ما هو الوقت المناسب للحديث عن التحرش؟

نصائح للآباء لتوعية أطفالهم مبكراً

ما هو الوقت المناسب للحديث عن التحرش؟
TT

ما هو الوقت المناسب للحديث عن التحرش؟

ما هو الوقت المناسب للحديث عن التحرش؟

لا شك أن حادثة الاعتداء الجنسي sexual abuse على وجه التحديد، أو حتى مجرد التحرش بالأطفال، تعدّ واحدة من أكثر التجارب السيئة التى يمكن أن يتعرض لها الطفل وتترك أثراً شديد السلبية على نفسيته ربما يلازمه طوال حياته وتفقده الثقة في نفسه وفي الآخرين. وهذا ما يترك بصمة دائمة على شخصية الطفل، إذ يمكن أن تكون على طرفي نقيض، بمعنى أن الطفل يمكن أن يصبح خاضعاً تماماً أو يتميز بالعدوانية الشديدة كنوع من رد الفعل على الاعتداء الذي حدث له في مقتبل حياته.
ولذلك يرى الأطباء النفسيون ضرورة التوعية بهذه المشكلة منذ البداية. والسؤال الذي يتردد في أذهان الآباء: ما التوقيت المناسب لإخبار الطفل لتوعيته مسبقاً بهذا الأمر؟
- توعية الطفل
وقد جاءت الإجابة عن هذا السؤال في البحث الذي قام به أطباء من مستشفى الأطفال التابع لجامعة ميتشيغان بالولايات المتحدة وتم نشره في منتصف شهر مارس (آذار) من العام الجاري. وأوضح التقرير أن الوقت المناسب هو نهاية الطفولة المبكرة وبداية الطفولة المتوسطة أو مرحلة قبل دخول الطفل المدرسة preschool age وبداية من عمر 3 سنوات.
وعلى الرغم من اعتقاد معظم الآباء أن هذه المرحلة يمكن أن تكون مبكرة جداً، فإن الأطباء النفسيين يرون ضرورة أن يتم إخبار الطفل بهذا الأمر قبل أن يدخل في المجتمعات الجديدة بمفرده؛ سواء المدرسة أو النادي أو حتى الاحتكاك بالأقارب. ولا يشترط التحدث عن الموضوع بشكل مفصل، ولكن يمكن أن يبدأ الحديث عن التلامس غير المناسب inappropriate Touching، بحيث يستوعب الطفل المناطق الخاصة في جسمه والمحظور تماماً على الآخرين مجرد لمسها تحت أي ظرف من الظروف أو الأعذار.
ووجد الباحثون في التقرير الذي تم إجراؤه على 1100 من الآباء الأميركيين لأطفال تتراوح أعمارهم بين الثانية والتاسعة من العمر، أن هناك نسبة أقل من 50 في المائة من الآباء للأطفال في مرحلة ما قبل الدراسة هم فقط الذين تحدثوا إلى أطفالهم عن مثل هذه الأمور، بينما كانت النسبة أقل للأطفال في المرحلة الابتدائية، حيث بلغت 30 في المائة فقط، وهو الأمر الذي يعني أن هناك نسبة كبيرة من الأطفال ليس لديهم أي دراية عن طبيعة ما يمكن أن يحدث لهم. وهذا بالطبع أمر خطير خصوصاً حينما نعرف أن هناك فتاة من كل 4 فتيات يتم التحرش بها قبل أن تبلغ عمر 18 عاماً، وهناك طفل ذكر من كل 6 يتم التحرش به أيضاً قبل أن يبلغ العمر ذاته. وقد أوضح التقرير أن الحديث عن التحرش ينبغي أن يكون عدة مرات تبعاً لكل مرحلة عمرية للطفل وبالقدر الذي يمكن له استيعابه.
- نصائح للآباء
وأشار الآباء الذين شملتهم الدراسة إلى أن المبرر لديهم لعدم التحدث مع أطفالهم في مرحلة ما قبل الدراسة أنهم يعدون أن هذه المرحلة العمرية مبكرة جداً للحديث عن التحرش، وأن الطفل ربما لا يكون قادراً على إدراك الموضوع، وكانت نسبة هؤلاء 36 في المائة. وهناك فئة أخرى بلغت نسبتها 21 في المائة كان رأيهم أن الحديث عن ذلك ربما يسبب نوعاً من الصدمة للطفل أو الخوف من الآخرين في مرحلة يحتاج فيها للتواصل مع الآخر. وكانت هناك نسبة بلغت 39 في المائة أفادوا بأن الفرصة لم تسنح للتطرق لمثل هذه المواضيع من قبل. وكذلك أوضح 75 في المائة من الآباء أنهم يحتاجون إلى نصائح متخصصة عن الكيفية التى يمكنهم بها إخبار أطفالهم بالموضوع وأنهم يحتاجون إلى معلومات للحديث مع أطفال في عمر صغير عن موضوع بهذه الحساسية. وعلى الجانب الآخر رأت مجوعة بلغت نسبتها 18 في المائة أنه لا داعي لمثل هذا الحديث من الأساس، حيث إن التحرش بالأطفال شيء نادر الحدوث، ويمكن أن تقوم المدرسة بدور التوعية بدلاً منهم.
ونصح الباحثون الآباء بالبدء بشرح مبسط لأعضاء جسم الإنسان بشكل عام، مستخدمين لغة مباشرة لوصف أجزاء الجسم دون خجل أو استخدام ألفاظ بديلة كنوع من الكناية مع تحديد ما يمكن تسميته الأجزاء الخاصة (private parts)، ويمكن أن يقال للطفل إنها الأجزاء التى تتم تغطيتها بالمايوه على سبيل المثال، وهي التي يجب ألا يقوم بلمسها أي شخص آخر، وفي المقابل يمكن للآباء عمل مقارنة مع الأجزاء التي يمكن لمسها مثل اليد أو الكتف أو الرأس.
كما نصحوا أيضاً بتوعية الأطفال بالفرق بين التلامس المسموح به حتى لا يكون الطفل منطوياً أو منعزلاً اجتماعياً، نتيجة لخوفه الزائد من التفاعل مع الآخرين والتلامس غير اللائق حتى يتمكن الطفل من التعرف على محاولات الاعتداء عليه.
وفي النهاية، أكدت الدراسة ضرورة وجود قنوات اتصال مفتوحة بين الآباء وأبنائهم تمكن الأطفال من إخبار ذويهم عن أي مضايقات أو تلامس غير مرحب به حدث لهم (في الأغلب يستخدم المتحرش جملاً مثل «هذا الأمر سر بيننا ولا تقوم بإخبار أي شخص آخر»)، ولذلك يجب على الآباء توضيح أنه لا وجود للأسرار بينهم وبين الأبناء فيما يخص جسد الطفل.
وأوضحت أن الآباء يجب أن يتعاملوا مع الأمر باهتمام، وأن الأطفال الصغار يمكنهم إدراك الأمر. وتبعاً للإحصائيات، فإن معظم حوادث التحرش حدثت لعدم معرفة الطفل الكافية. وأيضاً يجب على الآباء عدم إجبار الطفل على تقبل أي تلامس مثل احتضان أو تقبيل الأقارب أو الأصدقاء كنوع من الترحيب بهم، خصوصاً أن معظم التحرشات في الطفولة المبكرة في الأغلب تكون من شخص مقرب من الطفل.

- استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

الإفراط في تناول الدهون والسكر قد يدمر الكبد

يوميات الشرق سرطان الكبد من بين السرطانات الأكثر شيوعاً في العالم (جامعة ييل)

الإفراط في تناول الدهون والسكر قد يدمر الكبد

حذّرت دراسة أميركية من أن الإفراط في تناول الدهون والسكريات يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بسرطان الكبد، وذلك من خلال تدمير الحمض النووي في خلايا الكبد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق شاي الكركديه يحتوي على نسبة عالية من مادة «البوليفينول» (غيتي)

مواد طبيعية قد تمنحك خصراً نحيفاً وقلباً صحياً وضغط دم منخفضاً

ثمة كلمة جديدة رائجة في مجال الصحة هي «البوليفينولات»، فبينما ظل العلماء يدرسون المركبات النباتية لسنوات، فقد جذب المصطلح الآن خيال الجمهور لسبب وجيه.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق جانب من تمرين عالي الطاقة في صالة ألعاب رياضية في نيويورك (أرشيفية - رويترز)

«هارد 75»... تحدٍّ جديد يجتاح «تيك توك» مع بداية العام

مع بداية العام الجديد، انتشر تحدٍّ جديد عبر تطبيق «تيك توك» باسم «هارد 75».

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ليست جميع المشروبات قادرة بالفعل على علاجك من نزلات البرد والإنفلونزا (رويترز)

مشروب منزلي يساعد في التخلص من نزلات البرد

تحدثت اختصاصية التغذية كيلي كونيك لشبكة «فوكس نيوز» الأميركية عن المشروب المنزلي الأمثل لعلاج نزلات البرد والإنفلونزا.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك الفواكه والخضراوات مليئة بمضادات الأكسدة والفيتامينات والمعادن (رويترز)

تناول الفواكه والخضراوات يقلل خطر إصابتك بالاكتئاب

أكدت دراسة جديدة أن زيادة كمية الفواكه والخضراوات في نظامك الغذائي يمكن أن تقلل من خطر الإصابة بالاكتئاب بمرور الوقت.

«الشرق الأوسط» (سيدني)

الذكاء الاصطناعي يعزز جاهزية العالم لمواجهة الأوبئة

تقنيات الذكاء الاصطناعي تسهم في التنبؤ بتفشي الأمراض (جامعة نبراسكا - لينكولن)
تقنيات الذكاء الاصطناعي تسهم في التنبؤ بتفشي الأمراض (جامعة نبراسكا - لينكولن)
TT

الذكاء الاصطناعي يعزز جاهزية العالم لمواجهة الأوبئة

تقنيات الذكاء الاصطناعي تسهم في التنبؤ بتفشي الأمراض (جامعة نبراسكا - لينكولن)
تقنيات الذكاء الاصطناعي تسهم في التنبؤ بتفشي الأمراض (جامعة نبراسكا - لينكولن)

سلطت دراسة هندية الضوء على الدور الحاسم للذكاء الاصطناعي في تحسين جاهزية العالم لمواجهة الأوبئة، من خلال التنبؤ السريع، والتخطيط الفعّال، وتطوير حلول طبية مبتكرة.

وأوضح الباحثون من معهد «داتا ميغي» للتعليم العالي والبحث العلمي الهندي، أن استخدام الذكاء الاصطناعي يسهم في التنبؤ بتفشي الأمراض عبر نماذج وبائية دقيقة، وتسريع تطوير اللقاحات، ونُشرت النتائج، الجمعة، في دورية «Molecular Biomedicine».

وأحدثت تقنيات الذكاء الاصطناعي مؤخراً نقلة نوعية في الممارسات الطبية والوبائية، من خلال إسهاماتها في تعزيز كفاءة الأنظمة الصحية عبر التنبؤ الدقيق بتفشي الأمراض، وتحليل البيانات الضخمة لتوجيه القرارات السريرية والصحية.

وركز الباحثون في دراستهم على التطبيقات الواسعة للذكاء الاصطناعي في مجال الصحة العامة العالمية، بما في ذلك النماذج الوبائية، وتطوير اللقاحات، وتحسين نظم الرعاية الصحية، فضلاً عن معالجة التحديات الأخلاقية والمجتمعية المرتبطة بهذه التقنيات.

وتناولت الدراسة كيف تُستخدم النماذج القائمة على الذكاء الاصطناعي، مثل نماذج «SIR» التي تستخدَم لتحليل انتشار الأمراض المعدية بين السكان و«SIS» التي تُستخدم للتنبؤ بإمكانية الإصابة بالمرض مجدداً بعد التعافي. ووفق الباحثين، أسهمت هذه النماذج في تحسين دقة التوقعات الوبائية، مما مَكّن صُناع القرار من تنفيذ تدخلات سريعة وفعّالة. كما ساعدت تقنيات الذكاء الاصطناعي في تحسين تخصيص الموارد وتعزيز كفاءة استجابات الصحة العامة عبر تحليل مجموعات بيانات ضخمة ومتنوعة.

وتناولت الدراسة أيضاً مساهمة الذكاء الاصطناعي في تسريع عمليات تطوير اللقاحات، حيث ساعدت تقنيات المحاكاة الجزيئية القائمة على الذكاء الاصطناعي في تسريع تصميم التجارب السريرية. وخلال جائحة «كوفيد - 19»، لعب الذكاء الاصطناعي دوراً حاسماً في تطوير لقاحات «mRNA»، مما أبرز قدرته على مواجهة التحديات غير المسبوقة.

كما استعرض الباحثون دور الذكاء الاصطناعي في مراقبة الأوبئة والكشف المبكر عنها من خلال تحليل البيانات المستمدة من السجلات الصحية الإلكترونية، والتطبيقات المحمولة، ووسائل التواصل الاجتماعي. وشدد الفريق على أهمية التعاون الدولي وبناء أنظمة متكاملة تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتعزيز الأمن الصحي العالمي.

وفي المقابل، أكد الفريق ضرورة معالجة التحديات الأخلاقية والمجتمعية المرتبطة بتطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي، مثل خصوصية البيانات، والتحيزات في الخوارزميات، وضمان الوصول العادل إلى هذه التقنيات، مع تأكيد أهمية تبني حوكمة مسؤولة وأطر أخلاقية قوية لتحقيق تطبيق عادل وشامل لها، خصوصاً في المناطق ذات الموارد المحدودة.

واختتم الباحثون دراستهم بالدعوة إلى مواصلة البحث لمعالجة الفجوات والتحديات في تطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي، مؤكدين ضرورة توافق هذه التقنيات مع أهداف الصحة العامة لمواجهة الأزمات الصحية العالمية بفاعلية.