احتمالات كبيرة لعدم استئناف الدوري الإنجليزي مطلع أبريل

مع احتمال عدم استئناف هذا الموسم في الثالث من أبريل (نيسان) المقبل، تم اقتراح خطط لإلغاء الموسم الحالي، وعدم هبوط أي فريق، وتصعيد فريقين من دوري الدرجة الأولى، ليضم الدوري الإنجليزي الممتاز الموسم المقبل 22 فريقاً.
وبعد القرار غير المسبوق الذي اتخذ الأسبوع الماضي، بتأجيل جميع مباريات كرة القدم على المستوى الاحترافي في إنجلترا لمدة 3 أسابيع، تحدث أحد كبار المديرين التنفيذيين لأحد الأندية التي تلعب في الدوري الممتاز عن تأثير فيروس كورونا، الذي بدا فجأة وكأن تداعياته ستكون وخيمة للغاية على الرياضة العالمية، حيث قال: «أشعر وكأننا كنا نعير انتباهنا لتأثير هذا الفيروس لمدة أسابيع، ثم اجتاحنا في يوم واحد».
وباتت كرة القدم، مثلها في ذلك مثل جميع الألعاب الرياضية، وجميع الصناعات، بل والمجتمع بأسره، تترنح. ولا يزال من السابق لأوانه أن نسأل عما سيحدث بعد ذلك، كما أن كل الأسئلة التي تُطرح في هذا الصدد يصاحبها اعتراف بأن هناك كثيراً من المشكلات الأكثر أهمية التي يجب على الدولة التعامل معها أولاً.
ومع ذلك، يدرك كثير من كبار المسؤولين في عالم كرة القدم أنه من غير المرجح أن يتم استئناف المباريات في المواعيد المحددة، وبالتحديد في الثالث من أبريل (نيسان) المقبل، بالنسبة لدوري الدرجة الأولى، ثم الدوري الإنجليزي الممتاز في اليوم التالي. ويأمل مسؤولو الدوريات المختلفة، ومسؤولو الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم، والاتحاد الأوروبي لكرة القدم، أن تستأنف المسابقات الكروية، لكن تداعيات تفشي الفيروس من غير المتوقع أن تصل إلى ذروتها حتى مايو (أيار) أو يونيو (حزيران)، لذلك فإن استئناف اللعب في بداية شهر أبريل (نيسان) يبدو مستحيلاً.
وبعد اجتماع الاتحاد الأوروبي لكرة القدم مع مسؤولي جميع الاتحادات الوطنية لكرة القدم في القارة، البالغ عددها 55 اتحاداً محلياً، ومع رابطة الأندية والدوريات الأوروبية، والنقابة الدولية للاعبي كرة القدم المحترفين (فيفبرو)، تم الاتفاق على تأجيل نهائيات كأس الأمم الأوروبية (يورو 2020) إلى صيف 2021.
وسيعقد مسؤولو الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم اجتماعاً للأندية اليوم لمناقشة المستجدات، في انتظار اتخاذ قرارات جادة حول ما سيحدث على الأرض بعد ذلك.
ويواصل المسؤولون عن المسابقات الرياضية عملهم في ظل هذه الظروف الغامضة المتغيرة بسرعة شديدة، بشكل يومي وخطوة بخطوة، كما يفعل كل شخص منا في حياته الخاصة. وبعدما قرر الدوري الإنجليزي الممتاز ودوري الدرجة الأولى، الأسبوع الماضي، إجراء مباريات نهاية الأسبوع بشكل طبيعي، بناء على نصائح حكومية، تلقى كل منهما أنباء إصابة المدير الفني لنادي آرسنال، ميكيل أرتيتا، بالفيروس، وبالتالي قررا تأجيل جميع المباريات لمدة 3 أسابيع.
وبغض النظر عن الموقف الرسمي، بدأ كبار المسؤولين يفكرون بسرعة في احتمال عدم استئناف المباريات لمدة أشهر، وهو ما يعني عدم استكمال الموسم الحالي.
ولم يكن تأجيل المباريات نابعاً في المقام الأول من منطلق الحرص على حماية الصحة العامة، حيث ظلت الحكومة تنصح بإمكانية إقامة المباريات، وتشير إلى أن خطر انتقال العدوى بين الجماهير لم يكن قوياً. لكن إصابة أرتيتا بالفيروس، وهو ما أدى إلى عزل لاعبي آرسنال، وبالتبعية عزل جميع اللاعبين والعاملين في الأندية الأخرى، هو الذي أدى إلى الوصول إلى استنتاج مفاده أن اللعب أصبح مستحيلاً.
وقال مسؤول تنفيذي في الدوري الإنجليزي الممتاز، لم يرغب في الكشف عن اسمه بسبب حساسية هذه الأزمة، إن نصيحة علماء الرياضة هي أن اللاعب يحتاج إلى يوم واحد من التدريب مقابل كل يوم من العزلة حتى يصبح لائقاً لخوض المباريات. وبالتالي، فإن عزل اللاعبين لمدة 14 يوماً يعني أنهم سيكونون بحاجة إلى 28 يوماً لكي يتمكنوا من العودة لخوض المباريات. ويبدو أنه من المستحيل بالنسبة للأندية والمديرين الفنيين والمدربين، وغيرهم من الموظفين، العمل بكامل قوتهم في ظل انتشار وتفشي الفيروس. ويعتقد الرئيس التنفيذي، مثله في ذلك مثل الشخصيات البارزة الأخرى، أنه «من شبه المؤكد أن الدوري الإنجليزي الممتاز سينتهي عند هذه النقطة».
وحتى لو قرر الاتحاد الدولي لكرة القدم إلغاء كل المسابقات المحلية خلال الشهر الذي كانت ستقام فيه بطولة كأس الأمم الأوروبية 2020 -بدءاً من الثاني عشر من يونيو (حزيران) المقرر أن يشهد إقامة المباراة الأولى في روما، حتى الثاني عشر من يوليو (تموز) موعد المباراة النهائية على ملعب ويمبلي- فإن فكرة تمديد الموسم إلى الصيف وما بعده تبدو أكثر تعقيداً مما قد يتخيل بعضهم. وتستمر عقود اللاعبين حتى 30 يونيو (حزيران)، لذلك فإن فكرة استمرار اللاعبين مع أنديتهم بعد ذلك تكاد تكون مستحيلة.
وبعد أن كان الحديث عن طريقة تحديد بطل الدوري الإنجليزي الممتاز، وتحديد الأندية التي ستهبط منه، والأندية التي ستصعد له، وطريقة تأهل الأندية لدوري أبطال أوروبا، يبدو افتراضياً، بات الآن قضية عملية يفكر فيها الجميع من أجل الوصول إلى حلول. ولم تكن كارين برادي، نائبة رئيس وستهام يونايتد، التي كتبت في صحيفة «الصن» يوم السبت الماضي أن الموسم الحالي للدوري الإنجليزي الممتاز يجب إلغائه واعتباره كأن لم يكن، المدير التنفيذي الوحيد في الدوري الإنجليزي الممتاز الذي يقترح ذلك الحل، إذ قال مدير نادٍ آخر، لم يرغب في الكشف عن اسمه، إن الأندية ما زال بإمكانها الحصول على نقاط كافية لتغيير مراكزها في جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز، وبالتالي لن يرغب أي ناد في التأثر سلباً بإلغاء الموسم، خاصة بالنظر إلى الفجوة الرياضية والمالية الهائلة بين الدوري الإنجليزي الممتاز ودوري الدرجة الأولى.
وأشار هذا المسؤول إلى أن إلغاء الموسم هو الحل الوحيد الذي يجنب الجميع الدخول في مشكلات قضائية مع أولئك الذين سيخسرون إذا تم اتخاذ قرار باعتماد الجدول الحالي للدوري الإنجليزي الممتاز، باعتباره الجدول النهائي للموسم.
وقال مسؤول تنفيذي آخر إنه يمكن القيام بذلك، لكن تجنباً للمشكلات فهناك حل أكثر إبداعاً، يتمثل في «مكافأة الفائزين وتعويض الخاسرين»، بمعنى أنه إذا تقرر إنهاء الموسم عند هذه المرحلة، فإنه يجب اعتبار ليفربول، الذي يتصدر جدول الترتيب بفارق 25 نقطة كاملة عن أقرب منافسيه، هو بطل الدوري الإنجليزي الممتاز الذي يسعى للحصول عليه منذ 30 عاماً، ولا يمكن لأي شخص أن يجادل في أحقية ليفربول في الحصول على اللقب هذا الموسم، في ظل الفارق الشاسع بينه وبين صاحب المركز الثاني. وأضاف هذا المسؤول أن ليدز يونايتد ووست بروميتش ألبيون يجب أن يصعدا للدوري الإنجليزي الممتاز الموسم المقبل، لكن يجب ألا يهبط أي فريق من الدوري الإنجليزي الممتاز، وهو ما يعني أن الموسم المقبل سيقام من 22 فريقاً.
كما يجب أن تصعد الأندية التي تحتل مراكز تؤهلها للترقي في دوري الدرجة الأولى ودوري الدرجة الثانية ودوري الدرجة الثالثة، ولا يهبط أي فريق منها ليرتفع عدد الأندية التي تلعب في هذه المسابقات خلال الموسم المقبل، على أن يهبط عدد أكبر من الأندية في نهاية الموسم المقبل. صحيح أنه يمكن للأندية التي تحتل مراكز تؤهلها لخوض ملحق الصعود أن تقول إنه كان بإمكانها الترقي بصورة تلقائية في نهاية الموسم، لكن على أرض الواقع فإن هذه الأندية لن تتضرر كثيراً.
لكن يجب الإشارة إلى أن كل هذه السيناريوهات هي مجرد تخمينات وتوقعات واقتراحات من قبل أشخاص لا يزالون يشعرون بالذهول من تفشي فيروس كورونا، لكن المناقشات الرسمية ستعقد بداية من اليوم، ويتوقع أن تستمر لأسابيع لحين الوصول لقرار. أما فيما يتعلق بالتداعيات المالية، فمن المؤكد أنه لا يمكن تجنب خسائر كبير محتمله إذا لم يتم استئناف الموسم. وسيتعين على شبكتي «سكاي» و«بي تي سبورت» إعادة الأموال للمشتركين إذا تم إلغاء الموسم. ويعتقد أن جهات البث التلفزيوني لديها الحق القانوني في عدم دفع ملايين الجنيهات للدوريات، رغم أن العلاقات طويلة الأجل بين جهات البث والدوريات وطبيعة الأزمة الحالية تجعلان الدوريات تأمل في التوصل إلى تسوية مناسبة لهذا الأمر. ولم يتضح بعد حتى للأندية إذا كانت الدوريات لديها تأمين لتغطية خسارة دخل البث من المباريات في هذه الظروف غير العادية.
ويجب الإشارة إلى أن بعض الأندية لديها تأمين «تعطل الأعمال» الذي يمكنها من تغطية خسائرها من عائدات المباريات، لكن يعتقد أن هذا الأمر أقل شيوعاً بعيداً عن أندية القمة. وتعتبر الأندية التي تلعب في دوري الدرجة الأولى، والتي تعتمد بشكل كبير على مبيعاتها من التذاكر، وتعاني كثيراً من الناحية المالية، هي الأكثر عرضة لمواجهة صعوبات أكبر. لقد تم إطلاع الحكومة على نقاط الضعف في هذه الرياضة الوطنية، وهناك أمل في أن توفر الأموال العامة شبكة أمان لهذه الأندية.
لكن بعد عقد من التقشف وقلة التمويل بالنسبة لهيئة الخدمات الصحية الوطنية في إنجلترا، يعلم الجميع أن الحكومة لديها كثير من الأولويات الأكثر إلحاحاً، وهو ما يعني أن الاهتمام بمشكلات كرة القدم لن يكون على رأس القائمة.