ليبيون يشددون على ضرورة «حيادية» المبعوث الأممي الجديد

بعضهم يريده أفريقياً... وآخرون لا يرغبونه من «دول الجوار»

TT

ليبيون يشددون على ضرورة «حيادية» المبعوث الأممي الجديد

يتصاعد خطاب معادٍ للمبعوثين الأمميين لدى ليبيا في بعض الأوساط السياسية في البلاد، وسط اتهامات توجّه لهم بأنهم كانوا من بين أسباب إطالة أمد الأزمة التي تعاني منها ليبيا منذ 9 أعوام.
وفور طلب الدكتور غسان سلامة، المبعوث الأممي السابق، من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إعفاءه من منصبه لـ«دواعٍ صحية» أوائل الشهر الحالي، بعد عامين ونصف العام في هذه المهمة، توالت التحذيرات الاستباقية بضرورة أن يتسم المبعوث الجديد الذي سيخلفه بـ«الحيادية»، وفقاً لرؤية وشروط كل طرف سياسي.
وأمام حملات النشطاء ورواد السوشيال ميديا، التي ترى أن أي مبعوث قادم إلى بلادهم «مصيره الفشل» مسبقاً، قال المحلل السياسي الليبي عبد العظيم البشتي إنه «بدل التهجم، وإدانة كل مبعوث أممي ممن أتى سابقاً أو من سيأتي، على الليبيين أن يدركوا أن المشكلة والعجز يكمنان في الأطراف الليبية المسيطرة على المشهد السياسي والعسكري»، لافتاً إلى أنه «لا يمكن أن يُقاد الليبيون إلى الجنة بالسلاسل، مهما كان حرص هذا المبعوث على حل الأزمة. وعلى الليبيين أن يدركوا أن الحل أساساً لن يكون إلا داخلياً».
وتميل سلطات طرابلس إلى تعيين المبعوث الأممي المقبل من دولة أفريقية، وهي الرغبة نفسها التي أبدتها دول عدة بالاتحاد الأفريقي. لكن اللواء أحمد المسماري، المتحدث باسم «الجيش الوطني»، أعلن في مؤتمراته الصحافية أن «الشعب الليبي يرفض بشكل قاطع أن يتم تعيين مبعوث من دولة من دول الجوار الليبي».
وعلى الرغم من انشغال الليبيين بفيروس «كورونا»، وكيفية التصدي له إذا ما داهم البلاد، فإن كثيرين من الناشطين يقولون علناً إنهم يرفضون مسبقاً المبعوث الأممي القادم.
ويرى وسام الورفلي، وهو يعمل خبيراً قضائياً، أن «الانطباع العام لدى الشعب الليبي حول أداء بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، ابتداء من عبد الإله الخطيب (أول مبعوث إلى ليبيا) حتى غسان سلامة، أن أداء البعثة سيئ جداً وضعيف، بل زاد الأمر سوءاً. كما أنها (البعثة) لا تطرح معالجة جذرية للأزمة الليبية».
ودافع الورفلي، في حديث إلى «الشرق الأوسط»، عن وجهة نظره، وقال: «تقييمي الشخصي للبعثة الأممية في ليبيا أنها لم تستطع الموازنة بين القوى الفاعلة في البلاد. كما أنه ليس لديها الدراية الكافية بطبيعة الشعب، وحساسية كل طرف ضد الآخر؛ كل ذلك تسبب في فشل مهمتها».
وكان أمين اللجنة التنفيذية لـ«الحركة الوطنية الشعبية الليبية»، مصطفى الزائدي، قد قال إن «المبعوثين إلى البلاد يتبدلون، ويبقى الحال على ما هو عليه»، لأنهم لم يرسلوا «إلا لتثبيت واقع الحال».
وأضاف الزائدي، عبر حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»: «ما أصابنا لم يكن سوى تدبير هيئة الأمم، وندعو أبناء الشعب للتكاتف من أجل إنهاء الأزمة الليبية».
وقال سياسي ليبي مقرب من حكومة «الوفاق» في طرابلس لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن المجلس الرئاسي «يتعامل بجدية مع أي مبعوث أممي، سواء الذين أنهوا مهامهم في البلاد أو القادم منهم، طالما اتسم ذلك بالإنصاف والعدل في التعامل مع القضية الليبية».
ويسعى بعض الأطراف الدولية في مجلس الأمن إلى الدفع بالدبلوماسي وزير الخارجية الجزائري السابق رمطان لعمامرة ليكون مبعوثاً أممياً إلى ليبيا، خلفاً لسلامة. لكن هناك معارضة له من دول أخرى.



الحوثيون يعدون بسداد ديون صغار المودعين خلال 17 عاماً

الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون يعدون بسداد ديون صغار المودعين خلال 17 عاماً

الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)

أطلقت الجماعة الحوثية التي تختطف العاصمة اليمنية صنعاء ومحافظات أخرى في شمال البلاد، وعداً بسداد جزء من الدين الداخلي لصغار المودعين على أن يتم دفع هذه المبالغ خلال مدة زمنية قد تصل إلى نحو 17 عاماً، وذلك بعد أن صادرت الأرباح التي تكونت خلال 20 عاماً، وقامت بتحويل تلك الودائع إلى حسابات جارية.

وتضمنت رسالة موجهة من فواز قاسم البناء، وكيل قطاع الرقابة والإشراف على المؤسسات المالية في فرع البنك المركزي بصنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة، ما أسماه آلية تسديد الدين العام المحلي لصغار المودعين فقط.

وحددت الرسالة المستحقين لذلك بأنهم من استثمروا أموالهم في أذون الخزانة، ولا تتجاوز ودائع أو استثمارات أي منهم ما يعادل مبلغ عشرين مليون ريال يمني (40 ألف دولار)، بحسب أرصدتهم الظاهرة بتاريخ 30 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

عاملة في البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

وسيتم الصرف - بحسب الرسالة - لمن تقدم من صغار المودعين بطلب استعادة أمواله بالعملة المحلية، وبما لا يتجاوز مبلغ نحو 200 دولار شهرياً للمودع الواحد، وهو ما يعني أن السداد سوف يستغرق 16 عاماً وثمانية أشهر، مع أن الجماعة سبق أن اتخذت قراراً بتصفير أرباح أذون الخزانة قبل أن تعود وتصدر قراراً بتحويل تلك الودائع إلى حسابات جارية، ما يعني حرمان المودعين من الأرباح.

جملة شروط

حدد الحوثيون في رسالتهم التي اطلعت عليها «الشرق الأوسط» موعد تقديم طلب الاستعاضة بدءاً من شهر فبراير (شباط) المقبل، وبشرط الالتزام بالتعليمات، وإرفاق المودع البيانات والتقارير المطلوبة، وضرورة أن يتضمن الطلب التزام البنوك الكامل بتنفيذ التعليمات الصادرة من إدارة فرع البنك المركزي.

وهددت الجماعة بإيقاف الاستعاضة في حال المخالفة، وحمّلوا أي بنك يخالف تعليماتهم كامل المسؤولية والنتائج والآثار المترتبة على عدم الالتزام.

صورة ضوئية لتوجيهات الحوثيين بشأن تعويض صغار المودعين

ووفق الشروط التي وضعتها الجماعة، سيتم فتح حساب خاص للخزينة في الإدارة العامة للبنك لتقييد المبالغ المستلمة من الحساب، ويكون حساب الخزينة منفصلاً عن حسابات الخزينة العامة الأخرى، كما سيتم فتح حسابات خزائن فرعية مماثلة لها في الفروع، على أن تتم تغذيتها من الحساب الخاص للخزينة في الإدارة العامة.

ومنعت الجماعة الحوثية قيد أي عملية دائنة بأرصدة غير نقدية إلى حسابات العملاء بعد تاريخ 30 نوفمبر، إلا بموافقة خطية مسبقة من قبل فرع البنك المركزي بصنعاء.

ويشترط البنك الخاضع للحوثيين تسليمه التقارير والبيانات اللازمة شهرياً أو عند الطلب، بما في ذلك التغيرات في أرصدة العملاء والمركز المالي، وأي بيانات أخرى يطلبها قطاع الرقابة، خلال فترة لا تتجاوز خمسة أيام عمل من بداية كل شهر أو من تاريخ الطلب، مع استمرار الفصل الكامل بين أرصدة العملاء غير النقدية والأرصدة النقدية، وعدم صرف الإيداعات النقدية للعملاء لسداد أرصدة غير نقدية.

ومع ذلك، استثنى قرار التعويض صغار المودعين المدينين للبنك أو الذين عليهم أي التزامات أخرى له.

1.2 مليون مودع

وفق مصادر اقتصادية، يبلغ إجمالي المودعين مليوناً ومئتي ألف مودع لدى البنوك في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية، في حين تقدر عائداتهم بثلاثة مليارات دولار، وهي فوائد الدين الداخلي، لكن الجماعة الحوثية تصر على مصادرة هذه الأرباح بحجة منع الربا في المعاملات التجارية والقروض.

الحوثيون حولوا مقر البنك المركزي في صنعاء إلى موقع للفعاليات الطائفية (إعلام حوثي)

وبحسب المصادر، فإن هذه الخطوة تأتي محاولةً من الجماعة الحوثية للتخفيف من آثار قرارهم بمصادرة أرباح المودعين بحجة محاربة الربا، حيث يعيش القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الحوثيين حالة شلل تام بسبب التنفيذ القسري لقانون منع التعاملات الربوية، والذي قضى على مصداقية وثقة البنوك تجاه المودعين والمقترضين، كما ألغى العوائد المتراكمة لودائع المدخرين لدى البنوك، وعلى الفوائد المتراكمة لدى المقترضين من البنوك.

وأدى قرار الحوثيين بشطب الفوائد المتراكمة على أذون الخزانة والسندات الحكومية إلى تفاقم مشكلة ندرة السيولة في القطاع المصرفي؛ إذ تقدر قيمة أذون الخزانة والسندات الحكومية والفوائد المتراكمة عليها لأكثر من 20 سنة بأكثر من 5 تريليونات ريال يمني، وهو ما يعادل نحو 9 مليارات دولار، حيث تفرض الجماعة سعراً للدولار في مناطق سيطرتها يساوي 535 ريالاً.

كما جعل ذلك القرار البنوك في تلك المناطق غير قادرة على استرداد قروضها لدى المستثمرين، والتي تقدر بنحو تريليوني ريال يمني، والتي كانت تحصل على عوائد منها بما يقارب مليار دولار، والتي تبخرت بسبب قانون منع التعاملات الربوية.