بعد عام من سقوط «دولة داعش»... سكان الباغوز يحاولون البدء من جديد

عائلة في الباغوز تحاول جمع الأشياء المبعثرة وحرق ما أمكن لتنظيف الأرض قبل حرثها (أ.ف.ب)
عائلة في الباغوز تحاول جمع الأشياء المبعثرة وحرق ما أمكن لتنظيف الأرض قبل حرثها (أ.ف.ب)
TT

بعد عام من سقوط «دولة داعش»... سكان الباغوز يحاولون البدء من جديد

عائلة في الباغوز تحاول جمع الأشياء المبعثرة وحرق ما أمكن لتنظيف الأرض قبل حرثها (أ.ف.ب)
عائلة في الباغوز تحاول جمع الأشياء المبعثرة وحرق ما أمكن لتنظيف الأرض قبل حرثها (أ.ف.ب)

قبل عام، خاض مقاتلو تنظيم «داعش» الإرهابي آخر معاركهم دفاعاً عن «دولتهم»، وسط مخيم عشوائي مساحته بضعة كيلومترات مربعة في بلدة الباغوز، شرق سوريا. واليوم ينهمك حماد الإبراهيم في إعادة إحياء أرضه هناك وزراعتها بالقمح، وفقاً لتقرير لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».
وفي 23 مارس (آذار) 2019، أعلنت «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة أميركياً هزيمة التنظيم إثر معارك استمرت بضعة أشهر، حوصر خلالها مقاتلوه من جنسيات مختلفة من أوروبا ودول آسيوية وعربية، والآلاف من أفراد عائلاتهم في الباغوز، وهي بلدة صغيرة خطفت أنظار العالم تقع قرب الحدود العراقية في أقصى محافظة دير الزور.
ويتجول الإبراهيم (75 عاماً) مستنداً على عصا خشبية بين أنقاض المخيم الذي يقع جزء منه فوق أراضٍ يملكها، حيث مخلفات الإرهابيين على حالها: هياكل سيارات محترقة، وجيبات عسكرية، وعبوات رصاص فارغة، إضافة إلى حُفَر سكنتها عائلاتهم. وقربها حاجياتهم من ملابس وبطانيات ولوازم المطبخ.
يقول الإبراهيم، الذي تضم عائلته 75 فرداً من أبناء وأحفاد، من داخل المخيم: «نصلح هذا الخراب لنزرع الأرض بالحنطة من أجل الخبز. نريد إحياء هذه الأرض».

ويتنقل أحد أبنائه على متن جرافة لفتح طريق، بينما تنهمك نسوة في جمع الأشياء المبعثرة وحرق ما أمكن لتنظيف الأرض قبل حرثها.
لكن المهمة ليست سهلة مع الخشية من انفجار ألغام ومخلفات المعارك.
ويروي الرجل المسنّ بظهره المحني وكوفيته التقليدية: «وجدنا أسلحة مدفونة تحت الأرض، لكن ماذا عسانا نفعل؟ كيف نعيش؟».
ومع توسّع المعارك ضد التنظيم المتطرف، فرّ الإبراهيم وعائلته من الباغوز متنقلين بين بلدات عدة في ريف دير الزور الشرقي ثم مدينة الرقة، قبل أن يعودوا أدراجهم قبل أشهر عدّة.
ويقول: «حين عُدنا ورأينا ماذا حلّ بالأرض كاد ابني يُصاب بالجنون، خشيت عليه من أن يُصاب بالجلطة».
ويضيف: «هذا الخراب بات أشبه بجروح في جسمي... لكن ما يهمنا هو أننا عدنا إلى أرضنا وتخلصنا من (داعش)».

في عام 2014، حين أعلن التنظيم تأسيس «دولته» على مساحة تفوق 240 ألف كيلومتر مربع تمتدّ بين سوريا والعراق، تحكّم عناصره بمصائر سبعة ملايين شخص. بثوا الرعب في مناطق سيطرتهم وفرضوا قواعد متشددة جداً كقطع الرؤوس. ونفذوا اعتداءات وحشية حول العالم، قبل أن تتقلّص مساحة سيطرتهم تدريجياً وتتوّج هزيمتهم بمقتل زعيمهم أبو بكر البغدادي ليل 26 - 27 أكتوبر (تشرين الأول) في عملية عسكرية أميركية في محافظة إدلب (شمال غرب).
في نهاية الشهر ذاته، أعلن التنظيم تعيين أبي إبراهيم الهاشمي القرشي خلفاً للبغدادي.
وبعد عام، لا تزال شعارات التنظيم شاهدة على حقبة مظلمة. على أحد الجدران، راية التنظيم مرسومة بالأبيض والأسود، وعلى آخر عبارة «الدولة تتقدم والأسوار تتقدم».
وعند مدخل البلدة كما في محيط المخيم، يتفقد مقاتلون من «قوات سوريا الديمقراطية» هويات القادمين، في إجراءات أمنية خشية من خلايا التنظيم النائمة.
ولطالما حذر خبراء وقادة عسكريون من أن هزيمة التنظيم وتجريده من مناطق سيطرته لا تعني القضاء عليه نهائياً. وأطلقت «قوات سوريا الديمقراطية»، العام الماضي، بدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن حملة لملاحقة عناصره المتوارين الذين يشنّون اعتداءات وعمليات اغتيال خصوصاً في شرق دير الزور، ويتبنى التنظيم تنفيذها عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
ويقول المتحدث باسم مجلس دير الزور العسكري، المنضوي في «قوات سوريا الديمقراطية»، يعرّف عن نفسه باسم هارون: «يحاول التنظيم الثأر لمقتل البغدادي ويستهدف بشكل عشوائي العسكريين والمدنيين».
وتستهدف «قوات سوريا الديمقراطية» وبدعم من التحالف، وفق المتحدث، «أوكار ومخابئ التنظيم» عن طريق الاعتقالات أو العمليات الميدانية أو عبر عمليات إنزال جوي.
خلال الأشهر الماضية، عاد نحو نصف سكان الباغوز ليعيشوا فيها في ظل عدم توفّر الخدمات الرئيسية من كهرباء ومياه، وفق ما روى عدد منهم لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».
ولا تزال آثار القصف والمعارك واضحة على أبنية البلدة ومنازلها ومحالها المدمرة جزئياً أو بشكل تام، بينما اقتصرت أعمال الترميم على عدد محدود من الأبنية والمتاجر.

ووسط سوق البلدة المتواضع، تسير نساء منتقبات بخطى متسارعة، ويلهو أطفال بالكرة، بينما تمرّ دراجات نارية مسرعة بين الحين والآخر، يتوقف بعض سائقيها لشراء الخضار والوقود.
وأمام كشك صغير لبيع الخضار، تقول سلوى (50 عاماً): «بيتنا مدمر وسُوّي بالأرض، ولا قدرة لدينا على بنائه مجدداً».
وتوضح أن «مَن لم يجد بيته من السكان العائدين وضع خيمة فوق أنقاضه»، بينما لا تزال أشجار الرمان، التي تنتشر بكثرة في باحات منازل الباغوز، يابسة وتفتقر للحياة.
وليس الدمار وحده ما ينغّص أهالي الباغوز، إذ يطاردهم داء اللشمانيا، وهو مرض طفيلي ينتقل عن طريق لدغات حشرة صغيرة صفراء تعرف بذبابة الرمل، وينتشر بكثرة في مناطق تسوء فيها الخدمات وتنتشر الأوساخ والجثث تحت الأنقاض.
وتقول فاتن الحسن (37 عاماً) أثناء انشغالها في صناعة الخبز على فرن تنور قديم: «الحياة صعبة... أطفالي جميعهم مصابون باللشمانيا».
وتضيف: «أغلب السكان يعانون من هذا المرض، ولا تتوفر أي عناية صحية». ورغم ذلك، ترى أن المهم «أننا نعيش في بيوتنا، وهذا يكفينا في الوقت الحالي».
إلا أن هاشم رأفت (20 عاماً) لم يحظَ بترف العيش في منزله، إذ يسكن في خيمة قربه.
ويقول: «ما من خدمات ولا فرص عمل. البيوت مدمرة وكثر ماتوا جراء الألغام ولا يوجد حتى مستشفى».
ويضيف: «كما لو أننا نعيش في جحيم. أتعرفون ما هو الجحيم؟».


مقالات ذات صلة

المشرق العربي طائرة من سلاح الجو العراقي خلال إحدى المهمات ضد تنظيم «داعش» (أرشيفية - واع)

العراق: المجال الجوي غير مؤمّن بالكامل

أقر العراق بأن مجاله الجوي غير مؤمّن بالكامل، في حين أكد اتخاذ إجراءات لتحسين القدرات الدفاعية بعد التعاقد مع كوريا الجنوبية قبل أشهر لامتلاك منظومة متطورة.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي الجيش العراقي يُطلق النار على مسلحي «داعش» عام 2017 (رويترز)

العراق: انفجار قنبلة يصيب 4 في كركوك

كشفت مصادر بالشرطة أن أربعة أصيبوا عندما انفجرت قنبلة على جانب أحد الطرق في مدينة كركوك بشمال العراق اليوم (السبت).

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي عناصر من القوات الحكومية في البادية (المرصد السوري لحقوق الإنسان)

دمشق تواصل تمشيط البادية شرق حمص وملاحقة «داعش» بدعم من الطيران الروسي

رجّحت مصادر محلية أن يكون هدف حملة تقوم بها قوات تابعة لدمشق هو تأمين طرق البادية السورية الواصلة بين مناطق الحدود مع العراق ومحافظة حمص.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي فوزية أمين سيدو امرأة إيزيدية اختطفها «داعش» في العراق وتم إنقاذها بعملية في غزة (وزارة الخارجية العراقية)

عملية بقيادة أميركية تحرر إيزيدية من غزة بعد 10 سنوات في الأسر

قال مسؤولون عراقيون وأميركيون إن شابة إيزيدية عمرها 21 عاماً اختطفها مسلحون من تنظيم «داعش» في العراق قبل أكثر من عقد تم تحريرها من قطاع غزة هذا الأسبوع.

«الشرق الأوسط» (غزة)

​المعلمون اليمنيون بين سجون الحوثيين والحرمان من الرواتب

الحوثيون حولوا المدارس العامة إلى مواقع لاستقطاب المراهقين وإرسالهم إلى الجبهات (إعلام محلي)
الحوثيون حولوا المدارس العامة إلى مواقع لاستقطاب المراهقين وإرسالهم إلى الجبهات (إعلام محلي)
TT

​المعلمون اليمنيون بين سجون الحوثيين والحرمان من الرواتب

الحوثيون حولوا المدارس العامة إلى مواقع لاستقطاب المراهقين وإرسالهم إلى الجبهات (إعلام محلي)
الحوثيون حولوا المدارس العامة إلى مواقع لاستقطاب المراهقين وإرسالهم إلى الجبهات (إعلام محلي)

يحتفل العالم في الخامس من أكتوبر (تشرين الأول) باليوم العالمي للمعلم، فيما لا يزال المعلمون في اليمن يعانون من ويلات الحرب التي أشعلها الحوثيون، إذ اعتقلت الجماعة ألف معلم على الأقل، وأجبرت عشرات الآلاف على العمل من دون رواتب منذ ثمانية أعوام، في حين اضطر الآلاف إلى العمل في مجالات أخرى لتوفير لقمة العيش.

وإلى جانب تدني المرتبات في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وتأخر صرفها والنزوح القسري، طال من يعمل في قطاع التعليم الانتهاكات طوال العشر السنوات الأخيرة، سواء من خلال التسريح القسري والاختطافات، أو نتيجة تحويل الحوثيين المدارس والمؤسسات التعليمية إلى معسكرات لتجنيد الطلاب، أو نشر الأفكار الطائفية بهدف تغيير التركيبة المذهبية في البلاد.

انقلاب الحوثيين أدى إلى تدهور أوضاع المعلمين والطلاب على حد سواء (إعلام محلي)

في هذا السياق ذكرت الشبكة اليمنية لروابط الضحايا أن المعلم اليمني يستقبل هذه المناسبة وهو يعاني من انتهاكات جسيمة لحقوقه الأساسية، مما يحوّل هذه الذكرى إلى يوم حزين بدلاً من يوم احتفاء.

وقالت الشبكة إنه منذ ما يقارب عشر سنوات من الحرب التي تسبب بها انقلاب جماعة الحوثي على الدولة ومؤسساتها، يعاني المعلم من أزمة إنسانية متفاقمة، تتمثل في حرمانه من حقوقه المالية والمدنية والسياسية، وتعرضه لمختلف أشكال العنف والانتهاكات، بما في ذلك الاعتقال التعسفي والاختطاف والتهجير القسري.

ووفق ما ذهبت إليه الشبكة، فقد أدت هذه الأوضاع «المأساوية» إلى تدهور حاد في مستوى التعليم، وتفشي الجهل والأمية بين صفوف الشباب. ومع تأكيدها أنها تدرك حجم المعاناة التي يتعرض لها المعلمون في اليمن، أدانت بشدة جميع أشكال الانتهاكات التي يتعرضون لها خاصة في مناطق سيطرة الحوثيين، وطالبت المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان بالتحرك العاجل لإنهاء هذه الانتهاكات، وضمان حصول المعلمين على حقوقهم كاملة غير منقوصة.

وطالبت الشبكة التي تضم روابط ضحايا الانتهاكات في اليمن بصرف مرتبات المعلمين ومستحقاتهم بشكل منتظم، لضمان استقرارهم المعيشي، وتمكينهم من أداء مهامهم التعليمية على أكمل وجه، وتوفير بيئة عمل آمنة للمعلمين، حفاظاً على حياتهم وكرامتهم، ولتشجيعهم على الاستمرار في عملهم، والإفراج الفوري عن جميع المعلمين المعتقلين والمختطفين في سجون الحوثيين، وضمان عدم تكرار مثل هذه الانتهاكات.

معدلات الأمية ارتفعت إلى 70 % في الأرياف اليمنية (إعلام محلي)

كما طالبت الشبكة بتوفير الدعم اللازم لإعادة تأهيل البنية التحتية التعليمية التي تأثرت بسبب الحرب، والعمل على تطوير المناهج الدراسية بما يتناسب مع احتياجات المجتمع اليمني.

ودعت جميع الأطراف وعلى وجهة الخصوص جماعة الحوثي المسلحة التي يتعرض المعلمون في مناطق سيطرتها إلى أشكال متعددة من الانتهاكات الممنهجة، إلى تحمل مسؤولياتها، والعمل الجاد على إنهاء معاناة المعلمين، وصرف رواتبهم، وتوفير الظروف المناسبة لهم لأداء دورهم الحيوي في بناء مجتمع يمني مزدهر.

مأساة التعليم

أكد «مركز ألف لحماية التعليم» أن المعلمين في اليمن واجهوا تحديات بالغة التعقيد خلال العقد الأخير، متجاوزين كل الصعوبات التي فرضتها ظروف النزاع وانعدام الأمن، حيث أثرت الحرب والهجمات المسلحة على قطاع التعليم بشكل كبير مما أدى إلى تدهور أوضاع المعلمين والطلاب على حد سواء.

وبحسب ما أورده المركز بمناسبة اليوم العالمي للمعلم، فإن هناك ما يقارب من ألف معلم مختطف ومحتجز قسراً معظمهم لدى جماعة الحوثي، وذكر أن هذا الأمر انعكس سلباً على روح وواقع العملية التعليمية، ودفع كثيراً من المعلمين للبحث عن وظائف بديلة.

وناشد المركز المعني بحماية التعليم الحوثيين سرعة صرف رواتب المعلمين والتربويين في مناطق سيطرتهم، التي توقفت منذ عام 2016، والإيفاء بالتزاماتهم تجاه عشرات الآلاف من المعلمين والمعلمات، وضمان حمايتهم من الاعتقال والاختطافات والإخفاء القسري والحجز التعسفي.

كما ناشد الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً بتحسين رواتب المعلمات والمعلمين في مناطق سيطرتها، والتي لا تفي بأبسط متطلبات الحياة المعيشية الضرورية في ظل تدهور أسعار الصرف وتفشي البطالة.

الحوثيون أجبروا عشرات الآلاف من المعلمين على العمل دون رواتب منذ 8 أعوام (إعلام محلي)

ودعا المركز الجهات المهتمة بالتعليم إلى تبني مشاريع تضمن استمرارية التعليم وتحسين جودته، وتعمل على دعم المعلمين وتدريبهم وتأهيلهم خاصة في ظل وجود شريحة واسعة من المتطوعات والمتطوعين الذين يعملون في الميدان لتغطية نسب العجز الكبيرة في الطاقم المدرسي، ودون أدنى معايير التأهيل والتدريب.

وتحدّث المركز عما وصفها بـ«مأساة التعليم في اليمن» وقال إن نسبة الأمية تقدر بنحو 70 في المائة في الأرياف، و38 في المائة في المدن، وذكر أن 45 في المائة من المعلمين لا يحملون شهادة الثانوية العامة، وأن 13.8 في المائة فقط لديهم شهادة جامعية، كما أن الخصخصة والافتقار إلى التنظيم أثرا سلباً على جودة التعليم في الوقت الذي يدخل فيه التعليم خارج اليمن مرحلة التحول الرقمي.

وكانت إحصائية حكومية حديثة ذكرت أن 4.5 مليون طفل باتوا خارج التعليم في اليمن، وهو رقم يزيد بمقدار الضعف على الرقم المسجل مع بداية النزاع، حيث لم يتجاوز العدد مليوني طفل.

مدارس طائفية

أفادت مصادر في الحكومة اليمنية لـ«الشرق الأوسط» بأن قطاع التعليم يعاني من نقص شديد في الكوادر البشرية نتيجة وقف التوظيف منذ عام 2011، ومن بعد ذلك الحرب التي أشعلها الحوثيون في نهاية عام 2014.

وقالت المصادر إن كثيراً من المدارس استعانت بمتطوعين للعمل وتغطية العجز، إذ يحصلون على مكافآت شهرية متدنية لا تتجاوز عشرين دولاراً في الشهر يتم توفيرها من التبرعات التي يقدمها التجار أو من عائدات السلطات المحلية.

وأثّر تراجع سعر العملة المحلية، وفق المصادر، بشكل كبير على رواتب الموظفين العموميين وفي طليعتهم المعلمون، حيث أصبح راتب المعلم الواحد خمسين دولاراً بعد أن كان يعادل مائتي دولار.

وأشارت المصادر إلى أن هذا الوضع دفع بمجاميع كبيرة إلى ترك العمل في سلك التعليم والالتحاق بالتشكيلات العسكرية؛ لأنهم يحصلون على رواتب أعلى.

المياه تغمر ساحة إحدى مدارس صنعاء والطلاب ملزمون بالدوام (إعلام محلي)

وفي مناطق سيطرة الحوثيين تحدثت المصادر العاملة في قطاع التعليم عن تدهور مخيف في مستويات الالتحاق بالمدارس مع زيادة الفقر، وعجز الأسر عن توفير متطلبات التحاق أبنائها، والعروض التي يقدمها الحوثيون للمراهقين في سبيل الالتحاق بجبهات القتال والحصول على راتب شهري يساوي 100 دولار، إلى جانب التغذية ووضع أسرهم في صدارة قوائم المستحقين للمساعدات الغذائية التي توزعها المنظمات الإغاثية.

ووفق هذه الرواية، فإن اهتمام الحوثيين بتحويل المدارس إلى مواقع لاستقطاب المراهقين، ونشر الأفكار الطائفية وقطع مرتبات المعلمين وفرار الآلاف منهم خشية الاعتقال دفع بالجماعة إلى إحلال عناصرها بدلا عنهم، واختصار الجدول المدرسي إلى أربع حصص في اليوم بدلاً من سبع.

كما وجهت الجماعة عائدات صندوق دعم المعلم لصالح المدارس الطائفية الموازية التي استحدثوها خلال السنوات الأخيرة، ويتم فيها منح المعلمين رواتب تصل إلى 700 دولار، كما توفر هذه المدارس السكن الداخلي، والتغذية، والكتب المدرسية بشكل مجاني للملتحقين بها.