ليبيون يتمنون أن ينجح الفيروس في تحقيق ما عجزت عنه الحرب

طرابلس
طرابلس
TT

ليبيون يتمنون أن ينجح الفيروس في تحقيق ما عجزت عنه الحرب

طرابلس
طرابلس

على طريق سريع وسط ليبيا بمحافظة الجفرة، يقف بعض من مواطني بلدية ودان، يوزعون التمور والمياه على سائقي شاحنات نقل الوقود والبضائع بين المحافظة والمناطق المجاورة، فضلاً عن قيامهم بتعقيم السيارات المارة بالمطهرات.
وهذا العمل التطوعي من مواطني هذه البلدة البسيطة، الذي يستهدف التخفيف على العابرين بعد إغلاق المطاعم والمحال التجارية ضمن الإجراءات الاحترازية المتخذة لمواجهة فيروس «كورونا»، يأتي في موازاة حالة انقسام حادة بسبب الحرب الدائرة في طرابلس منذ قرابة عام، يتمنى خلالها البعض أن «يتكفل فيروس (كورونا) بما عجزت الحرب عن حسمه».
ويرى احميد الوالي، وهو من مواطني ودان، أن «الحرب تركت آثاراً سلبية في نفس البعض، وعمقت الكراهية بداخلهم، لدرجة أنهم يتمنون أن يقضي الفيروس على أعدائهم في المعركة العسكرية»، مستدركاً في حديثه إلى «الشرق الأوسط»: «لكن هؤلاء قلة، في ظل وجود آلاف من الليبيين ورجال الأعمال يسعون إلى صنع الخير».
وتتجه حكومة «الوفاق» في طرابلس إلى فرض قيود أكثر على حركة المواطنين من الثامنة صباحاً وحتى الثانية ظهراً من اليوم نفسه، للحد من التجمعات البشرية؛ بينما تواصل بلدية طرابلس عمليات توزيع الخبز على المواطنين المقيمين داخل الحدود الإدارية للبلدية مجاناً.
وقالت البلدية في بيانها، أمس، إن هذه الخطوة تأتي ضمن الآلية التي أقرتها البلدية لحث السكان على تقليل الخروج من المنازل والالتزام به، إلا لما تقتضيه الضرورة القصوى لمنع انتشار الفيروس في البلاد.
ولم تسجل ليبيا إلا إصابة واحدة، فيما تواصل الأجهزة الطبية في شرق البلاد وغربها عمليات التعقيم والفحص للمواطنين الذين يخشون إصابتهم بالفيروس، وسط تجهيز أماكن للحجر الصحي في مدن سرت وبني وليد، تحسباً لاكتشاف إصابات جديدة.
وبدأت وزارة الصحة في الحكومة الليبية الموازية بشرق البلاد، في توزيع المستلزمات الوقائية لمجابهة الفيروس والخاصة بفرق الرصد والتقصي والاستجابة السريعة على 19 بلدية في عموم البلاد. كما دعا وزير الصحة بالحكومة الموازية سعد عقوب «جميع المواطنين والمقيمين والزوار إلى البقاء في بيوتهم قدر الإمكان وعدم السفر إلى مدن أخرى»، وقال إن التزام المواطنين بالبقاء في منازلهم، هذا الأسبوع، «يجنب البلاد كارثة صحية».
وأضاف عقوب في بيان، أمس، أن «قرار حظر التجول صدر بعد دراسة علمية»، مشدداً على ضرورة الاستمرار بمراقبة المنافذ وتعزيز دور الحجر الصحي في المطارات والموانئ والمنافذ البرية، فضلاً عن أهمية توحيد الجهود مع رجال الأمن والجوازات والجمارك والطب البيطري والزراعي، لمراقبة حالات الوافدين إلى ليبيا عبر المنافذ الحدودية.
وتسلم مركز طبرق الطبي، أمس، 18 جهاز تنفس صناعيا وإمدادات طبية متنوعة لتجهيز المبنى الذي خصص كمقر للحجر الصحي.
وتنتشر مبادرات عديدة في ليبيا مثل «خليك في حوشك» و«الزم البيت» للحد من تفشي الفيروس، خاصة مع تراجع مستوى المستشفيات والخدمات الطبية في ليبيا.


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.