«بوينغ» تحتاج إلى إنقاذ من أزمتَي «كورونا» وطائرات «737 ماكس»

مصنع «بوينغ» في رينتون بولاية واشنطن الأميركية (رويترز)
مصنع «بوينغ» في رينتون بولاية واشنطن الأميركية (رويترز)
TT

«بوينغ» تحتاج إلى إنقاذ من أزمتَي «كورونا» وطائرات «737 ماكس»

مصنع «بوينغ» في رينتون بولاية واشنطن الأميركية (رويترز)
مصنع «بوينغ» في رينتون بولاية واشنطن الأميركية (رويترز)

بعد نحو 12 عاماً على إنقاذ الحكومة الأميركية لمجموعتي «جنرال موتورز» و«كرايسلر»، يناقش صانعو السياسات سبل مساعدة شركة «بوينغ» بينما ترزح تحت وطأة أزمة مزدوجة متمثلة بكورونا المستجد والمشاكل المرتبطة بطائراتها من طراز «737 ماكس».
وطلب عملاق الطيران، الذي يصنّع الطائرة الرئاسية الأميركية وطائرات مدنية وعسكرية، نحو 60 مليار دولار دعماً فدرالياً لصناعة الطيران في الولايات المتحدة.
وقال المستثمر البارز في صناديق التغطية الاحتياطية بيل أكمان هذا الأسبوع إن «بوينغ على الحافة، ولن تنجو بنفسها من دون خطة إنقاذ حكومية».
وعانت الشركة أساساً من ضغوط مالية حتى قبل أزمة فيروس كورونا المستجد. فطائراتها من طراز «737 ماكس» التي اعتبرت الأكثر مبيعاً، خرجت عن نطاق الخدمة لأكثر من سنة إثر كارثتين مميتين. وأدى ذلك إلى خسائر تقدر بنحو 18 مليار دولار يُتوقع أن تزيد.
وباتت الصورة قاتمة أكثر فأكثر جراء أزمة «كوفيد-19»، مع التراجع الهائل في الطلب على الطيران بما يضع زبائن الشركة في ظروف اقتصادية صعبة وأدت تلك التطورات إلى هبوط أسهم «بوينغ»، وجعلت قيمتها السوقية أمس (الجمعة) نحو 54 مليار دولار.
وأعلنت الشركة الجمعة أيضا أنها جمّدت توزيع عائداتها حتى إشعار آخر، وأن رئيسها التنفيذي ديف كالهون ورئيس مجلس الإدارة لاري كيلنير سيوقفان الدفع حتى نهاية العام. وأكدت أن البرنامج سيبقى متوقفاً إلى أجل غير مسمى.
وتلقي أزمة «بوينغ» المزدوجة بظلالها على شركات أخرى، إلا أنها لا تزال تتمتع بدعم ملحوظ في واشنطن نظراً لأهميتها للاقتصاد الأميركي عبر توظيفها ما يقارب 130 ألف شخص. ولا يتضمن هذا الرقم عمال يوظفهم مزوّدو المجموعة المقدر عددهم بـ17 ألفا، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.
وأعطى الرئيس دونالد ترمب الثلاثاء الضوء الأخضر لإجراءات صارمة لمساعدة الشركات، قائلاً لإعلاميين خلال مؤتمر صحافي: «علينا حماية بوينغ ومساعدتها».
وفي تقييم مالي الخميس، ذكرت الشركة أن «هناك خيارات متنوعة من المقاربات تجري مناقشتها حاليا لدعم صناعة الطيران في الولايات المتحدة»، رافضة في الوقت نفسه الاستفاضة بشأن الخيارات المطروحة.
يشار إلى أن المساعدات لقطاع الطيران غير مشمولة بخطة تحفيز مالي مقدرة بتريليون دولار يجري العمل على صياغتها حاليا في الكونغرس.
ونوقش خيار يقضي بأن تستحوذ الحكومة على حصة أسهم في «بوينغ». وقال العضو الديمقراطي في مجلس النواب عن ولاية أوريغون إيرل بلوميناور إن «على دافعي الضرائب الحصول على أسهم في الشركة مقابل المساعدات لكي يستفيد الناس من استثماراتهم حين تكون الشركة مستقرة مالياً».
وعلى «بوينغ» أن تطلب حمايتها من الإفلاس كما فعلت شركتا «جنرال موتورز» و«كرايسلر» بعد أزمة 2008 المالية. وأطلق الرئيس حينها جورج بوش الابن في 2008 المساعدات لقطاع السيارات عبر «برنامج إنقاذ الأصول المتعثرة»، واستمر الأمر نفسه خلال عهد خلفه باراك أوباما.
وضخّت الحكومة الفدرالية نحو 81 مليار دولار في اثنين من الثلاثة الكبار في قطاع صناعة السيارات في ديترويت واستحوذت على حصص أسهم فيهما قبل أن تبيع هذه الحصص في ديسمبر (كانون الأول) 2013.
ويقول سكوت هاميلتون، الخبير في موقع «ليهام نيوز» المتخصص في الطيران، إن استحواذ الحكومة على «بوينغ» قد يثير مخاوف بشأن التنافس في قطاع الصناعات العسكرية. ويضيف أن «بوينغ هي المتعاقد الثاني في البلاد في الصناعات العسكرية. كيف يمكن لهذه الخطوة أن تؤثر على مناقصات العقود العسكرية؟ أعتقد أن لوكهيد مارتن ونورثروب غرومان ستبديان قلقا بهذا الشأن».
بدوره، قال ريتشارد أبو العافية من «مجموعة تيل» لاستشارات الأبحاث المتخصصة بالطيران والدفاع إنه «لا يوجد أساس منطقي لاستحواذ الحكومة على حصة في بوينغ».
ويشير خبراء كذلك إلى أن الحكومة قد تفرض انقسام الشركة إلى فرعين، مدني وعسكري، إذا أرادت الحصول على مساعدات منها. ويلفتون إلى احتمال آخر يتمثل في اندماج «بوينغ» مع شركة تصنيع عسكري عملاقة أخرى.


مقالات ذات صلة

دراسة: «كورونا» تسبب في ضعف إدراكي مستمر للمرضى

صحتك فيروس كورونا أدى إلى انخفاض مستمر في الذاكرة والإدراك (أ.ف.ب)

دراسة: «كورونا» تسبب في ضعف إدراكي مستمر للمرضى

وجدت دراسة فريدة من نوعها أن فيروس كورونا أدى إلى انخفاض بسيط، لكنه مستمر في الذاكرة والإدراك لعدد من الأشخاص.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق اعترف غالبية المشاركين بالدراسة بالحنين إلى الماضي (جامعة كوبنهاغن)

العاملون من المنزل يعانون «نوبات الحنين» لما قبل «كورونا»

أفادت دراسة أميركية بأنّ العاملين من المنزل يشعرون بالضيق ويتوقون إلى ماضٍ متخيَّل لِما قبل انتشار وباء «كوفيد–19»، حيث كانوا يشعرون بالاستقرار.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك العلماء يعتقدون أن الإنفلونزا أكبر تهديد وبائي في العالم (رويترز)

أول لقاح للإنفلونزا يمكن تعاطيه ذاتياً في المنزل دون إبر

وافقت إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) أمس (الجمعة) على أول لقاح للإنفلونزا يمكن تعاطيه ذاتياً في المنزل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك أجهزة الاستشعار الورقية الجديدة سريعة وسهلة الاستخدام (جامعة كرانفيلد)

تقنية جديدة تكشف أمراضاً معدية بالصرف الصحي

توصّل باحثون في بريطانيا إلى طريقة لتحديد العلامات البيولوجية للأمراض المعدية في مياه الصرف الصحي باستخدام أجهزة استشعار ورقية بتقنية الأوريغامي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
آسيا رجل أمن بلباس واقٍ أمام مستشفى يستقبل الإصابات بـ«كورونا» في مدينة ووهان الصينية (أرشيفية - رويترز)

دراسة جديدة تدعم فرضية تفشي «كوفيد 19» من سوق ووهان

كشفت دراسة حول مصدر فيروس كورونا، نشرت الخميس، عناصر جديدة تعزز فرضية انتقال العدوى إلى البشر عن طريق حيوانات مصابة كانت في سوق في ووهان (الصين) نهاية عام 2019.

«الشرق الأوسط» (باريس)

التضخم يظهر بوضوح على موائد المصريين

امرأة تتسوق في أحد متاجر العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)
امرأة تتسوق في أحد متاجر العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)
TT

التضخم يظهر بوضوح على موائد المصريين

امرأة تتسوق في أحد متاجر العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)
امرأة تتسوق في أحد متاجر العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)

«مافيش بيض يا ماما على الفطار... أو حتى خضار... جبنة وعيش بس؟».

هكذا أبدى الطفل يوسف اندهاشه من المائدة التي كانت في يوم من الأيام تمتلئ بأنواع كثيرة من الطعام الصحي. لكن الأم ردت بتلقائية: «البيضة مش كل يوم، (البيضة) بقت بـ7 جنيه، والجبنة فيها فيتامينات اللبن».

تستطيع أن تشعر بتضخم الأسعار في مصر بمجرد أن تجلس على مائدة إفطار أو غداء أو عشاء، إذ تقلص عدد الأصناف بدرجة كبيرة. كما انعكس هذا على موائد المطاعم أيضاً، التي بدأت هي الأخرى في تقليل الأصناف والأحجام، لتخفيض الأسعار نسبياً أو ثباتها على الأقل، من خلال «عروض موسمية» لفترة محدودة.

ارتفع معدل التضخم السنوي في المدن المصرية، لأول مرة منذ 5 أشهر، إلى 26.2 في المائة في أغسطس (آب) من 25.7 في المائة في يوليو (تموز). حسبما أظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر.

ويعني ارتفاع معدل التضخم بنسبة 26 في المائة أن الأسعار ترتفع بأكثر من الربع على إجمالي المصروفات سنوياً، وهو ما لم ينعكس على معدلات الأجور في مصر بنفس النسبة.

وهذا ما حاولت الأم إيصاله لابنها البالغ 10 سنوات، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «ارتفاع الأسعار قلص عدد أصناف الطعام، وبالتالي الفيتامينات التي يجب أن تقدَّم للطفل في هذه السن... ودائماً ما يشتكون من هذا.. لذلك اضطررت إلى أن ألجأ إلى أصناف (الأكل الكدّابة)! للتغلب على هذه الشكوى... هذا كل ما أستطيع أن أفعله!».

اشتهر في مصر خلال الفترة الحالية بعض الأكلات المسماة «الوجبات الكدّابة»، للتغلب على ارتفاع الأسعار، مثل «البانيه الكدَّاب»، وهو عبارة عن كمية صغيرة من الفراخ البانيه يُزاد حجمها بخلطها بالبطاطس المسلوقة والدقيق، لتعطي مذاقاً مقارباً للفراخ البانيه؛ وباقي الأصناف المرتفعة في الأسعار تقلَّد على نفس المنوال. ولجأت الأمهات إليها مؤخراً للتغلب على ارتفاع الأسعار بعد زيادة «شكوى الأولاد من ساندويتشات زملائهم في المدرسة»، وفقاً لأم الطفل يوسف، الأربعينية، خريجة التجارة.

بلغ الرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين في إجمالي الجمهورية 231.1 نقطة لشهر أغسطس 2024، مسجلاً بذلك تضخماً شهرياً قدره 1.9 في المائة.

ويرجع ذلك إلى ارتفاع مجموعة الخضراوات بنسبة 14.3 في المائة، ومجموعة خدمات النقل بنسبة 14.9 في المائة، ومجموعة خدمات البريد بنسبة 6 في المائة، ومجموعة الأجهزة المنزلية بنسبة 2.8 في المائة، ومجموعة الألبان والجبن والبيض بنسبة 2.1 في المائة، ومجموعة خدمات المستشفيات بنسبة 2.8 في المائة، ومجموعة الأسماك والمأكولات البحرية بنسبة 1.4 في المائة، ومجموعة الفاكهة بنسبة 0.9 في المائة، ومجموعة المياه المعدنية والغازية والعصائر الطبيعية بنسبة 1.7 في المائة، ومجموعة الملابس الجاهزة بنسبة 1.2 في المائة.

وانخفض الجنيه المصري أمام الدولار من 30.91 جنيه في مارس (آذار) الماضي، إلى نحو 48.5 جنيه، بتراجع نحو 60 في المائة، وهو ما سمح باتفاق مع صندوق النقد الدولي بقيمة 8 مليارات دولار.

ونتيجة لذلك، رفعت الحكومة أسعار عدد كبير من المنتجات المدعومة للسيطرة على عجز الموازنة الذي بلغ 505 مليارات جنيه (10.3 مليار دولار) في السنة المالية المنتهية في 30 يونيو (حزيران) الماضي.

ومع اعتزام الحكومة استمرار رفع الأسعار أو بالأحرى رفع الدعم من السلع المدعومة، حتى نهاية عام 2025، من المتوقع أن يبقى التضخم بعيداً عن نطاق البنك المركزي المصري المستهدَف عند 7 في المائة (+/- 2 في المائة).

ومن المقرر أن يعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر أرقام التضخم لشهر أغسطس يوم الخميس المقبل.

وتتوقع مؤسسة «فيتش سوليوشنز» أن يظل معدل التضخم السنوي في مصر ثابتاً في النصف الثاني من العام الجاري، بمتوسط 27 في المائة على أساس سنوي، نتيجة الزيادات المقررة في أسعار الكهرباء والوقود والمنتجات الغذائية. متوقعةً تراجع المعدل السنوي للتضخم إلى أقل من 20 في المائة بحلول فبراير (شباط) 2025.

وقررت لجنة السياسة النقديـة للبنك المركزي المصري، خلال اجتماعها الأخير، الإبقاء على أسعار الفائدة للإيداع والإقراض دون تغيير عند 27.25 و 28.25 في المائة بالترتيب، وهذا ما يزيد قليلاً على معدل التضخم السنوي المسجل لشهر أغسطس الماضي.

وتنعكس معدلات التضخم ليس على موائد المصريين فقط، بل على أعمالهم أيضاً، فقد أظهر مؤشر «بارومتر الأعمال»، التابع للمركز المصري للدراسات الاقتصادية، أنه «لا تزال التحديات المرتبطة بارتفاع التضخم تتصدر قائمة المعوقات بالنسبة لجميع الشركات خلال الربع الثاني من العام الجاري، يليها في المرتبة الثانية الارتفاع المستمر في تكاليف الطاقة والمياه، والذي يمثل عبئاً إضافياً على الشركات خصوصاً في ظل توجهات الحكومة لرفع دعم الطاقة كلياً».