أبوظبي تستضيف مهرجان الشيخ منصور بن زايد للخيول العربية

يشارك فيه 800 ضيف من 56 بلدا

المهرجان تحول إلى موعد للتلاقي العالمي لكل من يهتم بالخيول العربية الأصيلة
المهرجان تحول إلى موعد للتلاقي العالمي لكل من يهتم بالخيول العربية الأصيلة
TT

أبوظبي تستضيف مهرجان الشيخ منصور بن زايد للخيول العربية

المهرجان تحول إلى موعد للتلاقي العالمي لكل من يهتم بالخيول العربية الأصيلة
المهرجان تحول إلى موعد للتلاقي العالمي لكل من يهتم بالخيول العربية الأصيلة

حصد مهرجان الشيخ منصور بن زايد آل نهيان العالمي للخيول العربية الأصيلة، منذ انطلاقته في عام 2009 نجاحا متصاعدا. وما شهدته أبوظبي في الأيام الأخيرة بمناسبة نسخته السادسة «من 4 إلى 9 من الشهر الجاري»، جاء ليؤكد أنه تحول إلى موعد للتلاقي العالمي لكل من يهتم بالخيول العربية الأصيلة. ولا يقتصر ذلك على السباقات والجوائز الممنوحة بهذه المناسبة بل تخطاه إلى كل ما يتناول هذا الإرث التراثي العربي الأصيل الذي أخذ يحظى باهتمام عالمي يتكثف عاما بعد عام. ولعل أفضل دليل على ذلك أن مهرجان الأسبوع الماضي اجتذب 800 ضيف من 56 بلدا يمثلون جميع القارات ويتوزعون بين خبراء ومدربين وفرسان وفارسات. وشارك هؤلاء في الجولة الختامية من المؤتمرات والندوات وورش العمل القيمة التي جاءت تتويجا لعام كامل من النشاطات والجهود المبذولة.
شعار النسخة السادسة «عالم واحد، 6 قارات» أريد منه أن يكون عاما وشاملا ليعكس المستوى الذي وصل إليه المهرجان الذي يحظى برعاية الشيخ منصور بن زايد، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير شؤون الرئاسة. وقبل السباقات التي استضافها الأحد مضمار أبوظبي للفروسية، شهد المهرجان 5 جلسات مكثفة من المناقشات الجادة التي جرت في إطار «مؤتمر الشيخة فاطمة بنت مبارك (أم الإمارات) الدولي للتعليم والتدريب». وضمت الجلسات وورش العمل خبراء واختصاصيين من مشارب متنوعة انكبوا على معالجة مسائل تتناول تعليم وتنشئة الفرسان والفارسات وتلافي الحوادث والتأهيل البدني والرياضي والأنظمة الغذائية الخاصة والأوزان بالإضافة إلى تعامل الفرسان والفارسات مع وسائل الإعلام ودور هذه الأخيرة في الترويج. ولعل جدية المناقشات تبدو بأوضح معانيها من خلال نوعية المشاركين. فالجلسة الرابعة مثلا التي دارت حول الأنظمة الغذائية والأوزان والأبحاث العلمية ذات الصلة ضمت 5 دكاترة متخصصين وخبيرتين في مجال التغذية. أما الجلسة الأخيرة التي أدارتها لارا صوايا، المديرة التنفيذية لمهرجان الشيخ منصور بن زايد ورئيسة لجنة سباقات السيدات والفرسان المتدربين في الاتحاد الدولي لسباقات الخيول العربية الأصيلة «إفهار» فقد شهدت قيام الاتحاد الدولي لأكاديميات سباقات الخيول ومقره أبوظبي وانضمام 14 أكاديمية دولية إليه. واختيرت صوايا رئيسة له وسوزانا سانتسون، نائبة للرئيسة. وتضم الهيئة الإدارية 3 أعضاء من فرنسا والولايات المتحدة الأميركية وآيرلندا. وتكمن أهمية الاتحاد الجديد في كونه سيوفر للطلاب المتدربين «برنامج تبادل لعام 2015». ومن المقرر أن تشهد أبوظبي اجتماعات للهيئة الإدارية بداية العام القادم لإقرار برنامج العام وشروط الاختيار للطلاب والمدربين والمسائل العملية بشكل عام.
الواقع أن المهرجان الذي يتطور عاما بعد عام ويصل إلى مزيد من البلدان في القارات الـ5 كان موضع إشادة إجماعية. ويهدف المهرجان إلى مواصلة الجهود الكبيرة التي بذلها الشيخ زايد في إطار صون التراث والتقاليد والاهتمام بالرياضات التراثية وعلى رأسها الفروسية وتعريف العالم بها والمحافظة على أهم السلالات الأصيلة للخيول العربية وإعلاء شأنها وحفز أبناء الإمارات على اقتنائها وتربيتها. وقال الشيخ منصور بن زايد في كلمة تصدرت الكتيب المخصص لنهائي البطولة إنه «منذ الاحتفال الختامي للموسم السابق في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2013. انطلق المهرجان إلى قمم جديدة ماضيا في خطى ثابتة من خلال عقلية ديدنها التصميم والطموح من أجل الترويج للخيول العربية الأصيلة». وإذ أشاد بالسباقات التي تحمل اسم الشيخة فاطمة بنت مبارك (القدرة والتحمل وبطولة العالم للفرسان المتدربين وبطولة العالم السيدات) اعتبر أن أبوظبي تحولت إلى «عاصمة العالم للخيول العربية الأصيلة».
ويحظى المهرجان بدعم شامل إن على المستوى الرسمي أو الهيئات المتخصصة أو على المستوى الشعبي. وقد اعتبر الشيخ سلطان بن طحنون، رئيس هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة ورئيس دائرة النقل أن «كل عام يمضي على المهرجان يضع معلما جديدا في رحلة الترويج للخيول العربية والسباقات»، فيما رأى سامي البوعينين، رئيس الاتحاد الدولي لسباقات الخيول العربية الأصيلة، في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن المهرجان «حقق أهدافه ووصل إلى مراحل متقدمة وساهم في الارتقاء بالخيول العربية واكتسب سمعة عالمية»، منوها كذلك بنجاحات سباقات السيدان والفرسان المتدربين. وحرص منظمو المهرجان، في سياق الترويج لأحد المعالم الثقافية العربية وهو سباق الهجن، أن يدعوا المشاركين في المهرجان للتمتع بهذه الرياضة في ميدان سباقات الهجن في الوثبة «القريب من مدينة أبوظبي». واعتبر عبد الله المهيري، مدير عام اتحاد الإمارات للهجن المناسبة فرصة «فرصة للترويج لتراثنا الرياضي الذي يكمل منظومته مهرجان الشيخ منصور بن زايد من خلال جولاته المكوكية حول العالم».
بيد أن مسك ختام المهرجان المتمثل في الأشواط الـ6 التي استضافها مضمار الفروسية في أبوظبي كان الأكثر تألقا وقد حضره وزير الثقافة والشباب وتنمية المجتمع الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان الذي أعطى إشارة الانطلاق. واشتملت المنافسات التي جرت كلها تحت راية المهرجان على كأس نهائي مونديال الشيخة فاطمة بنت مبارك للسيدات وكأس بطولة المتدربين وكأس مزرعة الوثبة «ستاد» لملاك الإسطبلات الخاصة وسباق «قصر البحر» للخيول المبتدئة عمر 3 سنوات وسباق السعديات للخيول العربية المهجنة «وهو الوحيد للخيول المهجنة في إطار سباقات الخيول العربية الأصيلة». لكن الأنظار توجهت خصيصا نحو كأس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان التي ضمت 10 خيول لـ4 سنوات وما فوق لسباق مسافته 1600 متر. وقد فاز بهذه الكأس الجواد «ثاقف» العائد للشيخ منصور بن زايد وقاده الفارس هاري ينتلي وبإشراف المدرب ماجد الجهوري فيما فاز الجواد «إبحار» العائد للشيخ خليفة بن زايد في بطولة سباق «قصر البحر». وحاز الجواد «مونزيد» العائد للشيخ خليفة كذلك على جائزة الفرسان المتدربين. أما سباق السعديات للخيول العربية المهجنة فقد فاز به الجواد «روايال ريفيفيال» لصاحبه الشيخ حمدان بن محمد بن راشد.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».