تقرير يكشف دوراً للاستخبارات الإيرانية في التحريض على اغتيال معارض في إسطنبول

المعارض الايراني مسعود مولوي وردنجاني
المعارض الايراني مسعود مولوي وردنجاني
TT

تقرير يكشف دوراً للاستخبارات الإيرانية في التحريض على اغتيال معارض في إسطنبول

المعارض الايراني مسعود مولوي وردنجاني
المعارض الايراني مسعود مولوي وردنجاني

قالت مصادر أمنية تركية إن التحقيقات لا تزال مستمرة في واقعة اغتيال المعارض الإيراني مسعود مولوي وردنجاني، الذي قُتل بالرصاص في أحد شوارع إسطنبول في 14 نوفمبر (تشرين الثاني) 2019، وإن هناك اتصالات بين السلطات التركية والإيرانية حول الواقعة. ونقلت وكالة «رويترز» عن مسؤولَين تركيين، لم تحددهما، أن ضابطي مخابرات في القنصلية الإيرانية في إسطنبول حرّضا على قتله.
وقُتل وردنجاني، الذي كان يعتقد أنه في منتصف الثلاثينات من العمر، عندما كان يسير مع أحد أصدقائه في حي شيشلي في وسط إسطنبول، حسبما ذكرت وكالة «ديميروران» الخاصة للأنباء، القريبة من الحكومة التركية، في 26 نوفمبر 2019، قائلة إنه كان يدير موقعاً معارضاً للتواصل الاجتماعي، وإنه قُتل بالرصاص في 14 من الشهر ذاته. وكان قد عُثر على غلاف رصاصات في مكان الحادث. وأظهرت تسجيلات مصورة نشرتها وكالة «إخلاص» التركية الخاصة للأنباء، ما يبدو أنها لحظة القتل. وكان مولوي يساعد في إدارة قناة على تطبيق «تلغرام» تدعى «الصندوق الأسود»، كانت تنشر اتهامات بالفساد بحق أعضاء في الحكومة وجهازي القضاء والاستخبارات في إيران، وتقول إن لها صلات داخل «الحرس الثوري» الإيراني.
وقالت الشرطة التركية، وقتها، إنها تحقق في الواقعة ولا تملك معلومات في الوقت الحاضر عن خلفية مولوي. وفي 28 نوفمبر، أعلنت الشرطة التركية القبض على 5 أشخاص يشتبه في تورطهم في قتل وردنجاني من بينهم الشخص الذي يُعتقد أنه منفذ عملية الاغتيال عن طريق إطلاق الرصاص عليه من سيارة، وأن الأربعة الآخرين قدموا له المساعدة في قتله.
وقالت وسائل إعلام تركية إن مولوي كان موظفاً سابقاً بالاستخبارات الإيرانية قبل أن يصبح معارضاً. وذكر تقرير للشرطة التركية بشأن حادث القتل، نُشر قبل نحو أسبوعين، أن وردنجاني كان يعمل في الأمن الإلكتروني بوزارة الدفاع الإيرانية وتحول إلى منتقد قوي للسلطات الإيرانية، وأنه نشر رسالة على وسائل التواصل الاجتماعي تنتقد «الحرس الثوري» الإيراني في أغسطس (آب) 2019، قبل ثلاثة أشهر من قتله، جاء فيها: «سوف أجتث قادة المافيا الفاسدين». وأضاف: «أدعوا الله ألا يقتلوني قبل أن أفعل ذلك».
ونقلت وكالة «رويترز» عن مسؤولين تركيين كبيرين، لم تحددهما بالأسماء، أن ضابطي مخابرات في القنصلية الإيرانية في إسطنبول حرّضا على قتل وردنجاني. ولم تتهم الحكومة التركية إيران علناً بالضلوع في قتل وردنجاني. لكنّ المسؤولين قالا إن الحكومة ستتحدث مع إيران بشأن مقتله. وقال أحدهما إن ممثلي الادعاء الأتراك يتابعون القضية أيضاً. وقال المسؤول الأول إن المسلح المشتبه به وعدداً آخر من المشتبه بهم، ومن بينهم أتراك وإيرانيون اعتُقلوا في الأسابيع التي أعقبت الحادث، أبلغوا السلطات أنهم تصرفوا بأوامر ضابطي مخابرات في القنصلية الإيرانية. وذكر الثاني أن الأدلة التي شملت روايات المشتبه بهم تشير إلى أن «مواطنين إيرانيين لعبوا دوراً خطيراً في التحريض والتنسيق» في عملية القتل.
وأضاف المسؤولان أن أنقرة ستقدم لإيران قريباً مذكرة رسمية بخصوص مقتل وردنجاني والدور الذي قام به مسؤولون يحملون جوازات سفر دبلوماسية.
وأشارت الوكالة، نقلاً عن مصدرين أمنيين إيرانيين، إلى أن وردنجاني تحدى تحذيراً من «الحرس الثوري» بعدم التعاون مع شركات تركية في مشروعات متعلقة بالطائرات المسيّرة، دون مزيد من التفاصيل. وقالا إنه اتصل أيضاً بالولايات المتحدة ودول أوروبية للعمل معها. قائلة إنه لم يتسنّ لها التحقق من صحة ذلك. وقال أحد المصدرين الإيرانيين إن وردنجاني نشر وثائق على الإنترنت مفادها أنه نفّذ عملية تسلل إلكتروني أو حصل على معلومات من معارف له في إيران وإنه تجاهل طلبات الاتصال بالسفارة الإيرانية في أنقرة والتقى مع أميركيين ودبلوماسي إسرائيلي. ولم يذكر المصدر تفاصيل حول الوثائق أو اجتماعاته. وذكر المصدر الإيراني الثاني أيضاً أن وردنجاني تم تحذيره من مغبّة اتصالاته مع دبلوماسيين أجانب.
كانت لقطات مصورة بثها التلفزيون التركي بعد مقتل وردنجاني، قد أظهرت مسلحاً يركض متجاوزاً رجلين في أثناء سيرهما بأحد أحياء وسط إسطنبول في الساعة العاشرة من مساء يوم 14 نوفمبر 2019، وأطلق المسلح عدة طلقات على أحدهما ليسقط على الأرض بينما كان رفيقه يختبئ.
ومن المعروف أن لأجهزة الاستخبارات الإيرانية وجوداً ملحوظاً في تركيا المجاورة، حيث يقيم العديد من الإيرانيين في المنفى، ويأتي عدد كبير لتمضية عطلاتهم. وفي أبريل (نيسان) 2017 قُتل سعيد كريميان الذي كان يملك قناة ترفيه شهيرة ناطقة بالفارسية، هي «جيم تي في» بإطلاق النار عليه في سيارته من مجهولين في إسطنبول. وكان كريميان يحمل الجنسية البريطانية أيضاً، ويدير تلفزيون «جيم» من دبي، ويقدم برامج غربية لمشاهدين ناطقين بالفارسية، بينها برامج ألعاب أميركية ومسلسلات تركية طويلة. ولم تتوصل السلطات التركية حتى الآن إلى الفاعلين، بعدما أحرقوا سيارة استخدموها في الحادث وُجدت على أطراف إسطنبول.



تصاعد التوتر بين تركيا وإيران بعد تحذير فيدان من زعزعة استقرار سوريا

لقاء بين وزيري الخارجية التركي هاكان فيدان والإيراني عباس عراقجي على هامش منتدى الدوحة في قطر في ديسمبر الماضي (الخارجية التركية)
لقاء بين وزيري الخارجية التركي هاكان فيدان والإيراني عباس عراقجي على هامش منتدى الدوحة في قطر في ديسمبر الماضي (الخارجية التركية)
TT

تصاعد التوتر بين تركيا وإيران بعد تحذير فيدان من زعزعة استقرار سوريا

لقاء بين وزيري الخارجية التركي هاكان فيدان والإيراني عباس عراقجي على هامش منتدى الدوحة في قطر في ديسمبر الماضي (الخارجية التركية)
لقاء بين وزيري الخارجية التركي هاكان فيدان والإيراني عباس عراقجي على هامش منتدى الدوحة في قطر في ديسمبر الماضي (الخارجية التركية)

تصاعد التوتر بين تركيا وإيران على خلفية تصريحات لوزير الخارجية التركي هاكان فيدان، حذّر فيها طهران من محاولة زعزعة الاستقرار في سوريا، قائلاً إنها دفعت ثمناً باهظاً للحفاظ على نفوذها في العراق وسوريا، وإن سياستها الخارجية المرتبطة بوكلائها في المنطقة تنطوي على مخاطر كبيرة.

واستدعت الخارجية التركية، الثلاثاء، القائم بالأعمال الإيراني بسبب انتقادات إيرانية حادة وعلنية لتركيا بعد تصريحات فيدان، وأبلغته بأن أمور السياسة الخارجية لا ينبغي استخدامها كأداة من أدوات السياسة الداخلية.

وجاءت الخطوة التركية بعد يوم واحد من استدعاء وزارة الخارجية الإيرانية للسفير التركي في طهران، احتجاجاً على تصريحات فيدان.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية، أونجو كيتشالي، إن القائم بالأعمال في السفارة الإيرانية لدى أنقرة تمت دعوته إلى الوزارة لتبادل وجهات النظر ومناقشة ادعاءات بعض المسؤولين الإيرانيين ضد تركيا.

وأضاف أن المسؤولين الإيرانيين أصبحوا، في الآونة الأخيرة، يعبرون عن انتقاداتهم لتركيا بشكل أكثر علنية، وأن ملفاً أعدّته الوزارة بشأن هذه القضية تم إرساله مسبقاً إلى الجانب الإيراني.

وتابع كيتشالي: «نعتقد أنه لا ينبغي بأي حال من الأحوال استخدام قضايا السياسة الخارجية كأداة للسياسة الداخلية». وأكد أن تركيا تولي أهمية كبيرة لعلاقاتها مع إيران، وتعمل على تعزيزها.

خطوة إيرانية سابقة

وأفاد التلفزيون الرسمي الإيراني، الثلاثاء، بأن وزارة الخارجية استدعت السفير التركي على خلفية تصريحات فيدان.

ونشرت وزارة الخارجية الإيرانية بياناً قالت فيه إن اجتماعاً عقد أمس (الاثنين) بين السفير التركي، حجابي كيرلانجيتش، والمدير العام لوزارة الخارجية الإيرانية لشؤون البحر المتوسط وشرق أوروبا، محمود حيدري، الذي أكد له أن «المصالح المشتركة للبلدين وحساسية ظروف المنطقة تتطلب تجنب التعليقات الخاطئة والتحليلات غير الواقعية التي قد تؤدي إلى خلافات وتوتر في علاقاتنا الثنائية».

وزير الخارجية التركية هاكان فيدان (إ.ب.أ)

كان وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، قال في مقابلة تلفزيونية الأسبوع الماضي، إن السياسة الخارجية الإيرانية المعتمدة على الوكلاء والأذرع والفصائل المسلحة «خطيرة» ويجب تغييرها، لافتاً إلى أن إيران على الرغم من بعض المكاسب فإنها دفعت ثمناً باهظاً للحفاظ على نفوذها في العراق وسوريا.

وعن احتمال دعم إيران «وحدات حماية الشعب»، المدعومة من أميركا، التي تقود «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، ضد بلاده، حذّر فيدان إيران من ذلك، قائلاً: «إيران يجب أن تتجنب القيام بمثل هذا الشيء... لا يجب أن ترمي الحجارة إذا كنت تعيش في بيت من زجاج، إذا كنت تسعى إلى إثارة بلد ما من خلال دعم مجموعة معينة هناك، فقد تواجه موقفاً حيث يمكن للبلد المذكور أن يزعجك من خلال دعم مجموعة أخرى في بلدك».

وعدّت إيران تصريحات فيدان تهديداً بتحريك الفوضى والقلاقل داخلها، ووصفها المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، بـ«الوقحة».

تصريحات متشددة

وقال مستشار المرشد الإيراني للشؤون الدولية، علي أكبر ولايتي، الثلاثاء، إن هناك احتمالية لاندلاع حرب أهلية في سوريا في أي لحظة، لافتاً إلى أنه من المستحيل التنبؤ بمستقبل سوريا في الوقت الحالي، لكن الأدلة وما تراه إيران يشير إلى وجود مقدمات لتفكك الدولة.

وأضاف ولايتي أن «على المسؤولين الأتراك الالتزام بالآداب الدبلوماسية»، محذراً من أن طهران لن تصمت أمام مبالغات أنقرة.

المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية فاطمة مهاجراني (إعلام إيراني)

ووصفت المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية، فاطمة مهاجراني، تصريحات فيدان بـ«غير البنّاءة»، معربة عن أملها بعدم تكرارها.

وتعليقاً على دعوة زعيم حزب العمال الكردستاني، عبد الله أوجلان، إلى حلّ الحزب وإلقاء السلاح، أعربت مهاجراني عن ترحيبها بأي قرار يؤدي إلى خفض التوتر في المنطقة.

وتواجه إيران اتهامات من جانب بعض وسائل الإعلام القريبة من الحكومة في تركيا بمحاولة عرقلة الخطوات التي تتخذها أنقرة مع أوجلان لإنهاء وجود حزب العمال الكردستاني، وامتداده في سوريا «وحدات حماية الشعب الكردية»، على غرار ما تفعله أميركا وإسرائيل أيضاً.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، في مؤتمر صحافي، الاثنين، إن «هناك خلافات بين بلاده وتركيا على بعض القضايا، لكننا نثمن بشدة علاقاتنا مع تركيا، وللأسف ما نسمعه مراراً من تركيا غير بنّاء للغاية، وكان من الضروري أن تعلن إيران موقفها في هذا الصدد بشكل حاسم وواضح».

وتابع: «ربما من الأحرى أن يفكر أصدقاؤنا الأتراك أكثر في سياسة الكيان الصهيوني (إسرائيل) في سوريا والمنطقة، وبالآثار والنتائج التي طرأت على سياسات بلادهم».

خلافات ومصالح

وتشهد العلاقات التركية الإيرانية توتراً منذ سقوط النظام السوري السابق، وانتقدت طهران مراراً وقوف أنقرة وراء فصائل المعارضة التي أسقطت بشار الأسد، فيما لا تستبعد أنقرة تورط إيران في تحريض بعض المجموعات على التصعيد، خاصة في المناطق العلوية.

وينظر، بشكل واسع، في إيران للإدارة السورية الجديدة، برئاسة أحمد الشرع، على أنها موالية لتركيا، بينما تعهد الشرع بإنهاء ما تبقى من نفوذ إيراني في سوريا.

إردوغان مستقبلاً الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع في أنقرة في فبراير الماضي (الرئاسة التركية)

وعلى الرغم من الهجوم الواسع الذي تعرضت له تركيا على المستويين الرسمي والإعلامي في إيران، بعد تصريحات فيدان، ظلّت أنقرة صامتة، رسمياً وإعلامياً، حتى استدعت طهران سفيرها، وردّت باستدعاء القائم بالأعمال الإيراني في أنقرة.

وهناك، رغم الخلافات، كثير من المصالح التي تجمع تركيا وإيران، خاصة على صعيد التعاون الاقتصادي وفي مجال الطاقة.

وأعلن وزير الطاقة التركي، ألب أرسلان بيرقدار، بدء تصدير الغاز الطبيعي من تركمانستان إلى تركيا عبر إيران، بدءاً من يوم الاثنين.

وأشار مسؤولون أتراك إلى أن شراء الغاز من تركمانستان بسعر تنافسي يُعدّ إنجازاً كبيراً لتركيا.