رفيف الظل: كلُّ أبيضنا صارَ دُخانًا

رفيف الظل:  كلُّ أبيضنا صارَ دُخانًا
TT

رفيف الظل: كلُّ أبيضنا صارَ دُخانًا

رفيف الظل:  كلُّ أبيضنا صارَ دُخانًا

القصيدةُ المدلاةُ في عنق كاتبها والقلمُ الغائرُ في جرح الكتمان، هما أول الهتك. وبعدها، والداكَ يجهلان انكفاءَ وجهِك، وأوطانكَ تصيرُ حرةً إنْ سجنتكَ في دفتر، والشعراءُ سلالةُ المقصلة.
لا تستخفّ بمقصلة القافية،
كم شاعرٍ ساحَ دمُه في سبيل ظلٍّ لا ينعكسُ على صدى صوته. وكم ناثرٍ أعلن أنَّ المقصلة وَرْدُهُ وَوِرْدُهُ، لكنَّ ابتهاجَه لم يدمْ سوى دهر، وأصابع نقشه قُطعتْ في ساعة المصافحة، وارتبك الماءُ أمام العطشان. وساعتها، حانتِ الكلمةُ، فانزاحَ من الميادين سماسرة الربا الأول، وبعدهم تجارُ النار.
وقبل أن يستعرضَ الليلُ حلكتَهُ على الفقراء، رأى الشعراءُ نجمةَ العجب، وطاردوا بخيالهم المعصوف مذنباتها، وكان ذلك وصفًا لميلاد البوح من النوح، وهو اشتقاق الشبيه من ذاتِ ضدّه وخلطهما في الإشارة ومزجهما داخلَ الرمزِ قبل أن يصبحَ قافيةً رخوة.
وبأمّ عينه وعقله، سوف يصرخُ الحرفُ، سوف يزأرُ لعله يثأرُ من ندم الرتابة في قواميس الحجر، وعلى مهلٍ سوف ينساه المكممون، وتهجره المرأةُ المرجومة باحتمال العار، ولن يجد الحرفُ خلاصَهُ في نباح المنابر المكتظّة بأفّاقين من كلِّ الآفاق، ولن تتسربَ الكلمةُ من وزنها الثقيل، إلاّ على لسان شاعرٍ يهجو أصنامَ معانيها.
فُكّها،
فكْ الدلالةَ ولا تستبدلِ الأخضرَ بأخضر،
الماء أزرقُ في نهارٍ عادي، لكنَّه وردي في ساعةِ العشق، وموجتُهُ سكينٌ وقتَ اندلاع العاصفة.
هل يبقى الكلامُ في مكانه، أم يجرفه الزمانُ كلَّما وطأتِ الخيلُ على الجسدِ المهزوم، على اللسانِ اليابس في لحظة المناداة؟
هل يسمعونه؟
لا بدَّ أن يسمعوه، سيكون كخريطةٍ تتعرَّى في غابةِ البوصلة، وتهبطُ لاسمِ الماء، وفعل البحيرة، شمالَ الخوفِ، جنوبَ الجرأة.
الماءُ مطلوبٌ لجريمةٍ لم يقترفها،
مطلوبٌ بكل الأسماء التي اخترناها لهُ.
ليس أن يسمعوا، لكن أن تكونَ الجرأةُ من صفاتهم، فهو تحتَ الخيل، والماء ليس في مكانه.
كلُّ حروف الأبجدية ينبغي أن تخرجَ عن تخوم القواميس، لئلا يقال إن صمتًا ساهمَ في القتل وهو واقفٌ على خط المشهد.
الشخصُ كنايةٌ عن شعبٍ برمّته.
من يسكتُ عن قتل شخصٍ يقتلُ الشعوبَ قاطبة؟ أية دلالةٍ تقبل البدائل والألوان مقصوفة كلها؟
اللون الذي أسرفنا في قصفه، هو الأبيض. فهو حينَ تجرحُهُ، يناديكَ باسمك، يفضحك.
لا مستقبلَ لنا، كلُّ أبيضنا صار دُخانًا،
الراياتُ السوداءُ تملأ الأفق،
لا مستقبلَ لنا. المستقبلُ كرةُ نارٍ تلفظُها السماءُ، ونتقاذفُها نحنُ في حدائقِ العطلةِ الأسبوعيّة.
المستقبل يكزُّ أسنانه، قبل أن نعودَ إلى منازلنا، فرحينَ بغدِ الوظيفة. حتى لو كانت أصابعنا محناةً بدم، لن ينتبه أحد. لكننا إن همسنا باسم الوضوح، نكُن فتنة، وقد يمنعونَ عنا السلالم.
هذا ما يخدشُ البال، هذا ما يعطلُ الكمالَ قبل نقصانهِ من جديد.



مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة يناقش «النقد الفلسفي» وتشكيل المستقبل

الدكتور أحمد البرقاوي والدكتور عبد الله الغذامي في الجلسة الأولى لمؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة... وأدار الجلسة الدكتور سليمان الهتلان (تصوير: ميرزا الخويلدي)
الدكتور أحمد البرقاوي والدكتور عبد الله الغذامي في الجلسة الأولى لمؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة... وأدار الجلسة الدكتور سليمان الهتلان (تصوير: ميرزا الخويلدي)
TT

مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة يناقش «النقد الفلسفي» وتشكيل المستقبل

الدكتور أحمد البرقاوي والدكتور عبد الله الغذامي في الجلسة الأولى لمؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة... وأدار الجلسة الدكتور سليمان الهتلان (تصوير: ميرزا الخويلدي)
الدكتور أحمد البرقاوي والدكتور عبد الله الغذامي في الجلسة الأولى لمؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة... وأدار الجلسة الدكتور سليمان الهتلان (تصوير: ميرزا الخويلدي)

تحت عنوان «النقد الفلسفي» انطلقت صباح اليوم، فعاليات مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة بدورته الرابعة، الذي يقام بمناسبة اليوم العالمي للفلسفة، وذلك بمقر بيت الفلسفة بالإمارة، برعاية الشيخ محمد بن حمد الشرقي، ولي عهد الفجيرة.

ومؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة، هو أول مؤتمر من نوعه في العالم العربي ويشارك فيه سنوياً نخبة من الفلاسفة البارزين من مختلف أنحاء العالم، ويحمل المؤتمر هذا العام عنوان «النقد الفلسفي».

وتهدف دورة هذا العام إلى دراسة مفهوم «النقد الفلسفي»، من خلال طرح مجموعة من التساؤلات والإشكاليات حوله، بدءاً من تعريف هذا النوع من النقد، وسبل تطبيقه في مجالات متنوعة مثل الفلسفة والأدب والعلوم.

ويتناول المؤتمر العلاقة بين النقد الفلسفي وواقعنا المعيش في عصر الثورة «التكنوإلكترونية»، وأثر هذا النقد في تطور الفكر المعاصر.

الدكتور عبد الله الغذامي (تصوير: ميرزا الخويلدي)

ويسعى المتحدثون من خلال هذا الحدث إلى تقديم رؤى نقدية بناءة جديدة حول دور الفلسفة في العصر الحديث ومناقشة مجموعة من الموضوعات المتنوعة، تشمل علاقة النقد الفلسفي بالتاريخ الفلسفي وتأثيره في النقد الأدبي والمعرفي والعلمي والتاريخي ومفاهيم مثل «نقد النقد» وتعليم التفكير النقدي، إلى جانب استكشاف جذور هذا النقد وربطه ببدايات التفلسف.

وتسعى دورة المؤتمر لهذا العام لأن تصبح منصة غنية للمفكرين والفلاسفة لتبادل الأفكار، وتوسيع آفاق النقاش، حول دور الفلسفة في تشكيل المستقبل.

ويأتي المؤتمر في ظل الاحتفال بـ«اليوم العالمي للفلسفة» الذي يصادف الخميس 21 نوفمبر (تشرين الثاني) من كل عام، والذي أعلن من قبل «اليونيسكو»، ويحتفل به كل ثالث يوم خميس من شهر نوفمبر، وتم الاحتفال به لأول مرة في 21 نوفمبر 2002.

أجندة المؤتمر

وعلى مدى ثلاثة أيام، تضم أجندة مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة؛ عدداً من الندوات والمحاضرات وجلسات الحوار؛ حيث افتتح اليوم بكلمة للدكتور أحمد البرقاوي، عميد بيت الفلسفة، وكلمة لأمين عام الاتحاد الدولي للجمعيات الفلسفية.

وتتضمن أجندة اليوم الأول 4 جلسات: ضمت «الجلسة الأولى» محاضرة للدكتور أحمد البرقاوي، بعنوان: «ماهيّة النّقد الفلسفيّ»، ومحاضرة للدكتور عبد الله الغذامي، بعنوان: «النقد الثقافي»، وترأس الجلسة الدكتور سليمان الهتلان.

كما ضمت الجلسة الثانية، محاضرة للدكتور فتحي التريكي، بعنوان: «النقد في الفلسفة الشريدة»، ومحاضرة للدكتور محمد محجوب، بعنوان: «ماذا يُمكنني أن أنقد؟»، ومحاضرة ثالثة للدكتور أحمد ماضي، بعنوان: «الفلسفة العربية المعاصرة: قراءة نقدية»، وترأس الجلسة الدكتور حسن حماد.

أمّا الجلسة الثالثة، فضمت محاضرة للدكتور مشهد العلّاف، بعنوان: «الإبستيمولوجيا ونقد المعرفة العلميّة»، ومحاضرة للدكتورة كريستينا بوساكوفا، بعنوان: «الخطاب النقدي لهاريس - نقد النقد»، ومحاضرة للدكتورة ستيلا فيلارميا، بعنوان: «فلسفة الولادة - محاولة نقدية»، وترأس الجلسة: الدكتور فيليب دورستيويتز.

كما تضم الجلسة الرابعة، محاضرة للدكتور علي الحسن، بعنوان: «نقد البنيوية للتاريخانيّة»، ومحاضرة للدكتور علي الكعبي، بعنوان: «تعليم الوعي النقدي»، ويرأس الجلسة: الدكتور أنور مغيث.

كما تضم أجندة اليوم الأول جلسات للنقاش وتوقيع كتاب «تجليات الفلسفة الكانطية في فكر نيتشه» للدكتور باسل الزين، وتوقيع كتاب «الفلسفة كما تتصورها اليونيسكو» للدكتور المهدي مستقيم.

الدكتور أحمد البرقاوي عميد بيت الفلسفة (تصوير: ميرزا الخويلدي)

ويتكون برنامج اليوم الثاني للمؤتمر (الجمعة 22 نوفمبر 2024) من ثلاث جلسات، تضم الجلسة الأولى محاضرة للدكتورة مريم الهاشمي، بعنوان: «الأساس الفلسفي للنقد الأدبيّ»، ومحاضرة للدكتور سليمان الضاهر، بعنوان: «النقد وبداية التفلسف»، ويرأس الجلسة: الدكتورة دعاء خليل.

وتضم الجلسة الثانية، محاضرة للدكتور عبد الله المطيري، بعنوان: «الإنصات بوصفه شرطاً أوّلياً للنّقد»، ومحاضرة للدكتور عبد الله الجسمي، بعنوان: «النقد والسؤال»، ويرأس الجلسة الدكتور سليمان الضاهر.

وتضم الجلسة الثالثة، محاضرة الدكتور إدوين إيتييبو، بعنوان: «الخطاب الفلسفي العربي والأفريقي ودوره في تجاوز المركزية الأوروبية»، ومحاضرة الدكتور جيم إي أوناه، بعنوان: «الوعي الغربي بفلسفة ابن رشد - مدخل فيمونولوجي»، ويرأس الجلسة: الدكتور مشهد العلاف.

ويتكون برنامج اليوم الثالث والأخير للمؤتمر (السبت 23 نوفمبر 2024) من جلستين: تتناول الجلسة الأولى عرض نتائج دراسة حالة «أثر تعليم التفكير الفلسفي على طلاب الصف الخامس» تشارك فيها شيخة الشرقي، وداليا التونسي، والدكتور عماد الزهراني.

وتشهد الجلسة الثانية، اجتماع حلقة الفجيرة الفلسفية ورؤساء الجمعيات الفلسفية العربية.