الجزائر: مواجهة بين وزيرين سابقين ومدير الأمن السابق على خلفية اتهامات بالفساد

TT

الجزائر: مواجهة بين وزيرين سابقين ومدير الأمن السابق على خلفية اتهامات بالفساد

أنكر المدير السابق للشرطة الجزائرية اللواء عبد الغني هامل، أمس، كل التهم الموجهة إليه، في ثالث أيام محاكمته مع أفراد من عائلته في وقائع فساد، محاولا تسييس القضية بحديثه عن «تكالب أطراف في النظام» ضده. وأجلت المحكمة أيضاً، في قضية أخرى، الحكم على الصحافي سفيان مراكشي، مراسل فضائية لبنانية في الجزائر، إلى 29 من الشهر الجاري.
ونظمت المحكمة مواجهة بين اللواء هامل المسجون منذ 6 أشهر، ووزير الصحة سابقاً عبد المالك بوضياف (متهم في إفراج مؤقت)، ووزير الأشغال العمومية سابقاً عبد الغني زعلان (متهم في السجن على ذمة التحقيق)، بصفتهما واليين على وهران (غرب) سابقاً، وهما متهمان بـ«استغلال الوظيفة الحكومية» لمنح قطع أراض ومشروعات ومقار تجارية، لهامل وأبنائه الثلاثة الذين يوجدون في السجن، وابنته وزوجته وهما متهمتان ولكن في حالة إفراج مؤقت.
وتتضمن تحقيقات الدرك في القضية، شواهد على أن عائلة هامل استفادت من منصب الأب، كقائد للحرس الجمهوري وبعدها كمدير عام للشرطة، من امتيازات مادية كبيرة، مقابل توظيف نفوذه الكبير في الدولة لإبقاء المسؤولين في مناصبهم أو ترقيتهم، إلى وظائف أكثر أهمية في الدولة.
ويواجه هامل وأفراد عائلته تهماً أخرى، بينها «غسل الأموال» و«الثراء غير المشروع». وتابع الجزائريون بذهول كبير الجلسة الأولى من المحاكمة الأربعاء الماضي، حينما واجهت القاضية ابنة هامل بما تملك من شقق وعقارات ومشروعات بالعاصمة، وهي ما زالت طالبة في الجامعة. كما تملك زوجته 9 محلات تجارية وهي عاطلة عن العمل. ويلاحق في هذه القضية موظفون حكوميون من وزارة السكن، تم سجنهم، وذلك في إطار «الهبات» و«الهدايا» المتمثلة في شقق ومحلات تجارية، منحوها لهامل وعائلته بالعاصمة وتيبازة (غرب). واستمر استجواب المتهمين إلى ساعة متأخرة، وتوقع المحامون الفصل في القضية اليوم، أو وضع الملف في المداولة مع تحديد تاريخ للإعلان عن الحكم.
وفي سياق المتابعات القضائية، أجلت المحكمة، أمس، الحكم على الصحافي مراكشي، المتابع بتهمة «مخالفة قانون الجمارك». وتتعلق القضية بعتاد للبث التلفزيوني المباشر استعمله الصحافي في تغطية مظاهرات للفضائية الإخبارية التي يرأسها. وتقول أجهزة الأمن التي اعتقلته قبل 6 أشهر، إن العتاد تم إدخاله من الخارج من دون استيفاء شروط الجمركة. أما الصحافي، فقد أكد بأنه اشتراه من شخص وأن مكاتب الفضائيات المعتمدة بالجزائر، تستعمله بشكل عادي.
وقال عبد الله هبول محامي الصحافي لـ«الشرق الأوسط»: «فرضاً أن وسيلة البث التي كانت بحوزة مراكشي غير قانونية على أساس أن جهاز الجمارك لم يحط علماً بإدخالها عبر الحدود، هل هذا مبرر قوي لإيداع صحافي معروف الحبس الاحتياطي، وإبقائه فيه طول هذه المدة بينما يتيح القانون بدائل بل يوجب اللجوء إليها، وأهمها الرقابة القضائية؟». وينتقد الكثير من المحامين والحقوقيين «إفراط القضاة في اللجوء للحبس الاحتياطي» لعدد كبير من نشطاء الحراك. وأوضح أن المحكمة رفضت طلبه وضع مراكشي في الإفراج المؤقت. أما سبب تأجيل الحكم في القضية، فيعود حسبه، إلى غياب محامي الطرف المدني (الجمارك).



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.