محنة أرامل «داعش» الهنديات في أفغانستان

إحداهن عبرت الحدود من إيران برفقة 20 شخصاً للعيش تحت راية التنظيم الإرهابي

TT

محنة أرامل «داعش» الهنديات في أفغانستان

نفيسة أتياكام، أم لأربعة أطفال، كان زوجها أنور أتياكام، وكان يعمل في دبي، قد انتقل بأسرته من ولاية كيرالا الهندية إلى ننغرهار في أفغانستان. وهناك روخسانا أهانغير، التي شاهدت زواج بناتها من المتطرفين الأصوليين، في حين قضى ولدها نحبه في القتال من أجل تنظيم «داعش» الإرهابي، وكانت من ولاية كشمير. ثم أيضاً سونيا، المسيحية التي اعتنقت الإسلام واتخذت اسم «عائشة» وتحمل طفلة تبلغ من العمر 5 أعوام... هنّ جزء من مجموعة عالمية من آلاف النساء والأطفال الذين تخلفوا عن ركب الإنسانية بعد انهيار تنظيم «داعش» الإرهابي.
وتحتجز السلطات الأفغانية، في سجن بادام باغ بالعاصمة كابل، عشرات النساء الهنديات من أرامل عناصر «داعش» الذين سقطوا صرعى المواجهات القتالية في جبال ننغرهار إلى الشرق من أفغانستان.
ووفقاً لمصادر الاستخبارات الهندية، لا تزال الحكومة في نيودلهي تناقش ما إذا كانت سوف تتحرك لترحيل أولئك النساء لمحاكمتهن في الهند بتهم الإرهاب، أو تتركهن لمواجهة المحاكمة والعقوبات وفق القوانين الأفغانية.
ويعكس فيديو «ملفات خراسان: رحلة أرامل (داعش) الهنديات»، الذي جرى فيه استجواب بعض النساء على أيدي جهات التحقيق، كيف انتهى الأمر بهؤلاء النساء في أفغانستان للعيش تحت ظلال الخلافة الموهومة، وكيف كانت تجاربهن الشخصية.
وفي أحد مقاطع الفيديو سردت سونيا سيباستيان قصتها الشخصية وكيف أنها اعتنقت دين الإسلام واتخذت لنفسها اسم عائشة بعد زواجها بالمدعو عبد الرشيد عبد الله في عام 2011.
وقالت سونيا (عائشة) إنها عبرت الحدود من إيران إلى أفغانستان برفقة 20 شخصاً آخرين سيراً على الأقدام للعيش في خلافة «داعش» الإرهابية عام 2016. وكان زوجها رشيد هو العقل المدبر وراء هروب العديد من الهنود ثم الانضمام إلى «داعش». ولقد هربت سونيا مع زوجها عبد الرشيد وطفلتهما في عام 2016.
وقالت أيضاً: «كان الغرض من الانتقال هو العيش في حياة إسلامية تحت حكم (داعش)، ولكن بمجرد وصولنا إلى هناك لم نجد تحقيقاً لكثير من توقعاتنا الأولى»، وأضافت أنها أصيبت مع زوجها بخيبة أمل شديدة بعد سنوات من انضمامهما إلى «داعش»، غير أنهما لم يفكرا في مغادرة أرض الخلافة المزعومة في وقت قريب.
واستطردت سونيا في روايتها تقول: «ليس هناك نظام. ولا يحدث أي شيء، والناس لا يأتون إلى المسجد لأداء الصلاة. وكان زوجي رشيد مهتما للغاية بهذه الأمور. هناك كثير من الناس الذين لا يأتون إلى المسجد، ولكن قادة التنظيم لم يفعلوا معهم أي شيء. وهذه هي الفريضة الرئيسية في ديننا، الصلوات الخمس اليومية، وكان زوجي شديد الاهتمام بها. ولذلك أفترض أن كثيراً من الناس يَصلون للتوقعات نفسها مثلي تماماً، ولكن هذا مخالف للواقع بالمرة. واقترح على الجميع التفكير بعناية قبل القيام بأي شيء. لقد كان زوجي محبطاً للغاية في أيامه الأخيرة. وتوقف عن إنتاج المواد الصوتية للتنظيم، ولم يكن يفعل أي شيء، كان يعتني بالمنزل فحسب».
وكان عبد الرشيد يدير مجموعة على تطبيق «تلغرام» بهدف نشر أفكار التطرف بين العديد من الهنود عن طريق إرسال المواد الصوتية المتطرفة إليهم.
وقالت زوجته سونيا: «لم يتحدث مطلقاً عن العودة إلى الهند، ولكنه كان مصاباً بخيبة أمل شديدة. حتى آخر كلماته التي تفوه بها قبل وفاته، كان يقول إنه سئم من هذا العالم ويريد الرحيل بأي طريقة. كانت تلك هي آخر كلماته، وكان هناك أحد الإخوة ممن شهدوا وفاته. وهو لم يخبرني صراحة بأنه يشعر بالإحباط، ولكنني كنت أدرك ذلك لأنني زوجته. لقد طفح به الكيل ممن حوله».
تقول سونيا (عائشة) إنها تتطلع كثيراً للعودة إلى الهند. وعند سؤالها حول إمكانية الانضمام إلى «داعش» في المستقبل، أجابت في إصرار بأنها قررت الانفصال التام والنهائي عن التنظيم، وقالت في الفيديو المذكور: «لا أريد الارتباط بنفسي معهم مرة أخرى أبداً، لن أكرر هذه الأخطاء مجدداً».
ومن قصص أرامل «داعش» الأخرى، هناك قصة فاطمة (الاسم الأصلي نيميشا وكانت تعتنق الديانة المسيحية) التي كانت طبيبة أسنان ومتزوجة من رجل مسيحي ثم تحولا إلى الديانة الإسلامية وأصبحا «عيسى» و«فاطمة»، ثم قررا الانضمام لاحقاً إلى صفوف التنظيم الإرهابي ليلقى الزوج حتفه في إحدى عمليات القتال التابعة للتنظيم. وبالنسبة لهؤلاء الأرامل الهنديات من تنظيم «داعش» الإرهابي الموجودات حالياً في أحد السجون الأفغانية، فليست هناك نافذة أمل مفتوحة للحياة أمامهن. وتسلط قصصهن المأساوية الأضواء في بعض الأحيان على مختلف التيارات ضمن الحركات المتطرفة التي دفعت بعشرات المواطنين الهنود من كشمير وكيرالا إلى قلب إقليم ننغرهار معقل تنظيم «داعش» الإرهابي في أفغانستان. ولقد غادر نحو 60 مواطناً هندياً بلادهم إلى أفغانستان من أجل أوهام العيش تحت ظلال الخلافة المزعومة، ولقد استسلم منهم ما يصل إلى 10 نساء و21 طفلاً للسلطات الأفغانية.



عودة ترمب تضع قادة العالم في مأزق: تهانٍ دبلوماسية بعد انتقادات لاذعة

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (يمين) يصافح الرئيس دونالد ترمب (د.ب.أ)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (يمين) يصافح الرئيس دونالد ترمب (د.ب.أ)
TT

عودة ترمب تضع قادة العالم في مأزق: تهانٍ دبلوماسية بعد انتقادات لاذعة

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (يمين) يصافح الرئيس دونالد ترمب (د.ب.أ)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (يمين) يصافح الرئيس دونالد ترمب (د.ب.أ)

عاد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، إلى البيت الأبيض بعد فوزه في انتخابات 2024، مما وضع عدداً من قادة العالم في موقف دبلوماسي حرج، حيث وجدوا أنفسهم مجبرين على مواجهة تعليقاتهم السابقة، التي شنَّت هجمات قاسية عليه. وبينما كانوا ينتقدون سياساته خلال ولايته الأولى، فإنهم اليوم يصوغون رسائل تهنئة ويدخلون في محادثات دافئة معه، استعداداً لمرحلة جديدة من العلاقات بين بلدانهم والولايات المتحدة. وفقاً لصحيفة «واشنطن بوست».

في أوروبا، تزداد المخاوف بشأن تداعيات عودة ترمب على الأمن القاري، خصوصاً في ظل تصريحاته السابقة التي أشار فيها إلى أن حلف «الناتو» لا يفي بالتزاماته المالية.

في المملكة المتحدة، اضطر ديفيد لامي، وزير الخارجية الحالي في حكومة حزب «العمال»، إلى تقديم تهنئة رسمية لترمب، رغم سجله السابق في انتقاده، حيث كان قد وصفه بأنه «عنصري، ومعتل نفسي، وتهديد للنظام الدولي». ويأتي ذلك في سياق تعليقات ساخرة من المعارضة السياسية ووسائل الإعلام، حيث عنونت صحيفة «ديلي ستار» البريطانية على صفحتها الأولى بـ«هذا محرج».

حتى رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، الذي بارك فوز ترمب، واجه تلميحات ساخرة من الزعيمة الجديدة لحزب المحافظين، كيمي بادنوش، التي تساءلت عمّا إذا كان ستارمر قد اعتذر لترمب عن تصريحات لامي السابقة. وفي حين لم يرد ستارمر مباشرة، فإنه أشار إلى أن لقاءه الأخير ترمب كان بنّاءً للغاية.

وفي فرنسا، هنَّأ الرئيس إيمانويل ماكرون الرئيس الأميركي المنتخب ترمب، عبر محادثة وصفها مكتبه بـ«الدافئة»، رغم علاقة شابها كثير من التوتر خلال ولاية ترمب السابقة. فبعد فترة من المصافحات الحماسية والخلافات السياسية، يستعد ماكرون الآن للتعامل مع ترمب في قضايا دولية ملحة، مثل الحرب في أوكرانيا، والصراع في الشرق الأوسط.

وعلى غرار الساسة الأوروبيين، قام سفير أستراليا في واشنطن، كيفن رود، بحذف منشورات سابقة وصف فيها ترمب بأنه «مدمر، وخائن للغرب». وأعرب رود عن استعداده للعمل مع الإدارة الأميركية الجديدة؛ لتعزيز العلاقات الثنائية.

يشير المشهد الحالي إلى أن العودة السياسية لترمب قد تضع علاقات الولايات المتحدة مع حلفائها على محك جديد، خصوصاً في ظل تحديات دولية تتطلب تنسيقاً مشتركاً، في حين يبرز المأزق الذي يواجهه قادة العالم بين تصريحاتهم السابقة والواقع السياسي الجديد.