الجزائر وفرنسا تسعيان لتخطي خلافاتهما التاريخية عبر بوابة الاستثمار

سيارة «رينو» نموذج للتطبيع السياسي بين الحكومتين

رئيس الوزراء الجزائري عبد المالك سلال خلال إلقاء كلمته في افتتاح مصنع «رينو» في وهران أمس (إ. ب. أ)
رئيس الوزراء الجزائري عبد المالك سلال خلال إلقاء كلمته في افتتاح مصنع «رينو» في وهران أمس (إ. ب. أ)
TT

الجزائر وفرنسا تسعيان لتخطي خلافاتهما التاريخية عبر بوابة الاستثمار

رئيس الوزراء الجزائري عبد المالك سلال خلال إلقاء كلمته في افتتاح مصنع «رينو» في وهران أمس (إ. ب. أ)
رئيس الوزراء الجزائري عبد المالك سلال خلال إلقاء كلمته في افتتاح مصنع «رينو» في وهران أمس (إ. ب. أ)

تحاول الحكومتان الجزائرية والفرنسية تجاوز الانسداد الذي عرفته العلاقات الثنائية في عهد الرئيس السابق اليميني نيكولا ساركوزي، بسبب رواسب التاريخ وجرائم الاستعمار، عن طريق التكثيف من التعاون في المجال الاقتصادي. وجاء إطلاق أول سيارة فرنسية مصنعة بالجزائر، تتويجا لجهود بذلت منذ وصول الاشتراكي فرنسوا هولاند إلى الحكم.
وخرجت سيارة «رينو سامبول» أول من أمس، من أول مصنع أجنبي لإنتاج السيارات بالجزائر، يوجد بمنطقة واد تليلات بوهران (450 كلم غرب العاصمة)، حيث حضر إطلاق أول نسخة منها رئيس الوزراء عبد المالك سلال ووزير الصناعة والمناجم عن الجانب الجزائري، ووزير الخارجية لوران فابيوس ووزير الاقتصاد فليبي ماكرون عن الجانب الفرنسي.
ولا يعد المشروع، بحسب محللين، ذا أهمية كبيرة على الصعيد الاقتصادي حتى يستدعي حضور عضوين من الحكومة الفرنسية، والرجل الثاني في السلطة التنفيذية ومعه وزير من ناحية السلطات الجزائرية. فالمصنع لا ينتج سوى 25 ألف سيارة في العام، حسب التوقعات، وهي طاقة إنتاج بعيدة جدا عن مصنع مراكش بالمغرب الذي ينتج سنويا 400 ألف سيارة «رينو» ومن ثلاثة أنواع.
وانتقد اليمين الفرنسي المتطرف، على لسان زعيمته مارين لوبان، فتح مصنع لمنتج السيارات الفرنسي، على أساس أن وحدات إنتاج تابعة له في فرنسا تم حلها بسبب الأزمة الاقتصادية. ووصف لوبان انتقال الوزيرين إلى الجزائر بهدف تدشين المصنع بـ«إهانة للفرنسيين». يشار إلى أن البلدين أعلنا في 2005 فشلهما في إبرام «معاهدة صداقة»، بسبب قضية الاستعمار والاعتذار عن الجرائم.
وقال الأستاذ المحاضر بالجامعة عبد الرحمن عشوي لـ«الشرق الأوسط»: «إن المصنع يعكس إرادة المسؤولين في البلدين للبحث عن أية مبادرة تثير الانتباه، لمحاولة التأكيد على أن العلاقات بين البلدين بصدد الخروج من النفق المظلم. فالبلدان وضعها نفسيهما في مأزق بسبب تمسك الجزائر بضرورة أن تعلن فرنسا توبتها عن جرائمها أيام الاستعمار، من جهة، ورفض باريس القيام بهذه الخطوة رفضا قاطعا، من جهة أخرى. ولأن المصالح كبيرة بين البلدين، كان لا بد من تخطي عقبة التاريخ المليئة بالأحقاد فجاء مشروع إنتاج السيارات لينقذ العلاقات من حال الجمود. وأعتقد أن الاتفاق على تجاوز الخلاف التاريخي تم خلال زيارة هولاند إلى الجزائر نهاية 2012».
وأضاف المحلل: «مشروع المصنع طغت عليه لمسة سياسية، فما دخل وزير خارجية فرنسا في استثمار اقتصادي لو لم يكن الأمر يتعلق برسالة مفادها أن المال والأعمال أفضل حل لتخطي الخلافات السياسية؟. ألم يكن كافيا حضور مسؤول مجموعة (رينو) بدل عضوين في الحكومة، طالما أن المصنع ذو حجم صغير لا يشغل أكثر من 350 عاملا جزائري؟».
وصرح فابيوس للصحافة، بعد لقاء جمعه بالرئيس عبد العزيز بوتفليقة، أن «التعاون بين البلدين مثالي والعلاقات بينهما في أفضل حال». وتحدث عن «قطاعات واعدة تنتظر منا التعاون فيها مثل النقل والسياحة والسكن والتكوين». وأضاف: «بفضل العمل الجيد لحكومتي البلدين، فإننا بصدد تجسيد مشاريع ملموسة، تنفيذا لخارطة الطريق التي وضعها الرئيسان الجزائري والفرنسي منذ سنتين».
ونقل فابيوس عن بوتفليقة قوله إن العلاقات الثنائية «تنتقل حاليا إلى مرحلة جديدة»، ودعا المسؤول الفرنسي المجموعات الاقتصادية الفرنسية الكبيرة إلى «الاستثمار في الجزائر بكثافة».



الأمم المتحدة تتوقع نمواً اقتصادياً عالمياً ضعيفاً في 2025

جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)
جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)
TT

الأمم المتحدة تتوقع نمواً اقتصادياً عالمياً ضعيفاً في 2025

جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)
جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)

قالت الأمم المتحدة، في وقت متأخر، يوم الخميس، إن الاقتصاد العالمي قاوم الضربات التي تعرَّض لها بسبب الصراعات والتضخم، العام الماضي، وإنه من المتوقع أن ينمو بنسبة ضعيفة تبلغ 2.8 في المائة في 2025.

وفي تقرير «الوضع الاقتصادي العالمي وآفاقه (2025)»، كتب خبراء اقتصاد الأمم المتحدة أن توقعاتهم الإيجابية كانت مدفوعة بتوقعات النمو القوية، وإن كانت بطيئة للصين والولايات المتحدة، والأداء القوي المتوقع للهند وإندونيسيا. ومن المتوقَّع أن يشهد الاتحاد الأوروبي واليابان والمملكة المتحدة انتعاشاً متواضعاً، كما يقول التقرير.

وقال شانتانو موخيرجي، رئيس فرع مراقبة الاقتصاد العالمي في قسم التحليل الاقتصادي والسياسات في إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية بالأمم المتحدة: «نحن في فترة من النمو المستقر والضعيف. قد يبدو هذا أشبه بما كنا نقوله، العام الماضي، ولكن إذا دققنا النظر في الأمور، فستجد أن الأمور تسير على ما يرام».

ويقول التقرير إن الاقتصاد الأميركي تفوق على التوقعات، العام الماضي، بفضل إنفاق المستهلكين والقطاع العام، لكن من المتوقَّع أن يتباطأ النمو من 2.8 في المائة إلى 1.9 في المائة هذا العام.

ويشير التقرير إلى أن الصين تتوقع تباطؤ نموها القوي قليلاً من 4.9 في المائة في عام 2024 إلى 4.8 في المائة في عام 2025، وذلك بسبب انخفاض الاستهلاك وضعف قطاع العقارات الذي فشل في تعويض الاستثمار العام وقوة الصادرات. وهذا يجبر الحكومة على سن سياسات لدعم أسواق العقارات ومكافحة ديون الحكومات المحلية وتعزيز الطلب. ويشير التقرير إلى أن «تقلص عدد سكان الصين وارتفاع التوترات التجارية والتكنولوجية، إذا لم تتم معالجته، قد يقوض آفاق النمو في الأمد المتوسط».

وتوقعت الأمم المتحدة، في يناير (كانون الثاني) الماضي، أن يبلغ النمو الاقتصادي العالمي 2.4 في المائة في عام 2024. وقالت، يوم الخميس، إن المعدل كان من المقدَّر أن يصبح أعلى، عند 2.8 في المائة، ويظل كلا الرقمين أقل من معدل 3 في المائة الذي شهده العالم قبل بدء جائحة «كوفيد - 19»، في عام 2020.

ومن المرتقب أن ينتعش النمو الأوروبي هذا العام تدريجياً، بعد أداء أضعف من المتوقع في عام 2024. ومن المتوقَّع أن تنتعش اليابان من فترات الركود والركود شبه الكامل. ومن المتوقَّع أن تقود الهند توقعات قوية لجنوب آسيا، مع توقع نمو إقليمي بنسبة 5.7 في المائة في عام 2025، و6 في المائة في عام 2026. ويشير التقرير إلى أن توقعات النمو في الهند بنسبة 6.6 في المائة لعام 2025، مدعومة بنمو قوي في الاستهلاك الخاص والاستثمار.

ويقول التقرير: «كان الحدّ من الفقر العالمي على مدى السنوات الثلاثين الماضية مدفوعاً بالأداء الاقتصادي القوي. وكان هذا صحيحاً بشكل خاص في آسيا؛ حيث سمح النمو الاقتصادي السريع والتحول الهيكلي لدول، مثل الصين والهند وإندونيسيا، بتحقيق تخفيف للفقر غير مسبوق من حيث الحجم والنطاق».

وقال لي جون هوا، مدير قسم التحليل الاقتصادي والسياسات في إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية: «لقد تجنَّب الاقتصاد العالمي إلى حد كبير الانكماش واسع النطاق، على الرغم من الصدمات غير المسبوقة في السنوات القليلة الماضية، وأطول فترة من التشديد النقدي في التاريخ». ومع ذلك، حذر من أن «التعافي لا يزال مدفوعاً في المقام الأول بعدد قليل من الاقتصادات الكبيرة».