في شمال غرب سوريا، حيث يقيم نحو مليون نازح فرّوا من نيران القصف في إدلب داخل مخيمات مكتظة، يمكن أن يتسبب انتشار فيروس «كورونا المستجد» في كارثة لا توصف، خصوصاً مع نقص المستشفيات والأطباء ومعدات الوقاية من الفيروس.
وحسب صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، فقد تسبّب الهجوم الذي بدأته قوات النظام بدعم روسي في أوائل ديسمبر (كانون الأول) الماضي، لاستعادة إدلب من المعارضة في نزوح نحو مليون شخص، وفق الأمم المتحدة.
وفي جميع أنحاء المحافظة، تعرضت المستشفيات والمرافق الطبية للدمار بعد 9 سنوات من النزاع. وقصف النظام السوري والطائرات الحربية الروسية مراراً وتكراراً المستشفيات والعيادات في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة طوال النزاع، مما أسفر عن مقتل المئات من العاملين في مجال الرعاية الصحية.
ومنذ بدء هجوم ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تضررت أكثر من 84 مستشفى ومنشأة طبية في الشمال الغربي، حيث دُمر بعضها وأُجبر البعض الآخر على الإغلاق، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية.
ونظراً إلى الظروف التي يمر بها النازحون في المخيمات الموجودة شمال غربي سوريا، فإن التدابير الوقائية التي أوصت بها السلطات الصحية في جميع أنحاء العالم، كغسل اليدين والتباعد الاجتماعي، قد تكون رفاهية كبيرة للمقيمين في هذه المنطقة، والذين لا يجدون الماء بسهولة ويسكن ما يصل إلى اثني عشر شخصاً منهم في نفس الخيمة.
ويعلق فادي مساهر، مدير مؤسسة «مرام للإغاثة والتنمية» في إدلب، على هذا الأمر بقوله: «لا يتمكن بعض الأطفال في هذه المخيمات من الاستحمام أو الاغتسال لعدة أسابيع فكيف يطلبون منهم أن يغسلوا أيديهم بشكل مستمر؟!».
ويعتقد الأطباء السوريون أن «كورونا» قد اجتاح هذه المخيمات بالفعل، مع وجود عدد من الوفيات والإصابات التي تحمل بصمات الفيروس.
إلا أن الاستجابة الدولية كانت بطيئة جداً تجاه هذه الأزمة بل «تكاد تكون معدومة»، وفقاً لما ذكره أكثر من اثني عشر من الخبراء والمهنيين الطبيين السوريين.
ولم تسلّم منظمة الصحة العالمية حتى الآن اختبارات فيروس «كورونا» إلى المنطقة الشمالية الغربية التي تسيطر عليها المعارضة السورية، على الرغم من قيامها بتسليم أول دفعة من هذه الاختبارات للنظام السوري منذ أكثر من شهر.
وقال الأطباء إن هذا التأخير ربما سمح للفيروس بالانتشار دون أن يتم اكتشافه في هذه البيئة شديدة الخطورة.
وقال الدكتور محمد غالب تيناري، الذي يدير مستشفيات الجمعية الطبية السورية الأميركية في المنطقة: «لدينا حالياً حالات تعاني من أعراض متشابهة، وهناك أشخاص ماتوا نتيجة لهذه الأعراض. ولكن لسوء الحظ نحن لا نمتلك الاختبارات الخاصة بـ(كورونا) ومن ثم لا يمكننا التأكد إن كان ما يعاني منه هؤلاء الأشخاص هو ذلك الفيروس المستجدّ أم لا».
من جهته، قال الدكتور ناصر المهاوش، منسق «شبكة الإنذار المبكر والاستجابة للأوبئة» في إدلب، إن مختبراً في مستشفى إدلب المركزي جاهز لاختبار الحالات المشتبه في إصابتها بالفيروس ولكنه يفتقر إلى معدات الاختبار.
وطلب الأطباء السوريون المزيد من المعدات الواقية، مثل الأقنعة والقفازات، لكنّ أول شحنة من منظمة الصحة العالمية وصلت الثلاثاء الماضي فقط.
بالإضافة إلى ذلك، لا توجد أي نقاط لفحص القادمين إلى المحافظة وقياس درجات حرارتهم.
وقال عبد الرزاق زقزوق، وهو المتحدث الإعلامي باسم الجمعية الطبية السورية الأميركية الموجودة في مستشفى بلدة معرة مصرين بإدلب: «لسوء الحظ، ليس هناك مناطق للحجر الصحي في شمال سوريا. إذا تم اكتشاف أي إصابة مؤكدة بالفيروس، فإن الوضع سيكون مأساوياً».
ويقدر الأطباء في المنطقة أن مليون شخص في محافظة إدلب يمكن أن يصابوا بالفيروس، وأن ما بين 100.000 إلى 120.000 يمكن أن يموتوا بسببه، وأن 10000 شخص سيحتاجون إلى أجهزة التنفس الصناعي، في حين لا يوجد في الوقت الحالي سوى 153 جهازاً فقط.
وقال المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية هيدن هالدورسون، المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية، يوم الأربعاء، إن المنظمة تتوقع وصول معدات الاختبار إلى إدلب الأسبوع المقبل، مشيراً إلى أنه لا يعرف عدد الاختبارات التي سيتم إرسالها أو متى ستصل بالضبط.
وأوضح هالدورسون أن التأخير كان بسبب قيام المنظمة بتوزيع معدات الاختبار على حكومات الدول أولاً، وتابع: «شمال غربي سوريا ليست دولة مستقلة».
وقال هالدورسون إنه «بالنظر إلى العوائق التي تَحول دون توصيل الإمدادات إلى منطقة النزاع، فإن التأخير لمدة شهر ليس سيئاً»، مؤكداً أن نقاط الفحص ستقام على حدود إدلب قريباً وسيتم تسليم المحافظة دفعة جديدة من معدات الحماية من أقنعة وقفازات قريباً.
وسط مطالبات صحية بغسل الأيدي... هؤلاء لا يملكون «رفاهية» الاستحمام
وسط مطالبات صحية بغسل الأيدي... هؤلاء لا يملكون «رفاهية» الاستحمام
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة