دبلوماسية روحاني لرفع أسعار النفط.. المحطة الأولى قطر

طهران تسعى لإقامة جبهة مع جارتها الدوحة كمثال لفنزويلا والإكوادور

دبلوماسية روحاني لرفع أسعار النفط.. المحطة الأولى قطر
TT

دبلوماسية روحاني لرفع أسعار النفط.. المحطة الأولى قطر

دبلوماسية روحاني لرفع أسعار النفط.. المحطة الأولى قطر

قد لا توجد حرب أسعار بين دول منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) حاليا، ولكن حتما سيشهد مبنى الأمانة العامة للمنظمة في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) معركة لرفع الأسعار. إذ بدأت الدول التي تحتاج إلى أسعار فوق 100 دولار لبرميل النفط من أجل تعادل ميزانياتها مثل فنزويلا وإيران في حشد كل إمكانياتها السياسية والدبلوماسية من أجل إيقاف هبوط الأسعار التي قاربت 80 دولارا هذا الأسبوع.
وبينما كونت فنزويلا والإكوادور العضوتان في «أوبك» جبهة مشتركة للدفاع عن الأسعار بحسب ما أوضح المسؤولون في البلدين، تسعى إيران لفعل الشيء نفسه مع جارتها قطر.
وأرسل الرئيس الإيراني حسن روحاني رسالة خطية أول من أمس إلى أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني قام بتسليمها لوزير النفط الإيراني بيجن نامدار زنقنيه. وقالت وكالة الأنباء القطرية في خبر بثته في نفس اليوم إن الرسالة تتصل بالعلاقات الثنائية بين البلدين والقضايا ذات الاهتمام المشترك، ولم تذكر مزيدا من التفاصيل.
وجاءت التفاصيل من إيران، حيث ذكرت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية (إيرنا) ووكالة أنباء فارس شبه الرسمية أن روحاني دعا في رسالته إلى تعزيز التعاون بين طهران وقطر في تنسيق الجهود لوقف هبوط أسعار النفط وجلب الاستقرار إلى سوق النفط العالمية.
وتعتبر هذه الخطوة مع الدوحة أول محاولة رسمية للدبلوماسية النفطية التي دعا إليها روحاني الشهر الماضي. وكان الرئيس الإيراني قد واجه انتقادات محلية «لرده السلبي» على انخفاض أسعار النفط مما جعله يطلب في أكتوبر (تشرين الأول) من وزير النفط زنقنيه ابتكار «أسلوب أكثر فعالية في استخدام الدبلوماسية» لمنع مزيد من الانخفاض في الأسعار.
وكان روحاني قد أوضح في تصريحات نقلتها وكالة «شانا» الإيرانية أواخر شهر أكتوبر أن دخل البلاد تأثر من الظروف العالمية التي أثرت على أسعار النفط مما أفقد الدولة 30 في المائة من دخلها. ويقول روحاني: «يجب علينا التعامل مع هذه الظروف العالمية والاقتصادية الجديدة». ويرى الرئيس الإيراني أن انخفاض أسعار النفط الحالي ليس نتيجة للعوامل الاقتصادية وحسب، بل إن هناك عوامل سياسية ومكائد دولية ساهمت كذلك في خفض الأسعار. ونقلت وكالة فارس أمس أن أمير قطر أبدى ترحيبه بالتعاون مع إيران في كل المجالات، وخصوصا في ما يتعلق بالاستثمارات في قطاع الطاقة، مشيرا إلى أهمية الدور الذي تلعبه إيران في المنطقة.
والتعاون بين قطر وإيران في مجال الطاقة ليس بالأمر الجديد، فالدولتان عضوتان في «أوبك» وأعضاء في منظمة البلدان المصدرة للغاز والتي تتخذ من الدوحة مقرا لها ويرأسها في الدورة الحالية الإيراني محمد حسين عديلي. ويشارك في عضوية منظمة الغاز دول نفطية كبرى مثل روسيا ونيجيريا والإمارات وعمان والجزائر. وتعتبر المحاولة الدبلوماسية الإيرانية مع الدولة الخليجية قطر بادرة غريبة، إذ إن الدولتين لا تتقاسمان نفس الهموم في ما يتعلق بهبوط الأسعار. فإيران تحتاج إلى سعر نفط قدره 130 دولار تقريبا حتى لا تحقق ميزانيتها عجزا، بينما تضع أغلب التقديرات السعر الذي تحتاج إليه قطر بين 60 و70 دولارا للبرميل.
وعبر أمير قطر أمس عن هذا بقوله في خطاب رسمي إن اقتصاد بلاده لن يتأثر بهبوط أسعار النفط نظرا لأن الميزانية تقوم على أساس تقديرات محافظة.
وقال الشيخ تميم في كلمة أمام مجلس الشورى: «الإخوة الكرام، نواجه حاليا انخفاضا في أسعار النفط والمحروقات على مستوى السوق العالمي... وأود هنا أن أؤكد أن اقتصادنا قوي ومتين ولن يتأثر بمثل هذه التطورات، وأن ميزانيتنا مبنية على أساس تقديرات محافظة جدا لأسعار المحروقات».
ويعتمد اقتصاد قطر الذي يبلغ معدل نموه حاليا نحو 6 في المائة اعتمادا كثيفا على الإنفاق الحكومي الذي تموله صادرات البلاد من الغاز، لكن أسعار الطاقة ما زالت بعيدة على ما يبدو عن المستويات التي يمكن أن تؤدي إلى عجز مالي.
كانت وكالة الأنباء القطرية قالت في وقت سابق هذا العام نقلا عن مشروع الميزانية الذي أقره أمير قطر إن الدوحة تنوي زيادة الإنفاق الحكومي 3.7 في المائة إلى 218.4 مليار ريال (60 مليار دولار) في السنة المالية 2014 - 2015 التي تنتهي في مارس (آذار) المقبل.
وتفترض الميزانية متوسط سعر النفط عند 65 دولارا للبرميل خلال العام. ويبلغ سعر خام برنت حاليا نحو 82 دولارا.
وتعليقا على الخطوة الإيرانية يقول المحلل النفطي الكويتي والرئيس التنفيذي السابق لشركة البترول الكويتية العالمية كامل الحرمي لـ«الشرق الأوسط»: «لا أعلم إذا ما كانت هذه الخطوة ستؤتي أي ثمار في الاجتماع القادم، إذ إن من المفروض أن تتوجه إيران إلى الدول الكبيرة في (أوبك) التي تتحكم في الإنتاج، أما قطر فإنتاجها لا يؤثر في السوق النفطية».
وأنتجت إيران نحو 2.77 مليون برميل يوميا من النفط في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، بينما أنتجت قطر 739 ألف برميل يوميا، بحسب تقديرات منظمة «أوبك» بناء على مصادرها الثانوية المعتمدة في السوق. وأنتجت السعودية 9.6 مليون برميل يوميا بحسب تقديرات «أوبك».
وتسعى قطر إلى ترشيد نفقاتها حتى وإن كان هبوط أسعار النفط غير مؤثر في ميزانيتها، إذ قال الشيخ تميم أمس إن الحكومة تركز على زيادة كفاءة الإنفاق ومعالجة مشكلات مثل التبذير وإهدار المال العام، وهي الأفكار نفسها التي يشدد عليها منذ توليه السلطة خلفا لوالده العام الماضي.
وقال: «التبذير والإسراف وسوء التعامل مع أموال الدولة وعدم احترام الميزانية والاعتماد على توفر المال للتغطية على الأخطاء هي سلوكيات لا بد من التخلص منها سواء كانت أسعار النفط مرتفعة أم منخفضة». وقال الشيخ تميم إن السلطات ستواصل جهود احتواء التضخم عن طريق تنسيق السياسات المالية والنقدية وجدولة مشاريع البنية التحتية للحد من الضغوط على القدرات الاستيعابية. وأضاف أن الحكومة تضع تشريعات جديدة لتطوير القطاع الخاص، لكنه لم يذكر تفاصيل.
وقال الأمير القطري إن النمو الاقتصادي الذي حققته قطر في العام الماضي صاحبه ارتفاع في نسبة التضخم إلى 3,1 في المائة، «إلا أننا نواصل جهودنا للحد من التضخم عن طريق التنسيق بين السياسات المالية والنقدية، وتشجيع المنافسة، ووضع جدول زمني لتنفيذ المشاريع الكبرى للحد من الضغوط على القدرات الاستيعابية».
وأضاف أمير قطر في كلمته: «قد حقق اقتصادنا معدلات نمو جيدة حيث بلغ النمو في الناتج المحلي الإجمالي 6,3 في المائة هذا العام. ويعتبر تحقيق هذا المعدل إنجازا كبيرا إذا أخذنا بعين الاعتبار أن مساهمة القطاع الهيدروكربوني في الناتج المحلي الإجمالي لم تحقق أية زيادة تذكر في العام نفسه».
وأضاف الشيخ تميم: «بالتالي فإن النمو كله جاء من التوسع في القطاع غير النفطي ولا سيما الخدمات، خصوصا القطاع المالي وقطاع البناء المدفوعين بالاستثمارات الضخمة الخارجية والداخلية، حيث وصل معدل النمو فيه إلى نحو 11 في المائة، يضاف إلى ذلك التطور في الميزان التجاري هذا العام مقارنة بالأعوام السابقة، ليبلغ الفائض في الميزان التجاري 52 في المائة كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي».



بكين تنتقد مساعي أميركية لإشعال «حرب الثوم»

مزارع يفرز الثوم في إحدى الأسواق الشعبية بمدينة جينشيانغ شرق الصين (رويترز)
مزارع يفرز الثوم في إحدى الأسواق الشعبية بمدينة جينشيانغ شرق الصين (رويترز)
TT

بكين تنتقد مساعي أميركية لإشعال «حرب الثوم»

مزارع يفرز الثوم في إحدى الأسواق الشعبية بمدينة جينشيانغ شرق الصين (رويترز)
مزارع يفرز الثوم في إحدى الأسواق الشعبية بمدينة جينشيانغ شرق الصين (رويترز)

حثت وزارة الخارجية الصينية يوم الجمعة الساسة الأميركيين على ممارسة المزيد من «الحس السليم» بعد أن دعا عضو في مجلس الشيوخ الأميركي إلى إجراء تحقيق في واردات الثوم الصيني، مستشهدا بمخاوف بشأن سلامة الغذاء وممارسات العمل في البلاد.

وكتب السيناتور الجمهوري ريك سكوت إلى العديد من الإدارات الحكومية الأميركية هذا الأسبوع، واصفا في إحدى رسائله الثوم الصيني بأنه «ثوم الصرف الصحي»، وقال إن استخدام البراز البشري سمادا في الصين أمر يثير القلق الشديد.

وفي رسائل أخرى، قال إن إنتاج الثوم في الصين قد ينطوي على ممارسات عمالية استغلالية وإن الأسعار الصينية المنخفضة تقوض جهود المزارعين المحليين، ما يهدد الأمن الاقتصادي الأميركي.

وتعتبر الولايات المتحدة الصين أكبر مورد أجنبي لها للثوم الطازج والمبرد، حيث يتم شحن ما قيمته ملايين الدولارات منه عبر المحيط الهادئ سنويا.

وقالت ماو نينغ، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، عندما سُئلت في مؤتمر صحافي دوري عن رسائل سكوت: «لم يكن الثوم ليتخيل أبداً أنه سيشكل تهديداً للولايات المتحدة... ما أريد التأكيد عليه هو أن تعميم مفهوم الأمن القومي وتسييس القضايا الاقتصادية والتجارية والتكنولوجية وتسليحها لن يؤدي إلا إلى زيادة المخاطر الأمنية على سلسلة التوريد العالمية، وفي النهاية إلحاق الضرر بالآخرين وبنفسنا». وأضافت: «أريد أيضاً أن أنصح بعض الساسة الأميركيين بممارسة المزيد من الحس السليم والعقلانية لتجنب السخرية».

ومن المتوقع أن تتصاعد التوترات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم عندما يعود دونالد ترمب إلى البيت الأبيض في يناير (كانون الثاني)، بعد أن هدد بفرض تعريفات جمركية تتجاوز 60 في المائة على واردات الولايات المتحدة من السلع الصينية.

وخلال فترة ولاية ترمب الأولى، تعرض الثوم الصيني لزيادة التعريفات الجمركية الأميركية إلى 10 في المائة في عام 2018، ثم إلى 25 في المائة في عام 2019. وكان الثوم من بين آلاف السلع الصينية التي فرضت عليها تعريفات جمركية أعلى خلال الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين والتي كانت السمة المميزة لرئاسته.

ومن غير المرجح أن تهز أي إجراءات عقابية على الثوم الصيني وحده التجارة الثنائية الإجمالية، حيث تمثل شحناته جزءاً ضئيلاً فقط من صادرات الصين البالغة 500 مليار دولار إلى الولايات المتحدة العام الماضي.

وفي سياق منفصل، قال المكتب الوطني الصيني للإحصاء يوم الجمعة إن إجمالي إنتاج الحبوب في الصين بلغ مستوى قياسيا يتجاوز 700 مليون طن متري في عام 2024، مع تحرك بكين لتعزيز الإنتاج في سعيها لتحقيق الأمن الغذائي.

وقال وي فنغ هوا، نائب مدير إدارة المناطق الريفية، في بيان، إن إنتاج العام في أكبر مستورد للحبوب في العالم بلغ 706.5 مليون طن، بعد حصاد أكبر من الأرز الأساسي والقمح والذرة. وأظهرت بيانات المكتب أن هذا أعلى بنسبة 1.6 في المائة من حصاد عام 2023 البالغ 695.41 مليون طن.

وقال وي: «كان حصاد الحبوب هذا العام وفيراً مرة أخرى، بعد أن تبنت المناطق والسلطات الصينية بشكل صارم مهام حماية الأراضي الزراعية والأمن الغذائي، مع التغلب على الآثار السلبية للكوارث الطبيعية».

وتعتمد الصين بشكل كبير على الواردات من البرازيل والولايات المتحدة لإطعام سكانها البالغ عددهم 1.4 مليار نسمة. وفي السنوات الأخيرة، كثفت الصين استثماراتها في الآلات الزراعية وتكنولوجيا البذور في إطار الجهود الرامية إلى ضمان الأمن الغذائي. وأظهرت البيانات أن إنتاج الأرز في عام 2024 ارتفع إلى 207.5 مليون طن، بزيادة 0.5 في المائة على أساس سنوي، في حين نما إنتاج القمح بنسبة 2.6 في المائة إلى 140.1 مليون طن. وشهد الذرة قفزة أكبر عند مستوى قياسي بلغ 294.92 مليون طن، بزيادة 2.1 في المائة عن العام السابق. وانخفضت فول الصويا بنسبة 0.9 في المائة إلى 20.65 مليون طن.

ويعزى الحصاد الوفير إلى زيادة زراعة الأرز والذرة، بالإضافة إلى غلة أفضل من الأرز والقمح والذرة.

وقال وي إن المساحة المزروعة بالحبوب على المستوى الوطني بلغت حوالي 294.9 مليون فدان (119.34 مليون هكتار)، بزيادة 0.3 في المائة عن العام السابق في السنة الخامسة على التوالي من التوسع.

وارتفعت مساحة زراعة الأرز للمرة الأولى منذ أربع سنوات، بنسبة 0.2 في المائة على أساس سنوي إلى 71.66 مليون فدان (29 مليون هكتار). كما ارتفعت مساحة زراعة الذرة بنسبة 1.2 في المائة إلى 110.54 مليون فدان (44.74 مليون هكتار). وانكمش حجم زراعة فول الصويا بنسبة 1.4 في المائة إلى 25.53 مليون فدان (10.33 مليون هكتار). كما انخفض حجم زراعة القمح بنسبة 0.2 في المائة إلى 58.32 مليون فدان (23.6 مليون هكتار).

وقالت وزارة الزراعة الصينية إنه على الرغم من زيادة الإنتاج، تظل الصين معتمدة على الإمدادات المستوردة من فول الصويا والذرة.