الداخلية المصرية تتوقع عملا إرهابيا كبيرا بعد إعلان «بيت المقدس» انضمامه لـ«داعش»

اللواء هاني عبد اللطيف: تأهب لمواجهة عمليات إرهابية

الداخلية المصرية تتوقع عملا إرهابيا كبيرا  بعد إعلان «بيت المقدس» انضمامه لـ«داعش»
TT

الداخلية المصرية تتوقع عملا إرهابيا كبيرا بعد إعلان «بيت المقدس» انضمامه لـ«داعش»

الداخلية المصرية تتوقع عملا إرهابيا كبيرا  بعد إعلان «بيت المقدس» انضمامه لـ«داعش»

حسم تنظيم أنصار بيت المقدس، أكبر جماعة إسلامية متشددة في مصر، الجدل بشأن علاقته بتنظيم داعش، وأعلن انضمامه إلى التنظيم الذي يهيمن على مناطق واسعة في العراق والشام، ومبايعة زعيمه أبو بكر البغدادي، في خطوة وصفها مراقبون بـ«المتوقعة». واستبعدت مصادر أمنية رسمية أن تنعكس هذه الخطوة على طبيعة عمليات التنظيم في مصر. وقال اللواء هاني عبد اللطيف المتحدث باسم وزارة الداخلية لـ«الشرق الأوسط» إن بلاده «تواجه جريمة الإرهاب وفق القانون، دون النظر للافتة التي يعمل تحتها أي تنظيم»، مشيرا إلى أن سلطات الأمن تتوقع «عملية إرهابية كبيرة خلال الفترة المقبلة، في مسعى للإيهام بتماسك التنظيم، والتأثير على معنويات المصريين».
ونشر تنظيم أنصار بيت المقدس المتمركز في سيناء كلمة مسجلة صوتيا بُثت على حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، بعنوان «كلمة صوتية بمبايعة خليفة المسلمين أبي بكر البغدادي وانضمامها إلى الدولة الإسلامية».
وقال التنظيم إنه «بزغ فجر جديد وعز مجيد بقيام دولة للمسلمين. وارتفعت راية التوحيد وأقيمت الشريعة وطبقت الحدود وأزيلت الحواجز وكسرت السدود وأعلنت الخلافة في العراق والشام، واختار المسلمون خليفة لهم هو حفيد لخير الأنام، فلم يسعنا والحال هذه إلا أن نلبى داعي الله». وعد اللواء عبد اللطيف البيان الأخير لتنظيم بيت المقدس دليلا على الارتباك، قائلا: «كان هناك بيان قبل أيام تم نفيه.. هناك تضارب وارتباك، تحت تأثير الضغوط والضربات الأمنية التي يواجهها التنظيم الإرهابي».
وكان بيان منسوب لـ«أنصار بيت المقدس» نُشر في 3 من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، وأعلن انضمام التنظيم لـ«داعش»، لكنه نفى في اليوم التالي إصدار البيان، وقال إنه لا صلة له به، وإنه لم يُنشر في الصفحة التي تديرها على «تويتر».
وتشن السلطات الأمنية المصرية عملية كبرى ضد عناصر أنصار بيت المقدس في شمال سيناء، في أعقاب سقوط أكثر من 30 جنديا في عملية إرهابية بالقرب من الحدود بين مصر وغزة، أواخر الشهر الماضي. وشملت الإجراءات المصرية ترحيل سكان الشريط الحدودي لإحكام السيطرة على الحدود بين مصر وغزة. وقال المتحدث الرسمي للداخلية إن السلطات الأمنية «لن تنزلق في فخ التسميات.. نعد هذا الأمر سذاجة؛ فمن ذبح الصحافي الأميركي في سوريا وسمي نفسه (داعش) هو من ذبح أهالينا في سيناء وسمى نفسه (أنصار بيت المقدس)، وهو أيضا من ذبح سائق المنصورة وسمى نفسه (إخوان)».
وتابع عبد اللطيف أنه «خلال التحقيقات مع خلية دمياط (خلية أعلنت السلطات المصرية ضبطها قبل أيام وتضم مجموعة من المصريين العائدين من سوريا) بتنا على يقين من أن تلك التنظيمات، سواء التي تعمل في سوريا، مثل (جيش محمد) و(أنصار الشريعة) و(جبهة النصرة)، أو (بيت المقدس) في مصر، مرتزقة تحركهم تنظيمات إرهابية أكبر، على صلة بأجهزة مخابرات عدة دول (لم يسمها)».
وقال عبد اللطيف إن «السلطات الأمنية تتأهب لمواجهة عمليات إرهابية كبيرة خلال الفترة المقبلة، في محاولة للإيهام بأنها لم تتأثر بالعمليات الجارية الآن في سيناء، خاصة مع تضييق الخناق عليها بقطع الإمدادات التي كانت تصل إليها عبر الأنفاق على الحدود مع غزة، بالإضافة إلى زعزعة ثقتنا في أنفسنا». وأشار عبد اللطيف إلى أنه حتى الآن لم يتم السيطرة بصورة كاملة على الحدود الشرقية، مؤكدا أنه مع انتهاء السيطرة الكاملة على الشريط الحدودي، ستفقد العناصر الإرهابية القدرة على اللجوء إلى الأنفاق، عقب تنفيذ عملياتها الإرهابية. وتشن جماعة أنصار بيت المقدس، منذ سنوات، حملة ضد الحكومة أودت بحياة المئات من قوات الأمن في شبه جزيرة سيناء وخارجها. وقالت السلطات المصرية إن الجيش والشرطة قتلا مئات من أعضاء التنظيم.
من جانبه، وصف ناجح إبراهيم القيادي السابق في الجماعة الإسلامية الخطوة الأخيرة التي أقدم عليها التنظيم بـ«المتوقعة»، وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «أنصار بيت المقدس أكثر التنظيمات التكفيرية المصرية قربا لـ(داعش)»، مرجحا أن يكون قادة التنظيم قد حسموا الخلاف بشأن الخطوة التي اعتبرها قفزة من «مركب (القاعدة) الغارق، وطلبا للعون من (داعش) لتخفيف الحصار، بعد إحكام الدولة سيطرتها على الأنفاق». وعما إذا كان التنظيم قد يعدل من استراتيجياته التي اعتمدت على الضربات الخاطفة لقوات الأمن، بعد إعلانه الانضمام لـ«داعش»، قال إبراهيم الذي سُجن لفترات مع قادة من «أنصار بيت المقدس» إن «سيناء كانت قد أُعلنت بالفعل إمارة إسلامية عقب الثورة المصرية في 25 يناير 2011. وأقام تنظيم أنصار بيت المقدس 3 معسكرات لتدريب المقاتلين تحت سمع وبصر الجميع، وظلت هذه المعسكرات تعمل حتى مذبحة رفح الأولى في 2012».
وأضاف إبراهيم أن جماعة الإخوان والرئيس الأسبق محمد مرسي نسقا مع «أنصار بيت المقدس» عبر أحد القيادات الجهادية المسجونين حاليا لكي لا يتعدى نشاطهم حدود رفح، لكن المواجهة بين التنظيم وقوات الجيش بدأت عقب مقتل 10 منهم في أحداث محاصرة الإسلاميين لمبنى وزارة الدفاع، فيما عُرف بأحداث العباسية الثانية (التي دعا لها القيادي الإسلامي حازم صلاح أبو إسماعيل)، لافتا إلى أنه منذ ذلك التاريخ بدأ التنظيم يفقد قدرته على بسط سيطرته على الأرض، وانتهى المشروع تماما مع ثورة 30 يونيو (حزيران) التي أنهت حكم الجماعة.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم