يتزايد عدد حالات الإصابة بفيروس «كورونا» المستجد في الغرب بشكل كبير، مما أجبر عدداً من البلدان على اتخاذ تدابير صارمة وصلت إلى فرض الحجر الصحي وإغلاق الحدود.
وضرب الفيروس العديد من دول آسيا قبل عدة أسابيع، وقد تمت الإشادة ببعضها لتمكنها من احتواء عدد الإصابات، وفقاً لما ذكرته هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي).
فعلى سبيل المثال، حافظت كل من سنغافورة وهونغ كونغ وتايوان على انخفاض أعداد الحالات نسبياً، رغم قربها من الصين القارية (مركز انتشار الوباء). فماذا فعلوا؟ وهل قاموا بأي أمر بشكل مختلف؟ وهل هناك من دروس للدول الأخرى؟
الدرس الأول: أخذ الأمر على محمل الجد والتصرف بسرعة
يتفق خبراء الصحة على نفس التدابير لاحتواء تفشي الفيروس مثل عزل المصابين، وتشجيع المكوث في المنزل فترة. ويتم اعتماد مثل هذه الإجراءات بدرجات متفاوتة في الغرب الآن، لكن الاختلاف الرئيسي هو أن العديد من هذه البلدان لم تتصرف بالسرعة المطلوبة.
فعندما أبلغت الصين لأول مرة عن حالات إصابة بالفيروس، نهاية العام المنصرم، وفي وقت لم يكن هناك معلومات عن انتقال مؤكد للفيروس من إنسان إلى إنسان، ولم يكن يُعرف سوى القليل عن الفيروس، لكن في غضون ثلاثة أيام، قامت كل من سنغافورة وتايوان وهونج كونج بتعزيز الفحص الطبي عند النقاط الحدودية مع الصين وفحص القادمين، وهي الخطوة التي تأخرت بلدان أخرى في اتخاذها.
الدرس الثاني: جعل اختبارات الفيروس واسعة النطاق وبأسعار معقولة
طورت كوريا الجنوبية منذ بداية الأزمة اختباراً لفيروس «كورونا»، واختُبر حتى الآن أكثر من 290 ألف شخص، ويُجري نحو 10 آلاف اختبار يومياً بالمجان. على النقيض من ذلك، تأخرت الولايات المتحدة في مرحلة بدء اختبارات الفيروس، وحتى الآن يكافح كثير من الناس للحصول على موعد لإجراء الاختبار، ولو وجدوه يكون باهظ الثمن.
الدرس الثالث: التتبع والعزل
لا يكفي مجرد اختبار الأشخاص الذين يعانون من أعراض الفيروس، فقد كان من المهم تعقب الأشخاص الذين كانوا على اتصال بهم.
في سنغافورة، قام المحققون بتتبع أكثر من 6 آلاف شخص على صلة بالمصابين واختبروهم وأمروهم بالعزل الذاتي حتى تظهر نتيجة اختبارهم. وفي هونغ كونغ، يتم تتبع كل من كان على صلة بالمريض قبل يومين من ظهور الأعراض.
وقد تبنت الدول الآسيوية طرقاً لضمان تطبيق العزل الذاتي في المنزل، مثل أساور التتبع الإلكترونية والاتصالات المباشرة وإرسال صور فوتوغرافية تثبت أماكن وجودهم. وتفرض سنغافورة عقوبات شديدة قد تصل إلى السجن لمن يخالف أمر «البقاء في المنزل».
وسوف تجد العديد من الدول الغربية صعوبة في تبني مثل هذه الإجراءات بسبب عدد سكانها الكبير، والحريات المدنية الأكبر الممنوحة لشعوبها.
الدرس الرابع: التباعد الاجتماعي المبكر
يعتبر التباعد الاجتماعي أحد أفضل الطرق لاحتواء تفشي المرض. في هونغ كونغ، هدأت العديد من الشوارع المزدحمة.
وكلما تم تطبيق إجراءات التباعد الاجتماعي في وقت أبكر، كان الوضع أفضل.
في مدينة ووهان الصينية، حيث بدأ تفشي الفيروس، غادر المدينة خمسة ملايين شخص قبل إغلاقها، وأدى ذلك إلى فرض الحكومة الصينية أكبر حجر صحي في تاريخ البشرية على مساحة كبيرة من أراضيها.
وفي سنغافورة، تم إلغاء التجمعات العامة الكبيرة، وفي هونغ كونغ، تم إغلاق المدارس وتشجيع العمال على العمل من المنزل.
واضطُرت إيطاليا وإسبانيا إلى فرض عمليات إغلاق وطنية بعد ارتفاع عدد حالات الإصابة إلى آلاف. وأمرت ولايات أميركية سكانها البقاء في منازلهم.
ويرجع نجاح استراتيجية التباعد الاجتماعي إلى مدى سرعة كل حكومة في اتخاذ القرار وتنفيذه.
الدرس الخامس: إبقاء الشعب على اطلاع
تعرضت الصين لانتقادات بسبب بطئها في الاعتراف بتفشي الفيروس ومحاولاتها التكتيم على الأمر، حتى أنها عاقبت الأطباء الذين حاولوا تحذير الآخرين من الفيروس في بداية التفشي. لكنها بعد ذلك أجرت سلسلة من الإجراءات التي تستحق الإشادة مثل فرض الإغلاق العام بصورة واسعة وصارمة وزيادة سعة المستشفيات، مما أدى إلى إبطاء انتشار الفيروس بشكل فعال.
في المقابل، فإن تقليل الرئيس الأميركي دونالد ترمب من شدة تفشي الفيروس وخطورته بالتضارب مع مسؤولي الصحة في بلاده لم يكن تصرفاً جيداً في مواجهة الأزمة، بالإضافة إلى أن حكومته كانت غير قادرة على تقديم معلومات حول عدد الأشخاص الذين تم اختبارهم، حيث إن العديد من المختبرات الخاصة لم تقم بتقديم البيانات المطلوبة حول أعداد الأشخاص الذين أجروا الاختبارات.
الدرس السادس: الإحساس الفردي بالمسؤولية
في هونغ كونغ، ورغم أن ثقة الجمهور في الحكومة منخفضة، وكانت هناك أشهر من الاحتجاجات المناهضة للحكومة، ولكن - في واحدة من أكثر المدن كثافة في العالم - طبق الكثيرون طواعية التباعد الاجتماعي.
ويشير أحد الاستطلاعات إلى أن 98 في المائة من الأشخاص في هونغ كونغ كانوا يرتدون أقنعة الوجه في الأماكن العامة بسبب تفشي الفيروس. وقالت ممرضة من «أطباء بلا حدود» أمضت شهراً في هونغ كونغ إنها لاحظت الكثير من «الإحساس الفردي بالمسؤولية».
على النقيض من ذلك، في بعض البلاد الغربية عانى العديد من الآسيويين من المضايقات أثناء ارتدائهم للأقنعة الواقية.
وتوفي 11401 شخصاً في العالم على الأقل بوباء «كورونا» المستجد منذ بدء انتشاره، وفق تعداد لوكالة الصحافة الفرنسية، وأحصيت 271660 إصابة في 164 بلداً ومنطقة.