تدخل غير مسبوق للاحتياطي الفيدرالي في الأسواق أمام الفيروس المستجد

تدخل غير مسبوق للاحتياطي الفيدرالي  في الأسواق أمام الفيروس المستجد
TT

تدخل غير مسبوق للاحتياطي الفيدرالي في الأسواق أمام الفيروس المستجد

تدخل غير مسبوق للاحتياطي الفيدرالي  في الأسواق أمام الفيروس المستجد

أعلن البنك المركزي الأميركي (الاحتياطي الفيدرالي) حزمة غير مسبوقة من الإجراءات لدعم الاقتصاد الأميركي، للحفاظ على الأسواق المالية التي تترنح من آثار انتشار فيروس «كورونا».
وأعلنت اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة، التي تضع السياسة النقدية للاحتياطي الفيدرالي، أنها ستشتري كمية غير محدودة من سندات الخزانة والأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري.
وأضافت، في بيان أمس، أنها ستؤسس ثلاث قنوات جديدة لضمان حصول الشركات التي تواجه مخاطر على الائتمان والتمويل الفوري. إحدى هذه القنوات لشراء سندات وديون الشركات الصادرة حديثاً، وأخرى لشراء سندات الشركات المعلقة، والثالثة لبيع السندات المدعومة بقروض الطلاب، والسيارات، وقروض بطاقات الائتمان، والقروض المضمونة من قبل إدارة الأعمال الصغيرة، ليتم شراؤها من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي.
وقالت اللجنة: «أصبح من الواضح أن اقتصادنا سيواجه اضطراباً شديداً. إن بنك الاحتياطي الفيدرالي ملتزم باستخدام مجموعة كاملة من الأدوات لدعم الأسر والشركات والاقتصاد الأميركي بشكل عام في هذا الوقت الصعب». وأعلن الاحتياطي الفيدرالي أنه سيشتري بعض سندات الشركات، لأول مرة في تاريخه، مشيرا إلي أنه سيعلن قريباً عن برنامج إقراض الأعمال للشركات الصغيرة والمتوسطة. وتهدف هذه البرامج إلى توفير وفرة كبيرة من القروض للشركات الصغيرة والكبيرة على رأس أي تحركات من قبل الكونغرس.
وقال البنك إنه على استعداد لتجاوز عملية الشراء الأولية التي أعلن عنها، والتي تبلغ قيمتها 700 مليار دولار، مؤكدا التزامه بضخ المبالغ اللازمة لدعم السوق وتهدئة النظام المالي، مشيرا إلى أنه سيطرح أيضاً برنامجاً لدعم الإقراض للشركات الصغيرة والمتوسطة المؤهلة. وتعد هذه الخطوات تدخلا غير مسبوق للاحتياطي الفيدرالي في الاقتصاد الأميركي، وتهدف بالأساس إلى ضمان توفير السيولة في الأسواق، وسط كارثة اقتصادية تخطت توابعها الأزمة المالية العالمية.
وكان الاحتياطي الفيدرالي قد أعلن، منتصف الشهر الجاري، أنه سيبطل نطاق سعر الفائدة الأساسي الخاص به، ويشتري ما لا يقل عن 700 مليار دولار من سندات الخزانة والأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري. كان الغرض من إجراء الطوارئ هو المساعدة على تعزيز الطلب داخل الاقتصاد الأمريكي وتخفيف سوق السندات التي استولى عليها الذعر، إلا أن هذا الإجراء لم يكن كافيا على الإطلاق لتحفيز الاقتصاد.
تأتي إجراءات البنك المركزي في الوقت الذي تعثر فيه الكونغرس في تمرير صفقة إغاثة رئيسية بقيمة 1.8 تريليون دولار، مما تسبب في توقف الأسواق في جميع أنحاء العالم. وحذر بنك مورغان ستانلي من أن نمو الاقتصاد الأميركي في الربع الثاني يمكن أن ينخفض بنسبة 30 في المائة، وهو رقم قياسي. ويتم دعم هذه الإجراءات بغطاء مالي من وزارة الخزانة.
من جانبه، أعلن وزير الخزانة الأميركي، ستيفن منوشين، أن برامج تمويل الاقتصاد الأميركي لمواجهة أزمة الفيروس التاجي، قد تصل قيمتها إلى 4 تريليونات دولار، مشيرا إلى أنه يعمل بشكل وثيق مع الاحتياطي الفيدرالي لضمان حصول الشركات الصغيرة على الأموال التي تحتاجها من أجل البقاء. وأضاف «يمكن لأي شركة صغيرة أن تدخل البنك بسرعة كبيرة والحصول على قرض مضمون والحصول على المال بسرعة. هذا جهد جماعي لمواجهة هذا الفيروس وتقديم الإغاثة الاقتصادية».
وقال، في مداخلة يوم الاثنين لقناة «فوكس بيزنس»: «عندما بدأ هذا، كان هذا فريداً بعض الشيء بالنسبة لصناعة الطيران، حيث أغلقنا معظم رحلات الطيران. إن قنوات السيولة هذه هي قنوات جديدة واسعة النطاق لتوفير التمويل للشركات»، وأضاف «يمكننا جمع ما يصل إلى 4 تريليونات دولار لمساعدة كل الشركات الصغيرة إلى الشركات الكبيرة خلال 90 إلى 120 يوماً القادمة».
وأعلنت وزارة الخزانة أنها ستوفر ضماناً بقيمة 10 مليارات دولار لتمويل الأعمال التجارية قصيرة الأجل، ويسمح هذا الضمان للمؤسسات المالية بتقديم قروض للشركات بإجمالي تريليون دولار.
وتسببت عمليات الإغلاق الواسعة النطاق للمطاعم والحانات وأماكن الترفيه ضربة مدمرة للاقتصاد الأمريكي. وتقدم عشرات الآلاف من الأميركيين بطلب للحصول على تأمين ضد البطالة، حيث أثر الفيروس التاجي على جميع قطاعات الاقتصاد الأميركي تقريباً.
ومع حاجة العديد من الشركات للمساعدة في وقت واحد، تكافح البنوك وأسواق الائتمان لتوفير ما يكفي من القروض قصيرة الأجل، بينما يحاول الاحتياطي الفيدرالي ضخ مزيد من السيولة وبقاء سوق الائتمان مفتوحة أمام الجميع.



 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
TT

 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)

رفعت وكالة التصنيفات الائتمانية «موديز» تصنيفها للسعودية بالعملتين المحلية والأجنبية عند «إيه إيه 3» (Aa3) من «إيه 1» مع نظرة مستقبلية «مستقرة»، وذلك نظراً لتقدم المملكة المستمر في التنويع الاقتصادي والنمو المتصاعد لقطاعها غير النفطي.

هذا التصنيف الذي يعني أن الدولة ذات جودة عالية ومخاطر ائتمانية منخفضة للغاية، هو رابع أعلى تصنيف لـ«موديز»، ويتجاوز تصنيفات وكالتي «فيتش» و«ستاندرد آند بورز».

وقالت «موديز» في تقريرها إن رفعها لتصنيف المملكة الائتماني، مع نظرة مستقبلية «مستقرة»، يأتي نتيجة لتقدمها المستمر في التنوع الاقتصادي، والنمو المتصاعد للقطاع غير النفطي في المملكة، والذي، مع مرور الوقت، سيقلل ارتباط تطورات سوق النفط باقتصادها وماليتها العامة.

ترتيب أولويات الإنفاق ورفع كفاءته

وأشادت «موديز» بالتخطيط المالي الذي اتخذته الحكومة السعودية في إطار الحيّز المالي، والتزامها بترتيب أولويات الإنفاق ورفع كفاءته، بالإضافة إلى الجهود المستمرة التي تبذلها ومواصلتها استثمار المـوارد الماليـة المتاحـة لتنويـع القاعـدة الاقتصاديـة عـن طريـق الإنفـاق التحولي؛ مما يدعم التنمية المستدامة للاقتصاد غير النفطي في المملكة، والحفاظ على مركز مالي قوي.

وقالت «موديز» إن عملية «إعادة معايرة وإعادة ترتيب أولويات مشاريع التنويع -التي ستتم مراجعتها بشكل دوري- ستوفر بيئة أكثر ملاءمة للتنمية المستدامة للاقتصاد غير الهيدروكربوني في المملكة، وتساعد في الحفاظ على القوة النسبية لموازنة الدولة»، مشيرة إلى أن الاستثمارات والاستهلاك الخاص يدعمان النمو في القطاع الخاص غير النفطي، ومتوقعةً أن تبقى النفقات الاستثمارية والاستثمارات المحلية لـ«صندوق الاستثمارات العامة» مرتفعة نسبياً خلال السنوات المقبلة.

شعار «موديز» خارج المقر الرئيسي للشركة في مانهاتن الولايات المتحدة (رويترز)

وقد وضّحت الوكالة في تقريرها استنادها على هذا التخطيط والالتزام في توقعها لعجز مالي مستقر نسبياً والذي من الممكن أن يصل إلى ما يقرب من 2 - 3 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي.

وسجل الناتج المحلي الإجمالي للمملكة نمواً بمعدل 2.8 في المائة على أساس سنوي في الربع الثالث من العام الحالي، مدعوماً بنمو القطاع غير النفطي الذي نما بواقع 4.2 في المائة، وفقاً لبيانات الهيئة العامة للإحصاء السعودية الصادرة الشهر الماضي.

زخم نمو الاقتصاد غير النفطي

وتوقعت «موديز» أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي للقطاع الخاص بالسعودية بنسبة تتراوح بين 4 - 5 في المائة في السنوات المقبلة، والتي تعتبر من بين أعلى المعدلات في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، معتبرةً أنه دلالة على استمرار التقدم في التنوع الاقتصادي الذي سيقلل ارتباط اقتصاد المملكة بتطورات أسواق النفط.

وكان وزير المالية، محمد الجدعان، قال في منتدى «مبادرة مستقبل الاستثمار» الشهر الماضي إن القطاع غير النفطي بات يشكل 52 في المائة من الاقتصاد بفضل «رؤية 2030».

وقال وزير الاقتصاد فيصل الإبراهيم إنه «منذ إطلاق رؤية المملكة 2030 نما اقتصادنا غير النفطي بنسبة 20 في المائة، وشهدنا زيادة بنسبة 70 في المائة في الاستثمار الخاص في القطاعات غير النفطية، ومهد ذلك للانفتاح والمشاركات الكثيرة مع الأعمال والشركات والمستثمرين».

وأشارت «موديز» إلى أن التقدم في التنويع الاقتصادي إلى جانب الإصلاحات المالية السابقة كل ذلك أدى إلى وصول «الاقتصاد والمالية الحكومية في السعودية إلى وضع أقوى يسمح لهما بتحمل صدمة كبيرة في أسعار النفط مقارنة بعام 2015».

وتوقعت «موديز» أن يكون نمو الاستهلاك الخاص «قوياً»، حيث يتضمن تصميم العديد من المشاريع الجارية، بما في ذلك تلك الضخمة «مراحل تسويق من شأنها تعزيز القدرة على جانب العرض في قطاع الخدمات، وخاصة في مجالات الضيافة والترفيه والتسلية وتجارة التجزئة والمطاعم».

وبحسب تقرير «موديز»، تشير النظرة المستقبلية «المستقرة» إلى توازن المخاطر المتعلقة بالتصنيف على المستوى العالي، مشيرة إلى أن «المزيد من التقدم في مشاريع التنويع الكبيرة قد يستقطب القطاع الخاص ويُحفّز تطوير القطاعات غير الهيدروكربونية بوتيرة أسرع مما نفترضه حالياً».

النفط

تفترض «موديز» بلوغ متوسط ​​سعر النفط 75 دولاراً للبرميل في 2025، و70 دولاراً في الفترة 2026 - 2027، بانخفاض عن متوسط ​​يبلغ نحو 82 - 83 دولاراً للبرميل في 2023 - 2024.

وترجح وكالة التصنيف تمكّن السعودية من العودة لزيادة إنتاج النفط تدريجياً بدءاً من 2025، بما يتماشى مع الإعلان الأخير لمنظمة البلدان المصدرة للنفط وحلفائها «أوبك بلس».

وترى «موديز» أن «التوترات الجيوسياسية المتصاعدة في المنطقة، والتي لها تأثير محدود على السعودية حتى الآن، لن تتصاعد إلى صراع عسكري واسع النطاق بين إسرائيل وإيران مع آثار جانبية قد تؤثر على قدرة المملكة على تصدير النفط أو إعاقة استثمارات القطاع الخاص التي تدعم زخم التنويع». وأشارت في الوقت نفسه إلى أن الصراع الجيوسياسي المستمر في المنطقة يمثل «خطراً على التطورات الاقتصادية على المدى القريب».

تصنيفات سابقة

تجدر الإشارة إلى أن المملكة حصلت خلال العامين الحالي والماضي على عدد من الترقيات في تصنيفها الائتماني من الوكالات العالمية، والتي تأتي انعكاساً لاستمرار جهـود المملكـة نحـو التحـول الاقتصـادي فـي ظـل الإصلاحـات الهيكليـة المتبعـة، وتبنـّي سياسـات ماليـة تسـاهم فـي المحافظـة علـى الاستدامة الماليـة وتعزز كفـاءة التخطيـط المالي وقوة ومتانة المركز المالي للمملكة. ​

ففي سبتمبر (أيلول)، عدلت «ستاندرد آند بورز» توقعاتها للمملكة العربية السعودية من «مستقرة» إلى «إيجابية» على خلفية توقعات النمو القوي غير النفطي والمرونة الاقتصادية. وقالت إن هذه الخطوة تعكس التوقعات بأن تؤدي الإصلاحات والاستثمارات واسعة النطاق التي تنفذها الحكومة السعودية إلى تعزيز تنمية الاقتصاد غير النفطي مع الحفاظ على استدامة المالية العامة.

وفي فبراير (شباط) الماضي، أكدت وكالة «فيتش» تصنيفها الائتماني للمملكة عند «إيه +» مع نظرة مستقبلية «مستقرة».