المعارضة التونسية تقرر دعم حكومة الفخفاخ لتجاوز تداعيات «كورونا»

«اتحاد الشغل» يقترح تأجيل دفع الديون الخارجية إلى سنوات لاحقة

TT

المعارضة التونسية تقرر دعم حكومة الفخفاخ لتجاوز تداعيات «كورونا»

قدم حزبا «قلب تونس» و«ائتلاف الكرامة» التونسيين المعارضين اقتراحين مختلفين للحكومة، بهدف تجاوز تداعيات وباء «كورونا» المستجد، وهو ما اعتبره بعض المراقبين مؤشراً على تشتت أحزاب المعارضة في علاقتها مع الائتلاف الحاكم، الذي «زادت حدته في مواجهة الوباء القاتل».
ودعا سيف الدين مخلوف، رئيس «ائتلاف الكرامة» (إسلامي)، إلى تخفيف حظر التجول، وجعله من الساعة السادسة إلى حدود الخامسة صباحاً، حتى تتمكن المخابز وتجار الخضر والمواد الأساسية والأسواق ووسائل النقل من التزود في وقت معقول، معتبراً أنها «إجراءات عاجلة وجب اتخاذها».
كما دعا «ائتلاف الكرامة» إلى منع التجمعات لأكثر من ثلاثة أشخاص، والجلوس في المقاهي وارتياد المطاعم، مع تحديد عدد أقصى للركاب في مختلف وسائل النقل، وتشجيع العمل عن بعد، وتوحيد الإجراءات بين مختلف بلديات العاصمة والولايات (المحافظات).
أما حزب «قلب تونس» (ليبرالي)، الذي يرأسه نبيل القروي، فقد عبر عن مساندته «اللامشروطة» للحكومة بكل الطرق المطلوبة، ودعا إلى تفعيل الحجر الصحي العام على كامل التراب التونسي في أقرب الآجال، والتأكد من الجاهزيّة التامة لمجابهة هذا الوضع، مقترحاً في هذا الصدد تركيز نقاط فحص طبي متفرّقة، مع ضرورة مصارحة الرأي العام حول المخزون الاستراتيجي اللازم لمجابهة هذا الوضع الاستثنائي، من مواد غذائية وأدوية وبنزين وماء وكهرباء، وفق مقاربة مهنية دقيقة.
كما طالب «قلب تونس» بضرورة مساندة المؤسسات والعمال المتضررة من هذه الإجراءات، من خلال تسريع التعويض عن البطالة وتعميم الانتفاع بها، وتأجيل دفع الديون الجبائية والاجتماعية والبنكية، علاوة على تعليق العمل بقانون الشيكات، والأحكام الغيابية، وتفعيل آليّات العقاب البديل، مع التأكيد على ضرورة توفير الرعاية اللازمة للمساجين، ومستلزمات الوقاية داخل السجون، سواء للموظفين أو للمساجين والموقوفين.
كما دعا القروي رئيسي الجمهورية والحكومة إلى تقديم مبادرات تشريعية، منادياً النواب بالتفاعل إيجابياً معها بالسرعة المطلوبة لمجابهة وباء «كورونا» المستجد والقضاء عليه.
وفي سياق متصل، دعا سامي الطاهري، المتحدث باسم الاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال)، إلى مصادرة ممتلكات كل من يثبت مضاربته واحتكاره للسلع والمواد الغذائية والأدوية خلال هذه الفترة التي يتفشى فيها وباء «كورونا» المستجد، وذلك في إطار مجموعة من الاقتراحات المالية والاجتماعية والاقتصادية، التي دعا حكومة الفخفاخ إلى تنفيذها بصفة فورية من أجل تجاوز تداعيات الأزمة الصحية التي ضربت الاقتصاد المحلي، وأعاقت العمل العادي لمعظم المؤسسات.
كما اقترحت نقابة العمال على الحكومة ضرورة تأجيل البنوك مطالبة الزبائن بدفع الديون، دون أن يترتب عن ذلك دفع غرامات أو أداءات إضافية، وخفض نسبة الفائدة على القروض البنكية، وإعفاء أصحاب البطاقات البنكية من كل الأداءات المطبقة عليهم، وجعلها مجانية مع تعميمها لتسهيل السحب والمعاملات عن بعد، والتقليل من الأوراق النقدية، وهي نقاط استجابت لها الحكومة بصفة عاجلة، ضمن حزمة إجراءات أعلن عنها البنك المركزي التونسي.
كما طالب اتحاد الشغل بضمان دفع أجور العمال المتضررين من إقفال المؤسسات الاقتصادية، وحظر التجوال المفروض من السادسة مساء إلى السادسة صباحاً، ومن تقليص حركة المواطنين، داعياً إلى منع استيراد كل المواد والتجهيزات غير الضرورية، والبدء في التفاوض على طريقة التعامل مع الديون الخارجية المتراكمة على كاهل الدولة، وذلك من خلال إقرار جدولة جديدة، أو تأجيل الدفع إلى سنوات لاحقة.
وكان نور الدين الطبوبي، الأمين العام لاتحاد الشغل، قد أعلن، منذ منتصف شهر مارس (آذار) الحالي، تأجيل كل الاحتجاجات النقابية والإضرابات العمالية، وكذا المؤتمرات والاجتماعات العامة، بالنظر إلى «الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد، والتي تتطلب تضامناً وتآزراً وطنياً، ووحدة بين الجميع»، وتجعل «محنة الحكومة مضاعفة»، بحسب تعبيره.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».