مطالب دولية وأممية بـ«وقف فوري» للاقتتال في طرابلس لمواجهة «كورونا»

بهدف تمكين السلطات من الاستجابة سريعاً للتحدي غير المسبوق الذي يشكله الفيروس القاتل

ليبيون يقتنون مواد غذائية من أحد متاجر مصراتة تحسباً لفقدها من الأسواق بسبب مخاوف من تفشي «كورونا» (رويترز)
ليبيون يقتنون مواد غذائية من أحد متاجر مصراتة تحسباً لفقدها من الأسواق بسبب مخاوف من تفشي «كورونا» (رويترز)
TT

مطالب دولية وأممية بـ«وقف فوري» للاقتتال في طرابلس لمواجهة «كورونا»

ليبيون يقتنون مواد غذائية من أحد متاجر مصراتة تحسباً لفقدها من الأسواق بسبب مخاوف من تفشي «كورونا» (رويترز)
ليبيون يقتنون مواد غذائية من أحد متاجر مصراتة تحسباً لفقدها من الأسواق بسبب مخاوف من تفشي «كورونا» (رويترز)

بالتوازي مع الجهود المحلية المبذولة لمواجهة «مخاطر كورونا المحتملة»، دعت دول غربية وعربية، بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي، والبعثة الأممية للدعم في ليبيا، أمس، إلى إعلان وقف فوري وإنساني للقتال في العاصمة طرابلس، من أجل مواجهة فيروس «كورونا» المستجد.
وطالبت البعثة الأممية، في بيان أمس، «جميع أطراف النزاع في البلاد إلى إعلان وقف فوري للأعمال القتالية لأغراض إنسانية»، وقالت إن ذلك من شأنه «تمكين السلطات المحلية من الاستجابة بشكل سريع للتحدي غير المسبوق، الذي يشكله فيروس كورونا (كوفيد - 19) على الصحة العامة».
ويأتي هذا النداء الأممي في ظل تصاعد الإجراءات الاحترازية التي تتخذها السلطات المحلية في شرق وغرب ليبيا للحد من مخاطر وصول الفيروس إلى البلاد، ومن بينها الدعوة إلى منع التصافح بالأيدي بين الموظفين في المصالح الحكومية، وإغلاق المعابر البحرية والبرية.
وقالت البعثة الأممية، في بيان أمس، إنها «تنضم إلى الشركاء الدوليين في الدعوة إلى وقف الاقتتال لأغراض إنسانية، وتدعو الأطراف المتقاتلة إلى وقف النقل المستمر لجميع المعدات العسكرية والأفراد إلى ليبيا»، مناشدة جميع الأطراف في ليبيا «اتخاذ هذه الخطوة الشجاعة لتوحيد جهودهم في مواجهة هذا الوباء، في الوقت الذي تواصل فيه البعثة مساعيها في تيسير الحوار بين الأطراف الليبية في المسارات السياسية والعسكرية والاقتصادية».
وأشارت الأميركية ستيفاني توركو ويليامز، التي تولت رئاسة البعثة الأممية بالإنابة بقرار من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في حثّها للأطراف المتحاربة، إلى أن فيروس كورونا «لا يعترف بأي حدود أو انتماءات، وقادر على اختراق كل الجبهات... ولذلك ندعو جميع الليبيين إلى توحيد صفوفهم فوراً، قبل فوات الأوان، لمواجهة هذا التهديد المهول والسريع الانتشار. الأمر الذي يتطلب تضافر جميع الجهود والموارد للوقاية منه، والتوعية به وتوفير العلاج لمن قد يصيبهم هذا الفيروس».
كما دعت البعثة الأممية إلى «تطبيق آلية موحدة لمواجهة (كوفيد - 19) في ليبيا، بالتعاون الوثيق مع منظمة الصحة العالمية والوكالات الأخرى العاملة في ليبيا وأصدقاء ليبيا»، لافتة إلى أن «أسرة الأمم المتحدة في ليبيا تقف على أهبة الاستعداد لمواصلة مساندتها لليبيين في التصدي لهذا التهديد».
في السياق ذاته، طالبت سفارات الجزائر وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وهولندا، والمملكة المتحدة والولايات المتحدة وبعثة الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى سفارتي تونس والإمارات، الأطراف المتقاتلة في طرابلس إلى إعلان «وقف فوري وإنساني للقتال»، ودعت «جميع أطراف الصراع الليبي إلى وقف النقل المستمر لجميع المعدات والأفراد العسكريين إلى ليبيا من أجل السماح للسلطات المحلية بالاستجابة لتحدي الصحة العامة، غير المسبوق الذي يشكله الفيروس»، لافتة إلى أن مثل هذه الهدنة ستمكن المقاتلين من العودة إلى ديارهم لتقديم الرعاية اللازمة للأقارب، الذين قد يكونون أكثر عرضة للخطر.
وأبدى أصحاب المبادرة أملهم في أن تؤدي هذه الهدنة الإنسانية إلى اتفاق قيادات كلا الطرفين الليبيين على مشروع وقف إطلاق النار، الذي يسّرته الأمم المتحدة في 23 فبراير (شباط) الماضي، والذي تم التوصل إليه في جنيف في إطار اللجنة العسكرية المشتركة الليبية «5+5»، والعودة إلى الحوار السياسي.
وقالت الدكتورة فاطمة الحمروش، وزيرة الصحة الليبية السابقة، إن «الاستمرار في الاقتتال سيزيد من فرصة انتشار (الوباء)، وينقص من فرص مقاومته، ولا بد من إعلان هدنة شاملة»، ودعت السلطات المحلية إلى عدم إغلاق الأسواق في وجوه الناس بهدف طمأنة المواطنين، والابتعاد عن التدافع والازدحام بالأسواق.
وسبق أن أعلنت الحكومتان المتنازعتان في ليبيا حالة الطوارئ، وخصصت حكومة «الوفاق»، المدعومة أممياً، 500 مليون دينار ليبي (نحو 360 مليون دولار) لمكافحة المرض إذا وصل إلى ليبيا، وأمهلت المواطنين العابرين من منفذي وزان ورأس جدير الحدوديين مع تونس فرصة للمغادرة حتى أول من أمس.
في شأن قريب، قال مصدر أمني بجهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية بطرابلس، إن قوات الشرطة ضبطت خلال الأيام الماضية عدداً من المهاجرين غير الشرعيين من دول أفريقية كثيرة، كانوا يحاولون الهروب من سواحل مدن، مثل صبراتة والزاوية (غرب ليبيا)، عبر البحر المتوسط إلى أوروبا.
وأضاف المصدر موضحاً: «ضبطنا بعض الأفراد عقب وصول معلومات عن تجمعهم في أحد المنازل بصبراتة. لكن بعضهم تمكن من التسرب ليلاً إلى البحر».
وكانت السلطات المالطية قد أعلنت أنها أنقذت 112 مهاجراً من شمال أفريقيا، كانوا يستقلون قارباً، قبيل تعرضهم للغرق الأحد الماضي، وأنه تم نقلهم إلى داخل البلاد، تحت إشراف قوات ترتدي زياً واقياً من الإصابة بفيروس كورونا. وقد تم رصد القارب في منطقة بحث وإنقاذ تابعة لمالطا إلى الشمال من ليبيا، وفقاً لوكالة «رويترز». لافتة إلى أن من بين من كانوا على متنه نساء وأطفالاً.


مقالات ذات صلة

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
صحتك امرأة تعاني من «كورونا طويل الأمد» في فلوريدا (رويترز)

دراسة: العلاج النفسي هو الوسيلة الوحيدة للتصدي لـ«كورونا طويل الأمد»

أكدت دراسة كندية أن «كورونا طويل الأمد» لا يمكن علاجه بنجاح إلا بتلقي علاج نفسي.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
صحتك «كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

يؤثر على 6 : 11 % من المرضى

ماثيو سولان (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.