الأجهزة الحكومية السعودية لتوطين التجارب الأجنبية الدولية

تكليف خبير نمساوي لترؤس الهيئة العامة للإحصاء

هيئة الإحصاء السعودية تعين خبيراً نمساوياً لقيادة تطويرها إلى مستويات دولية (الشرق الأوسط)
هيئة الإحصاء السعودية تعين خبيراً نمساوياً لقيادة تطويرها إلى مستويات دولية (الشرق الأوسط)
TT

الأجهزة الحكومية السعودية لتوطين التجارب الأجنبية الدولية

هيئة الإحصاء السعودية تعين خبيراً نمساوياً لقيادة تطويرها إلى مستويات دولية (الشرق الأوسط)
هيئة الإحصاء السعودية تعين خبيراً نمساوياً لقيادة تطويرها إلى مستويات دولية (الشرق الأوسط)

بعد قرابة أربعة عقود من إدارة الكفاءات الوطنية لمنظومة العمل الحكومي، تتجه السعودية مؤخرا للاستفادة من الخبرات الأجنبية على صعيد رئاسة الأجهزة الحكومية في خطوة تبحث من ورائها المملكة، تعزيز وتطوير الأداء الحكومي للوصول إلى مستويات متقدمة تصل بها إلى ديناميكيات عالية من الأداء والتحول نحو بيئة منظمات العمل المعيارية التي تتفق مع رؤية البلاد 2030.
وأعلن أمس مجلس إدارة الهيئة العامة للإحصاء برئاسة وزير الاقتصاد والتخطيط المكلّف محمد الجدعان، تكليف الدكتور كونراد بيسيندورفر رئيساً للهيئة، حيث سيتولى مع قياداتها من الكوادر الوطنية تطوير وحوكمة العمل الإحصائي وتحقيق مستهدفات التحول إلى هيئة إحصائية بمعايير عالمية قادرة على الإيفاء بدورها ومهامها كنظيراتها من دول مجموعة الـعشرين، استناداً إلى أفضل الممارسات الدولية المتبعة في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
يفتح هذا التوجه التساؤل حول طبيعة الاستفادة الحالية من الخبراء الدوليين ومدى ارتباطها بالتحول الاقتصادي في المملكة.
- التحول الإحصائي
بحسب بيان صدر أمس فإن قرار مجلس إدارة «هيئة الإحصاء» يأتي في سياق الجهود الرامية إلى تحقيق أهداف الاستراتيجية الوطنية للتنمية الإحصائية التي أقرها مجلس الوزراء في عام 2019. الرامية إلى تعزيز وتطوير العمل الإحصائي والمعلوماتي في المملكة، وضمان استدامة دوره الرئيس في توفير المعلومات والبيانات الإحصائية الدقيقة والصحيحة في وقتها، لتكون في متناول الباحثين ومتخذي القرار والمستثمرين.
بالإضافة لذلك ينتظر أن تعزز تجارب الخبير النمساوي العمل المشترك المتوافق مع أنظمة البيانات والمعلومات في المملكة، وبما يحقق مستوى عاليا من الشفافية والتكامل، ويفي بالالتزامات ذات الصلة بالمجال الإحصائي.
ويأتي تكليف الدكتور كونراد لرئاسة الهيئة العامة للإحصاء بعد أن عمل رئيسا للهيئة بالنيابة منذ شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، متماشيا مع التجارب الدولية التي حققت نجاحاً ملحوظاً في مسيرتها العملية، وتوطيناً للتجارب الدولية المميزة، حيث يعد كونراد أحد أبرز الخبراء عالمياً في إدارة المنظمات الإحصائية.
- خبرات دولية
وكان الدكتور كونراد بيسيندورفر قد شغل منصب المدير العام للإحصاء في النمسا من 2010 إلى 2019. ومثلها في لجنة النظام الإحصائي الأوروبي، وهي من أهم الجهات الفاعلة في صناعة القرار في النظام الإحصائي الأوروبي الذي يضم رؤساء المعاهد الإحصائية الأوروبية ويوروستات، كما عمل رئيساً للجنة منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية للإحصاءات والسياسات الإحصائية عام 2016. ورئيساً للجنة الإحصاءات والسياسة الإحصائية التابعة لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادي.
وعمل رئيسا مشاركا مع الهند لمجلس إدارة برنامج المقارنات الدولي التابع للأمم المتحدة والبنك الدولي، ومستشاراً لدى المجلس التنفيذي للبنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت قبل تعيينه في منصبه الحالي في المملكة.
وحصل الدكتور كونراد على الدرجة العالمية في جامعة فيينا للاقتصاد وإدارة الأعمال، وعمل محاضراً للاقتصاد الدولي في المدرسة العليا للتجارة والأعمال ومعهد الدراسات السياسية في باريس.
- التجربة العالمية
ويأتي اختيار الدكتور كونراد متماشيا مع التجارب الدولية المختلفة في التطوير النوعي للعمل الإحصائي والتنموي من خلال استقطاب تجارب دولية من خارجها، حيث عينت المملكة المتحدة خبيراً نيوزيلندياً وهو السيد ليونارد وارين كوك مديراً لمكتب الإحصاءات الوطنية في المملكة المتحدة، وكذلك تعيين مارك كارني في منصب محافظ البنك المركزي البريطاني في العام 2008. وهو كندي الجنسية ما يؤكد أن تبادل الخبرات وتوطينها كان إحدى الممارسات الدولية التي حققت قفزات نوعية في الدول التي عملت على تجسير الفجوة من خلال تبادل الخبرات والتجارب بين المهتمين في دول العالم، إلى غيرها من النماذج الكثيرة في دول العالم المتقدم.
- مجموعة العشرين
وفي ظل رئاستها لمجموعة العشرين، تسعى المملكة إلى تحقيق مكتسبات استراتيجية في تطوير منظوماتها الاقتصادية والتنموية وصولاً إلى تعزيز موقعها الذي تستحقه بين دول المجموعة التي تمثل الكيانات الأقوى اقتصاديا في العالم، وستعمل الهيئة العامة للإحصاء في إطار الاستراتيجية الوطنية للتنمية الإحصائية إلى تحقيق التكامل بين القطاعات الحكومية والخاصة المختلفة، إضافة إلى تطوير القدرات البشرية الوطنية في كافة المستويات الوظيفية وتحسين البيئة التقنية الداعمة للعمل الإحصائي.
وترى السعودية أن استقطاب أفضل الخبرات والتجارب العالمية التي سيسهم في تحقيق المستهدفات التطويرية لقطاع البيانات الإحصائية بمفهومها الشامل، وصولاً إلى العمل المشترك مع الجامعات الوطنية والمؤسسات التعليمية ذات العلاقة لتهيئة جيل إحصائي متخصص من خلال تدريب الكوادر الوطنية التي ستقود العمل الإحصائي في المملكة خلال الفترة القادمة.
- مشروعات التحول
وبجانب تولي التنفيذيين السعوديين لكثير من المناصب في عدد من مشروعات التحول الاقتصادي كما هو الحال للمهندس نظمي النصر الذي يرأس شركة نيوم التي تقوم على تنفيذ مشروع مدينة «نيوم» الأكبر في المنطقة، إلا أن المملكة استعانت بالخبرات الأجنبية في إطار التحول في ظل تنفيذ رؤية المملكة 2030 ليقوموا على رأس عدد من المشروعات الوطنية العملاقة من بينها مشروع البحر الأحمر – غرب المملكة - الذي يرأسه حاليا جون باغانو المدير التنفيذي للتطوير السابق لمجموعة كناري وارف بلندن، كما يرأس مشروع «آمالا» السياحي الفاخر نيكولاس نايبلز وهو الذي رأس وأدار وطور أشهر الفنادق والمنتجعات من فئة الخمس نجوم بينها الرتز كارلتون والفورسيزونز وغيرها، فيما يتولى رئاسة تنفيذ مشروع القدية – أكبر مدينة ترفيهية في العالم - مايكل رينينجر خبيرة المشاريع الترفيهية الضخمة لعدد من شركات والت ديزني العالمية المعروفة.
- صندوق التنمية الوطني
وعودة إلى الأجهزة الحكومية، لا تعد تجربة ترأس الخبير النمساوي بيسيندورفر الأولى مؤخرا، فقد صدر قرار مجلس إدارة صندوق التنمية الوطني برئاسة الأمير محمد بن سلمان في يونيو (حزيران) من العام المنصرم بتعيين ستيفن جروف محافظاً لصندوق التنمية الوطني.
ويأتي تعيين جروف، أميركي الجنسية، بناءً على خبرته المتخصصة، وفهمه العميق لعمل الصناديق التنموية واختصاصاتها، حيث يعد أحد أبرز المتخصصين في مجال التنمية الاقتصادية، وذلك يتوافق مع رؤية الصندوق التي تهدف إلى رفع أداء الصناديق والبنوك التنموية في المملكة.
ويحظى «جروف» بخبرة تتجاوز 30 عاما في مجال التنمية الاقتصادية والأسواق الناشئة، حيث شغل منصب نائب رئيس بنك التنمية الآسيوي، وعمل مسؤولاً عن العمليات التشغيلية للبنك في شرق وجنوب شرقي آسيا ومنطقة المحيط الهادي. كما شغل منصب نائب مدير دائرة التعاون الإنمائي لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. وقد تم إنشاء صندوق التنمية الوطني في العام 2017. حيث يرتبط تنظيمياً برئيس مجلس الوزراء، ويعمل على تحقيق التكامل والتنسيق بين الصناديق والبنوك التنموية والإشراف عليها ومراقبة أدائها، وضمان تناغم منظومتها مع أهداف رؤية المملكة 2030.


مقالات ذات صلة

«السيادي» السعودي يُكمل الاستحواذ على 15 % من مطار هيثرو

الاقتصاد صندوق الاستثمارات العامة السعودي يهدف لدعم تحقيق النمو المستدام في مطار هيثرو (أ.ب)

«السيادي» السعودي يُكمل الاستحواذ على 15 % من مطار هيثرو

أكمل صندوق الاستثمارات العامة السعودي الاستحواذ على حصة تُقارب 15 % في «إف جي بي توبكو»، الشركة القابضة لمطار هيثرو من «فيروفيال إس إي»، ومساهمين آخرين.

«الشرق الأوسط» (الرياض) «الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد إريك ترمب يتحدث خلال مقابلة مع «رويترز» في أبو ظبي (رويترز)

إريك ترمب: نخطط لبناء برج في الرياض بالشراكة مع «دار غلوبال»

قال إريك ترمب، نجل الرئيس الأميركي المنتخب، لـ«رويترز»، الخميس، إن منظمة «ترمب» تخطط لبناء برج في العاصمة السعودية الرياض.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جانب من فعاليات النسخة السابقة من المؤتمر في الرياض (واس)

السعودية تشهد انطلاق مؤتمر سلاسل الإمداد الأحد

تشهد السعودية انطلاق النسخة السادسة من مؤتمر سلاسل الإمداد، يوم الأحد المقبل، برعاية وزير النقل والخدمات اللوجيستية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد صورة تجمع المسؤولين السعوديين واليابانيين خلال إطلاق صندوق مؤشرات متداولة وإدراجه في بورصة طوكيو (الشرق الأوسط)

«الاستثمارات العامة السعودي» يستثمر بأكبر صندوق في بورصة طوكيو

أعلنت مجموعة «ميزوهو» المالية، الخميس، إطلاق صندوق مؤشرات متداولة، وإدراجه في بورصة طوكيو.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

قبل أكثر من مائة عام، بدأت رحلة السعودية ذات المناخ الصحراوي والجاف مع تحلية المياه بآلة «الكنداسة» على شواطئ جدة (غرب المملكة).

عبير حمدي (الرياض)

الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
TT

الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)

على مدار الأسبوعين الماضيين، اجتمع قادة الدول والمنظمات الدولية، والمستثمرون، والقطاع الخاص، في العاصمة السعودية الرياض، لمناقشة قضايا المناخ، والتصحر، وتدهور الأراضي، وندرة المياه، وسط «مزاج جيد ونيات حسنة»، وفق الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر إبراهيم ثياو، خلال مؤتمر صحافي عُقد مساء الخميس.

وجرى جمع 12 مليار دولار تعهدات تمويل من المنظمات الدولية الكبرى. وفي المقابل، تُقدَّر الاستثمارات المطلوبة لتحقيق أهداف مكافحة التصحر وتدهور الأراضي بين 2025 و2030 بنحو 355 مليار دولار سنوياً، مما يعني أن هناك فجوة تمويلية ضخمة تُقدَّر بـ278 مليار دولار سنوياً، وهو ما يشكل عقبة كبيرة أمام تحقيق الأهداف البيئية المطلوبة.

وحتى كتابة هذا الخبر، كانت المفاوضات لا تزال جارية. وكان من المرتقب إعلان النتائج في مؤتمر صحافي عصر اليوم، إلا أنه أُلغي، و«تقرَّر إصدار بيان صحافي يوضح نتائج المؤتمر فور انتهاء الاجتماع، وذلك بدلاً من عقد المؤتمر الصحافي الذي كان مخططاً له في السابق»، وفق ما أرسلته الأمم المتحدة لممثلي وسائل الإعلام عبر البريد الإلكتروني.

التمويل

وقد تعهدت «مجموعة التنسيق العربية» بـ10 مليارات دولار، في حين قدَّم كل من «صندوق أوبك» و«البنك الإسلامي للتنمية» مليار دولار، ليصبح بذلك إجمالي التمويل 12 مليار دولار، وهو ما جرى الإعلان عنه يوم الخميس.

وكانت السعودية قد أطلقت، في أول أيام المؤتمر، «شراكة الرياض العالمية للتصدي للجفاف»، بتخصيص 150 مليون دولار على مدى السنوات العشر المقبلة.

وأشار تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إلى وجود فجوة تمويلية تبلغ 278 مليار دولار سنوياً، تهدد قدرة الدول على تحقيق أهداف مكافحة هذه الظواهر بحلول عام 2030، ما يشكل عقبة أمام استعادة الأراضي المتدهورة التي تُقدَّر مساحتها بمليار هكتار.

وتبلغ الاستثمارات المطلوبة لتحقيق هذه الأهداف بين 2025 و2030، نحو 355 مليار دولار سنوياً، في حين أن الاستثمارات المتوقعة لا تتجاوز 77 ملياراً، مما يترك فجوة تمويلية ضخمة تصل إلى 278 مليار دولار، وفق تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، الذي أصدرته في اليوم الثاني من المؤتمر. وفي وقت تواجه الأرض تحديات بيئية تتعلق بتدهور الأراضي والتصحر، إذ أشارت التقارير التي جرى استعراضها، خلال المؤتمر، إلى أن 40 في المائة من أراضي العالم تعرضت للتدهور، مما يؤثر على نصف سكان العالم ويتسبب في عواقب وخيمة على المناخ والتنوع البيولوجي وسُبل العيش.

وفي الوقت نفسه، يفقد العالم أراضيه الخصبة بمعدلات مثيرة للقلق، وزادت حالات الجفاف بنسبة 29 في المائة منذ عام 2000، متأثرة بالتغير المناخي، وسوء إدارة الأراضي، مما أدى إلى معاناة ربع سكان العالم من موجات الجفاف، ومن المتوقع أن يواجه ثلاثة من كل أربعة أشخاص في العالم ندرة كبيرة في المياه بحلول عام 2050، وفقاً لبيانات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر. وقد ارتفع الجفاف الحاد بنسبة 233 في المائة خلال خمسين عاماً، وفق آخِر تقارير «البنك الدولي».

وفي ظل هذه الظروف، جاء مؤتمر الرياض «كوب 16» لمناقشة أهمية التعاون الدولي والاستجابة الفعّالة لمجابهة هذه التحديات، وليسلّط الضوء على ضرورة استعادة 1.5 مليار هكتار من الأراضي بحلول عام 2030 لتحقيق الاستدامة البيئية.

يُذكر أن «مؤتمر كوب 16» هو الأول من نوعه الذي يُعقَد في منطقة الشرق الأوسط، وأكبر مؤتمر متعدد الأطراف تستضيفه المملكة على الإطلاق. وصادف انعقاده الذكرى الثلاثين لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إحدى المعاهدات البيئية الثلاث الرئيسية المعروفة باسم «اتفاقيات ريو»، إلى جانب تغير المناخ والتنوع البيولوجي.