وزيرة الدفاع في جنوب السودان لتأسيس جيش وطني موحد

أعربت عن تفاؤلها بتنفيذ برنامج إصلاح القطاع الأمني

TT

وزيرة الدفاع في جنوب السودان لتأسيس جيش وطني موحد

قالت أنجلينا تينج، وزيرة الدفاع وشؤون قدامى المحاربين في جنوب السودان، إنها ستتعاون بجدية مع طاقمها لضمان تأسيس جيش وطني في أقصر وقت ممكن، وفي غضون ذلك حثت دول «الترويكا» (الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والنرويج)، حكومة الوحدة الوطنية، التي تم تشكيلها مؤخراً، على الإسراع في عمليات توحيد جميع القوات في جيش وطني محترف واحد.
وأضافت تينج، زوجة النائب الأول لرئيس جنوب السودان زعيم المتمردين السابق رياك مشار، وهي أيضاً أول امرأة تشغل منصب وزير الدفاع في هذا البلد الذي شهد حرباً أهلية لأكثر من 5 سنوات، أنها ستعمل بجدية لتوحيد القوات، وتشكيل جيش وطني موحد في أقصر وقت ممكن، معربة عن تفاؤلها بتنفيذ برنامج إصلاح القطاع الأمني المنصوص عليه في اتفاق السلام، على الرغم من التحديات التي تواجهه.
وتابعت تينج خلال استقبالها في قاعدة الجيش: «سنعمل معاً كحكومة واحدة، وليس بشكل منفصل، لتحقيق رؤية الحكومة لتوحيد الجيش بسلاسة في أقرب وقت ممكن»، مؤكدة أنها يمكن أن تتجاوز التحديات إذا عملت الحكومة بشكل جماعي، وأن مؤسسة الرئاسة ستعتمد على وزارة الدفاع، وستتأكد من أن كل جندي في كل الثكنات تتم تلبية احتياجاته.
ويرى خبراء ومراقبون للشأن السياسي المحلي أن اختيار أنجلينا تينج، وزيرة للدفاع، يكمن في قدرتها على إعادة الثقة بين كافة الأطراف، وأنه يمكنها وضع استراتيجية لإصلاح القطاع الأمني عبر دمج قوات «الحركة الشعبية»، بزعامة رياك مشار، وفصائل المعارضة الأخرى والجيش الحكومي في جيش وطني جديد، يعبر عن تنوع جنوب السودان. لكنهم يرون في المقابل أن تفشي عدم الانضباط، وتدني الأجور قد يقود الجنود إلى عمليات السرقة والسطو حتى داخل عاصمة البلاد جوبا. كما أن هذه القوات متهمة بأنها تتشكل من القبيلة، وبانتهاك حقوق الإنسان. فيما يشكو الجنود من نقص الإمدادات العسكرية الأساسية، خصوصاً المواد الغذائية والأدوية.
من جهة أخرى، أكدت تينج لدى استقبالها وزير الدفاع السوداني جمال عمر، الذي يزور جوبا لمتابعة محادثات الترتيبات الأمنية بين حكومته وفصائل المعارضة المسلحة في دارفور، حرصها على تطوير التعاون العسكري مع السودان لتعزيز وحماية السلام في البلدين الجارين.
إلى ذلك، حثت دول «الترويكا»، في بيان لها، أمس، اطلعت عليه «الشرق الأوسط»، حكومة الوحدة الوطنية الانتقالية في جنوب السودان، على الإسراع في توحيد جميع القوات في جيش وطني واحد ومحترف، كما دعت الحكومة الجديدة إلى الشروع فوراً في إصلاح القطاع المالي، وتحسين المؤسسات الديمقراطية.
وقال البيان: «على الحكومة الجديدة أن تشرع في ضمان إنهاء الفساد، واحترام حقوق الإنسان، وتنفيذ آليات العدالة الانتقالية»، مبرزاً أن «الترويكا»، «تتطلع إلى العمل في شراكة وثيقة مع حكومة موحدة فعلاً، وهي تحدد أولوياتها، وتبدأ في وضع خطط لتسليم اتفاق السلام بالكامل».



موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)

يشكّل تحديث العقيدة النووية لروسيا الذي أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخراً، تحذيراً للغرب، وفتحاً ﻟ«نافذة استراتيجية» قبل دخول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب البيت الأبيض، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

«إن تحديث العقيدة النووية الروسية يستبعد احتمال تعرّض الجيش الروسي للهزيمة في ساحة المعركة»، بيان صادر عن رئيس الاستخبارات الخارجية الروسية، سيرغي ناريتشكين، لا يمكن أن يكون بياناً عادياً، حسب «لوفيغارو». فمن الواضح، حسب هذا التصريح الموجه إلى الغربيين، أنه من غير المجدي محاولة هزيمة الجيش الروسي على الأرض، لأن الخيار النووي واقعي. هذه هي الرسالة الرئيسة التي بعث بها فلاديمير بوتين، الثلاثاء، عندما وقّع مرسوم تحديث العقيدة النووية الروسية المعتمد في عام 2020.

ويدرك الاستراتيجيون الجيوسياسيون الحقيقة الآتية جيداً: الردع هو مسألة غموض (فيما يتعلّق باندلاع حريق نووي) ومسألة تواصل. «وفي موسكو، يمكننا أن نرى بوضوح الذعر العالمي الذي يحدث في كل مرة يتم فيها نطق كلمة نووي. ولا يتردد فلاديمير بوتين في ذكر ذلك بانتظام، وفي كل مرة بالنتيجة المتوقعة»، حسب الصحيفة. ومرة أخرى يوم الثلاثاء، وبعد توقيع المرسوم الرئاسي، انتشرت موجة الصدمة من قمة مجموعة العشرين في كييف إلى بكين؛ حيث حثّت الحكومة الصينية التي كانت دائماً شديدة الحساسية تجاه مبادرات جيرانها في ما يتصل بالمسائل النووية، على «الهدوء» وضبط النفس. فالتأثير الخارق الذي تسعى روسيا إلى تحقيقه لا يرتبط بالجوهر، إذ إن العقيدة النووية الروسية الجديدة ليست ثورية مقارنة بالمبدأ السابق، بقدر ارتباطها بالتوقيت الذي اختارته موسكو لهذا الإعلان.

صورة نشرتها وزارة الدفاع الروسية في الأول من مارس 2024 اختبار إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات تابع لقوات الردع النووي في البلاد (أ.ف.ب)

العقيدة النووية الروسية

في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي حين شنّت قوات كييف في أغسطس (آب) توغلاً غير مسبوق في منطقة كورسك في الأراضي الروسية، رد فلاديمير بوتين بتحديد أنه يمكن استخدام الأسلحة النووية ضد دولة غير نووية تتلقى دعماً من دولة نووية، في إشارة واضحة إلى أوكرانيا والولايات المتحدة. لكن في نسخة 2020 من الميثاق النووي الروسي، احتفظت موسكو بإمكانية استخدام الأسلحة الذرية أولاً، لا سيما في حالة «العدوان الذي تم تنفيذه ضد روسيا بأسلحة تقليدية ذات طبيعة تهدّد وجود الدولة ذاته».

وجاء التعديل الثاني في العقيدة النووية الروسية، الثلاثاء الماضي، عندما سمحت واشنطن لكييف باستخدام الصواريخ بعيدة المدى: رئيس الكرملين يضع ختمه على العقيدة النووية الجديدة التي تنص على أن روسيا ستكون الآن قادرة على استخدام الأسلحة النووية «إذا تلقت معلومات موثوقة عن بدء هجوم جوي واسع النطاق عبر الحدود، عن طريق الطيران الاستراتيجي والتكتيكي وصواريخ كروز والطائرات من دون طيار والأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت». وحسب المتخصصة في قضايا الردع في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إيفري)، هيلواز فايت، فإن هذا يعني توسيع شروط استخدام السلاح النووي الروسي.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال اجتماع على هامش قمة مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 28 يونيو 2019 (رويترز)

انتظار عودة ترمب

لفترة طويلة، لاحظ صقور الاستراتيجية الجيوستراتيجية الروسية أن الردع الروسي تلاشى. وبالنسبة إليهم، فقد حان الوقت لموسكو لإعادة تأكيد خطوطها الحمراء من خلال «إعادة ترسيخ الخوف» من الأسلحة النووية، على حد تعبير سيرغي كاراجانوف، الخبير الذي يحظى باهتمام فلاديمير بوتين. ةمن هذا المنظار أيضاً، يرى هؤلاء المختصون اندلاع الحرب في أوكرانيا، في 24 فبراير (شباط) 2022، متحدثين عن «عدوان» من الغرب لم تكن الترسانة النووية الروسية قادرة على ردعه. بالنسبة إلى هؤلاء المتعصبين النوويين، ينبغي عدم حظر التصعيد، بل على العكس تماماً. ومن الناحية الرسمية، فإن العقيدة الروسية ليست واضحة في هذا الصدد. لا تزال نسخة 2020 من العقيدة النووية الروسية تستحضر «تصعيداً لخفض التصعيد» غامضاً، بما في ذلك استخدام الوسائل غير النووية.

وحسب قناة «رايبار» المقربة من الجيش الروسي على «تلغرام»، فإنه كان من الضروري إجراء تحديث لهذه العقيدة؛ لأن «التحذيرات الروسية الأخيرة لم تُؤخذ على محمل الجد».

ومن خلال محاولته إعادة ترسيخ الغموض في الردع، فإن فلاديمير بوتين سيسعى بالتالي إلى تثبيط الجهود الغربية لدعم أوكرانيا. وفي ظل حملة عسكرية مكلفة للغاية على الأرض، يرغب رئيس «الكرملين» في الاستفادة من الفترة الاستراتيجية الفاصلة بين نهاية إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ووصول الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، الذي يتوقع منه بوتين مبادرات سلام محتملة لإنهاء الحرب.

يسعى بوتين، وفق الباحثة في مؤسسة «كارنيغي»، تاتيانا ستانوفايا، لوضع الغرب أمام خيارين جذريين: «إذا كنت تريد حرباً نووية، فستحصل عليها»، أو «دعونا ننهي هذه الحرب بشروط روسيا».