الجيش التركي ينشئ 3 نقاط مراقبة جديدة قرب جسر الشغور

جاويش أوغلو يحذر من تحول إدلب إلى «غزة جديدة»

دمار في بلدة سرمين في ريف ادلب شمال غربي سوريا أمس (أ.ف.ب)
دمار في بلدة سرمين في ريف ادلب شمال غربي سوريا أمس (أ.ف.ب)
TT

الجيش التركي ينشئ 3 نقاط مراقبة جديدة قرب جسر الشغور

دمار في بلدة سرمين في ريف ادلب شمال غربي سوريا أمس (أ.ف.ب)
دمار في بلدة سرمين في ريف ادلب شمال غربي سوريا أمس (أ.ف.ب)

يّرت تركيا دورية عسكرية مشتركة ثانية مع روسيا على طريق حلب - اللاذقية، في وقت أنشأت فيه 3 نقاط مراقبة جديدة على الطريق ذاتها. كما اتهمت أوروبا بـ«التقاعس» تجاه المأساة الإنسانية في إدلب، محذرة من تحولها إلى «غزة جديدة».
وقالت وزارة الدفاع التركي في بيان أمس (الاثنين)، إنه تم تسيير دورية مشتركة ثانية مع القوات الروسية على طريق «إم 4» تنفيذاً لاتفاق وقف إطلاق النار الموقع في 5 مارس (آذار) الحالي في موسكو.
وأضافت الوزارة، دون إعطاء مزيد من التفاصيل، أن قوات برية وطائرات شاركت في الدورية.
وسبق أن سير الجانبان دورية على الطريق «إم 4» لم تكتمل بسبب احتجاجات للأهالي واختصر مسارها، بينما أعلنت موسكو أن دورية الأمس أيضاً كانت مختصرة.
في الوقت ذاته، أنشأت القوات التركية، صباح أمس، 3 نقاط مراقبة عسكرية جديدة في قرى قريبة من مدينة جسر الشغور بريف إدلب الغربي في إطار توسيع انتشارها العسكري في منطقة خفض التصعيد في إدلب.
واستحدثت القوات التركية النقاط الثلاث في قرى بداما، الناجية، والزعينية قرب جسر الشغور، حيث كانت استقدمت على مدى يومين تعزيزات عسكرية ضخمة إلى المنطقة، تشمل دبابات، وعربات مصفحة، وأدوات ومواد لوجيستية وهندسية، فضلاً عن مئات الجنود المدججين بأسلحة نوعية.
وأقامت القوات التركية خلال الأيام الماضية العديد من نقاط المراقبة في بلدات محمبل، ومصيبين، وشلخ، ورام حمدان بريفي إدلب الغربي والشمالي، لمنع قوات النظام والميليشيات الموالية له من التقدم في هذه المناطق، بعدما حشد قوات كثيفة في مدينتي كفرنبل وسراقب والبلدات التابعة لجبل الزاوية بريف إدلب الجنوبي والشرقي والكبينة في ريف اللاذقية الشمالي.
في غضون ذلك، حذرت تركيا من تحول منطقة إدلب إلى «قطاع غزة جديد»، بعد سوء أحوال أكثر من 3 ملايين نازح فيها، متهمة أوروبا بعدم تحمل المسؤولية فيما يخص اللاجئين.
وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، في مقال نشرته صحيفة «الفاينانشيال تايمز» البريطانية بعنوان «تقاعس الاتحاد الأوروبي عن ملف اللاجئين السوريين وصمة عار في جبين الإنسانية»، نقلته وكالة أنباء «الأناضول» التركية أمس، إن «الاتحاد الأوروبي يدّعي أنه قوة عالمية فاعلة في إطار احترام النظام الدولي القائم على أساس حقوق الإنسان والقوانين، إلا أن تصرفات اليونان تجاه اللاجئين، وعدم قيام الاتحاد بأي شيء فيما يتعلق بدعمه المستمر لها بشكل طائش، سيُسقط هذا الادعاء».
وأضاف، أن أنقرة حذرت الاتحاد الأوروبي مراراً من عدم المبالاة بالتحديات مثل التطرف ومناهضة الأجانب ومعاداة الإسلام والسامية، قائلاً «وجهنا مناشدة أيضاً فيما يتعلق بإعادة بحث النظام العالمي كي يتسنى لنا التعامل مع النزوح الجماعي للفارين من الاشتباكات في دول مثل سوريا، وحاولنا باستمرار إقناع الاتحاد الأوروبي بمساعدتنا في حل هذا النوع من الاشتباكات وإيجاد حلول لنقاط الضعف التي تحيط بأوروبا».
وتابع جاويش أوغلو «إذا لم نستطع منع هذه الكوارث في مصدرها فالكل سيعاني، وبالتالي الحلقة الأخيرة من الأحداث التي بدأت مع تفجر الحرب السورية، أظهرت عدم إدراك الاتحاد الأوروبي بشكل تام للقضية، وعدم قدرته على قطع مسافة قيد أنملة فيما يتعلق بإيجاد حلول لها».
وأشار إلى أنه بعد 9 سنوات من بدء الصراع في سوريا، تحولت إدلب إلى «قطاع غزة جديد»، حيث ترك نحو 3.5 مليون شخص يواجهون مصيرهم، مؤكداً أن منطقة خفض التصعيد في إدلب التي تم إنشاؤها في 2018 تعرضت لهجمات مكثفة من قبل النظام السوري المدعوم من روسيا وإيران، وأن معطيات الأمم المتحدة أشارت إلى مقتل أكثر من ألف و700 شخص في المنطقة منذ مايو (أيار) من العام الماضي.
وأضاف، أن الجنود الأتراك تعرضوا لاعتداء في فبراير (شباط) الماضي، وأن تركيا ردت بقوة على الاعتداء؛ ما أظهر أن الاعتداء على دولة عضو في حلف شمال الأطلسي (ناتو) ستكون له تبعات.
وتابع «لكن، قبل وقفنا للهجمات وإنهائنا للاشتباكات في إدلب، كان نحو مليون شخص توجهوا نحو الحدود السورية التركية التي تشكل الحد الجنوبي الشرقي لحلف الناتو والاتحاد الأوروبي، وحالياً تستضيف تركيا نحو 3.6 مليون سوري، علاوة على ذلك، نقدم المساعدة بشكل مباشر أو غير مباشر لنحو 5.5 مليون شخص داخل سوريا، وهذا الوضع كلف تركيا أكثر من 40 مليار دولار حتى اليوم».
وقال جاويش أوغلو «لذلك؛ أعلنت تركيا الشهر الماضي، أنها لن تستقبل المزيد من المهاجرين من سوريا والدول الأخرى، وأنها لن تمنع أحداً من الموجودين على أراضيها من المغادرة»، مشيراً إلى أن التوجه إلى تركيا لم يكن الهدف النهائي للمهاجرين، وبالتالي لا يمكننا إجبارهم على البقاء.
وأضاف، أن الاتحاد الأوروبي تجاهل جميع مناشدات تركيا حول ضرورة الأخذ على محمل الجد حدوث موجة لجوء جديدة، وضرورة الالتزام باتفاق الهجرة المبرم في 2016، إلا أن الأمور وصلت إلى مرحلة خطيرة للغاية مع آخر موجة لجوء مصدرها إدلب.
ونوّه جاويش أوغلو إلى أن النار تطوق العديد من الدول التي تعتبر في وضع الجار المشترك لتركيا والاتحاد، «هذا الوضع يمهد الطريق أيضاً لكوارث اقتصادية وبيئية، بالإضافة إلى حدوث موجة لجوء هي الأكبر منذ الحرب العالمية الثانية».
في سياق موازٍ، أعلنت وزارة الدفاع التركية مقتل 3 من عناصر وحدات حماية الشعب الكردية، أكبر مكونات «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) أثناء محاولتهم التسلل إلى مناطق سيطرة القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها فيما يسمى بمنطقة عملية «نبع السلام»، في شرق الفرات.
وقالت الوزارة، في بيان أمس، إن القوات التركية الخاصة (الكوماندوز) تمكنت من تحييد 3 عناصر من الوحدات الكردية حاولوا التسلل إلى المنطقة، مؤكدة أن الجيش التركي سيستمر في اتخاذ جميع التدابير من أجل الحفاظ على أجواء السلام والطمأنينة في المنطقة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.