شوارع برلين... خالية من مُسنّيها وسيّاحها

دوريات للشرطة تجبر المحلات على إغلاق أبوابها ليلاً

معالم برلين السياحية بدت خالية من الزوار أمس (د.ب.أ)
معالم برلين السياحية بدت خالية من الزوار أمس (د.ب.أ)
TT

شوارع برلين... خالية من مُسنّيها وسيّاحها

معالم برلين السياحية بدت خالية من الزوار أمس (د.ب.أ)
معالم برلين السياحية بدت خالية من الزوار أمس (د.ب.أ)

«شراء الهامستر» من أكثر التعابير تداولاً اليوم في ألمانيا. هو يعني الشراء المبالغ به، بهدف التخزين. فمنذ أيام، والمتاجر الكبيرة لبيع الأطعمة ممتلئة دائماً بالمتبضعين. بضائع كثيرة اختفت، وعدد كبير من الرفوف في الداخل فارغ، خصوصاً تلك التي تعرض المأكولات التي يمكن تخزينها.
في أحد المتاجر قبل بضعة أيام، اضطرت الشرطة للتدخل بعد أن منع أمين الصندوق رجلاً من شراء 50 كيس طحين. وطلب منه الاكتفاء بشراء 20، وترك البقية لمتبضعين آخرين. ولكن الرجل رفض وتطور التلاسن مع الموظف إلى ضرب، حتى وصلت الشرطة، وأجبرت الرجل في النهاية على المغادرة فارغ اليدين.
السياسيون، وحتى الأطباء، علقوا على هذه الظاهرة ودعوا الألمان لوقفها. بعضهم وصفها بأنها «أنانية». آخرون أكدوا أن لا حاجة لها وأن ألمانيا لا تعاني نقصاً من المواد الغذائية، باستثناء المطهرات اليدوية، التي باتت تسرق حتى من المستشفيات بكميات كبيرة. ولكن رغم كل هذه الدعوات، فإن الإقبال على الشراء «على طريقة الهامستر» لم يتوقف، خوفاً على ما يبدو من فرض حظر تجول أو الإصابة بفيروس كورونا، ما يعني حجراً صحياً في المنزل.
موظفو «السوبرماركت» لا يعانون فقط من ضغوط ملء الرفوف الفارغة من دون توقف، بل يشكون كذلك من تزايد كبير في عدد طلبات التوصيل للمنازل. كل هذا يأتي فيما تستعد العاصمة برلين وعدد كبير من المدن في أنحاء ألمانيا، لإغلاق شبه تام اليوم (الثلاثاء). حينها، ستغلق المدارس والروضات أبوابها لمدة 5 أسابيع، لتنضم إلى المتاحف والمسارح ودور السينما والملاهي والمسابح العامة المغلقة، منذ يوم أمس.
ولم يعد أصلاً مسموحاً بتجمّعات يزيد عددها على 50 شخصاً في برلين. ومنذ يوم أمس، بدأت دوريات للشرطة تجول في الشوارع ليلاً لتجبر الحانات والملاهي التي لم تلتزم بالقرار، على غلق أبوابها. وفي ولاية هسن، نشرت الشرطة بياناً أمس تعلن فيه أنها اضطرت للتدخل لوقف حفلة عرس كان عدد الأشخاص فيها يقارب 400، في حين أن الولاية اتخذت قراراً بمنع التجمعات الخاصة والرسمية التي يزيد عدد الأشخاص المشاركين بها على المائة.
ولكن عدا عن مشاهد «الذعر» البادية في التبضع، فإن جوانب الحياة الأخرى، في برلين على الأقل، ما زالت طبيعية. ففي عطلة نهاية الأسبوع التي شهدت طقساً مشمساً، كانت المقاهي والمطاعم والشوارع مليئة بالعائلات. فتلك غير مشمولة بقرار الإغلاق حتى الآن. وملاعب الأطفال كذلك تضج بالصراخ والضحكات. وحتى إن كثيراً من المحلات التي كان من المفترض أن تغلق، لم تلتزم بالإغلاق، وكانت ممتلئة بالرواد ليل السبت. ولكن الشرطة عادت وأغلقتها.
ربما الظاهر الوحيد في شوارع برلين الذي يشير إلى أن شيئاً ما تغيّر هنا، كان غياب المسنين عن الشوارع. هؤلاء يعدّون من الفئة الأقل تحصناً ضد الفيروس، ويلتزمون بالبقاء في الداخل. وهو ما يسهم في تفسير عدد الوفيات المنخفض نسبياً في ألمانيا مقارنة بالدول الأخرى. فرغم أن عدد الإصابات في ألمانيا ارتفع إلى قرابة 6 آلاف، فإن عدد الوفيات لم يتخط العشرة 13 شخصا بالفيروس. وقد أشارت إحصائية نشرت أول من أمس، إلى أن معظم الإصابات في ألمانيا هي لأشخاص تتراوح أعمارهم بين 20 و49 عاماً.
وإضافة إلى غياب المسنين، تلحظ كذلك في الأماكن السياحية غياباً واضحاً للسياح. والقلة الذين يجولون هذه الأماكن هم ألمان قدموا من مناطق أخرى في البلاد. عدد كبير من هؤلاء صغار في السن، من طلاب المدارس والجامعات. هؤلاء، أو عدد كبير منهم، يقول عندما تسأله إذا كان خائفاً من الإصابة بالفيروس، أم لا، إنه لا داعي للخوف وإن فيروس كورونا ليس أسوأ من الإنفلونزا الموسمية.
كثيرون حتى يلومون الصحافة لأنها «تضخم» القصص. بعضهم يعتمد مقاربة أكثر واقعية، ويقولون إنهم يلتزمون بتوجيهات النظافة مثل غسل اليدين وتطهيرها بشكل مستمر، ولكنهم يرفضون أن تتوقف حياتهم بسبب الفيروس.


مقالات ذات صلة

دراسة: «كورونا» تسبب في ضعف إدراكي مستمر للمرضى

صحتك فيروس كورونا أدى إلى انخفاض مستمر في الذاكرة والإدراك (أ.ف.ب)

دراسة: «كورونا» تسبب في ضعف إدراكي مستمر للمرضى

وجدت دراسة فريدة من نوعها أن فيروس كورونا أدى إلى انخفاض بسيط، لكنه مستمر في الذاكرة والإدراك لعدد من الأشخاص.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق اعترف غالبية المشاركين بالدراسة بالحنين إلى الماضي (جامعة كوبنهاغن)

العاملون من المنزل يعانون «نوبات الحنين» لما قبل «كورونا»

أفادت دراسة أميركية بأنّ العاملين من المنزل يشعرون بالضيق ويتوقون إلى ماضٍ متخيَّل لِما قبل انتشار وباء «كوفيد–19»، حيث كانوا يشعرون بالاستقرار.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك العلماء يعتقدون أن الإنفلونزا أكبر تهديد وبائي في العالم (رويترز)

أول لقاح للإنفلونزا يمكن تعاطيه ذاتياً في المنزل دون إبر

وافقت إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) أمس (الجمعة) على أول لقاح للإنفلونزا يمكن تعاطيه ذاتياً في المنزل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك أجهزة الاستشعار الورقية الجديدة سريعة وسهلة الاستخدام (جامعة كرانفيلد)

تقنية جديدة تكشف أمراضاً معدية بالصرف الصحي

توصّل باحثون في بريطانيا إلى طريقة لتحديد العلامات البيولوجية للأمراض المعدية في مياه الصرف الصحي باستخدام أجهزة استشعار ورقية بتقنية الأوريغامي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
آسيا رجل أمن بلباس واقٍ أمام مستشفى يستقبل الإصابات بـ«كورونا» في مدينة ووهان الصينية (أرشيفية - رويترز)

دراسة جديدة تدعم فرضية تفشي «كوفيد 19» من سوق ووهان

كشفت دراسة حول مصدر فيروس كورونا، نشرت الخميس، عناصر جديدة تعزز فرضية انتقال العدوى إلى البشر عن طريق حيوانات مصابة كانت في سوق في ووهان (الصين) نهاية عام 2019.

«الشرق الأوسط» (باريس)

ماكرون يأسف لخيارات نتنياهو في لبنان خصوصاً «العمليات البرية»

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)
TT

ماكرون يأسف لخيارات نتنياهو في لبنان خصوصاً «العمليات البرية»

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)

أسف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم (السبت)، لما قام به رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، من «خيار» لجهة التدخل العسكري في لبنان، خصوصاً القيام بـ«عمليات برية»، مع تأكيده مجدداً على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها.

وقال ماكرون خلال المؤتمر الصحافي الختامي للقمة التاسعة عشرة للمنظمة الفرنكوفونية في باريس: «آسف لكون رئيس الوزراء نتنياهو قام بخيار آخر (بدل وقف إطلاق النار الذي اقترحته باريس وواشنطن)، وتحمل هذه المسؤولية، خصوصاً (تنفيذ) عمليات برية على الأراضي اللبنانية».

وأكد أن فرنسا «متضامنة مع أمن إسرائيل»، لافتاً إلى أنه سيستقبل الاثنين، عائلات الضحايا الفرنسيين - الإسرائيليين الذين سقطوا في هجوم حركة «حماس» الفلسطينية في 7 أكتوبر (تشرين الأول).

وأعلن ماكرون أن الأعضاء الـ88 في المنظمة الدولية للفرنكوفونية، وبينهم فرنسا وكندا وبلجيكا، يطالبون «بالإجماع»، بوقف «فوري ودائم» لإطلاق النار في لبنان، العضو بدوره في المنظمة، مع استمرار الغارات الإسرائيلية الكثيفة على مناطق لبنانية عدة.

وقال ماكرون في مؤتمر صحافي اختتم به القمة الـ19 للمنظمة: «أعربنا بالإجماع عن تأييدنا لوقف فوري ودائم لإطلاق النار، وأكدنا التزامنا احتواء التوترات في المنطقة»، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتوجه ماكرون بالشكر إلى أعضاء المنظمة «بعدما وافقوا على أن تنظم فرنسا مؤتمراً دولياً لدعم لبنان» في أكتوبر.