أطباء سودانيون ببريطانيا في خط المواجهة الأمامي مع «كوفيد ـ 19»

استشاريان في زرع الأعضاء والأذن والحنجرة أول الضحايا

الاستشاري الراحل أمجد الحوراني - الاستشاري الراحل عادل الطيار
الاستشاري الراحل أمجد الحوراني - الاستشاري الراحل عادل الطيار
TT

أطباء سودانيون ببريطانيا في خط المواجهة الأمامي مع «كوفيد ـ 19»

الاستشاري الراحل أمجد الحوراني - الاستشاري الراحل عادل الطيار
الاستشاري الراحل أمجد الحوراني - الاستشاري الراحل عادل الطيار

يعمل آلاف الأطباء السودانيين المنتشرين في أرجاء بريطانيا، في الصفوف الأمامية، في الحرب ضد وباء «كورونا»، حسب تأكيدات مسؤولين في نقابتهم في المملكة المتحدة، مشيرين إلى أنهم يواجهون مخاطر الإصابة بالوباء المنتشر في بقاع العالم.
وكان في مقدمة الضحايا، خلال الأيام الماضية طبيبان، هما، استشاري جراحة زراعة الأعضاء الدكتور عادل الطيار، الذي غيبه الموت الأربعاء 25 مارس (آذار)، وزميله استشاري الأذن والأنف والحنجرة، الدكتور أمجد الحوراني، الذي لحق به يوم السبت الماضي.
ونعت هيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية، NHS الطبيبين، مشيرة إلى أنهما من أوائل ضحايا الفيروس بين أعضائها في المملكة المتحدة. وقالت إن الطيار عمل متطوعا في حالات الطوارئ بمستشفى ويست ميدلان، وتوفي في مستشفى ويست ميدلسيكس الجامعي، في إيزلورث بغرب لندن. كما نعت زميله الحوراني، وقال الرئيس التنفيذي لمستشفى ديربي وبورتون الجامعي، غافين بويل: «أود أن أشيد بالطبيب الحوراني الذي وافته المنية لسوء الحظ».
وقال الدكتور هشام الخضر نقيب الأطباء السودانيين السابق بالمملكة المتحدة، وهو ابن عمة الطبيب الطيار الراحل، إن «عادل ( 63 عاما) أظهر نتائج إيجابية للفيروس التاجي وأمضى أيامه الأخيرة في العناية المركزة». وأضاف في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه «كان شخصا محوريا في عائلتنا، ويحظى باحترام كبير من كثير من الناس في بلده السودان والخليج حيث أمضى وقتا لا بأس به».
وحسب الخضر فإن الطيار عمل في عدد من الدول، «في السودان ثم المملكة العربية السعودية، التي ظل فيها لمدة 9 أعوام قبل أن ينتقل إلى بريطانيا في العام 1993». وفي بريطانيا عمل في مستشفى سانت ماري وسانت جورج في لندن، وأصبح عضوا في الجمعية الملكية للجراحين في المملكة المتحدة.
وأشار الخضر إلى أن «الطيار وابنه (طبيب أيضا) أصيبا في وقت واحد بأعراض المرض، في منتصف مارس، وقاما بعزل نفسيهما، وبعد أيام، تعافى الابن لكن صحة الأب ظلت تتدهور، مما استدعى نقله إلى المستشفى التي قضى فيها عدة أيام في العناية المركزة، قبل أن يفارق الحياة».
يقول الخضر: «نشعر نحن الأطباء في الوقت الحالي بأننا منفتحون بالفعل على المرض، ونحتاج إلى حماية أكثر قليلاً مما يتم تقديمه».
ويؤيده الدكتور نبيل محمود أحمد سكرتير النقابة، وهو أخصائي في الطب النفسي. قال لـ«الشرق الأوسط»، إن آلاف الأطباء السودانيين يعملون في بريطانيا... ويعيشون مع رصفائهم الآخرين في ظروف في غاية الصعوبة في مواجهة الوباء، مشيرا إلى أن نقابته مع الجمعيات والمنظمات الطبية الأخرى في البلاد ظلت تنبه إلى وجود نقص كبير في معدات الحماية للأطباء، في مواجهة وباء كورونا الخطير السريع الانتقال، وهو ما عرَّض البعض إلى الإصابة ومن بينهم الطيار والحوراني، وشفاء العشرات الآخرين. وقال إن الحكومة البريطانية استشعرت أخيرا الأمر، وعملت مؤخرا على توفير المعدات الواقية.
وأضاف «عدد الأطباء السودانيين، المسجلين في النقابة ببريطانيا لا يتعدى 300 طبيب، لكن هناك الآلاف في أنحاء بريطانيا، قدموا من السودان، وهناك أيضا عدد لا بأس به من الأطباء المولودين هنا في بريطانيا، يعملون في هذا القطاع الحساس، باذلين النفس والنفيس».
وأشارت تقارير طبية ونقابية أخرى إلى أن المئات يهاجرون سنويا من السودان إبان عهد الرئيس السابق عمر البشير الممتد إلى نحو 30 عاما، هربا من قمع النظام، وكانت قبلة معظم هؤلاء بريطانيا.
وقالت أسرة الطبيب الراحل إن الدكتور الطيار توفي في 25 مارس في مستشفى ويست ميدلسكس الجامعي في إيزلورث، غرب لندن. كما أشاد به السفير البريطاني لدى السودان عرفان صديق، في تغريدة على موقعه في «تويتر».
وقال الجراح الاستشاري السوداني عباس غظنفر لـ«بي بي سي» إن الدكتور الطيار «إنسان نبيل». وأضاف «كان جراحاً مجتهداً ومخلصاً للغاية... وساعد الكثيرين في أنحاء العالم ومنح لهم الحياة من خلال مهاراته المميزة في زرع الكلى والبنكرياس، مجال تخصصه، لقد كان زميلا ممتازا ومتواضعا حقا».
الصحافية البريطانية زينب بدوي (سودانية الأصل)، وهي ابنة عم الراحل، قالت إنها علمت بوفاة الدكتور الطيار يوم الخميس قبل دقائق من انضمامها إلى الملايين الذين كانوا يصفقون من منازلهم تحية لموظفي، الهيئة البريطانية الصحية، كمبادرة وفاء لهم. وقالت بدوي لإذاعة بي بي سي 4: «لقد كان طبيباً ناجحاً، ورجل عائلة مخلصا، له أربعة أطفال». وأضافت بدوي المذيعة في قناة بي بي سي، وسابقا في عدد من القنوات الفضائية البريطانية: «كان عادل متفائلا أثناء مرضه ولم يكن أحد يتخيل الأسوأ... كنا نعتقد أنه سيتعافى قريباً».
ويقول الدكتور الخضر لـ«الشرق الأوسط»: «عندما طلبت أسرته سيارة إسعاف، تمكن من السير بمفرده للدخول إليها... وبعد دخوله المستشفى، سرعان ما تم وضعه على جهاز للتنفس الصناعي لأنه كان يعاني من ضيق في التنفس».
وقالت بدوي إن الطيار تطوع ليكون في الخطوط الأمامية لمحاربة انتشار «كورونا»، ولكن في النهاية دفع ثمن ذلك بحياته. كما قالت: «هذا الفيروس لا يرحم». وأشارت إلى أن «عائلته في حالة حيرة وتكافح من أجل التأقلم مع رحيله».
والطيار، وهو من أبناء مدينة عطبرة، شمال السودان، نشأ وتربى فيها ودرس المراحل الأولية، قبل أن ينتقل إلى مصر لدراسة الطب، ثم أكمل دراسته في جامعة الخرطوم ليتخرج منها في العام 1982. حضر إلى إنجلترا عام 1993، للتخصص... وأصبح عضوا في الجمعية الملكية للجراحين في إنجلترا... عاد إلى السودان قبل أعوام ليعمل في مستشفى ابن سينا كمدير لجراحة الكلى.
من جهة ثانية، قال نجل الاستشاري الحوراني، الذي وافته المنية يوم السبت، إن والده كان يخصص كل وقته لعائلته ومهنته، وإنهم تعلموا منه أهمية الاحترام والمساواة. وأوضح أن والده لم يكن ينتظر شكرا على عمله الإنساني، وأنه كان خادما لمهنته الإنسانية. وتابع في تصريحات لصحف سودانية: «أنا فخور به للغاية، وكان صخرة عائلتنا، كان قويا بشكل لا يصدق، عطوفاً ومعطاء، يضع الجميع قبل نفسه»، واستطرد: «كان أبي يتحمل الكثير من المسؤوليات، ومع ذلك لم يشك أبداً بل وصل قمة مهنته، وأحدث فرقاً في حياة الآلاف خلال حياته المهنية».


مقالات ذات صلة

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا الطبيب البريطاني توماس كوان (رويترز)

سجن طبيب بريطاني 31 عاماً لمحاولته قتل صديق والدته بلقاح كوفيد مزيف

حكم على طبيب بريطاني بالسجن لأكثر من 31 عاماً بتهمة التخطيط لقتل صديق والدته بلقاح مزيف لكوفيد - 19.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد السعودية تصدرت قائمة دول «العشرين» في أعداد الزوار الدوليين بـ 73 % (واس)

السعودية الـ12 عالمياً في إنفاق السياح الدوليين

واصلت السعودية ريادتها العالمية بقطاع السياحة؛ إذ صعدت 15 مركزاً ضمن ترتيب الدول في إنفاق السيّاح الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك تم تسجيل إصابات طويلة بـ«كوفيد- 19» لدى أشخاص مناعتهم كانت غير قادرة على محاربة الفيروس بشكل كافٍ (رويترز)

قرار يمنع وزارة الصحة في ولاية إيداهو الأميركية من تقديم لقاح «كوفيد»

قرر قسم الصحة العامة الإقليمي في ولاية إيداهو الأميركية، بأغلبية ضئيلة، التوقف عن تقديم لقاحات فيروس «كوفيد-19» للسكان في ست مقاطعات.

«الشرق الأوسط» (أيداهو)
أوروبا أحد العاملين في المجال الطبي يحمل جرعة من لقاح «كورونا» في نيويورك (أ.ب)

انتشر في 29 دولة... ماذا نعرف عن متحوّر «كورونا» الجديد «XEC»؟

اكتشف خبراء الصحة في المملكة المتحدة سلالة جديدة من فيروس «كورونا» المستجد، تُعرف باسم «إكس إي سي»، وذلك استعداداً لفصل الشتاء، حيث تميل الحالات إلى الزيادة.

يسرا سلامة (القاهرة)

مسؤول: قراصنة إلكترونيون صينيون يستعدون لصدام مع أميركا

القراصنة قاموا بعمليات استطلاع وفحص محدودة لمواقع إلكترونية متعددة مرتبطة بالانتخابات الأميركية (أرشيفية - رويترز)
القراصنة قاموا بعمليات استطلاع وفحص محدودة لمواقع إلكترونية متعددة مرتبطة بالانتخابات الأميركية (أرشيفية - رويترز)
TT

مسؤول: قراصنة إلكترونيون صينيون يستعدون لصدام مع أميركا

القراصنة قاموا بعمليات استطلاع وفحص محدودة لمواقع إلكترونية متعددة مرتبطة بالانتخابات الأميركية (أرشيفية - رويترز)
القراصنة قاموا بعمليات استطلاع وفحص محدودة لمواقع إلكترونية متعددة مرتبطة بالانتخابات الأميركية (أرشيفية - رويترز)

قال مسؤول كبير في مجال الأمن الإلكتروني في الولايات المتحدة، الجمعة، إن قراصنة إلكترونيين صينيين يتخذون مواطئ قدم في بنية تحتية خاصة بشبكات حيوية أميركية في تكنولوجيا المعلومات تحسباً لصدام محتمل مع واشنطن.

وقال مورغان أدامسكي، المدير التنفيذي للقيادة السيبرانية الأميركية، إن العمليات الإلكترونية المرتبطة بالصين تهدف إلى تحقيق الأفضلية في حالة حدوث صراع كبير مع الولايات المتحدة.

وحذر مسؤولون، وفقاً لوكالة «رويترز»، من أن قراصنة مرتبطين بالصين قد اخترقوا شبكات تكنولوجيا المعلومات واتخذوا خطوات لتنفيذ هجمات تخريبية في حالة حدوث صراع.

وقال مكتب التحقيقات الاتحادي مؤخراً إن عملية التجسس الإلكتروني التي أطلق عليها اسم «سالت تايفون» شملت سرقة بيانات سجلات مكالمات، واختراق اتصالات كبار المسؤولين في الحملتين الرئاسيتين للمرشحين المتنافسين قبل انتخابات الرئاسة الأميركية في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) ومعلومات اتصالات متعلقة بطلبات إنفاذ القانون في الولايات المتحدة.

وذكر مكتب التحقيقات الاتحادي ووكالة الأمن السيبراني وأمن البنية التحتية أنهما يقدمان المساعدة الفنية والمعلومات للأهداف المحتملة.

وقال أدامسكي، الجمعة، إن الحكومة الأميركية «نفذت أنشطة متزامنة عالمياً، هجومية ودفاعية، تركز بشكل كبير على إضعاف وتعطيل العمليات الإلكترونية لجمهورية الصين الشعبية في جميع أنحاء العالم».

وتنفي بكين بشكل متكرر أي عمليات إلكترونية تستهدف كيانات أميركية. ولم ترد السفارة الصينية في واشنطن على طلب للتعليق بعد.