من تأثيرات العزلة المنزلية... دور بيع الكتب تنتعش في بريطانيا

قصص الأطفال والأدب الأكثر طلباً

خلقت العزلة المنزلية وقتاً لقراءة الكتب وممارسة الهوايات (غيتي)
خلقت العزلة المنزلية وقتاً لقراءة الكتب وممارسة الهوايات (غيتي)
TT

من تأثيرات العزلة المنزلية... دور بيع الكتب تنتعش في بريطانيا

خلقت العزلة المنزلية وقتاً لقراءة الكتب وممارسة الهوايات (غيتي)
خلقت العزلة المنزلية وقتاً لقراءة الكتب وممارسة الهوايات (غيتي)

مع استمرار فترة العزل الصحي في مختلف أنحاء العالم، ومع إغلاق المدارس أبوابها، تغيرت عادات كثيرة بالنسبة للأفراد والعائلات. العالم الافتراضي أصبح أكثر حضوراً مع توجه الملايين نحو وسائل التواصل الاجتماعي بشكل أكبر من ذي قبل. ولمحبي القراءة تمثل فترة الحجر المنزلي فرصة لقراءة كتب لم تسنح الفرصة لقراءتها. المدهش أن تثبت فترة الحجر أن الكتاب عاد ليحتل مكانه المهم على قائمة الهوايات.
في بريطانيا بدأت المكتبات الصغيرة والمستقلة مرحلة مختلفة من عملها، فهي مكتبات موجودة في مدن أحياء صغيرة، وبالتالي تمثل فترة حظر التجول خطراً كبيراً قد يهددها بالإغلاق. ولكن من الملاحظ أن هناك نشاطاً متزايداً لعدد كبير من تلك المكتبات التي أغلقت أبوابها الفعلية، وتحولت إلى العمل عبر الإنترنت للتجاوب مع الطلبات المتزايدة من زبائن موجودين وآخرين جدد.
نشر موقع دار نشر «بنغوين» قبل أيام، تقريراً حول دور الكتب المستقلة التي بدأت في الانتعاش مؤخراً، معتمدة على الطلبات عبر «الأونلاين» وخدمة توصيل سريعة معتمدة على التوصيل بالدراجة أو بالسيارة، أو بالاستعانة بخدمة البريد الوطني.
وما تقدمه تلك المكتبات مختلف عن سلاسل المكتبات الضخمة، إذ تقدم خدمات خاصة لعملائها، تبدأ من المقترحات التي قد تناسب العميل، إلى خدمات التوصيل المجانية، إلى تخصيص جانب من عملها لدعم الجمعيات الخيرية بالكتب.
وعبر رسائل متبادلة على البريد الإلكتروني، تواصلنا مع عدد من تلك المكتبات في بريطانيا، محملين بأسئلة عن التغييرات الحالية وتأثيرها على عملهم، وعن الطرق المبتكرة التي لجأ لها كثيرون من ملاك المكتبات الصغيرة للتواصل مع المجتمع المحلي ومساندته.
تقول لنا إنديا من مكتبة «راوند تابل بوكس» Round Table Books، الواقعة في حي بريكستون بلندن: «لقد قررنا نقل عملنا إلى (الأونلاين)، وكان هو القرار الصحيح لخدمة عملائنا. حاولنا التوصل لطرق جديدة ومحملة بالمتعة لبيع الكتب وتوصيلها». مثلت هذه الفترة فرصة للتواصل مع العملاء بشكل أكبر حسب ما تقول لنا: «نتعلم شيئاً جديداً كل يوم، ونحسن من خدماتنا خلال ذلك». وتشير إلى زيادة الإقبال على الطلبات في هذه الفترة من العملاء الدائمين وعملاء جدد.
تقدم بعض المكتبات أيضاً حزمة كتب للعزل الصحي، مثل مكتبة «ذا بوك هايف» بمدينة نورتش البريطانية؛ حيث تطلب من عملائها إخبارها بنوعية الكتب التي يحبون قراءتها، ويقوم العاملون في المكتب باختيار خمسة كتب يرونها متناسبة مع ذوق العميل، ويتم توصيلها للمنزل. غني عن الذكر أن الاختيارات قد تنجح في كسب رضا القارئ أو قد لا تنجح.
مكتبة «ليتل بوكس أوف بوكس» (صندوق كتب صغير) Little Box of Books التي يديرها زوجان، تعتمد على توفير صناديق من العناوين المختارة من كتب الأطفال، توفرها للمدارس والعائلات. وفي ظل العزلة طورت صندوقاً خاصاً من كتب الأطفال يضم 10 عناوين لقيت تجاوباً من الآباء والأمهات. تقول لنا ليندسي، مالكة المكتبة، إن هناك أحجاماً مختلفة لصناديق الكتب المخصصة للفئة العمرية حتى 10 سنوات، وتحرص على أن يضم كل صندوق بعض الألعاب والأحجيات.
تقول: «من الممكن أن يكتشفوا كتباً جديدة، وهو أمر رائع. أيضاً أمر جيد أن تزيد طلبات كتب الأطفال، وأن نعرف أن الأهل يقرأون القصص لأطفالهم، وهو من أفضل الأشياء التي يمكن عملها لضمان نجاح الأطفال في حياتهم». شهدت مبيعات المكتبة ازدياداً في الفترة الأخيرة، وترجع ليندسي ذلك لمحاولة العائلات شغل أوقات الأطفال بقراءة الكتب والهوايات المفيدة. في مدينة «سفن أوكس» بمقاطعة كنت، تقاوم مكتبة Sevenoaks Bookshop المستقلة للبقاء، فهي نجحت في تكوين قاعدة عملاء وفية، تعتمد على الاستمتاع بجو لطيف في المتجر المجهز بمقهى صغير، يستطيع الزبائن الجلوس فيه لقراءة الكتب وللتواصل. ومع فترة الحجر المنزلي أغلق المتجر أبوابه، واضطر القائمون عليه للإسراع بإنشاء موقع إلكتروني قوي يمكنه مواجهة الطلبات البريدية، حسبما تقول لنا فلور، إحدى المسؤولات عن المكتبة. تقول: «قبل ظهور الوباء كان موقعنا الإلكتروني محدود الإمكانات لتلبية طلبيات خاصة، أو لبيع تذاكر للفعاليات التي نقيمها فيه. اضطررنا لبناء متجر إلكتروني في خلال أسبوع يضم كل العناوين في مخازننا، ويبلغ عددها 8 آلاف عنوان». وتشير إلى أن الموقع يعمل بشكل جيد، إضافة إلى صفحات المكتبة على وسائل التواصل التي تشهد تفاعلاً مكثفاً هذه الفترة. تلاحظ فلور أن أكثر الكتب رواجاً هي من كلاسيكيات الأدب: «هناك إقبال واضح على الكلاسيكيات؛ سواء من قبل الطلاب أو من العملاء الذين لم يجدوا وقتاً من قبل لقراءة تلك الكتب. سجلنا أيضاً إقبالاً على الروايات الطويلة، مثل ثلاثية الكاتبة هيلاري مانتل عن توماس كرومويل، مستشار الملك هنري الثامن، والتي ظهر الجزء الأخير منها مؤخراً، في الوقت المناسب».مثل متجر «سفن أوكس» الذي اضطر لتطوير موقعه الإلكتروني بسرعة، واجه ملاك متجر «بيكلد بيبر بوكس» Pickled Pepper Books طلبات الكتب المرتفعة، عبر تطوير طريقة الدفع على الموقع.
- الكتب وخدمة المجتمع المحلي
تُعد المكتبات الصغيرة جزءاً من نسيج المجتمع المحلي، ويحاول كل منها تقديم خدمة لغير القادرين. وتنوعت وسائل التعبير عن ذلك التضامن من مكتبة لأخرى، فعلى سبيل المثال خصصت «راوند تابل أوف بوكس» رفاً للكتب المجانية في مقرها؛ حيث يستطيع الجمهور التبرع بما يريد من كتب يتم إرسالها بعد ذلك للجمعيات الخيرية. ومع إغلاق المحل تحولت المبادرة لـ«الأونلاين»؛ حيث أصبح هناك «رف كتب مجانية افتراضي» لتلقي التبرعات من الكتب.
من جانبها تتبرع مكتبة «ليتل بوكس أوف بوكس» عن كل صندوق كتب مبيع، بكتاب إلى «دورستيب ليبراري» (مكتبة عتبة الباب) الخيرية، التي تخدم الأطفال في الأماكن الفقيرة بلندن. كما تشجع عملاءها على التواصل مع كبار السن تحت الحجر الصحي في دور الرعاية، الذين يفتقدون زيارات أقربائهم. تقول لنا ليندسي مالكة المكتبة: «نضع مع كل طلبية ظرفاً عليه طابع جاهز للإرسال، ونقترح على الزبائن استخدامه لإرسال رسائل أو رسومات لنزلاء دور الرعاية».


مقالات ذات صلة

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
صحتك امرأة تعاني من «كورونا طويل الأمد» في فلوريدا (رويترز)

دراسة: العلاج النفسي هو الوسيلة الوحيدة للتصدي لـ«كورونا طويل الأمد»

أكدت دراسة كندية أن «كورونا طويل الأمد» لا يمكن علاجه بنجاح إلا بتلقي علاج نفسي.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
صحتك «كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

يؤثر على 6 : 11 % من المرضى

ماثيو سولان (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.