الفيروس يفجّر جدلاً بين واشنطن وبكين

ترمب يعلن عن حوافز اقتصادية للقطاعات المتأثرة... ووزير الخزانة: ما نواجهه أسوأ من هجمات 11 سبتمبر

الفيروس يفجّر جدلاً بين واشنطن وبكين
TT

الفيروس يفجّر جدلاً بين واشنطن وبكين

الفيروس يفجّر جدلاً بين واشنطن وبكين

استمرت حالات الإصابة بفيروس كورونا المستجد في الولايات المتحدة في الارتفاع، رغم الإجراءات الوقائية التي اتخذتها السلطات الأميركية، بما في ذلك منع التجمعات. جاء ذلك في وقت أكد الرئيس دونالد ترمب استعداد الجيش الأميركي والمستشفيات لمواجهة تفشي الوباء، معلناً توفير حوافز اقتصادية للقطاعات المتأثرة. وفي دلالة على مدى الضرر الذي ألحقته تداعيات الوباء بالاقتصاد، قال وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين إن «ما نواجهه (حالياً) أسوأ من 11 سبتمبر»، في إشارة إلى هجمات تنظيم «القاعدة» عام 2001. موضحاً أن السلطات الأميركية تناقش تقديم حوافز اقتصادية تصل إلى تريليون دولار.
واندلع جدل أميركي - صيني، أمس، على خلفية استخدام الرئيس ترمب عبارة «الفيروس الصيني» للإشارة إلى فيروس كورونا المستجد، الأمر الذي أثار استياء بكين. ودافع الرئيس الأميركي، أمس، عن استخدامه هذه العبارة، قائلاً إن الفيروس «أتى من الصين. أعتقد أنها عبارة في محلها تماماً». وأضاف أن «الصين نشرت معلومات مغلوطة، مفادها أن جيشنا نقل إليها الفيروس. وبدل الدخول في جدل قلت سأسميه (الفيروس) بالإشارة إلى البلد الذي جاء منه».
من جهته، اعتبر المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، غينغ شوانغ، أن ربط الفيروس بالصين يعد «نوعاً من الوصم»، مضيفاً: «نشعر باستياء شديد، ونعارضه بشدّة». كما ندّدت وكالة الصين الجديدة الرسمية للأنباء بشكل عام باستخدام «تعابير عنصرية وكارهة للآخر، من أجل تحميل دول أخرى مسؤولية الوباء»، بحسب ما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية.
وسجل أمس 4558 حالة الإصابة بفيروس كورونا، ما يعني أن 878 حالة جديدة ظهرت خلال يوم الاثنين وحده. أما حصيلة الضحايا فقد بلغت 85 حالة وفاة حتى صباح الثلاثاء، علماً بأن مركز العلوم بجامعة جون هوبكنز كان قد أشار يوم الجمعة إلى أن عدد حالات الوفاة بلغت 41 حالة، ما يعني أن حصيلة الوفيات قفزت بنسبة 90 في المائة خلال 3 أيام فقط. وتُظهر بيانات الجامعة أن 19 في المائة من الحالات الأميركية تم تسجيلها خلال يوم الاثنين فقط، في أكبر قفزة في يوم واحد في حالات الإصابة، منذ تسجيل أول حالة في الولايات المتحدة في 21 يناير (كانون الثاني) الماضي. وإذا استمرت الإصابات في الارتفاع بهذه الوتيرة، فإن التقديرات تشير إلى احتمال إصابة ما بين 70 إلى 100 مليون شخص في الولايات المتحدة بفيروس كورونا المستجد.
وفي المؤتمر الصحافي اليومي للبيت الأبيض، ظهر الثلاثاء، أكد الرئيس ترمب توفير الخدمات الصحية عن بعد من خلال الإنترنت للمشتبه بإصابتهم بفيروس كورونا، مشيراً إلى أن الجيش الأميركي على أهبة الاستعداد لتقديم المساعدة في حالة الاحتياج للقيام بعمليات طارئة. وشدد على أنه «بطريقة أو بأخرى يجب محاربة هذا العدو الخفي، والولايات المتحدة ستنتصر على هذا الوباء بأسرع مما يظن الجميع». أما نائب الرئيس مايك بنس فأشار إلى توفير قناع الوجه الصناعي لمواجهة نقص القناعات الطبية للعاملين في القطاع الصحي.
من جانبه، أكد وزير الخزانة ستيفن منوتشين أن إدارة ترمب على تواصل مع المشرعين في الكونغرس لتعويض الشركات الصغيرة والقطاعات الاقتصادية المتأثرة سلباً من فيروس كورونا، معلناً حزمة حوافز اقتصادية تصل إلى تريليون دولار خلال الأيام المقبلة، وهو أمر اعتبره خبراء أكبر حزمة اقتصادية في التاريخ الأميركي، في ظل تزايد الضرر الاقتصادي وتكبد قطاعات مثل الطيران والسياحة خسائر ضخمة. وقال منوتشين إنه سيلتقي مع المشرعين في مجلسي الشيوخ والنواب لمناقشة خيارات اقتصادية لمساعدة شركات الطيران والفنادق والشركات الصغيرة، وتوفير تأجيلات لتقديم الإقرارات الضريبية إلى ما بعد موعدها في منتصف أبريل (نيسان) المقبل وتمديد الفترة لمدة 90 يوماً دون أي عقوبات مالية على التأخير. وتابع: «إننا نواجه وضعاً أسوأ من الوضع خلال هجمات 11 سبتمبر، وعلينا العمل بسرعة لأنه لا ذنب للعمال في غلق القطاعات الاقتصادية».
وكان الرئيس ترمب قد تحول في تصريحاته مساء الاثنين من التقليل من أخطار فيروس كورونا إلى التحذير من تعاظم المخاطر واستمرار الوباء ربما حتى يوليو (تموز) أو أغسطس (آب) المقبلين. وعلى الرغم من التدابير لحماية الأسواق، فإن سوق الأسهم واصل تراجعه أمس بعدما وصل الاثنين إلى أدنى مستوى له. واعترف الرئيس ترمب بأن الاقتصاد قد يدخل في حال ركود، مشيراً إلى محادثات لتقديم 50 مليار دولار من المساعدة لقطاع الطيران المتأثر بشدة من تداعيات الوباء. وطلبت إدارة ترمب من الكونغرس الموافقة على حزمة تحفيز اقتصادي ضخمة تبلغ 850 مليار دولار.
ونفت الحكومة الفيدرالية، في غضون ذلك، إشاعة مفادها أن الولايات المتحدة بأكملها ستوضع تحت الحجر الصحي لمدة أسبوعين. وكان الدكتور أنتوني فوسي، مدير معهد مكافحة الأمراض المعدية CDC، قد صرّح بأن كل الخيارات تبقى على الطاولة، فاتحاً الباب أمام احتمال اللجوء إلى فرض الحجر الصحي على الأميركيين.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».