نساء ليبيا ضحايا 9 سنوات من الحروب و«التهميش»

ليبيون في ساحة الشهداء بطرابلس (أ.ف.ب)
ليبيون في ساحة الشهداء بطرابلس (أ.ف.ب)
TT

نساء ليبيا ضحايا 9 سنوات من الحروب و«التهميش»

ليبيون في ساحة الشهداء بطرابلس (أ.ف.ب)
ليبيون في ساحة الشهداء بطرابلس (أ.ف.ب)

خلفت الاشتباكات المسلحة والحروب التي مرت على ليبيا منذ ثورة فبراير (شباط) 2011 أجيالاً من الأرامل والثكالى، من جملة الأضرار التي لحقت بعموم البلاد، خلال السنوات التسع الماضية.
وتقول جمعيات معنية بشؤون المرأة في ليبيا، إن حجم الأضرار التي لحقت بالنساء كبير، رغم ما حققنه حالياً من مكاسب وتقدم على مستويات التعليم والخروج إلى سوق العمل والمساندة القانونية.
ورصدت المتحدثة باسم «مبادرة إنقاذ ليبيا النسوية» أمينة الحاسية، تأثيرات الحروب والاشتباكات المسلحة التي عانت منها البلاد على النساء، وقالت إن «المرأة الليبية فقدت الزوج والابن والأخ، بالإضافة إلى المهانة التي تستشعرها خلال عملية النزوح مع أبنائها بسبب الحرب الدائرة الآن على أطراف العاصمة».
ونبهت الحاسية في حديث إلى «الشرق الأوسط» إلى جانب من معاناة نساء بلادها. وقالت إن «المرأة الليبية تعاني بسبب الصراعات والحروب والتهميش منذ اندلاع ثورة 17 فبراير حين قرر معمر القذافي عدم التنحي والاستمرار في الحرب ضد شعبه»، لافتة إلى أن «الأمهات فقدن الأبناء، والزوجات الصغيرات في السن فقدن أزواجهن، خلال عام 2011، وأصبح لدينا ما يقارب ألفي أرملة، و3 آلاف ثكلى موجوعات... هذه النسبة من الفقد ترتبت عليها معاناة كبيرة وتحمل مسؤولية الأسرة. هن يعانين الأمرين، ألم الفراق، ومتاعب الحياة والتزاماتها». وقالت إن «عمليات النزوح والتهجير بسبب الحرب زادت من هذه المعاناة، بالإضافة إلى الصراع بين مؤيدين للنظام السابق، وثورة فبراير».
وقال مكتب منظمة الصحة العالمية في ليبيا إن أكثر 200 ألف سيدة نازحة في سن الإنجاب بحاجة إلى مساعدة إنسانية. وفيما قدّر مكتب الأمين العام للأمم المتحدة، عدد النازحين بسبب حرب العاصمة طرابلس، بأكثر من 140 ألف شخص، لوحظ أن كثيراً من الذين رحلوا عن ديارهم هرباً من شدة الاشتباكات نساء وأطفال صغار، بعد مقتل عائلهم في الحرب الدائرة الآن، أو اشتباكات مسلحة سابقة كانت الميليشيات ضالعة فيها.
وزاد من معاناة المرأة الليبية تغوّل التيارات المتطرفة في البلاد. وقالت الحاسية إن «شريحة كبيرة منهن عانين من التطرف، بعد أن كسرت المرأة القيود؛ حيث ظهرت جماعات إرهابية بين عامي 2015 إلى 2018، وجرى اغتيال كثير من الناشطات في عموم البلاد»، أبرزهن الحقوقية سلوى بوقعيقيص.
واغتيلت بوقعيقيص برصاصة في الرأس في منزلها، بمدينة بنغازي، في يونيو (حزيران) 2014. في واقعة كانت تستهدف تحجيم النساء الليبيات وإجبارهن على الجلوس في منازلهن، ثم توالت الاغتيالات، وهو ما تسبب وفقاً للمتحدثة باسم «مبادرة إنقاذ ليبيا النسوية»، في «تراكم أزمات المرأة، في ظل وجود ظواهر اجتماعية، منها زواج القاصرات والانتحار بسبب التهجير والنزوح».
ولفتت الحاسية إلى أنه «في ظل إقصاء المرأة عن تولي المناصب السياسية والقيادية، كونها بعيدة عن الصراعات والمساومات، فإنها أبت وفرضت نفسها، لكنها لم تحصل إلا على نسبة ضئيلة جداً لم تحقق تطلعاتها». وانتهت إلى أنه «في ظل غياب الدولة ونقص السيولة تدنت مستويات الخدمات الصحية، وارتفعت نسبه الإجهاض بسبب سوء التغذية والفقر، غير أنه يتبقى أن المرأة هي العنصر الأسرى المهم الذي يعمل على رفع مستوى المعيشة، فخرجت تبحث عن مصدر رزق في أكثر من مهنة».
ورغم ما تعانيه المرأة بسبب هذه الأجواء المتوترة، فإنها تمكنت من تحقيق نجاحات كبيرة على أصعدة عدة. وفي مطلع الأسبوع الحالي، تعهد «تجمع تكنوقراط ليبيا»، وهو تجمع سياسي مدني، بالعمل على الدفع المرأة للترشح للرئاسة الليبية خلال الفترة المقبلة.
ورأى المحلل السياسي الليبي عبد العظيم البشتي أن المرأة احتلت موقعاً «في عمق قضية الموت والبتر والجراح والتهجير». ولفت إلى «الضرر النفسي الذي لحق بالنساء بسبب عملية التهجير قسراً، بالإضافة إلى سكن مئات منهن في المدارس والمصانع المعطلة مع أطفالهن من دون عائل».
في مدن الغرب الليبي؛ خصوصاً طرابلس ومصراتة، كانت معاناة المرأة أشد بالنظر إلى فترة عدم الاستقرار وتسلط الميليشيات على مواطنيها، فضلاً عن الاشتباكات التي كان يقضي فيها عشرات المدنيين من وقت إلى آخر، بداية من حروب ميليشيات «فجر ليبيا» عام 2014، ومروراً بالأوضاع الراهنة التي تسببت في احتشاد آلاف الشباب على محاور الاقتتال للدفاع عن طرابلس.
وتتباهى نساء مصراتة بأنهن «أمهات شهداء» قتلوا في جبهات القتال، سواء قديماً، أو في الحرب التي تشهدها العاصمة حالياً. ولم تمنع المعاناة كثيرات من نساء مصراتة المكلومات بفقد أبنائهن أو أزواجهن من الاندماج مع أخريات في طهي الطعام وتجهيز المشروبات للمقاتلين على الجبهات.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.