مهرجانات السينما تنتقل إلى بيتك

المخرج كريستوفر نولان يطلب دعم الحكومة الأميركية

مهرجانات السينما تنتقل إلى بيتك
TT

مهرجانات السينما تنتقل إلى بيتك

مهرجانات السينما تنتقل إلى بيتك

قبل يومين، كتب المخرج كريستوفر نولان («باتمان يبدأ»، «دنكيرك») مقالاً في صحيفة «ذا واشنطن بوست»، مهيباً بالبيت الأبيض عدم تجاهل حاجة السينما الأميركية للدعم في هذه الفترة التي تمرّ فيها البلاد بأقسى محنة. مما ذكره:
«صالات السينما هي جزء جوهري في الحياة الاجتماعية توفّر العمل للعديدين والترفيه للجميع. وفي المقال ذاته أكمل قائلاً: (لقد برهنت الأسابيع القليلة الماضية على أن هناك ما هو أهم من الذهاب إلى صالات السينما، لكن السينما تلعب دوراً كبيراً في حياتنا أيضاً)».
وختم قائلاً: «عندما تمر هذه الأمة، ستكون هناك حاجة إنسانية جامعة للقاء. الحاجة للحياة وللحب وللضحك وللبكاء. هذه الحاجة ستكون أكثر قوّة مما سبق. نحتاج إلى ما توفره لنا السينما. ربما كنتَ تظن مثلي أننا نذهب إلى (صالات) السينما للصوت والصورة والصودا و(البوبكورن)، أو لمشاهدة نجوم السينما. لكننا كنا في الحقيقة نذهب لكي نحتاج لبعضنا البعض».

عروض افتراضية
لا علم لأحد إذا ما كانت نيّة البيت الأبيض ضم قطاع السينما إلى ما قررت توفيره من دعم مالي للصناعات كافّة. لم يصدر قرار محدد بذلك في معمعة الإجراءات الاقتصادية التي قرر البيت الأبيض توفيرها لحماية الاقتصاد والأمن القومي، ونولان ليس الوحيد الذي طالب الحكومة الأميركية بالالتفات إلى الأضرار المتراكمة جراء إقفال معظم دور السينما أبوابها.
للعلم هناك 41171 صالة سينما، بينها 559 صالة في الهواء الطلق («درايف إن») حتى مطلع هذا العام. للمقارنة، عدد صالات السينما قبل أربعين سنة كان 22921 صالة (بينها 1014 صالة في الهواء الطلق)، والرقم حافَظ على صعوده منذ ذلك الحين، ما يعكس شغف الناس ونجاح الصناعة في آن معاً.
وكما ورد في متابعات سابقة هنا، فإن الأزمة تشمل صانعي الأفلام وفنييها والعاملين في جوارها والموظفين في شتّى القطاعات، وهم بمئات الألوف حول العالم. وفي حين أنه من المستحيل إبقاء صالات السينما مفتوحة، بات من الطبيعي أن تُوجّه الاستوديوهات أعمالها المنتجة إلى سوق جديدة، هي تلك التي في المنازل، لقاء اشتراك سنوي. هذه أكثر أماناً، وبعض المردود سيعوّض الهوّة الكبيرة الناتجة عن إغلاق دور العرض.
فإزاء الوضع الراهن، أخذت الشركات تستغلّ النافذة المفتوحة لكي تعرض بعض جديدها على الجمهور في منزله، على طريقة «خليك عندك أنا أجيلك». وهي طريقة لا بأس بفاعليتها لجمهور ليس لديه ما يقوم به في حبسه الإجباري الحالي.
وما يتبدّى اليوم أكثر من أي وقت قريب مضى أن مهرجانات السينما سوف تعمد إلى الحل ذاته. ربما ليس «كان» و«فنيسيا» وبضعة مهرجانات أولى تحمل صفة الدولية قولاً وفعلاً، لكن تلك المتوسطة وبعض الكبيرة أيضاً.
بداية، وبعد يومين من نشر الرصد السابق لنا في «الشرق الأوسط» حول تمنّع مهرجان «كان» في إيقاف دورته المقبلة، وإنكاره ما ورد في الصحف الفرنسية من احتمالات تأجيله، أصدر المهرجان إذعاناً قال فيه إنه بناء على المعطيات وحرصاً على «سلامة الناس» سوف يتم تأجيل الدورة إلى أواخر الشهر الخامس ومطلع الشهر السادس.
لحين غازل «كان» إمكانية تأمين سوقه السينمائي الدولي، الذي يقام جنباً إلى جنب أيام المهرجان، وذلك عبر تحويل عملياته إلى سوق الإنترنت المفتوح. بذلك يضمن ريعه أساساً واستمرار السوق، خصوصاً أن نيّة الاستغناء عن سوق «كان»، تبدّت في مراسلات عدد كبير من أبناء الصناعة الضخمة. تنادى بعضهم إلى إنشاء سوق بديل يستطيعون العمل من خلاله من دون حضورهم الفعلي غير المُجاز أساساً بسبب الوباء الحاصل.
في طيّـات ذلك، اعتبرت سينما كوريا الجنوبية نفسها أكثر الخاسرين في هذا المجال، فنجاح فيلم «فطري» جعل السينما الكورية بؤرة اهتمام الجميع، وحث السينمائيين هناك على توفير أفلام جديدة ذات قيمة فنية وجاذبية عالمية والاستفادة من هذا الاهتمام الكبير بشأنها.

امرأة في الصحراء
في هذا الوقت تبدّت رغبة عدد من المهرجانات للتوجه إلى العرض المنزلي المباشر. وفي الواقع يتطوّر هذا الاتجاه حالياً عبر منصّات مهرجاناتية مختلفة. فـ«مؤسسة الفيلم البريطاني» المشرفة على «مهرجان لندن السينمائي» بادرت بعرض عدد من الأفلام الجديدة عبر الوسيلة الافتراضية ذاتها. أحد الأفلام المتوفرة عنوان «لا تنظر إلى تحت» (Don‪’‬t Look Down) وهو فيلم فرنسي شهد عرضاً محدوداً في باريس قبل الأزمة، وانتقل إلى الرفّ بعد ذلك.
لكن ما توفره هذه المؤسسة العريقة لا يزال تحت الاعتبار. للآن هو فعل جزئي، على عكس ما يقوم به «مهرجان CPH‪:‬DOX» في كوبنهاغن، فعوض أن يخسر المناسبة المقررة من الثامن عشر إلى التاسع والعشرين الشهر الحالي، قرر أن يوفر أفلامه على الإنترنت لقاء اشتراكات هي، في الواقع، بديل للتذاكر التي يشتريها الروّاد من صالات السينما ومراكز البيع الأخرى.
يوفر المهرجان أفلاماً تسجيلية عديدة، من بينها «رأس المال في القرن الحادي والعشرين» لجوستين بومبرتون: 103 دقائق من العرض السياسي المركّز لما يحدث في عالمنا اليوم اقتصادياً ومعيشياً. والفيلم لا يدّعي أشياء غير متوفرة بالملاحظة العامة، يلتقط مشاهد من صعود النشاطات المالية وحركتها الدؤوبة والتقائها المباشر مع القوى السياسية، وكله على أكتاف النسبة الأعلى من الناس. يقتبس الفيلم مصادره من كتاب صدر سنة 2014، ووضعه توماس بيكيتي حول الموضوع نفسه في 700 صفحة موثقة وتفصيلية.
على صعيد البيوغرافات هناك ثلاثة أفلام تشترك، على نحو أو آخر، في هذه الصفة. أفضلها ذلك الحنين المتبدّي الذي حققه أندريه أ. تاركوفسكي عن حياة وسينما أبيه أندريه تاركوفسكي تحت عنوانAndrey Tarkovsky‪:‬ A Cinema Prayer.
الفيلمان الآخران هما «إحكيلي» لماريان خوري (مصر)، و«أزنافور حسب شارل» لمارك دي دومينيكو، وهما فيلمان معتدلاً القيمة لكنهما شهداً عروضاً مهرجاناتية نشطة.
فيلم عربي آخر لجانب «إحكيلي» هو «143 صحاري دَزرت» للجزائري حسن فرحاني حول تلك المرأة المسنّة، التي تعيش وحيدة على طريق صحراوية تبيع لسائقي الشاحنات القهوة والشاي وتتحدث عن حياتها ومستقبلها، في ظل قرب افتتاح محطة بنزين ستنافسها في رزقها. فيلم رائع كفكرة ثم رائع كتنفيذ أيضاً.
هذا المهرجان الدنماركي المهم ليس وحده في توفير أفلامه على الإنترنت لمن يفضل البقاء في البيت، أو تُفرض عليه هذه الحالة، هناك مهرجان EDFA التسجيلي أيضاً (هولندا) و«مهرجان البيئة السينمائي» في العاصمة واشنطن.
كل ذلك يدخل ضمن الحلول الاضطرارية، ليس فقط لأن المهرجانات وُجدت لكي تحتفل بالسينما على الشاشات الكبيرة وبأفضل التقنيات الممكنة، بل أيضاً لأنه من المستحيل نقل تقنيات الفيلم وتفاصيله بالنوعية ذاتها على الإنترنت. هناك من الخصائص والعناصر التي قد لا يلاحظها المشاهد العام، لكن النقاد يستطيعون التعرّف عليها ويقدروا ما يخسره الجمهور من نوعية العمل ومستواه بمجرد أن يرضى بالبقاء في البيت والنظر إلى العالم من بعيد.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».