حملات توعية وبروتوكولات نظافة... لحماية ثاني أكبر كتلة بشرية في العالم من «كورونا»

حملات توعية وبروتوكولات نظافة... لحماية ثاني أكبر كتلة بشرية في العالم من «كورونا»
TT

حملات توعية وبروتوكولات نظافة... لحماية ثاني أكبر كتلة بشرية في العالم من «كورونا»

حملات توعية وبروتوكولات نظافة... لحماية ثاني أكبر كتلة بشرية في العالم من «كورونا»

مع تعداد السكان البالغ 1.3 مليار نسمة، تخوض الهند حرباً شعواء لوقف انتشار فيروس كورونا المستجد من خلال حملات التوعية العامة، وفرض إجراءات التباعد الاجتماعي، وبروتوكولات النظافة العامة، وغير ذلك الكثير. من واقع الحالات القليلة المتفرقة التي سجلت الإصابة بالفيروس في فبراير (شباط) الماضي، شهدت البلاد ارتفاعاً حاداً في عدد الحالات، مؤكدة الإصابة بالفيروس، وصولاً إلى 402 و7 وفيات حتى ظهر أمس، وفقاً لموقع وزارة الصحة الهندية الرسمي.
وبدت البلاد في حالة غريبة غير مستساغة بدءاً من صباح أول من أمس، مع بدء سريان حظر التجوال الطوعي بغية التحقق من مدى انتشار الفيروس بعد نداء صادر عن رئيس الوزراء ناريندرا مودي لمنع تفشي الفيروس القاتل إلى مزيد من الناس ومنع البلاد من الانزلاق إلى المرحلة الثالثة من الوباء، أي انتشاره مع فقدان السيطرة عليه في المجتمع. وناشد مودي، في خطابه إلى الأمة، المواطنين احترام حظر التجوال في محاولة ومساعدة منهم لاحتواء انتشار الوباء. ولقد صدرت الأوامر بتعليق كل رحلات الطيران الدولية المقبلة إلى البلاد على نحو مؤقت وحتى إشعار آخر.
وفي خطوة غير مسبوقة، قررت الحكومة الهندية إغلاق كل خدمات السكك الحديدية وقطارات الركاب في عموم البلاد وحتى 31 مارس (آذار) الجاري، في محاولة لوقف انتشار الفيروس القاتل.
وتنقل خدمات السكك الحديدية الهندية ما يصل إلى 23 مليون مواطن بصفة يومية عبر 12 ألف قطار تعمل على الصعيد الوطني. وحتى الآن، سافر 14 مواطناً على الأقل ممن يحملون عدوى فيروس كورونا المستجد عبر القطارات في مختلف القطاعات الهندية. وتظهر حالات الأشخاص المعرضين لمخاطر الإصابة داخل القطارات في كل يوم تقريباً في مختلف أرجاء البلاد. ومع ذلك، سوف تستمر حركة نقل السلع والبضائع من دون توقف لضمان عدم تعطيل سلاسل توريد المنتجات الأساسية على الصعيد الوطني. ولقد اتخذت الحكومة الهندية القرارات الأخيرة للحيلولة دون انتقال فيروس كورونا الجديد. ومع اشتداد تفشي الفيروس وإغلاق الشركات والمتاجر، ظهر تدافع كبير لدى محطات السكك الحديدية في كبرى المدن الهندية، إذ يحاول المسافرون استقلال القطارات للذهاب إلى بلداتهم وقراهم. ولقد حض رئيس الوزراء الهندي المواطنين على عدم السفر، إذ قد يساعد ذلك في سرعة انتشار الفيروس في القرى.
يعتبر روهيت داتا، البالغ من العمر 45 عاماً، أول مواطن هندي يتعافى من الإصابة بالفيروس في عموم البلاد. ولقد كان زائراً في إيطاليا حتى 21 فبراير (شباط) الماضي. وبدأ يعاني من أعراض الإصابة بالمرض في 26 فبراير (شباط،) ووصلت درجة حرارته إلى 99.5 درجة فهرنهايت (37.5 درجة مئوية). وكانت الأعراض ستختفي تماماً إذا تناول عقار الباراسيتامول، ولكن الأعراض كانت تتوالى عليه مراراً وتكراراً. وقال إنه يعلم بزيارته للمناطق المصابة بالعدوى خلال الأيام القليلة الماضية، وبدأ الأمر يثير قلقاً. ومن ثم ذهب إلى الطبيب ثم إلى المستشفى لإجراء الاختبار، حيث تأكدت إصابته بالمرض، وأمضى هناك 3 أسابيع تحت الملاحظة والعلاج.
من جانبه، أفاد الكابتن أميتاب سينغ، طيار شركة الطيران الهندية الذي أجلى الهنود من ووهان عندما ضرب فيروس «كوفيد - 19» المكان بأكمله، بأنه عندما طار فوق المدينة، بدا الأمر كما لو كان يطير في نهاية العالم. وأضاف أن المكان كان يلفه «صمت تام ولم تكن هناك أي أحاديث عبر أجهزة اللاسلكي... كان المطار في ظلام تام وقد عُلق عمل جميع الطائرات. يذكر أنه لم تكن هناك مركبة أو إنسان واحد على الطريق، كانت تجربة مرعبة بالنسبة له. وقد تم نقل ما يصل إلى 324 مسافراً في الرحلة الأولى، فيما تم إجلاء 323 هندياً و7 مواطنين من جزر المالديف في الرحلة الثانية. وأضاف: «كان علينا أن نطير، ونجلي ونطير ونحافظ على سلامة الجميع». لكن ذلك لم يكن سهلاً.
قال سينغ: «خلال 3 عقود من خدمتي مع (منظمة العفو الدولية)، شاركت شركة طيران الهند في الماضي في عمليات إجلاء جريئة، سواء كانت من المناطق التي مزقتها الحرب أو بعد الكوارث الطبيعية. لكن كانت هذه المرة الأولى التي نذهب فيها إلى مركز وباء». قبل تفشي الفيروس، كان التقني الطبي عبد الرحمن (33 سنة)، يقضي أيامه في نقل ضحايا الحوادث إلى المستشفيات. ولأكثر من أسبوعين الآن، يتمركز عبد الرحمن خارج مطار دلهي في انتظار المرضى المشتبه بهم الذين يتعين نقلهم إلى المستشفى. قام الأطباء بتدريبه على البروتوكول ليجري ملاحظته مع المرضى المشتبه في إصابتهم بالفيروس. أثناء نقل الراكب إلى سيارة الإسعاف، يرتدي عبد الرحمن معدات واقية ويغطي سرير الإسعاف بملاءة. وبعد نقل المريض المشتبه به إلى جناح العزل بالمستشفى، يجري إرسال سيارة الإسعاف للتبخير والتعقيم.
يذكر أن الهند تقوم بختم كل من تريد إرسالهم إلى الحجر الصحي بختم لا يمكن إزالته. وترى السلطات أن ترك ختم ظاهراً على أيدي الناس مباشرة تحت المفصل سيشجعهم على البقاء في المنزل ومساعدة الآخرين في ملاحظة ما إذا كانوا يخرجون في الأماكن العامة، أم لا.
ومكن توسيع أكبر مرفق للحجر الصحي العسكري في الهند في جايسالمر، الذي يضم حالياً ما يقرب من 700 شخص، في حين يجري الاحتفاظ بالعشرات من المرافق الإضافية والمستشفيات العسكرية على أهبة الاستعداد للتعامل مع تطور كورونا. كما أعدت القوات المسلحة 5 فرق طبية للرد السريع لدعم الدول المجاورة.
وأطلت وصمة العار الاجتماعية برأسها القبيح في بعض الأماكن أيضاً. وبحسب ما ورد، فقد طُلب من الأجانب إخلاء المنازل المستأجرة وعدم دخول المتاجر. سارانغ باتيل (تم تغيير اسمه/ 38 عاماً)، تعرض للطرد من منزله في كاليان، مومباي، بعد أن علم جيرانه أنه عاد من مدينة دبي التي ظهر فيها بعض حالات فيروس كورونا، حيث يعمل في شركة خاصة. حاول باتيل إخبارهم بأنه قد تم اختباره في مطار «شاتراباتي شيفاجي» الدولي عند وصوله، وكانت نتيجته سلبية، لكن دون جدوى. ولم يسمح له بالعودة إلا بعد أن ذهب إلى المستشفى المدني وجاءت نتيجة الاختبار سلبية مرة أخرى.

ويشير بيتر تسينج، صاحب سلسلة من المطاعم الآسيوية في عموم البلاد، إلى أن الحجوزات قد انخفضت بنسبة 50 في المائة في منافذ بيعه في كوتشي وجوروجرام، ويرغب عملاؤه الآن أيضاً في أن يطمئنوا على أن رئيس الطهاة ليس من العائدين الصينيين.
ربما تدفع شركات الطيران والضيافة ثمناً باهظاً للوباء العالمي، حيث يقول قابيل كوال، الرئيس التنفيذي لشركة «الهند والشرق الأوسط» المعنية بأبحاث السوق: «لقد فقدنا تقريباً حجوزات ربع السنة الأول من الرحلات الدولية بسبب فيروس كورونا، وأعتقد أننا سنفقد الرحلات الداخلية أيضاً ما لم نتمكن من وقف انتشار المرض».
في غضون ذلك، أوضحت الحكومة الهندية التي قامت بإجلاء المئات من مواطنيها من الصين وإيران وإيطاليا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية وأجزاء أخرى كثيرة، أن عمليات الإجلاء التي قامت بها الحكومة ليست «للجميع»، حيث تجري الحكومة تقييماً للدول التي تتطلب إجلاء المواطنين الهنود، وبالتالي تحاول توظيف مواردها وفق ذلك.
وفي الوقت الذي يجري فيه التخطيط لإجلاء الناس من إيران وإيطاليا، فإنه لن يسمح بركوب الطائرة سوى للأشخاص الذين تأتي اختباراتهم بنتائج سلبية لفيروس كورونا، ولن يُسمح لأي مريض مصاب بـالفيروس بصعود الطائرة والعودة إلى بلاده. بصرف النظر عن الشهادات السلبية الإلزامية، هناك 7 دول (إيران وكوريا الجنوبية والصين وإيطاليا وفرنسا وإسبانيا وألمانيا) يجري حجز المسافرين منها.
كما تتعاون الهند مع الدول الأخرى لمكافحة هذا الوباء، وكانت هناك طلبات للحصول على إمدادات طبية تبحثها الهند حالياً.


مقالات ذات صلة

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
صحتك امرأة تعاني من «كورونا طويل الأمد» في فلوريدا (رويترز)

دراسة: العلاج النفسي هو الوسيلة الوحيدة للتصدي لـ«كورونا طويل الأمد»

أكدت دراسة كندية أن «كورونا طويل الأمد» لا يمكن علاجه بنجاح إلا بتلقي علاج نفسي.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
صحتك «كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

يؤثر على 6 : 11 % من المرضى

ماثيو سولان (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))

«الجمعية العامة» تطالب بأغلبية ساحقة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة

من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

«الجمعية العامة» تطالب بأغلبية ساحقة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة

من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)

دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرار غير ملزم صدر بغالبية ساحقة وصوّتت ضدّه خصوصا الولايات المتحدة وإسرائيل إلى وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار في قطاع غزة.

والقرار الذي صدر بغالبية 158 دولة مؤيدة في مقابل 9 دول صوّتت ضدّه و13 دولة امتنعت عن التصويت، يدعو إلى "وقف لإطلاق النار فوري وغير مشروط ودائم" وكذلك أيضا إلى "الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن"، وهي صيغة مشابهة لتلك التي وردت في مشروع قرار استخدمت ضدّه واشنطن في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الفيتو في مجلس الأمن الدولي.

واستخدمت الولايات المتحدة يومها حق النقض لحماية إسرائيل التي تشن منذ أكثر من سنة هجوما عسكريا في قطاع غزة ردا على هجوم غير مسبوق نفذته حركة حماس على جنوب الدولة العبرية. وعطّل الأميركيون في حينها صدور قرار في مجلس الأمن يطالب بوقف إطلاق نار "فوري وغير مشروط ودائم" في غزة، مشترطين من أجل إقرار أي هدنة إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في القطاع منذ هجوم حماس.

وقبيل التصويت على النصّ، قال نائب السفيرة الأميركية في الأمم المتّحدة روبرت وود إنّه سيكون من "المخزي" تبنّي مشروع القرار لأنّه "قد يوجّه إلى حماس رسالة خطرة مفادها أنّ لا حاجة للتفاوض أو لإطلاق سراح الرهائن"، في وقت تحدّثت فيه وزارة الدفاع الإسرائيلية عن "فرصة" لإبرام اتفاق لاستعادة الرهائن.

بدوره قال السفير الإسرائيلي في الأمم المتحدة داني دانون إنّ "تصويت اليوم ليس تصويت رحمة، بل هو تصويت تواطؤ" و"خيانة" و"تخلّ" عن الرهائن المحتجزين في القطاع الفلسطيني.