وداعاً للقبلات وأهلاً بـ«ناماستي» في زمن «كورونا»

الرئيس الفرنسي ماكرون وزوجته لدى استقبالهما العاهل الإسباني الملك فيليب السادس وزوجته الملكة ليتيزيا في قصر الإليزيه بباريس في 11 مارس الجاري (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي ماكرون وزوجته لدى استقبالهما العاهل الإسباني الملك فيليب السادس وزوجته الملكة ليتيزيا في قصر الإليزيه بباريس في 11 مارس الجاري (أ.ف.ب)
TT

وداعاً للقبلات وأهلاً بـ«ناماستي» في زمن «كورونا»

الرئيس الفرنسي ماكرون وزوجته لدى استقبالهما العاهل الإسباني الملك فيليب السادس وزوجته الملكة ليتيزيا في قصر الإليزيه بباريس في 11 مارس الجاري (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي ماكرون وزوجته لدى استقبالهما العاهل الإسباني الملك فيليب السادس وزوجته الملكة ليتيزيا في قصر الإليزيه بباريس في 11 مارس الجاري (أ.ف.ب)

مع تفشي وباء فيروس كورونا في جميع أنحاء العالم، يحرص ملايين الأشخاص حالياً على تجنب المصافحة بالأيدي والقبلات، وسيلةً لإلقاء التحية، خوفاً من الإصابة بالفيروس الخطير، وفي خضم بحث العالم عن بدائل سريعة للتحية التقليدية الشائعة، انحاز عدد من رؤساء العالم إلى التحية الهندية المعروفة باسم «ناماستي»، وتتضمن ضم الكفين معاً مع انحناءة بسيطة للرأس، وسيلة للتحية من دون تلامس.
من بين أبرز من ظهروا خلال الأسابيع الأخيرة وهم يقدمون تحية «ناماستي» أمام ضيوفهم، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وذلك لدى استقباله ملك إسبانيا وقرينته في قصر الإليزيه، حسبما أبرزت صحيفة «إنديا توداي» الهندية أخيراً. وحاز هذا الأمر اهتمام وسائل إعلام هندية أخرى، من بينها موقع «نيوز فايبس أوف إنديا»، الذي أشار إلى «أن السفير الفرنسي لدى الهند، إيمانويل لينان، لم يسمح لهذا الأمر أن يمر مرور الكرام، ونشر تغريدة على موقع «تويتر»، علق بها على هذا التحول بقوله: «قرر الرئيس ماكرون تحية جميع نظرائه بـ(ناماستي)، في لمحة لطيفة ظل محتفظاً بها من زيارته للهند عام 2018».
الرئيس الأميركي دونالد ترمب، اعتمد كذلك التحية الهندية التقليدية، عندما استقبل رئيس الوزراء الآيرلندي، ليو فارادكار، في واشنطن، الشهر الحالي، إذ أدى الزعيمان «الناماستي» أمام حشد من الإعلاميين، وفق صحيفة «إنديا توداي».
وأضافت الصحيفة الهندية، أنه في تعليقه على ذلك، شرح ترمب قائلاً: «عدت لتوي من الهند، ولم أصافح يداً هناك، كان الأمر سهلاً للغاية، لأنه يسير على هذا النحو. وكذلك الحال في اليابان. إنهم سابقون لغيرهم»، وذلك في إشارة إلى التحية اليابانية التقليدية «أوجيكي» التي تشبه «ناماستي» إلى حد كبير.
من أبرز الشخصيات العالمية الأخرى التي لجأت إلى «ناماستي»، هرباً من شبح «كورونا»، ولي العهد البريطاني الأمير تشارلز، أمير ويلز، الذي لفت الأنظار بحرصه على أداء تحية «ناماستي» أمام الضيوف أثناء احتفالية «الكومنولث» في قصر ويستمنستر في مارس (آذار) الحالي، ومع ذلك، فإنه في غضون أيام قلائل، صُدم العالم بنبأ إصابة الأمير تشارلز (71 عاماً) بفيروس كورونا.
ولم تغب هذه المفارقة الصارخة عن أنظار الخبيرة المعنية بالشؤون الملكية، كاميلا توميني، التي أعربت خلال تصريحات لصحيفة «إكسبريس» البريطانية أخيراً عن «صدمتها» من أن يصاب الأمير تشارلز بالفيروس، بعد تقديمه تحية «ناماستي» لضيوفه.
«ناماستي» تحية هندية تقليدية تسود أوساط الهندوس على وجه التحديد، وهذا الاسم تعبير «سنسكريتي» يتألف من كلمتين، ويعني «أنا أنحني لك توقيراً». وتكمن ميزتها في الوقت الراهن في أنها تسمح للأفراد بتحية بعضهم البعض على النحو اللائق، مع الحفاظ على مسافة بينهما، ورفع حرج التلامس الذي قد يحمل معه مخاطر صحية مميتة. ويقصد من هذه التحية إظهار الاحترام، ويجري تقديمها أمام جميع الفئات التي يلتقيها المرء، من كبار وصغار، ومعارف وغرباء.
من جانبه، أبدى رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، حماساً واضحاً لـ«ناماستي»، وتفاخر أمام مواطنيه، في كلمة ألقاها مطلع الشهر الحالي، بأن العالم بأسره بدأ في التحول نحو «ناماستي»، ونصحهم بأنه لو أن الهنود لسبب ما توقفوا عن هذه العادة، فإن الوقت قد حان للعودة إليها، تبعاً لما أفاده الموقع الإلكتروني لقناة «إنديا تي في».
وتجلى حماس مودي لهذه التحية التقليدية بإعلانه في 25 مارس، حسب صحيفة «إكونوميك تايمز»، عن رقم هاتف يمكن للهنود مراسلته عبر تطبيق «واتساب» للتعرف على معلومات ونصائح بخصوص فيروس كورونا. أما الكلمة التي يتعين على الراغب في الحصول على هذه الخدمة كتابتها في رسالته فهي: «ناماستي»!
وشاركه حماسه عدد من كبار نجوم «بوليوود»؛ حثوا متابعيهم عبر شبكات التواصل الاجتماعي على التزام «ناماستي»، عوضاً عن المصافحة، منهم النجمة بريانكا شوبرا التي نشرت فيديو عبر «إنستغرام» يوضح كيف أنها مالت دوماً لهذا النمط من المصافحة، وكتبت أسفل المقطع: «الأمر كله يدور حول (ناماستي)، ذلك الأسلوب القديم والجديد في آن واحد لتحية الناس في زمن التغيير حول العالم».


مقالات ذات صلة

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا الطبيب البريطاني توماس كوان (رويترز)

سجن طبيب بريطاني 31 عاماً لمحاولته قتل صديق والدته بلقاح كوفيد مزيف

حكم على طبيب بريطاني بالسجن لأكثر من 31 عاماً بتهمة التخطيط لقتل صديق والدته بلقاح مزيف لكوفيد - 19.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد السعودية تصدرت قائمة دول «العشرين» في أعداد الزوار الدوليين بـ 73 % (واس)

السعودية الـ12 عالمياً في إنفاق السياح الدوليين

واصلت السعودية ريادتها العالمية بقطاع السياحة؛ إذ صعدت 15 مركزاً ضمن ترتيب الدول في إنفاق السيّاح الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك تم تسجيل إصابات طويلة بـ«كوفيد- 19» لدى أشخاص مناعتهم كانت غير قادرة على محاربة الفيروس بشكل كافٍ (رويترز)

قرار يمنع وزارة الصحة في ولاية إيداهو الأميركية من تقديم لقاح «كوفيد»

قرر قسم الصحة العامة الإقليمي في ولاية إيداهو الأميركية، بأغلبية ضئيلة، التوقف عن تقديم لقاحات فيروس «كوفيد-19» للسكان في ست مقاطعات.

«الشرق الأوسط» (أيداهو)
أوروبا أحد العاملين في المجال الطبي يحمل جرعة من لقاح «كورونا» في نيويورك (أ.ب)

انتشر في 29 دولة... ماذا نعرف عن متحوّر «كورونا» الجديد «XEC»؟

اكتشف خبراء الصحة في المملكة المتحدة سلالة جديدة من فيروس «كورونا» المستجد، تُعرف باسم «إكس إي سي»، وذلك استعداداً لفصل الشتاء، حيث تميل الحالات إلى الزيادة.

يسرا سلامة (القاهرة)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».