صندوق النقد: الشرق الأوسط يواجه ضغوطاً كبيرة في ظل الوباء

أكثر من 10 دول في المنطقة طلبت دعماً مالياً

مقر صندوق النقد الدولي في واشنطن (رويترز)
مقر صندوق النقد الدولي في واشنطن (رويترز)
TT

صندوق النقد: الشرق الأوسط يواجه ضغوطاً كبيرة في ظل الوباء

مقر صندوق النقد الدولي في واشنطن (رويترز)
مقر صندوق النقد الدولي في واشنطن (رويترز)

قال صندوق النقد الدولي إن أكثر من عشر دول في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى طلبت دعما ماليا من الصندوق لمواجهة تبعات فيروس «كورونا» على اقتصاداتها.
وكتب جهاد أزعور مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في مدونة صندوق النقد الدولي الإلكترونية أن على الحكومات أن تبذل كل ما هو متاح لمساعدة أنظمتها الصحية وتقوية شبكات الأمان الاجتماعي لديها على الرغم من ميزانيتها التي تتعرض لضغوط بالفعل. وأضاف «يتعين توجيه استجابات السياسة الاقتصادية صوب منع الجائحة، وهي أزمة صحية مؤقتة، من أن تتطور إلى ركود اقتصادي لفترة طويلة مما يسبب خسائر دائمة على الرفاه في المجتمع من خلال تزايد البطالة والإفلاس».
وأشار إلى أن البنوك المركزية يجب أن تكون مستعدة لتوفير السيولة للمصارف، خاصة لدعم الإقراض للمشروعات الصغيرة والمتوسطة في حين يمكن النظر في أمر الإجراءات المالية التقليدية لدعم الاقتصاد، مثل الإنفاق على البنية التحتية بمجرد بدء انحسار الأزمة.
وقال صندوق النقد الدولي إنه يعمل على تسريع الموافقة على طلبات تمويل عاجلة من المنطقة، وسيتم بحث الدفعة الأولى منذ التفشي هذا الأسبوع لجمهورية قرغيزيا.
وقال أزعور: «مع تسجيل ثلاثة أرباع الدول ظهور حالة مؤكدة واحدة على الأقل بالإصابة بكوفيد - 19 ومواجهة بعضها تفشيا كبيرا، فقد أصبحت جائحة فيروس (كورونا) أكبر تحد في الأمد القريب للمنطقة». وأضاف أن التحدي سيكون جسيما بشكل خاص بالنسبة للدول الهشة والتي تمزقها الحروب مثل العراق والسودان واليمن.

صدمات متزامنة
يرى صندوق النقد الدولي، ومقره واشنطن، أن المنطقة تشهد صدمات متزامنة بسبب تقلص التجارة وتراجع الطلب المحلي والخارجي وتعطيلات الإنتاج وتشدد الأوضاع المالية. كما تواجه بعض الدول المصدرة للبترول صدمة إضافية من الهبوط الحاد في أسعار النفط إثر انهيار اتفاق خفض الإنتاج بمجموعة أوبك+.
وقال أزعور: «من المتوقع أن تتسبب تلك الصدمات المتشابكة في توجيه ضربة قاسية للأنشطة الاقتصادية في المنطقة على الأقل خلال النصف الأول من هذا العام مع احتمال وجود تبعات دائمة». وأشار إلى أن انخفاض عائدات النفط للدول المصدرة له سيفرض ضغوطا على ميزانياتها «ستمتد إلى بقية الاقتصاد».
وأضاف أن السياحة تأثرت في دول كانت تضطلع فيها بدور مهم للاقتصاد مثل مصر والإمارات، وقال: «ستكون هناك أصداء أوسع نطاقا إذا زادت البطالة وانخفضت تحويلات» العاملين في الخارج بالنظر للعدد الكبير من الموظفين في قطاع الخدمات.
وتابع أن الارتفاع الكبير في العزوف عن المخاطرة حول العالم بسبب التفشي ونزوح رؤوس الأموال للأصول الأكثر أمانا أدى لتراجع بنحو ملياري دولار في محفظة التدفقات إلى المنطقة منذ منتصف فبراير (شباط). وقال إن «تلك الأوضاع المالية المشددة في التقلص قد تتحول إلى تحد كبير بالنظر إلى أن الدين السيادي الخارجي للمنطقة المُستحق السداد في 2020 يُقدر بما قيمته 35 مليار دولار».
ورجّح الصندوق أنّ تشهد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا «تراجعا كبيرا» في النمو هذا العام في ظل إجراءات الحماية من فيروس «كورونا» الجديد وأسعار النفط المنخفضة. وحث في تقرير حكومات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على مواصلة تقديم حزم الدعم المالي والاقتصادي لمنع الأزمة من التطور إلى ركود طويل الأمد مما سيؤدي إلى ارتفاع معدلات البطالة.
وقد خفّض صندوق النقد الدولي بالفعل توقعاته للنمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بشكل كبير بسبب تراجع أسعار النفط والنزاعات والعقوبات على إيران. وكان معدل النمو العام نحو 1 بالمائة في المنطقة في السنوات الأخيرة.
وقال أزعور إن المنطقة التي تضم ما يقرب من ثلثي موارد النفط الخام في العالم، تضررت بشدة من فيروس «كورونا» المستجد وهبوط أسعار النفط، موضحا «أصبح الوباء التحدي الأكبر على المدى القريب للمنطقة». وتابع «يتسبب الوباء في اضطرابات اقتصادية كبيرة في المنطقة عبر إثارة صدمات متزامنة، بينها تراجع الطلب المحلي والخارجي، وتراجع التجارة، وتعطيل الإنتاج، وتراجع ثقة المستهلكين، والتضييق المالي».
وأشار أزعور إلى أن إجراءات الحد من الفيروس تضر بالقطاعات الرئيسية الغنية بالوظائف مثل السياحة والضيافة والتجزئة، مما قد يؤدي إلى زيادة البطالة وتخفيض الأجور.
وكانت رئيسة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا قالت الاثنين إن النمو الاقتصادي العالمي سيكون سلبيا هذا العام، وقد يكون أسوأ من الأزمة المالية العالمية لعام 2008. واتّخذت دول عديدة في المنطقة قرارات صارمة للحد من انتشار الفيروس، بينها وقف الرحلات الجوية، وتعليق الدراسة، وإغلاق المراكز التجارية الكبرى، وفرض حظر تجول. وتسبب الفيروس بوفاة مئات الأشخاص في إيران، وعشرات آخرين في دول المنطقة.


مقالات ذات صلة

الإيرادات العمانية ترتفع 15 % في 2024 مدفوعة بزيادة أسعار النفط

الاقتصاد العاصمة العمانية مسقط (وكالة الأنباء العمانية)

الإيرادات العمانية ترتفع 15 % في 2024 مدفوعة بزيادة أسعار النفط

كشفت البيانات الأولية الصادرة عن وزارة المالية العمانية، الخميس، تسجيل البلاد إيرادات تُقدر بنحو 12.7 مليار ريال عماني (33 مليار دولار) في عام 2024.

«الشرق الأوسط» (مسقط)
الاقتصاد سكان محليون يشترون طعاماً من سوق أمام مبنى سكني تضرر ببلدة بوردينكا في بداية الهجوم الروسي على أوكرانيا (رويترز)

أوكرانيا تتلقى 1.1 مليار دولار من صندوق النقد الدولي

أعلن رئيس الوزراء الأوكراني، دينيس شميهال، أن بلاده تلقت دفعة جديدة بقيمة 1.1 مليار دولار من صندوق النقد الدولي ستخصَّص لتغطية النفقات الحيوية في الموازنة.

«الشرق الأوسط» (كييف)
المشرق العربي حزم من الليرة السورية في المصرف التجاري السوري بدمشق نوفمبر 2022 (أ.ف.ب)

صندوق النقد: مستعدون لمساعدة سوريا في إعادة الإعمار عندما تسمح الظروف

قالت المتحدثة باسم صندوق النقد الدولي جولي كوزاك اليوم الخميس إن الصندوق مستعد لمساعدة سوريا في إعادة الإعمار مع المجتمع الدولي.

«الشرق الأوسط» «الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد الرئيس الغاني المنتخب جون دراماني ماهاما خلال المقابلة مع «رويترز» (رويترز)

رئيس غانا: لا انسحاب من اتفاق صندوق النقد الدولي... بل تعديلات

قال الرئيس الغاني المنتخب جون دراماني ماهاما إنه لن يتخلى عن حزمة الإنقاذ البالغة 3 مليارات دولار والتي حصلت عليها البلاد من صندوق النقد الدولي.

«الشرق الأوسط» (أكرا)
الاقتصاد (كونا) توقع صندوق النقد الدولي استمرار انتعاش القطاع غير النفطي في الكويت

صندوق النقد الدولي يتوقع 2.6% نمواً لاقتصاد الكويت في 2025

توقع صندوق النقد الدولي أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في الكويت بنسبة 2.8 في المائة إضافية في عام 2024 بسبب التخفيضات الإضافية في إنتاج «أوبك بلس».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

المستثمرون يترقبون بيانات الوظائف الأميركية ومحضر «الفيدرالي» لرسم مسار مستقبل الفائدة

عرض قصاصات الصحف والبضائع الداعمة للرئيس المنتخب دونالد ترمب في بورصة نيويورك (أ.ب)
عرض قصاصات الصحف والبضائع الداعمة للرئيس المنتخب دونالد ترمب في بورصة نيويورك (أ.ب)
TT

المستثمرون يترقبون بيانات الوظائف الأميركية ومحضر «الفيدرالي» لرسم مسار مستقبل الفائدة

عرض قصاصات الصحف والبضائع الداعمة للرئيس المنتخب دونالد ترمب في بورصة نيويورك (أ.ب)
عرض قصاصات الصحف والبضائع الداعمة للرئيس المنتخب دونالد ترمب في بورصة نيويورك (أ.ب)

يترقب المستثمرون، الأسبوع المقبل، مجموعة كبيرة من البيانات الاقتصادية الأميركية، بما في ذلك بيانات الوظائف الشهرية الرئيسية، ومحضر اجتماعات «الاحتياطي الفيدرالي»، عن كثب مع دخول عام 2025. كما سيقومون بقياس صحة الاقتصاد الأميركي وما يترتب على ذلك من توقعات لأسعار الفائدة قبل تنصيب دونالد ترمب في 20 يناير (كانون الثاني).

بيانات الوظائف

ينصب التركيز خلال الأسبوع على بيانات الوظائف الشهرية الرئيسية غير الزراعية لشهر ديسمبر (كانون الأول)، التي ستعطي قراءة حديثة لمستويات التوظيف والأجور. ومن المرجح أن يكون الاقتصاد الأميركي اختتم عام 2024 بإضافة وظائف بشكل مطرد، استمراراً لاتجاه الأشهر الأخيرة. إذ إنه من المرجح أن يُظهر تقرير سوق العمل الذي من المقرر أن يصدره مكتب إحصاءات العمل يوم الجمعة أن الاقتصاد الأميركي أضاف 153 ألف وظيفة في ديسمبر، وفقاً لتوقعات الإجماع للاقتصاديين الذين استطلعت آراءهم «بلومبرغ». وهو سيكون أقل من 227 ألف وظيفة تمت إضافتها في ديسمبر، وأعلى قليلاً من 143 ألف وظيفة تمت إضافتها في المتوسط ​​لكل من الأشهر الستة الماضية. كما يتوقع المتنبئون أن يظل معدل البطالة ثابتاً عند 4.2 في المائة، وهو منخفض نسبياً وفقاً للمعايير التاريخية.

محضر «الفيدرالي»

كذلك، يصدر يوم الأربعاء محضر اجتماع الاحتياطي الفيدرالي. وقد دفعت الأدلة المتزايدة على قوة الاقتصاد الأميركي المستثمرين إلى تقليص توقعات خفض أسعار الفائدة في عام 2025. وتقدر أسواق المال الأميركية أسعار الفائدة الأميركية بما يزيد قليلاً عن 40 نقطة أساس لخفض أسعار الفائدة بحلول ديسمبر، وهو فرق كبير عن بداية العام الماضي عندما كانت الأسواق تسعّر ما يصل إلى 150 نقطة أساس لخفض أسعار الفائدة.

وقد يؤدي المزيد من البيانات الأميركية القوية إلى خفض توقعات خفض أسعار الفائدة بشكل أكبر، لا سيما أنه من المتوقع أن يعلن الرئيس المنتخب دونالد ترمب عن سياسات تشمل التعريفات التجارية والتخفيضات الضريبية، التي قد تعزز الاقتصاد وتؤجج التضخم بعد تنصيبه في 20 يناير.

وقال الخبير الاستراتيجي في بنك «نورديا» للائتمان وأسعار الفائدة، لارس مولاند، إن السياسة النقدية الأميركية دخلت مرحلة جديدة حيث يتوقف خفض أسعار الفائدة على انخفاض التضخم أو ضعف سوق العمل. وأضاف في مذكرة أن هناك خطراً أن تنتهي أسعار الفائدة الأميركية إلى أعلى مما تتوقعه الأسواق، وفق ما نقلت صحيفة «وول ستريت جورنال».

وقد سجل الدولار مؤخراً أعلى مستوى له في عامين مقابل سلة من العملات، ومن المرجح أن تؤدي البيانات الاقتصادية القوية إلى ارتفاعه أكثر من ذلك، في حين قد ترتفع عوائد سندات الخزانة الأميركية أيضاً.

وكان «الاحتياطي الفيدرالي» قد خفّض أسعار الفائدة في ديسمبر، لكنه خفض أيضاً توقعاته لخفض أسعار الفائدة في المستقبل. ويتوقع الآن خفض أسعار الفائدة مرتين فقط في عام 2025.

وقال خبراء اقتصاديون في «إنفستيك» إن محضر اجتماع يوم الأربعاء يمكن أن يقدم تفاصيل حول كيفية تأثير سياسات ترمب المخطط لها على الاقتصاد وكيف يمكن أن يؤثر ذلك على توقعات أسعار الفائدة.

وقبل صدور بيانات الوظائف غير الزراعية يوم الجمعة، سيتم توفير المزيد من الدلائل على صحة سوق الوظائف من خلال أرقام الوظائف الشاغرة لشهر نوفمبر (تشرين الثاني)، الصادرة يوم الثلاثاء، وبيانات الوظائف الخاصة لشهر ديسمبر الصادرة يوم الأربعاء. بالإضافة إلى أحدث أرقام مطالبات البطالة الأسبوعية يوم الخميس.

ومن المؤشرات الرئيسية الأخرى التي سيراقبها المستثمرون لقياس مدى جودة أداء الاقتصاد الأميركي هو مؤشر مديري المشتريات التصنيعي لشهر ديسمبر، المقرر صدوره يوم الثلاثاء، بالإضافة إلى استطلاع ثقة المستهلكين الأولي لجامعة ميشيغان لشهر يناير، المقرر صدوره يوم الجمعة. ومن المقرر صدور بيانات التجارة لشهر نوفمبر يوم الثلاثاء.