موازنة طوارئ متقشفة للسلطة والاستعداد لـ«الأصعب»

أشتية طالب فلسطينيي الشتات بتقديم الدعم

بنوك بيت لحم تفتتح أبوابها بعد 25 يوماً من الإغلاق وتقتصر على تسليم بطاقات الصراف الآلي (وفا)
بنوك بيت لحم تفتتح أبوابها بعد 25 يوماً من الإغلاق وتقتصر على تسليم بطاقات الصراف الآلي (وفا)
TT

موازنة طوارئ متقشفة للسلطة والاستعداد لـ«الأصعب»

بنوك بيت لحم تفتتح أبوابها بعد 25 يوماً من الإغلاق وتقتصر على تسليم بطاقات الصراف الآلي (وفا)
بنوك بيت لحم تفتتح أبوابها بعد 25 يوماً من الإغلاق وتقتصر على تسليم بطاقات الصراف الآلي (وفا)

أعلن رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية، أن الحكومة ستعمل وفقاً لموازنة طوارئ متقشفة، في ضوء التطورات المتلاحقة لفيروس «كورونا» (كوفيد 19).
وقال أشتية في مؤتمر صحافي عقده في رام الله، أمس، إن حكومته تحرص في هذه المرحلة على الحفاظ على قطاع صحي فاعل يلبي الاحتياج، ودعم الفقراء ومساعدتهم في تخطي هذه الفترة الصعبة، خصوصاً بوجود زيادة في انكشاف الأسر المعوزة، التي تزيد على الـ106 آلاف عائلة تتلقى مساعدات من الحكومة، ومنها 70 ألف عائلة من غزة، وتوفير رواتب الموظفين واحتياجات الأمن.
وأكد أشتية أن كل ذلك يأتي في وقت توقفت فيه عجلة الإنتاج والاستيراد والاستهلاك، وهو ما سبب انخفاضاً في إيرادات السلطة إلى أكثر من 50 في المائة، سواء على صعيد الضرائب المحلية أو المقاصة أو غيرها، وفي وقت تراجعت فيه المساعدات الدولية، لأن العالم كله في أزمة.
وأضاف: «لذلك سوف نعمل بموازنة طوارئ متقشفة من خلال تخفيض المصاريف قدر الإمكان». ولمح أشتية إلى أن السلطة قد لا تستطيع توفير كامل رواتب الموظفين في الشهور المقبلة، بعدما تم توفيرها كاملة هذا الشهر. ووجه مواطنيه بالقول لهم: «استعدوا للأصعب مالياً وصحياً واعتمدوا على أنفسكم».
وقال أشتية إن «احتياجاتنا المالية لمواجهة هذا الوباء تُقدّر بـ120 مليون دولار، وعجز الموازنة سيتضاعف وخسائر الاقتصاد الوطني ستكون كبيرة جداً. لذلك بدأنا بدراسة الآثار الاقتصادية لهذه الأزمة مع البنك الدولي وفريق من المؤسسات ذات العلاقة. وبدأنا الإعداد لما بعد انتهاء هذه الأزمة لإعادة إنعاش الاقتصاد، من خلال العمل على تخصيص مبالغ عبر البنوك مع توفير ضمانات للقروض، وسوف نطلب من البنوك من خلال سلطة النقد، خفض فوائد القروض للمشاريع الصغيرة والمتوسطة».
وتابع: «كما نعمل مع المانحين والبنك الدولي والبنك الإسلامي للتنمية والصناديق العربية، من أجل برنامج قادر على إعادة تحريك عجلة الاقتصاد وخلق فرص عمل وإنعاش القطاعات الإنتاجية، والخدماتية، والسياحية». وأكد أشتية أنه تلقى تعهدات من دول مختلفة، لتقديم المساعدات الدولية، «ونأمل ترجمتها إلى واقع قريباً».
في السياق، تعهد أشتية بإلغاء التقاعد المالي لموظفي قطاع غزة ابتداء من الشهر المقبل، بحيث يصبح التقاعد اختيارياً لمن يريد. ووجه أشتية نداءً لأصحاب المصالح الصغيرة والكبيرة وأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة والكبيرة، من أجل «وقفة عز مع أهلهم ومجتمعهم». وتابع أن «البلد يحملها أهلها، وإحنا لا عنا (ليس عندنا) احتياطي نقد ولا عنا (ليس عندنا) عملة وطنية، ولكن عنا (عندنا) روح وطنية وعزة نفس وكرامة وروح تضامن». كما طلب دوراً من فلسطينيي الشتات، ودعا المنظمات غير الحكومية إلى تقديم المساعدة للناس وعدم الاكتفاء بإبداء الملاحظات فقط.
وهاجم أشتية إسرائيل، وقال إنها «على الرغم من انشغال الجميع في مواجهة فيروس كورونا، فإنها تستمر في ممارساتها العدوانية ضد شعبنا من هدم بيوت واعتقالات وإرهاب مستوطنين، وتقطيع أشجار الزيتون، إن هذا الاحتلال لا يعرف الإنسانية بشيء، ويجب على العالم لجمه».
كما اتهم الجنود الإسرائيليين بمحاولة نشر فيروس كورونا في الأراضي الفلسطينية. وقال: «ما شاهدناه من بعض جنود الاحتلال في بعض المناطق يلوثون مقابض السيارات، ينم عن تربية عنصرية وحاقدة من أشخاص يتمنون الموت للآخر. ولقد تم توثيق ذلك وسيدخل هؤلاء في سجل الإجرام». وكان أشتية يتحدث عن فيديو لجنود إسرائيليين في الضفة الغربية أثناء حملة اعتقالات، وظهر بعضهم يبصق على مقابض السيارات الفلسطينية.
كما طالب أشتية إسرائيل بالإفراج عن الأسرى، خصوصاً المرضى وكبار السن والنساء والأطفال منهم. وقال إنه طالب الصليب الأحمر والأمم المتحدة ببذل كل جهد من أجل ذلك حماية لهم من هذا الوباء.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».