منذ بداية الإعلان عن أزمة فيروس كورونا العالمية، وضعت السعودية أول قراراتها للتصدي لها، والتي وصلت حتى يومنا هذا إلى أكثر 120 قرارا في شتى المجالات، كان من آخرها منع التجول المؤقت وتعليق السفر داخل المملكة، إضافة إلى عمليات التقصي الوبائي التي قادت إلى رصد استباقي للحالات قبل ظهور أعراضها.
رغم تجاوز أعداد المصابين بفيروس كورونا «كوفيد - 19» في السعودية ألف حالة، فإنه عند ملاحظة أسبابها فالغالبية من القادمين من خارج السعودية، الذين تم نقلهم مباشرة من المطار إلى فنادق مخصصة كمحاجر صحية، أو من المخالطين الذين تم رصدهم ووضعهم في العزل قبل ظهور الأعراض.
كانت القرارات في بداية الأمر تسعى إلى إجلاء المواطنين العالقين في المناطق الموبوءة وتعليق الرحلات الدولية مع الدول الأكثر تأثرا بالوباء. لكن مع تمدد الفيروس إلى دول لم تكن موبوءة، وقدوم أشخاص إلى المملكة لم يفصحوا عن أماكن وجودهم، دفعت السعودية إلى تعليق استقبال الطائرات وإغلاق أبوابها حتى لا تصبح منفذاً للفيروس.
- جاهزية قبل الرصد
عند بداية الإعلان عن تفشي فيروس جديد من الصين، استعدّت الجهات الصحية السعودية بتجهيز المستشفيات ووضع خطط وسيناريوهات لأي مفاجأة تطرأ، وهو ما حدث بالفعل، حيث تم تخصيص قبل رصد الحالات في السعودية 25 مستشفى للتعامل مع أي حالات إصابة قد تظهر مستقبلاً، إضافة إلى تجهيز 80 ألف سرير. بجانب ذلك، كانت الكوادر الطبية في السعودية جاهزة ومدربة للتعامل مع الفيروس.
ولم تكن الجاهزية للمستشفيات فقط، حيث كانت غيرها من المراكز والإدارات الصحية الرقابية والإشرافية مستنفرة، تحسباً لأي حالة ترصد، ومن هذه المراكز «المركز الوطني لإدارة الأزمات والكوارث الصحية» الذي بجانب عمله يتنبأ بالأزمات والكوارث قبل حدوثها، لضمان جاهزيتها وليوفر الإمدادات لها، إضافة إلى مراكز أخرى مثل «وقاية»، وغيرها.
- قرارات متتالية
منذ أواخر يناير (كانون الثاني) الماضي، بدأت السعودية تلاحظ خطورة الفيروس، الأمر الذي جعلها تشدد من إجراءاتها الوقائية، ويوماً بعد يوم تظهر قرارات جديدة متتابعة، وصلت حتى يومنا هذا إلى أكثر من 120 قرارا، كانت في بدايتها تنبيها من وزارة الصحة بأخذ الاحتياطات الصحية للمواطنين للسفر إلى الصين، ثم توالت القرارات من مختلف الجهات مثل تعليق الرحلات الدولية مع الدول الموبوءة إلى أن وصلت إلى تعليق جميع الرحلات بعد أن صار «كورونا» جائحة عالمية وإغلاق المنافذ كافة.
كما جاء ضمن القرارات، وقف تصدير المنتجات الطبية، مثل الأقنعة والألبسة الطبية والمحاليل وغيرها، وأخيراً قرارات منع التجول الجزئي. وكانت غالبية القرارات تنتهي بعبارة «حتى إشعار آخر» ليصف البعض هذه المرحلة بأنها مرحلة «حتى إشعار آخر»، وهي حقيقة ما يحدث من توقف في مناشط الحياة في السعودية لمنع أي تفش للفيروس.
- محاجر صحية
كانت الجهات الصحية السعودية على يقين أن المنافذ الجوية والبرية هي بوابة دخول الفيروس، لذا وزعت كوادرها الطبية على المنافذ قبل إغلاقها للكشف على المسافرين القادمين من خارج السعودية الذين تجاوزت أعدادهم 600 ألف شخص، لكن سرعان ما أغلقت السعودية المنافذ البرية، وتركت الجوية مؤقتاً، لاستقبال العائدين من السفر.
وتم تخصيص عشرات الفنادق كمحاجر صحية للقادمين من خارج السعودية، حيث وضعتهم في هذه الفنادق لمدة 14 يوما، وهي فترة حضانة الفيروس، مع عناية وتقديم جميع الاحتياجات للشخص، وبعد مرور 14 يوما إن لم تظهر أعراض عليه وجاءت نتائج الفحص سليمة، يتم إخراجه. هذه المحاجر أثبتت فاعليتها في منع تفشي الفيروس، حيث تم التأكد من عدد من الحالات التي تم تسجيلها، من وجود مسافرين حاملين للفيروس ولم تظهر عليهم الأعراض حينها، إلا أن المحاجر كانت حاجزاً لمنع تفشي الفيروس إلى أسرهم والمجتمع.
- تقصٍّ وبائي
كان بعض العائدين إلى السعودية حاملاً للفيروس ودخل المملكة دون الإفصاح عن أماكن وجوده، الأمر الذي تسبب في انتشار الفيروس في محيطه، وهو ما قاد الجهات الصحية السعودية إلى إجراء عمليات تقص وبائي للمخالطين، وهي كما يصفها وزير الصحة السعودي الدكتور توفيق الربيعة «استخبارات صحية»، حيث إنه تم بعد عزل المخالطين بأيام تأكيد إصابة العديد منهم بالفيروس.