادة الطلب على المنتجات البتروكيماوية، وتحسّن الهوامش الربحية ومتوسط الأسعار لبعض منتجات البتروكيميائيات الرئيسة.

وعّد العتيق تسجيل 8 شركات من أصل 11 شركة تعمل في القطاع، أرباحاً صافية خلال الربع الثالث، أنه مؤشر مهم على تحسن عمليات وأداء شركات القطاع، ومواكبتها لتغير الطلب واحتياج السوق، مضيفاً أن القطاع حساس جداً في التأثر بالظروف الخارجية المحيطة بالسوق وأبرزها: تذبذب أسعار النفط، والظروف والنمو الاقتصادي في الدول المستهلكة لمنتجات البتروكيميائيات وأهمها السوق الصينية، والأحداث الجيوسياسية في المنطقة وتأثيرها على حركة النقل والخدمات اللوجستية، لافتاً إلى أن تلك الظروف تؤثر في الطلب والتكاليف التشغيلية لمنتجات البتروكيميائيات، إلا أنها قد تتجه في الفترة الراهنة باتجاه إيجابي نحو تحسن السوق والطلب على منتجات البتروكيميائيات.