مع «كورونا»... كيف تتغير جغرافيا عالم الفن؟

غاليري «ثمبنيل 1»
غاليري «ثمبنيل 1»
TT

مع «كورونا»... كيف تتغير جغرافيا عالم الفن؟

غاليري «ثمبنيل 1»
غاليري «ثمبنيل 1»

مع وباء فيروس «كورونا»، خيَّم على صالونات الفن والغاليريهات في كل أنحاء العالم، جو التأزم أو التراجع الذي تعرفه سوق البيع والشراء للقطع الفنية منذ سنوات، والذي تفاقم هذه الأيام. وعلمنا من أوساط المنظمين أن مجمل المبيعات تدنى إلى أقل مستوياته خلال الشهرين الماضيين. وقال مدير واحدة من أكبر صالات العرض في روما «غاليري واحد»، إن «الوضع الحالي صعب للغاية، فمبيعات صالات العرض في ميلانو وروما مثل مشترياتها، تراجعت بنسبة 100 في المائة». وأضاف مدير القاعة أدريانو جميللي يقول: «عرفنا جموداً ملحوظاً في سنوات سابقة، يعود إلى خوف المشترين، غير المبرر طبعاً. الآن الوضع مختلف، فالأجواء المرعبة للوباء الفيروسي ستؤدي إلى ركود مفجع في بعض الدول؛ حيث ستخفِّض النمو السنوي العالمي هذا العام إلى أقل من 2.5 في المائة، وفي أسوأ السيناريوهات قد نشهد عجزاً في الدخل العالمي بقيمة تزيد على أربعة أو خمسة تريليونات دولار. كل الدعوات المحلية والعالمية إلى وضع سياسات منسقة لتجنب الانهيار في الاقتصاد العالمي، نتوقع عدم نجاحها. وهذا بالطبع -وبشكل كارثي- ينسحب على سوق الفن».
عالم الفن بهذه الأيام، صمت مطبق، لتلك الافتتاحات التي كانت تأخذ بالألباب، اختصاصيو غاليريهات، ومغرمو موضة؛ فقد سقط متاع ذو مستوى عالٍ، وصمتت معه جملة من البروتوكولات والاحتفالات والنظريات والمزاد العلني والصفقات السرية.
قبل «كورونا»، كان الفن عالماً يتعايش بداخله فنانون، ونقاد الفن، ومنظمو الغاليريهات، وجامعو الأعمال الفنية، ووسائل الإعلام، ومتاحف، وجمهور؛ ولقد تمكن هذا النظام مع مرور السنين من إعادة صياغة نمط هويته.
كانت تلك هي «قوة الفن». ولا بد من التأكيد على أن بعض المعطيات التي كانت إلى ما قبل ظهور هذا الفيروس المرعب، قد أبرزت أوروبياً تنامي ظهور عدد من الفنانات والفنانين الملتزمين، ومجموعات من الفنانين الأميركيين، وعلى رأسهم جماعة «رفع الاحتلال عن هذا المكان» والمجموعة الإندونيسية «روانغروبا»، ومجموعة «روان». كما يجب أن نذكر في هذا الإطار حركة «أنا أيضاً». أما القيمون على عالم الفن فليسوا بكُثر؛ إذ لا يتجاوز عددهم العشرة في كل العالم، والأمر نفسه يمكن قوله عن مديري المراكز الثقافية.
لقد بدا لنا «نظام عالم الفن»، لعدة سنين، وحتى نهاية شهر فبراير (شباط) من العام الجاري، كمجرة نجد في وسطها ما سماها بعضهم أخوات الفن السبع: «الموما- ب س1»، و«الكاغنهايم»، و«المات»، في مدينة نيويورك، ومتحف «بومبيدو» بباريس، ومتحف «تيت» في مدينة لندن، ومتحف «لودفيغ» في مدينة فيينا، ومتحف «كولونيا» في ألمانيا، ومتحف «بودابيست» في هنغاريا، ومؤسسة الفن لسوروس العالمية التي أسسها رجل الأعمال الهنغاري جورج سوروس. ويدور حول فلك الأخوات السبع عديد من القيمين (على المعارض والغاليريهات...)، والفنانين.
قبل أيام وباء فيروس «كورونا»، بدت خريطة نظام الفن أكثر تحركاً، وأشعرت جميع المختصين في عالم الفن بأنه لا يزال للمتاحف دور مهم. بيد أنه منذ زمن، بدا أن سلطان المتاحف تحيط به بعض الغاليريهات مثلما توكد مجلة «إعادة النظر في الفن». ذلك أننا نجد شركات متعددة الجنسيات والحدود تقوم بهذا الصنيع. أسماء كثيرة امتلكت شهرة وحضوراً. فهؤلاء جميعاً من أرباب صناعة الغاليريهات الذين يتحركون على صعيد عالمي، تحركهم عاصفة العولمة وبساطها الذي ركبوه مثلما ركبهم. ولهم مقرات في عديد من المدن، وغالباً في قارات مختلفة. ورغم الاختلاف بينهم فهم يسلكون كـ«بلوتوقراطيين»، أي أرباب الأموال الطائلة الذين يؤثرون في عالم السياسة؛ بل كرجال الاستعراض والعرض، كمروِّضين وكلاعبي «البوكر». إنهم لا يعدون الزيارات إلى الورشات الفنية واستوديوهات الفنانين أمراً مهماً، كما لا تعنيهم كثيراً الأحكام عن جودة اللوحات الفنية أو عن التماثيل المنحوتة، أو التركيبات الفنية الحديثة التي يطلق عليها تسمية «ستيلاسيون».
قبل انتشار «كورونا»، كتب أحد نقاد الفن المشهورين، الأميركي جاري سالتز، لمجلة «نيويورك»، أن السوق كـ«مخدر يبلغ خنقه (لمتعاطيه) إلى هوس التبعية له وإلى إدمانه؛ إنه عاصفة مبرمجة مجبولة من الإشهارات والسمسرة والجشع والاحتكار، إنه خليط من تجارة عبيد (نخاسة)، ووكالة بورصة».
أما استراتيجية صانعي الغاليريهات ذات الأبعاد العولمية، فواضحة وبينة: العمل الدؤوب على جعل القيمين عليها أقل تأثيراً، وذلك بإجبارهم على اختزال عملهم إلى مجرد ممارسة توثيقية وتنظيمية، ثم هم لا يكتفون بذلك؛ بل يعملون على تقويض عديد من الغاليريهات «الوطنية»، و«المحلية». ويحدوهم ويسوقهم في ذلك الطمع السري: التشجيع على تنميط الذوق والاختيارات الفنية، بأن يجعلوها ينسخ بعضها بعضاً.


مقالات ذات صلة

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا الطبيب البريطاني توماس كوان (رويترز)

سجن طبيب بريطاني 31 عاماً لمحاولته قتل صديق والدته بلقاح كوفيد مزيف

حكم على طبيب بريطاني بالسجن لأكثر من 31 عاماً بتهمة التخطيط لقتل صديق والدته بلقاح مزيف لكوفيد - 19.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد السعودية تصدرت قائمة دول «العشرين» في أعداد الزوار الدوليين بـ 73 % (واس)

السعودية الـ12 عالمياً في إنفاق السياح الدوليين

واصلت السعودية ريادتها العالمية بقطاع السياحة؛ إذ صعدت 15 مركزاً ضمن ترتيب الدول في إنفاق السيّاح الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك تم تسجيل إصابات طويلة بـ«كوفيد- 19» لدى أشخاص مناعتهم كانت غير قادرة على محاربة الفيروس بشكل كافٍ (رويترز)

قرار يمنع وزارة الصحة في ولاية إيداهو الأميركية من تقديم لقاح «كوفيد»

قرر قسم الصحة العامة الإقليمي في ولاية إيداهو الأميركية، بأغلبية ضئيلة، التوقف عن تقديم لقاحات فيروس «كوفيد-19» للسكان في ست مقاطعات.

«الشرق الأوسط» (أيداهو)
أوروبا أحد العاملين في المجال الطبي يحمل جرعة من لقاح «كورونا» في نيويورك (أ.ب)

انتشر في 29 دولة... ماذا نعرف عن متحوّر «كورونا» الجديد «XEC»؟

اكتشف خبراء الصحة في المملكة المتحدة سلالة جديدة من فيروس «كورونا» المستجد، تُعرف باسم «إكس إي سي»، وذلك استعداداً لفصل الشتاء، حيث تميل الحالات إلى الزيادة.

يسرا سلامة (القاهرة)

مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة يناقش «النقد الفلسفي» وتشكيل المستقبل

الدكتور أحمد البرقاوي والدكتور عبد الله الغذامي في الجلسة الأولى لمؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة... وأدار الجلسة الدكتور سليمان الهتلان (تصوير: ميرزا الخويلدي)
الدكتور أحمد البرقاوي والدكتور عبد الله الغذامي في الجلسة الأولى لمؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة... وأدار الجلسة الدكتور سليمان الهتلان (تصوير: ميرزا الخويلدي)
TT

مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة يناقش «النقد الفلسفي» وتشكيل المستقبل

الدكتور أحمد البرقاوي والدكتور عبد الله الغذامي في الجلسة الأولى لمؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة... وأدار الجلسة الدكتور سليمان الهتلان (تصوير: ميرزا الخويلدي)
الدكتور أحمد البرقاوي والدكتور عبد الله الغذامي في الجلسة الأولى لمؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة... وأدار الجلسة الدكتور سليمان الهتلان (تصوير: ميرزا الخويلدي)

تحت عنوان «النقد الفلسفي» انطلقت صباح اليوم، فعاليات مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة بدورته الرابعة، الذي يقام بمناسبة اليوم العالمي للفلسفة، وذلك بمقر بيت الفلسفة بالإمارة، برعاية الشيخ محمد بن حمد الشرقي، ولي عهد الفجيرة.

ومؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة، هو أول مؤتمر من نوعه في العالم العربي ويشارك فيه سنوياً نخبة من الفلاسفة البارزين من مختلف أنحاء العالم، ويحمل المؤتمر هذا العام عنوان «النقد الفلسفي».

وتهدف دورة هذا العام إلى دراسة مفهوم «النقد الفلسفي»، من خلال طرح مجموعة من التساؤلات والإشكاليات حوله، بدءاً من تعريف هذا النوع من النقد، وسبل تطبيقه في مجالات متنوعة مثل الفلسفة والأدب والعلوم.

ويتناول المؤتمر العلاقة بين النقد الفلسفي وواقعنا المعيش في عصر الثورة «التكنوإلكترونية»، وأثر هذا النقد في تطور الفكر المعاصر.

الدكتور عبد الله الغذامي (تصوير: ميرزا الخويلدي)

ويسعى المتحدثون من خلال هذا الحدث إلى تقديم رؤى نقدية بناءة جديدة حول دور الفلسفة في العصر الحديث ومناقشة مجموعة من الموضوعات المتنوعة، تشمل علاقة النقد الفلسفي بالتاريخ الفلسفي وتأثيره في النقد الأدبي والمعرفي والعلمي والتاريخي ومفاهيم مثل «نقد النقد» وتعليم التفكير النقدي، إلى جانب استكشاف جذور هذا النقد وربطه ببدايات التفلسف.

وتسعى دورة المؤتمر لهذا العام لأن تصبح منصة غنية للمفكرين والفلاسفة لتبادل الأفكار، وتوسيع آفاق النقاش، حول دور الفلسفة في تشكيل المستقبل.

ويأتي المؤتمر في ظل الاحتفال بـ«اليوم العالمي للفلسفة» الذي يصادف الخميس 21 نوفمبر (تشرين الثاني) من كل عام، والذي أعلن من قبل «اليونيسكو»، ويحتفل به كل ثالث يوم خميس من شهر نوفمبر، وتم الاحتفال به لأول مرة في 21 نوفمبر 2002.

أجندة المؤتمر

وعلى مدى ثلاثة أيام، تضم أجندة مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة؛ عدداً من الندوات والمحاضرات وجلسات الحوار؛ حيث افتتح اليوم بكلمة للدكتور أحمد البرقاوي، عميد بيت الفلسفة، وكلمة لأمين عام الاتحاد الدولي للجمعيات الفلسفية.

وتتضمن أجندة اليوم الأول 4 جلسات: ضمت «الجلسة الأولى» محاضرة للدكتور أحمد البرقاوي، بعنوان: «ماهيّة النّقد الفلسفيّ»، ومحاضرة للدكتور عبد الله الغذامي، بعنوان: «النقد الثقافي»، وترأس الجلسة الدكتور سليمان الهتلان.

كما ضمت الجلسة الثانية، محاضرة للدكتور فتحي التريكي، بعنوان: «النقد في الفلسفة الشريدة»، ومحاضرة للدكتور محمد محجوب، بعنوان: «ماذا يُمكنني أن أنقد؟»، ومحاضرة ثالثة للدكتور أحمد ماضي، بعنوان: «الفلسفة العربية المعاصرة: قراءة نقدية»، وترأس الجلسة الدكتور حسن حماد.

أمّا الجلسة الثالثة، فضمت محاضرة للدكتور مشهد العلّاف، بعنوان: «الإبستيمولوجيا ونقد المعرفة العلميّة»، ومحاضرة للدكتورة كريستينا بوساكوفا، بعنوان: «الخطاب النقدي لهاريس - نقد النقد»، ومحاضرة للدكتورة ستيلا فيلارميا، بعنوان: «فلسفة الولادة - محاولة نقدية»، وترأس الجلسة: الدكتور فيليب دورستيويتز.

كما تضم الجلسة الرابعة، محاضرة للدكتور علي الحسن، بعنوان: «نقد البنيوية للتاريخانيّة»، ومحاضرة للدكتور علي الكعبي، بعنوان: «تعليم الوعي النقدي»، ويرأس الجلسة: الدكتور أنور مغيث.

كما تضم أجندة اليوم الأول جلسات للنقاش وتوقيع كتاب «تجليات الفلسفة الكانطية في فكر نيتشه» للدكتور باسل الزين، وتوقيع كتاب «الفلسفة كما تتصورها اليونيسكو» للدكتور المهدي مستقيم.

الدكتور أحمد البرقاوي عميد بيت الفلسفة (تصوير: ميرزا الخويلدي)

ويتكون برنامج اليوم الثاني للمؤتمر (الجمعة 22 نوفمبر 2024) من ثلاث جلسات، تضم الجلسة الأولى محاضرة للدكتورة مريم الهاشمي، بعنوان: «الأساس الفلسفي للنقد الأدبيّ»، ومحاضرة للدكتور سليمان الضاهر، بعنوان: «النقد وبداية التفلسف»، ويرأس الجلسة: الدكتورة دعاء خليل.

وتضم الجلسة الثانية، محاضرة للدكتور عبد الله المطيري، بعنوان: «الإنصات بوصفه شرطاً أوّلياً للنّقد»، ومحاضرة للدكتور عبد الله الجسمي، بعنوان: «النقد والسؤال»، ويرأس الجلسة الدكتور سليمان الضاهر.

وتضم الجلسة الثالثة، محاضرة الدكتور إدوين إيتييبو، بعنوان: «الخطاب الفلسفي العربي والأفريقي ودوره في تجاوز المركزية الأوروبية»، ومحاضرة الدكتور جيم إي أوناه، بعنوان: «الوعي الغربي بفلسفة ابن رشد - مدخل فيمونولوجي»، ويرأس الجلسة: الدكتور مشهد العلاف.

ويتكون برنامج اليوم الثالث والأخير للمؤتمر (السبت 23 نوفمبر 2024) من جلستين: تتناول الجلسة الأولى عرض نتائج دراسة حالة «أثر تعليم التفكير الفلسفي على طلاب الصف الخامس» تشارك فيها شيخة الشرقي، وداليا التونسي، والدكتور عماد الزهراني.

وتشهد الجلسة الثانية، اجتماع حلقة الفجيرة الفلسفية ورؤساء الجمعيات الفلسفية العربية.