«نادي الأسير» يتهم محققاً إسرائيلياً بـ «نقل العدوى» إلى زنازين فلسطينيين

TT

«نادي الأسير» يتهم محققاً إسرائيلياً بـ «نقل العدوى» إلى زنازين فلسطينيين

في الوقت الذي يبشر فيه علماء إسرائيليون باقتراب اكتشاف الحلول لكبح انتشار فيروس كورونا، وتعلن وزارة الصحة في تل أبيب مزيدا من الخطوات الصارمة للحجر الصحي لمعظم المواطنين، وتتخذ خطوات لمحاصرة المناطق الفلسطينية (الضفة الغربية وقطاع غزة) «حتى لا تنتقل العدوى إلى إسرائيل»، كشفت مصادر فلسطينية أن فيروس «كوفيد 19» (كورونا) تسلل إلى سجن مجدو الإسرائيلي وأصاب أربعة أسرى فلسطينيين.
وقال نادي الأسير الفلسطيني في رام الله، إن كورونا تسلل إلى ثلاثة أقسام في السجن، هي (5) و(6) و(10)، عن طريق أسير كان يخضع للتحقيق في مركز تحقيق «بيتح تكفا» ووصلته العدوى عن طريق أحد المحققين في المخابرات الإسرائيلية. وأوضح نادي الأسير أن إدارة السجون أبلغت الأسرى بشكل رسمي، وأعلنت عن حالة استنفار في جميع أقسام السجن.
وأكد النادي أن الأسرى يواجهون اليوم خطر الإصابة من السجانين والمحققين، وجدد دعوته إلى كل الجهات الحقوقية المختصة بضرورة التدخل لحماية الأسرى الفلسطينيين من الإصابة بعدوى الفيروس، وكحد أدنى توفير مواد التعقيم، والتدابير الوقائية اللازمة التي فرضتها منظمة الصحة العالمية. وقال: «كنا قد حذرنا سابقا من انتقال العدوى إلى السجون بسبب حالة اللامبالاة التي أبدتها إدارة السجون». وذكر بأن رئيس الوزراء الفلسطيني، د. محمد اشتية، كان قد طالب بإطلاق سراح الأسرى خوفا من تعرضهم لخطر الوباء.
وكانت السلطات الإسرائيلية قد كشفت أنها أعدت خطة واسعة لمنع انتقال الفيروس من المناطق الفلسطينية، مع العلم بأن عدد الإصابات في إسرائيل يبلغ أكثر من عشرة أضعافه في السلطة الفلسطينية. وبادر الرئيس الإسرائيلي، رؤوبين رفلين، للاتصال مع الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، واتفق معه على تعميق التنسيق القائم بين البلدين لمواجهة الخطر. وأعلن الجيش الإسرائيلي عن تقديم أجهزة لفحص المرضى في قطاع غزة وأبدى استعدادا للتعاون مع الفلسطينيين في كل ما يرونه مناسبا لصد هذا العدو المشترك.
لكن جهات إسرائيلية عديدة حذرت من نواقص شديدة في المعدات والأدوية والأسرة في المستشفيات الإسرائيلية، وقالت، إن وزارة الصحة الإسرائيلية لم تكن مستعدة للتعامل مع انتشار وبائي، في ظل هذه النواقص. وضربت مثلا في ذلك النقص في أجهزة الفحص، حيث إن عدد الفحوصات لم يتجاوز 12 ألف فحص حتى الآن، في وقت يبلغ فيه عدد الفحوصات في كوريا الجنوبية 15 ألفا في كل يوم. وقالت إن إسرائيل تجري في كل يوم بمعدل 1432 فحصا لكل مليون مواطن، وبالمقارنة مع دول العالم، فإن معدل الفحوصات في كوريا الجنوبية وصل إلى 5666 فحصا لكل مليون شخص، وفي النرويج، تم إجراء 3314 فحصا لكل مليون شخص، وفي الصين 2820 وفي إيطاليا 2514. وكشفت القناة 12 للتلفزيون الإسرائيلي عن مذكرة أعدها مدير قسم اللوجيستيات في حالة الطوارئ في وزارة الصحة الإسرائيلية، أظهرت النقص الحاد في أجهزة التنفس من طراز C1 وC6. بالإضافة إلى نقص حاد في الكمامات والملابس والنظارات الواقية للطواقم الطبية والأشخاص بالعزلة.
وعلى إثر ذلك أعلن مكتب رئيس الوزراء أن «الموساد» (جهاز المخابرات الخارجية)، تمكن من شراء 100 ألف جهاز فحص. وأن رئيس مجموعة «علي بابا» الصينية للتجارة الإلكترونية، جاك ما، أبلغه نيته التبرع للحكومة الإسرائيلية بـ50 ألف صندوق معدات فحص كورونا، بالإضافة إلى 10 آلاف كمامة للطواقم الطبية. وفي الوقت ذاته، اتفق وزير الأمن الإسرائيلي، نفتالي بنيت، مع مجلس الأمن القومي في مكتب رئيس الحكومة وبالتنسيق مع وزارتي الصحة والمالية، على نقل مهمة شراء المعدات الطبية والحيوية اللازمة لوزارة الأمن وذلك في ظل الاحتياجات المتزايدة للجهاز الصحي خلال مواجهة فيروس كورونا. يذكر أن عدد الإصابات في إسرائيل ارتفع أمس مرة أخرى بحوالي 100 إصابة، ليصل عددها إلى نحو 550. بينها 6 حالات صعبة و10 حالات متوسطة. فيما شفي 11 مصابا.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.