وزير تونسي لـ «الشرق الأوسط»: الحكومة ستتحمل مضاعفات «كورونا»

TT

وزير تونسي لـ «الشرق الأوسط»: الحكومة ستتحمل مضاعفات «كورونا»

كشف الوزير التونسي للتشغيل والتدريب المهني فتحي بالحاج، في حديث مع {الشرق الأوسط}، أن الحكومة اتخذت سلسلة قرارات بهدف احتواء الصعوبات المالية التي تواجهها الدولة والقطاع الخاص، بما في ذلك ارتفاع نسب البطالة وغيرها من المشاكل التي تسببت فيها إجراءات مكافحة فيروس {كورونا} المستجد. وأوضح بالحاج أن الحكومة التونسية رصدت أكثر من 5 في المائة من موازنة الدولة، أي حوالي مليار دولار، لتقديم مساعدات للشركات ولأكثر من مليونين من الفقراء والموظفين، بهدف امتصاص مضاعفات المشاكل الاقتصادية التي تسبب فيها فيروس {كورونا}.
وسجّل الوزير التونسي أن أكثر من 30 في المائة من العمّال وأصحاب المؤسسات الصغرى تضرروا من القرارات التي اتخذتها الحكومة لمنع انتشار الفيروس، ومن بينها حظر التجوّل ليلاً والحجر الصحي الشامل نهاراً، بما في ذلك غلق المقاهي والملاهي والمؤسسات السياحية وإيقاف الرحلات الجوية والبحرية والبرية للمسافرين.
وأقر الوزير التونسي بأن الإجراءات التي اتخذتها السلطات {مؤلمة وغير شعبية بالنسبة لعدة أطراف}. وتوقع أن تكون البلاد مقبلة على مزيد من {المخاطر الاقتصادية والاجتماعية التي تهدد البلاد وتهدد آلاف المؤسسات الاقتصادية العمومية والخاصة التونسية - الأوروبية، ومن بينها مخاطر الإفلاس والعجز المالي وتسريح عشرات الآلاف، ربما، من العمال وإحالتهم مع عائلاتهم على البطالة، بما سيعقّد الأوضاع الاجتماعية لعائلاتهم (الذين سيفقدون وظائفهم) وسيعقّد الأوضاع السياسية والأمنية في البلاد}. وقال الوزير بالحاج إن الحكومة التونسية تقدّر عدد العاطلين عن العمل حالياً بحوالي 15 في المائة من السكان النشطين، أي نصف مليون شخص أغلبهم من الشباب، لكن هذا الرقم يمكن أن يتضخم بسرعة بسبب الخسائر التي ستلحق بالمؤسسات السياحية وبآلاف المطاعم والمقاهي والملاهي وشركات الخدمات والإنتاج والصناعة التقليدية والمؤسسات التصديرية التي تتعامل مع الخارج ومع ملايين السيّاح القادمين من الجزائر وليبيا وأوروبا. وأوضح وزير التشغيل والتدريب المهني أن وزارته لم تحدد بعد العدد الدقيق للعمال الذين سيحالون على البطالة، لكنها تتوقع أن آلاف العمال فقدوا بالفعل موارد رزقهم وأن مئات الشركات العمومية والخاصة التونسية - الأوروبية التي تمر بصعوبات ظرفية أو هيكلية {قد تواجه مشاكل إضافية}.
واعتبر أن القرارات الاقتصادية التي اتخذها الحكومة ستحاول أن {تخفف من حدة الأزمة الاقتصادية الاجتماعية الشاملة التي تواجه البلاد}. لكنه دعا إلى التفاعل مع النداءات لتكريس قيم التضامن الوطني والمساهمة بتبرعات للصندوق الذي أحدثته الحكومة قبل أيام {تكريسا للقيم الحضارية التي عرفت بها مجتمعاتنا منذ 14 قرناً}.
من جهة أخرى، أقر الوزير التونسي بأن أوضاع تونس الاقتصادية والاجتماعية قد تتعقد أكثر في صورة تمديد مرحلة حظر التجول وغلق الحدود البرية والجوية مع الجزائر وليبيا، لأن أكثر من نصف السياح الذين يزورون تونس ويساهمون في تشغيل مؤسساتها السياحية والصناعية والتجارية جزائريون وليبيون.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.