مصر تحظر التنقل جزئياً وتتوعد المخالفين بالسجن والغرامة

الجيش يواجه «احتكار المطهرات» بضخ منتجاته في الأسواق

رئيس الأركان المصري يتفقد مواد التعقيم قبل ضخها بالأسواق (المتحدث العسكري)
رئيس الأركان المصري يتفقد مواد التعقيم قبل ضخها بالأسواق (المتحدث العسكري)
TT

مصر تحظر التنقل جزئياً وتتوعد المخالفين بالسجن والغرامة

رئيس الأركان المصري يتفقد مواد التعقيم قبل ضخها بالأسواق (المتحدث العسكري)
رئيس الأركان المصري يتفقد مواد التعقيم قبل ضخها بالأسواق (المتحدث العسكري)

كثفت مصر من إجراءاتها الاحترازية لمواجهة فيروس «كورونا المستجد»، وقررت الحكومة «حظر الانتقال في أنحاء البلاد كافة بداية من اليوم من السابعة مساءً وحتى السادسة صباحاً ولمدة أسبوعين»، وفيما دعا رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي المواطنين للالتزام بالتدابير الجديدة، فإنه توعد المخالفين بـ«العقوبات الواردة بقانون الطوارئ على المخالفين سواء بالسجن أو الغرامة».
وخلال اجتماع حكومي، أمس، أعلن مدبولي، عن تفاصيل الإجراءات الجديدة، والتي استبقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بتصريحات عبر حساباته الرسمية الموثقة على مواقع التواصل الاجتماعي، قال فيها إنه «كلف الحكومة والأجهزة التنفيذية بتطوير الإجراءات الاحترازية المتبعة بما يسهم في تحقيق أعلى معدلات الأمان، وبما لا يؤثر على متطلبات الحياة اليومية للمواطن المصري».
وأفاد مدبولي، بأن التدابير الجديدة تتضمن «حظر التحرك على جميع الطرق، وتوقف جميع وسائل النقل الجماعي العامة والخاصة من السابعة مساءً وحتى السادسة صباحاً»، فيما تقرر كذلك إغلاق «المحال التجارية والحرفية بما فيها محال بيع السلع وتقديم الخدمات والمراكز التجارية (المولات) بداية من الخامسة مساءً طوال أيام الأسبوع، عدا يومي الجمعة والسبت، اللذين تقرر أن يكون الإغلاق خلالهما بشكل كامل على مدار الـ 24 ساعة، مع استثناء الصيدليات والمخابز على أن تستمر المستشفيات والمراكز الطبية والعاملون بها في تقديم الخدمات العلاجية دون التقيد بأي من المواعيد المقررة بهذا القرار».
الإجراءات المصرية تضمنت كذلك غلق «جميع المقاهي والكافيتريات، وجميع المطاعم وما يماثلها من المحال والمنشآت التي تقدم المأكولات ووحدات الطعام المتنقلة أمام الجمهور، ويقتصر العمل بها على خدمة توصيل الطلبات للمنازل حتى الساعة السابعة مساءً».
وبشأن الخدمات الحكومية، أشار مدبولي، إلى أنه تقرر «تعليق تقديم جميع الخدمات في الوزارات والمحافظات للمواطنين، مثل خدمات الشهر العقاري والسجل المدني، وتراخيص المرور، وتصاريح العمل، وجوازات السفر، باستثناء مكاتب تسجيل المواليد والوفيات».
كما مددت الحكومة سريان قرارات سابقة لها بتعليق الدراسة، وقررت وقفها بجميع المدارس والمعاهد والجامعات وأي تجمعات للطلبة أو حضانات الأطفال لمدة أسبوعين اعتبارا من الأحد 29 مارس (آذار)، وكذلك فإن مصر مددت تعليق حركة الطيران من أو إلى البلاد لمدة أسبوعين.
ونبه رئيس الوزراء إلى أن العقوبة القانونية لمخالفي القرار تتضمن «السجن والغرامة المالية التي لا تتجاوز أربعة آلاف جنيه مصري (الدولار يساوي 15.7 جنيه تقريباً) أو بإحدى هاتين العقوبتين». وفور إعلان القرارات الحكومية، قال السيسي، في تدوينات عبر حساباته الرسمية الموثقة، إن «الإجراءات الاحترازية الإضافية التي أعلنتها الحكومة مُلحة ومن شأنها رفع مستويات الوقاية من انتشار الفيروس، وتقليل نسب الإصابة به».
وفي الوقت الذي أهاب فيه السيسي بالمصريين «الالتزام الكامل بالإجراءات»، فإنه أكد كذلك أن «الدولة بجميع أجهزتها ستتصدى وتواجه أي محاولات للإخلال بها، وبمنتهى الحزم والحسم وفي إطار القانون».
بدورها قالت وزارة الداخلية، في بيان، إنها «توالي استنفار أجهزتها كافة للمساهمة الفاعلة في تنفيذ خطة المواجهة الشاملة، وإنها في حالة تأهب قصوى»، مشددة على أنها ستتعامل «بمنتهى الحزم والحسم تجاه كل من تسول له نفسه استغلال الأزمة لتحقيق مكاسب شخصية دون مراعاة مصالح المواطنين».
وعلى صعيد طبي، أصدر رئيس الوزراء المصري قراراً بتدبير «مليار جنيه» لوزارة الصحة بشكل عاجل لتوفير المستلزمات الوقائية لمواجهة «كورونا»، وكذلك تفقد السيسي، أمس، بعض نماذج «أجهزة ومعدات التطهير والتعقيم التي تم تطويرها بالتعاون مع وزارة الدولة للإنتاج الحربي، وذلك للاستخدام في أعمال التطهير لمنشآت ومؤسسات الدولة عن طريق استخدام أحدث المواد والمحاليل الكيميائية في هذا المجال وطبقاً لمواصفات وتوصيات منظمة الصحة العالمية»، بحسب بيان رئاسي مصري.
في سياق متصل، وفي مسعى لوقف الارتفاع المتواصل لأسعار المطهرات والمنظفات، الخاصة بمجابهة فيروس (كوفيد - 19)، نتيجة استغلال بعض التجار الإقبال الهائل من المواطنين عليها، بدأت القوات المسلحة المصرية، عبر شركاتها المتخصصة، توفير مواد التعقيم والمطهرات في الأسواق بأسعار مخفضة.
وارتفعت أسعار الكمامات وبعض المطهرات، منها «الكحول»، عدة أضعاف خلال الأسابيع الماضية. وبلغت تكلفة زجاجة الكحول (100 ملم)، 25 جنيها (نحو دولارين)، بعدما كانت تباع بـ5 جنيهات فقط قبل الأزمة، فيما يعاني المواطنون من الحصول على كمامات رغم استعدادهم لدفع أي سعر.
وجاءت الخطوة «بناء على توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، بمشاركة القوات المسلحة، في تقديم الدعم اللازم لأبناء الشعب المصري في مواجهة فيروس (كورونا) المستجد وتوفير السلع التموينية التي تلبى الاحتياجات الأساسية للمواطنين»، وفق بيان للمتحدث العسكري المصري.
وأوضح البيان أن القيادة العامة للقوات المسلحة اتخذت مجموعة من الإجراءات والتدابير، شملت إنتاج شركة «النصر للكيماويات» مواد ومحاليل التطهير والتعقيم والتي تم اعتمادها من وزارة الصحة والسكان طبقاً للمواصفات العالمية، للدفع بها إلى السوق المحلية، حيث تم مضاعفة كميات المعروضات من المطهرات والمحاليل التي تستخدم في أعمال التطهير والتعقيم وكذا السلع التموينية التي تلبي مطالب الأسرة المصرية بأسعار مناسبة من خلال منافذ جهاز الخدمات العامة وجهاز مشروعات الخدمة الوطنية الثابتة والمتحركة وطرحها بالأسواق لكافة فئات الشعب على مستوى محافظات الجمهورية. وتشمل المنتجات مواد التطهير والتعقيم، وكذلك الكمامات. وتنتشر منافذ القوات المسلحة في مختلف ميادين الجمهورية.
إلى ذلك، شن جهاز حماية المستهلك حملات رقابية موسعة، لمواجهة «مافيا المطهرات». وأسفرت الحملة عن ضبط وكر كبير يقوم بتجميع وتصنيع مستلزمات طبية «مطهرات - كحوليات» مجهولة المصدر في محافظة القليوبية باستخدام مواد خام وتصنيع لمستلزمات طبية يتم توريدها لمنشآت طبية، كما تم ضبط العديد من أختام تحمل أسماء مستشفيات ومنشآت طبية لإيهام أجهزة الرقابة أن هذه المنتجات مطابقة للمواصفات القياسية. كما تمكن ضباط مباحث التموين بمديرية أمن الإسكندرية من ضبط المدير المسؤول عن شركة لتعبئة المنظفات الصناعية لحيازته كمية قدرها أربعة أطنان و807 كيلوغرامات مطهرات ومنظفات صناعية، غير مطابقة للمواصفات القياسية.


مقالات ذات صلة

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
صحتك امرأة تعاني من «كورونا طويل الأمد» في فلوريدا (رويترز)

دراسة: العلاج النفسي هو الوسيلة الوحيدة للتصدي لـ«كورونا طويل الأمد»

أكدت دراسة كندية أن «كورونا طويل الأمد» لا يمكن علاجه بنجاح إلا بتلقي علاج نفسي.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
صحتك «كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

يؤثر على 6 : 11 % من المرضى

ماثيو سولان (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.