ليبيا: تصاعد الصراع على النفط.. والبرلمان السابق يزعم اعتراف الأمم المتحدة به

(«الشرق الأوسط») تحصل على تفاصيل جديدة عن محاولة استهداف اجتماع رئيس الحكومة مع المبعوث الدولي

ممثلون في مكان افتراضي يحاكي سوقا شعبية  في مدينة تخيلية للتدريب والإستعداد لأي تهديد أمني في ليبيا (أ.ب)
ممثلون في مكان افتراضي يحاكي سوقا شعبية في مدينة تخيلية للتدريب والإستعداد لأي تهديد أمني في ليبيا (أ.ب)
TT

ليبيا: تصاعد الصراع على النفط.. والبرلمان السابق يزعم اعتراف الأمم المتحدة به

ممثلون في مكان افتراضي يحاكي سوقا شعبية  في مدينة تخيلية للتدريب والإستعداد لأي تهديد أمني في ليبيا (أ.ب)
ممثلون في مكان افتراضي يحاكي سوقا شعبية في مدينة تخيلية للتدريب والإستعداد لأي تهديد أمني في ليبيا (أ.ب)

حصلت «الشرق الأوسط» على تفاصيل جديدة غير معلنة في محاولة استهداف اجتماع رئيس الحكومة الانتقالية في ليبيا عبد الله الثني يوم الأحد الماضي مع برناردينو ليون رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في مدينة شحات شمال شرقي ليبيا.
ولمح مسؤول ليبي لـ«الشرق الأوسط» في تصريحات خاصة، إلى تورط عمر الحاسي رئيس ما يسمى بحكومة الإنقاذ الوطني التي تهيمن على العاصمة طرابلس والمدعومة من جماعة الإخوان المسلمين والمؤتمر الوطني العام (البرلمان السابق والمنتهية ولايته)، في هذه المحاولة التي تمت بتفجير سيارتين على مقربة من مكان الاجتماع.
وقال المسؤول الذي طلب عدم تعريفه بعد القبض على المجموعة التي فجرت السيارات في شحات اتضح أن أحدهم هو ابن شقيق عمر الحاسي.
لكن نفس المسؤول لم يستبعد حصول المتورطين في العملية على معلومات من خلال التنصت على هواتف كبار المسؤولين الحكوميين في ليبيا أو بعض أعضاء البعثة الدولية.
وتابع «أستبعد حدوث تسريبات داخل مكتب الثني حول مكان وموعد الاجتماع الذي لم يكن سرا لأنه ترتيب سابق وممكن معرفته من خارج الحكومة، لكن من الوارد حدوث تنصت، وهذا أمر وارد».
وأعلنت وزارة الداخلية الليبية اعتقال منفذي الهجوم، ولفتت إلى أن التحقيقات الأولية أكدت ارتباطهم بالجماعات الإرهابية في مدينة درنة المعقل الرئيسي للمتطرفين في شرق البلاد والتي تقع على بعد 70 كيلومترا شرق شحات.
وكشف المسؤول الليبي لـ«الشرق الأوسط» النقاب عن أن تفجيرات شحات تم إعدادها بإتقان ودقة متناهية، مشيرا إلى أن هناك محاولة أخرى لم تعلن السلطات الليبية عنها تمت فجر الأحد الماضي قبل ساعات من اجتماع الثني مع المبعوث الأممي لتفجير مقر الحكومة المؤقت في مدينة البيضاء.
وأضاف «الحكومة لديها مقر مؤقت في البيضاء وجزء منها في شحات، وفجر الأحد وضعت عبوة ناسفة على سور المبنى في البيضاء ولم تحصل أضرار ولكن تحطم زجاج النوافذ».
ومضى إلى القول «بالتالي تم نقل مكان الاجتماع مع ليون إلى شحات، وهذا مدبر لوضع السيارات المفخخة هناك، وتم الانفجار الأول بعد أكثر من ساعة من بدء الاجتماع وبعد دقائق حدث الانفجار الثاني، التنسيق بين فجر ليبيا والإرهابيين في الشرق واضح».
ووسط تضارب حول مهمته، أعلن برناردينو ليون رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا أنه التقى أمس نوري أبو سهمين رئيس المؤتمر الوطني العام (البرلمان السابق والمنتهية ولايته) في العاصمة طرابلس، في إطار جهود الأمم المتحدة لعقد حوار شامل من أجل التوصل إلى اتفاق سياسي حول إدارة ما تبقى من المرحلة الانتقالية من كل جوانبها.
لكن نائب أبو سهمين صالح المخزوم قال في المقابل إن «البعثة قد زارت المؤتمر للتواصل معه باعتباره السلطة التشريعية بموجب الإعلان الدستوري الذي أكده الحكم الصادر عن المحكمة الدستورية العليا الأسبوع الماضي»، وزعم أن البعثة قد أكدت خلال لقائها برئيس المؤتمر أنها تحترم هذا الحكم.
كما ادعى المخزوم في بيان بثه الموقع الرسمي للمؤتمر على شبكة الإنترنيت، أن «بعثة الأمم المتحدة ستتقدم بحوار وطني خلال الأيام القادمة تحدد فيه الأطراف المشاركة بحيث يكون حوارا شاملا ليساعد إلى المرور إلى المرحلة الدائمة وهي مرحلة الدستور».
وأضاف «ووفقا لبعثة الأمم المتحدة فإن الأطراف المشاركة في الحوار ستتغير وأن الحوار نفسه سيكون مختلفا عن الحوار السابق في غدامس وأن البعثة ستعرض خلال الأيام القادمة رؤية شاملة للحوار والأطراف المشاركة فيه».
وقال المخزوم إن «المؤتمر الوطني يرحب بالحوار ولا يرى مانعا من أن يكون الحوار بإشراف الأمم المتحدة وبرعاية دولية حتى يكون مرضيا لجميع الأطراف».
وكان ليون حسبما أعلن قد شرع منذ يوم الأحد الماضي في مهمة أخرى في ليبيا لمواصلة المشاورات مع الأطراف المعنية الليبية بشأن سبل المضي قدما وكيفية إعادة عملية التحول السياسي إلى مسارها الصحيح.
والتقى ليون مع الدكتور علي الترهوني، رئيس الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور، كما التقى أيضا بعبد الله الثني، رئيس الوزراء، قبل أن ينتقل إلى العاصمة طرابلس.
وقال ليون إن «الأمم المتحدة تلتزم الحياد في عملها وترغب في إيجاد أفضل الحلول لليبيين، غير أنه على الليبيين أنفسهم التوصل إلى هذه الحلول»، مضيفا «ونحن سوف نساعد بكل الطرق الممكنة. وسوف يكون عملنا مبنيا دائما على الاحترام التام لسيادة ليبيا ووحدتها الوطنية وسلامة أراضيها».
وتابع «ستواصل البعثة جهودها أيضا لمساعدة الليبيين على تجاوز التحديات التي تواجه عملية التحول الديمقراطي وبناء دولة حديثة ذات مؤسسات قوية قائمة على احترام حقوق الإنسان وسيادة القانون».
وفى أول تعليق مباشر له على تفجيرات شحات التي استهدفت مبنى كان يجتمع فيه مع رئيس الحكومة، قال «للأسف توقف اجتماعنا بسبب انفجارين قريبين من المكان، لم يصب أحد من أي من الوفدين بأذى، إنني أدين بشدة هذا العمل الجبان».
وأضاف «ليس لي أن أحكم على الدافع أو الهدف من وراء الهجوم، ولكن يمكنني أن أؤكد للجميع أنه لن يكون لمثل هذا الهجوم أي أثر على عملنا بأي شكل من الأشكال.
من جهة أخرى، أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط اعتزامها استئناف الإنتاج من حقلي نفط الشرارة والفيل اليوم، وفقا لوكالة الأنباء المحلية، التي نقلت عن الناطق باسم المؤسسة قوله إن العمل في الحقلين وهما أكبر حقول النفط ويمثل إنتاجهما نحو 45 في المائة من إجمالي إنتاج ليبيا النفطي، سيبدأ بمجرد اكتمال عودة أطقم العمال إليهما.



الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
TT

الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)

بالتزامن مع تحذيرها من تفاقم الأزمة الإنسانية، ووصول أعداد المحتاجين للمساعدات العاجلة إلى أكثر من 19 مليون شخص، أطلقت الأمم المتحدة وشركاؤها خطة الاستجابة للاحتياجات الإنسانية في اليمن للعام الحالي لمساعدة أكثر من 10 ملايين محتاج.

ويأتي ذلك في ظل تراجع حاد للعملة اليمنية، إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، بعد تجاوز سعر الدولار 2160 ريالاً في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، التي عجزت عن سداد رواتب الموظفين منذ 4 أشهر، بعد أكثر من عامين من تسبب الجماعة الحوثية في توقف تصدير النفط، واشتداد أزمات الخدمات العامة، وانقطاع الكهرباء في عدن حيث العاصمة المؤقتة للبلاد لأكثر من نصف اليوم.

ودعت الأمم المتحدة المجتمع الدولي والمانحين إلى توفير مبلغ 2.47 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية لليمن للعام الحالي، لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة لأكثر من 19.5 مليون شخص.

وجاءت الدعوة على لسان جوليان هارنيس، منسق الشؤون الإنسانية في اليمن، الذي طالب بتقديم الدعم اللازم لضمان الوصول إلى الفئات الأكثر ضعفاً وتقديم المساعدات المنقذة للحياة لـ10.5 مليون شخص، مشيراً إلى أن الجهود السابقة خلال العام الماضي، شملت أكثر من 8 ملايين شخص بدعم تجاوز 1.4 مليار دولار.

نصف الأطفال اليمنيين يعانون من سوء تغذية وتعدّ النساء والفتيات من الفئات الأكثر ضعفاً (الأمم المتحدة)

وشدَّد هاريس على أن الاحتياجات خلال العام الحالي تتطلب استجابة أوسع وأكثر شمولية لتحقيق الاستقرار وبناء قدرة المجتمعات على الصمود، منوهاً بأن تدهور الأوضاع الاقتصادية، والظروف المناخية القاسية، والتطورات العسكرية الإقليمية أسهمت في مضاعفة الاحتياجات الإنسانية.

ويواجه نصف السكان تقريباً انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، ويعيش أكثر من 13 مليون شخص في ظل نقص حاد في مياه الشرب النظيفة، بينما تعمل 40 في المائة من المرافق الصحية بشكل جزئي أو لا تعمل.

وكانت الأمم المتحدة طالبت العام الماضي بـ2.7 مليار دولار لخطة الاستجابة الإنسانية، لكنها لم تحصل سوى على تعهدات ضئيلة، ما تسبب في عجز كبير في تلبية احتياجات المستهدفين.

تناقض الاحتياجات والمطالب

ويؤكد جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أرقام الاحتياجات الإنسانية التي تعلن عنها الأمم المتحدة ووكالاتها والمنظمات الدولية، لكنه يشير إلى التناقض بين ما تعلن عنه من احتياجات ومساعيها للحصول على تمويل لتلبية تلك الاحتياجات، إلى جانب عدم قدرتها على الوصول إلى المستهدفين بسبب نقص المعلومات والبيانات، بالإضافة إلى التغيرات الديموغرافية الحاصلة بفعل النزوح.

استمرار الصراع ترك اليمنيين في حالة احتياج دائم للمساعدات (الأمم المتحدة)

وفي تصريحه لـ«الشرق الأوسط» أعرب بلفقيه عن مخاوفه من عدم إمكانية الحصول على المبالغ المطلوبة لصالح الاستجابة الإنسانية بسبب سوء الترويج للأزمة الإنسانية في اليمن لدى المانحين، لافتاً إلى أن طرق تعامل المنظمات الدولية والأممية في الإغاثة لم تتغير منذ عام 2015، رغم فشلها في تلبية احتياجات اليمنيين، وإنهاء الأزمة الإنسانية أو الحد منها.

وقبيل إطلاقها خطة الاستجابة الإنسانية للعام الحالي، حذّرت الأمم المتحدة، من اشتداد الأزمة الإنسانية في اليمن، بعد تجاوز أعداد المحتاجين إلى مساعدات إنسانية هذا العام 19.5 مليون شخص، بزيادة قدرها 1.3 مليون شخص مقارنة بالعام الماضي، مبدية قلقها على الأطفال الذين يعانون من سوء تغذية، وعلى الفئات الأكثر تهميشاً من بينهم، مثل النساء والفتيات والنازحين البالغ عددهم 4.8 مليون شخص.

وقالت نائبة رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، جويس مسويا، أمام مجلس الأمن الدولي إنّ اليمنيين ما زالوا يواجهون أزمة خطرة على الصعيدين الإنساني وحماية المدنيين، مشيرة إلى أن تقديرات النداء الإنساني للعام الحالي الذي يجري إعداده، كشفت عن تفاقم الأزمة.

وباء الكوليرا عاد للتفشي في اليمن بالتزامن مع ضعف القطاع الصحي (رويترز)

ووفق حديث مسويا، فإنّ نحو 17 مليون يمني، أي ما يقدر بنصف سكان البلاد، لا يستطيعون تلبية احتياجاتهم الغذائية الأساسية، وما يقرب من نصف الأطفال دون سنّ الخامسة يعانون من تأخر خَطرٍ في النمو بسبب سوء التغذية، مع انتشار مروّع لوباء الكوليرا، بينما يعاني النظام الصحي من ضغوط شديدة.

انهيار العملة

وواصلت العملة اليمنية تراجعها إلى أدنى المستويات، وتجاوز سعر العملات الأجنبية المتداولة في البلاد 2160 ريالاً للدولار الواحد، و565 ريالاً أمام الريال السعودي، بعد أن ظلت تتراجع منذ منتصف العام الماضي، وهي الفترة التي شهدت تراجع الحكومة اليمنية عن قراراتها بفرض حصار على البنوك التجارية المتواطئة مع الجماعة الحوثية.

ويرجع الخبراء الاقتصاديون اليمنيون هذا الانهيار المتواصل للعملة إلى الممارسات الحوثية ضد الأنشطة الاقتصادية الحكومية، مثل الاعتداء على مواني تصدير النفط الخام ومنع تصديره، وإجبار الشركات التجارية على الاستيراد عبر ميناء الحديدة الخاضع للجماعة، إلى جانب المضاربة غير المشروعة بالعملة، وسياسات الإنفاق الحكومية غير المضبوطة وتفشي الفساد.

العملة اليمنية واصلت تدهورها الحاد خلال الأشهر الستة الماضية (رويترز)

ويقدر الباحث الاقتصادي اليمني فارس النجار الفجوة التمويلية لأعمال الإغاثة والاستجابة الإنسانية، بأكثر من 3 مليارات دولار، ويقول إن تراكمات هذا العجز خلال السنوات الماضية أوصل نسبة تغطية الاحتياجات الإنسانية في البلاد إلى 52 في المائة.

ولمح النجار في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى تضرر الاقتصاد اليمني بفعل أزمة البحر الأحمر وما سببته من تحول طرق التجارة العالمية أو ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين، مع عدم بروز إمكانية لتحسن اقتصادي دون توقف الجماعة الحوثية عن ممارساتها أو إلزامها بالكف عنها، بالتوازي مع إجراءات داخلية لتحسين الإيرادات.

استهداف الحوثيين للسفن التجارية في البحر الأحمر ضاعف من تدهور الاقتصاد اليمني (أ.ف.ب)

وحثّ النجار الحكومة اليمنية على اتباع سياسات تزيد من كفاءة تحصيل الإيرادات المحلية، وتخفيف فاتورة الاستيراد، ومن ذلك تشجيع الأنشطة الزراعية والسمكية وتوفير فرص عمل جديدة في هذين القطاعين اللذين يشكلان ما نسبته 30 في المائة من حجم القوى العاملة في الريف، وتشجيع زراعة عدد من المحاصيل الضرورية.

يشار إلى أن انهيار العملة المحلية وعجز الحكومة عن توفير الموارد تسبب في توقف رواتب الموظفين العموميين منذ 4 أشهر، إلى جانب توقف كثير من الخدمات العامة الضرورية، ومن ذلك انقطاع الكهرباء في العاصمة المؤقتة عدن لمدد متفاوتة تصل إلى 14 ساعة يومياً.