إسرائيل تغلق دور العبادة للحد من انتشار «كوفيد ـ 19»

أول وفاة في فلسطين... ومطالبة للعمّال بالعودة إلى الضفة

طالبت السلطة بعودة العمال الفلسطينيين من إسرائيل (رويترز)
طالبت السلطة بعودة العمال الفلسطينيين من إسرائيل (رويترز)
TT

إسرائيل تغلق دور العبادة للحد من انتشار «كوفيد ـ 19»

طالبت السلطة بعودة العمال الفلسطينيين من إسرائيل (رويترز)
طالبت السلطة بعودة العمال الفلسطينيين من إسرائيل (رويترز)

في جلسة دامت نحو تسع ساعات، اتخذت الحكومة الإسرائيلية سلسلة قرارات، شددت فيها الإجراءات لمكافحة انتشار فيروس «كورونا» المستجد، ومنها إغلاق جميع دور العبادة، بعد أن ثبت أنها تشكل مصدر الإصابة الأول، ومنع المواطنين من الوجود عن بُعد يزيد على 100 متر، وفرض غرامة وسجن يصل إلى سبعة شهور لمن يخالف.
جاءت هذه الإجراءات بعدما أعلن رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، عن تصوُّر مفزع لأخطار الفيروس؛ إذ قال إن لديه «تنبؤات من وزارة الصحة تشير إلى أن من الممكن أن نصل إلى مليون مصاب في غضون شهر. ويمكن أن يكون هناك أيضاً عشرة آلاف حالة وفاة في إسرائيل من جراء الإصابة».
وقد أثار هذا التصريح تصاعداً في القلق الشديد. ورأى بعض المراقبين والخبراء أنه «تصور مبالغ فيه». وكان من شكك في دوافعه قائلاً: «نتنياهو يتحسب من إقامة لجنة تحقيق في المستقبل تبحث في إخفاقاته، ويسعى لتثبيت موقف يبين فيه أنه كان واعياً للخطر». ولكن أحداً من المسؤولين لم يستخف بتحذيراته ووافق الجميع على تشديد الإجراءات، التي تجعل البلاد كلها في عزل شبه كامل، ابتداء من مساء أمس (الأربعاء).
وكان مركز تحليل المعلومات الوطني لمكافحة «كورونا»، في وزارة الصحة، قد نشر تقريراً قال فيه إنه من تحليل التقارير عن حالات الإصابة تبين أن دور العبادة في إسرائيل تشكل أعلى نسبة بين الأماكن، التي انتشر فيها الفيروس «كوفيد 19»، وانتقلت فيه العدوى من شخص لآخر. ففي 24 في المائة من حالات الإصابة تمت فيها، بينما أصيب 15 في المائة من المرضى في الفنادق، و12 في المائة في المطاعم. وعليه تقرر أولاً إغلاق أماكن العبادة.
وتقرر كذلك تشديد العزل الصحي في البيوت ومنع المواطنين من مغادرة البيوت إلا لشراء مواد غذائية أو أدوية وتقرر فرض غرامة تصل إلى 1500 دولار والسجن لمدة تصل إلى 7 شهور، لمن يتم ضبطه وهو يوجَد على بُعد يزيد على 100 متر من بيته.
كما تقرر أن تباشر الشرطة في إعلان التقييدات الجديدة عبر مكبرات الصوت، تستخدمها دورياتها وتجوب بها الشوارع الرئيسية في التجمعات السكنية، وكذلك في الحدائق العامة والمتنزهات وشواطئ البحر، ومن لا يلتزم بالتقييدات سيتوجه إليه شرطي لديه صلاحيات بتحرير مخالفة وفرض غرامة وحتى تنفيذ عملية اعتقال للمخالف.
وكانت رئيسة الدائرة الطبية في وزارة الصحة، د. فيرد عزرا، خلال إحاطة صحافية، ظهر أمس، أن عدد المصابين بـ«كوفيد - 19» ارتفع إلى 2170 شخصاً حتى الآن، ومن المتوقَّع أن يقترب من 3 آلاف حتى المساء. وأكدت أن حالة 37 مصاباً تعتبر خطيرة، و54 إصابة وُصفت بالمتوسطة، بينما الغالبية وصفت إصابتهم بالطفيفة، فيما يوجَد أكثر من 80 ألف مواطن في الحجر الصحي المنزلي. وقد توفي مسن (76 عاماً) في مستشفى «شيبا» في رمات غان، جراء إصابته بالفيروس، ومسن آخر (87 عاماً)، ليرتفع عدد الوفيات إلى 5 أشخاص.
يُذكر أن وزارة الصحة تطالب بإغلاق إسرائيل بالكامل، لكن وزارة المالية تصر على مواصلة عمل المرافق الاقتصادية التي منحت المصادقة على مزاولة نشاطها خلال أزمة «كورونا»، التي تشكل 30 في المائة فقط من حجم الاقتصاد الإسرائيلي، ويشددون على أن فرض الإغلاق الكامل سيُشكل ضربة قاسمة للاقتصاد الإسرائيلي. وتلقت الحكومة الإسرائيلية ضربة أخرى من محكمة العدل العليا، أمس، إذ أصدرت قراراً يمنع تجنيد المخابرات لمراقبة المواطنين الذين يخرقون تعليمات العزل بواسطة استخدام نظام تكنولوجي استخباري. واعتبرت استخدام هذه الأجهزة تعدياً على حرية الفرد. كما تلقت ضربة بانتخاب لجنة مراقبة برلمانية على عملها.
ؤأعلن الناطق الرسمي باسم الحكومة الفلسطينية، إبراهيم ملحم، تسجيل أول حالة وفاة في فلسطين بفيروس «كورونا»، بينما ارتفعت حصيلة المصابين بالفيروس إلى 64 إصابة، بعد تسجيل اثنتين جديدتين في قرية بدو، قضاء القدس المحتلة.
وأضاف ملحم خلال الإيجاز المسائي حول آخر مستجدات فيروس «كورونا» في فلسطين، أن الإصابتين لابنة السيدة المتوفاة التي أعلن عن إصابتها صباح اليوم في القرية، وزوج ابنتها، بينما يتم فحص عينات أخذت من أبنائها، وستصدر نتائجها الليلة.
ويتوقع أن تكون السيدة أصيبت من خلال أحد أبنائها العاملين في إسرائيل.
ودعا ملحم العمال في أراضي الـ48 إلى العودة لمنازلهم بحجر صحي عاجل لمدة 14 يوماً، كي لا ينقلوا العدوى لأبنائهم وشعبهم، مشيراً إلى أن لقمة العيش صعبة ومرة؛ لكن حياة أطفالنا وعائلاتنا أغلى من كل شيء.
وأوضح ملحم أن «السيدة الستينية كانت تعاني من انتكاسة صحية، وأخذت لها العينات قبل أن نتأكد من إصابتها، إلا أن وضعها الصحي كان سيئاً، وتوفيت على أثر ذلك، ونقلت العدوى إلى ابنتها وزوجها».
وأبقت السلطة على قرار منح الحركة في الأراضي الفلسطينية مع السماح، لكن بشكل مرن يضمن حق الأفراد في الوصول إلى احتياجاتهم دون تجمعات.
وتخوض السلطة الآن معركة لدرء مخاطر قد تأتي من خلال إعادة إسرائيل للعمال الفلسطينيين، إذا ما قررت حظر التجول هناك.
وطالب رئيس الحكومة الفلسطينية محمد اشتية، كل العمال الفلسطينيين في إسرائيل، بـ«العودة إلى بيوتهم»، ضمن الإجراءات التي تتخذها الحكومة لمكافحة انتشار فيروس «كورونا» المستجد. وقال اشتية في رسالة صوتية إلى قادة الأجهزة الأمنية الفلسطينية، إن هذه الخطوة جاءت «على ضوء التطورات الخطيرة والمتتالية في إسرائيل، وإجراءات حظر التنقل المتوقعة»، مشيراً إلى أن مطالبته أتت «حماية للعمال وحفاظاً على سلامتهم». 
وقال اشتية إن عودة العمال يترتب عليها: خضوع جميع العمال العائدين من إسرائيل للحجر الصحي 14 يوماً، وعلى مَن تبدو عليه أعراض الإصابة بفيروس «كورونا»، التواصل مع أقرب مركز صحي. وأضاف: «نهيب بأهلنا العمال، الالتزام بالتعليمات الصحية الصادرة عن دولة فلسطين، ومَن يخالف يعرض نفسه للمسؤولية». 
ويستدل من مطالبة اشتية، على احتمالية إعلان الحظر الكلي في إسرائيل، ذلك أن هناك غرفة مشتركة بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، بشأن التنسيق لمكافحة فيروس «كورونا».


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
TT

مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)

تسعى الحكومة المصرية، لتعزيز الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، في مجال إدارة الموارد المائية، في ظل تحديات كبيرة تواجهها تتعلق بـ«محدودية مواردها». وخلال لقائه سفيرة الاتحاد الأوروبي في القاهرة أنجلينا إيخورست، الاثنين، ناقش وزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم، التعاون بين الجانبين، في «إعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجتها».

وتعاني مصر عجزاً مائياً، حيث يبلغ إجمالي الموارد المائية، نحو 60 مليار متر مكعب سنوياً، في مقابل احتياجات تصل إلى 114 مليار متر مكعب سنوياً، وبنسبة عجز تقدر 54 مليار متر مكعب، وفق «الري المصرية».

وتعتمد مصر على حصتها من مياه نهر النيل بنسبة 98 في المائة، والبالغة 55.5 مليار متر مكعب سنوياً.

وحسب بيان لـ«الري المصرية»، ناقش سويلم، مع سفيرة الاتحاد الأوروبي، مقترحات تطوير خطة العمل الاستراتيجية (2024-2027)، طبقاً للأولويات المصرية، مشيراً إلى الدعم الأوروبي لبلاده في مجالات «رفع كفاءة الري، وإعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجة المياه، والتكيف مع تغير المناخ».

ووقَّعت الحكومة المصرية، والاتحاد الأوروبي، إعلاناً للشراكة المائية، خلال فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ، COP28، الذي عُقد في دبي عام 2023، بهدف تحقيق الإدارة المستدامة للموارد المائية، وتعزيز الحوار، وتبادل الخبرات.

وأوضح وزير الري المصري أن «الإجراءات التي تتبعها بلاده لرفع كفاءة استخدام المياه، تندرج تحت مظلة الجيل الثاني لمنظومة الري»، منوهاً بقيام الوزارة حالياً «بتأهيل المنشآت المائية، ودراسة التحكم الآلي في تشغيلها لتحسين إدارة وتوزيع المياه، والتوسع في مشروعات الري الحديث»، إلى جانب «مشروعات معالجة وإعادة استخدام المياه، ودراسة تقنيات تحلية المياه من أجل الإنتاج الكثيف للغذاء».

ومن بين المشروعات المائية التي تنفذها الحكومة المصرية، بالتعاون مع عدد من دول الاتحاد الأوروبي، «البرنامج القومي الثالث للصرف، وتحسين نوعية المياه في مصرف (كيتشنر)، وتحديث تقنيات الري لتحسين سبل عيش صغار المزارعين في صعيد مصر، ومراقبة إنتاجية الأراضي والمياه عن طريق الاستشعار عن بعد».

وتعوِّل الحكومة المصرية على الخبرات الأوروبية في مواجهة ندرة المياه، وفق أستاذ الموارد المائية، في جامعة القاهرة، نادر نور الدين، الذي أشار إلى أن «القاهرة سبق أن استعانت بخبراء أوروبيين لصياغة حلول للتحديات المائية التي تواجهها مصر»، وقال إن «كثيراً من المقترحات التي قدمها الخبراء تنفذها الحكومة المصرية في سياستها المائية، ومن بينها التوسع في مشروعات معالجة المياه، وتحلية مياه البحر، واعتماد نظم الري الحديث».

وللتغلب على العجز المائي شرعت الحكومة المصرية في تطبيق استراتيجية لإدارة وتلبية الطلب على المياه حتى عام 2037 باستثمارات تقارب 50 مليون دولار، تشمل بناء محطات لتحلية مياه البحر، ومحطات لإعادة تدوير مياه الصرف بمعالجة ثلاثية، إضافة إلى تطبيق مشروع تحول للري الزراعي الحديث.

ويعتقد نور الدين، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الخبرة الأوروبية في مجال تطوير إدارة المياه والتغيرات المناخية هي الأفضل في هذا المجال»، مشيراً إلى أن «القاهرة تسعى إلى الاستفادة من المنح الأوروبية المقدَّمة في تلك المجالات، وخصوصاً، التكيف مع التغيرات المناخية»، معتبراً أن «التعامل مع العجز المائي في مصر من أولويات السياسة المائية المصرية».

ويُعد الاتحاد الأوروبي من أهم الشركاء في المجال التنموي بالنسبة لمصر، وفق أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، الذي أشار إلى أن «التعاون المائي بين الجانبين يأتي ضمن الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي جرى توقيعها بين الحكومة المصرية والاتحاد الأوروبي، لتطوير التعاون بمختلف المجالات».

ويرى شراقي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاتحاد الأوروبي يمتلك التكنولوجيا والخبرات الحديثة بشأن تطوير استخدام المياه، خصوصاً في الدول التي تعاني من شح مائي».