انتقادات كلوب لسيميوني ظالمة وتظهر يأسه في التغلب على خصمه

دفاع أتلتيكو بضراوة لضمان تأمين الفريق لا يختلف عن هجوم ليفربول بلا هوادة

فرحة سيميوني بالفوز على ليفربول كان وراءها نظام محكم لأتلتيكو (رويترز)
فرحة سيميوني بالفوز على ليفربول كان وراءها نظام محكم لأتلتيكو (رويترز)
TT

انتقادات كلوب لسيميوني ظالمة وتظهر يأسه في التغلب على خصمه

فرحة سيميوني بالفوز على ليفربول كان وراءها نظام محكم لأتلتيكو (رويترز)
فرحة سيميوني بالفوز على ليفربول كان وراءها نظام محكم لأتلتيكو (رويترز)

بمرور الوقت وانتهاء مرحلة الصدمة الأولى، ازدادت مرارة الهزيمة أمام أتلتيكو مدريد الإسباني في حلق الألماني يورغن كلوب مدرب ليفربول، وكان من السهل على الجميع ملاحظة أنه حاول جاهداً ابتلاع هذه الخسارة قبل أن يتفاقم الأمر. واعترف المدرب: «أعلم أنني سيئ للغاية في تقبل الخسارة. لقد هزمونا وعلينا تقبل ذلك. ونحن نتقبل ذلك بالطبع».
وبالنظر لباقي التصريحات التي أطلقها مدرب ليفربول في أعقاب هزيمة ليفربول أمام أتلتيكو مدريد بنتيجة 3 - 2 مساء الأربعاء الماضي، لا يسع المرء سوى التعجب مما يعنيه كلوب على وجه التحديد بـ«عدم» قبول هزيمة. في الواقع، يمكن تفهم جميع مشاعر الصدمة والخيبة الأمل والشعور بالغبن والظلم الشديد من جانب مدرب صوب لاعبوه 34 كرة على مرمى الفريق المنافس، وكانت له اليد العليا في كثير من الأحيان، ومع ذلك وجد نفسه نهاية الأمر خارج دوري الأبطال الأوروبي من أول دور لتصفيات خروج المهزوم.
ومع هذا، فإن ثمة أمراً آخر كان موجوداً: شعور بالغطرسة والتكبر وطموح نحو إثبات سمو أخلاقي في منافسة تتولى رعايتها شركة «غازبروم». واستطرد كلوب في تصريحاته قائلاً: «لا يبدو الوضع صائباً. ولا أفهم كيف أن مجموعة من اللاعبين العالميين في صفوف أتلتيكو يدافعون بصفين بكل منهما 4 لاعبين، وأمامهما اثنان من المهاجمين. أرى أن لاعبين مثل كوكي وساؤول نيغيز وماركوس ليورنتي باستطاعتهم تقديم مستوى من كرة القدم أفضل من ذلك. ومع هذا، فقد ظلوا متمركزين في عمق نصف الملعب الخاص بهم واكتفوا بشن هجمات مرتدة».
ومن المهم هنا توضيح ما يعنيه هذا الحديث عملياً. على مدار 8 أعوام تحت قيادة المدرب الأرجنتيني دييغو سيميوني، تمكن أتلتيكو مدريد بعد مجهود هائل من وضع نظام معروف أصبح اليوم ليس فقط جزءاً من هوية النادي، وإنما القوة الدافعة وراء أعظم حقب الانتصارات في تاريخ النادي. ومن خلال تصريحاته الأخيرة، دعا كلوب فعلياً النادي الإسباني إلى التخلي عن أسلوبه لصالح أسلوب لعب استباقي يجعل من الأسهل بكثير على فرق أخرى مثل ليفربول هزيمتهم... بالتأكيد هذا الموقف من جانب كلوب ليس أي شخص مضطراً للتعامل معه بأدنى قدر من الجدية.
المثير أنه عندما قال كلوب لاحقاً: «عندما ترى فريقاً مثل أتلتيكو يلعب على هذا النحو، فإن هذا أصعب شيء قد تواجهه»، وهو بذلك قوض النقطة التي طرحها سابقاً بدرجة كبيرة. إن السبب وراء لعب أتلتيكو مدريد بهذا الأسلوب أنه يدفع الفرق المنافسة نحو دخول مواقف كانوا يفضلون لو أنهم تحاشوها. من جهته، أوضح سيميوني في إجابته المقتصدة: «نحاول استغلال نقاط الضعف في الفرق المنافسة، هذا ما نفعله، ونحاول الفوز بكل ما أوتينا من قوة».
ولم يظهر سيميوني تفاخراً بما حققه بقدر تأكيده على الاعتراف بأنه يحارب بما يملك من قدرات، وقال: «نلعب بالأسلحة التي نمتلكها. نحترم هويتنا، خصائص لاعبينا واستغلال نقاط ضعف خصومنا».
وشرح سيميوني هوية منافسه: «ليفربول هو أقوى خصم واجهناه مع كثافته، ونوعية عرضياته، وضغطه الكبير في أرض الملعب، وطريقة إيصاله الكرة إلى مهاجميه، لكننا عرفنا كيف نتعامل مع الضغط، حتى عندما دخل مرمانا هدفان، تمسكنا بالأمل ونجحنا في هز شباكهم 3 مرات، لذا لا حديث هنا عن أننا لا نهاجم، نحن نرصد اللحظة التي يخطئ فيها المنافس».
وربما يميل البعض للنظر إلى تعليقات كلوب الرافضة لأسلوب لعب الفريق الإسباني باعتبارها نتيجة لشعوره المرير بالهزيمة فحسب. وهناك بالتأكيد اختلاف بين تعزيز المجهود الدفاعي لفريق ما وتحقيق الدفاع على نحو جيد، وإهدار 11 كرة على المرمى واثنتين أخريين ارتطمتا بالعارضة.
في الوقت ذاته، تجدر الإشارة هنا إلى أن هذه المرة الأولى عبر 3 سنوات التي يسجل فيها أتلتيكو مدريد 3 أهداف بعيداً عن أرضه في بطولة دوري أبطال أوروبا. وحدث هذا الأمر داخل بطولة الدوري الإسبانية الممتاز مرة واحدة العام الماضي. وينبع سخط ليفربول في جزء منه من حقيقة أنهم - خصوصاً حارس المرمى أدريان - كانوا السبب الرئيسي وراء هزيمتهم. أما خطيئة أتلتيكو مدريد الكبرى المفترضة هنا فكانت أن الحظ وقف إلى جانبه.
ومع ذلك، تبقى هناك نقطة أوسع نطاقاً من المهم تناولها: نبرة الازدراء الضمنية التي نتحدث بها عن أندية مثل أتلتيكو مدريد، وفكرة أن الهجوم أمر مقدس للغاية، وأن الدفاع أمر دنس، وأن كرة القدم الهجومية - أو بمعنى أدق كرة القدم الهجومية المعتمدة على الاستحواذ - تعدّ لسبب ما أكثر نقاءً وإبهاراً وروعة، بل وربما أسمى أخلاقياً. في جانب منه، يبدو هذا جدالاً قديماً قدم كرة القدم ذاتها، ويدور حول التساؤل: إلى أي مدى تكون منافسة ما رياضية عندما يكون الهدف الوحيد لتسجيل هدف آخر إضافي أكثر عن المنافس؟ وإلى أي مدى تعدّ هذه المنافسة فناً أو مصدراً للترفيه، بينما يبدو من الضروري اصطدام تساؤلات تتعلق بالجمال والذوق، بل وحتى السياسة، في إطارها؟
في قناة «بي تي سبورت»، تناول النجم السابق للكرة الإنجليزية مايكل أوين بحماس هذا الأمر، ولكن ليس بالصورة ذاتها. وقال: «لا أعتقد أن هناك أمراً عبقرياً في تكريس لاعبيك لمهمة الدفاع، وإنما العبقرية ما يفعله جوسيب غوارديولا، والعبقرية ما يفعله يورغن كلوب: اللعب على مساحات واسعة بغض النظر عما تواجهه. أما أن يقف عشرات الرجال خلف الكرة، بل ويفعل ذلك لاعبون عظماء، أحترم ذلك، لكن لا أعتقد أنه أمر عبقري».
ربما لأن مايكل أوين مهاجم، لا يملك معرفة وثيقة بآليات تنظيم دفاع ما، لكن هذه التعليقات تكشف النقاب عن فرضية أكبر: أن التنظيم الدفاعي في جوهره أسهل، أو هو عمل يتطلب قدراً أقل من المهارة، لكن من لعبوا تحت قيادة سيميوني يطرحون قصة مختلفة: تركيز مستمر على التكتيكات والمراكز وتداخل بين الحركة والمساحة، مع بذل سيميوني جهوداً دؤوبة لبناء حالة وعي جماعي بين صفوف اللاعبين وتأكيد ضرورة تحليهم بأعلى درجات التركيز. ربما يتوافق هذا أو لا يتوافق مع تعريفك الخاص للعبقرية، لكن إنكار المجهود الذهني الهائل الذي يتطلبه تنظيم هذا الأمر يشي بأن المرء يعاني إما من الجهل أو الغطرسة العمياء.
هل الكرة الدفاعية قبيحة؟ هل هي غير أخلاقية؟ هل هي مناهضة لجوهر كرة القدم؟ بالتأكيد سيميوني نفسه ليس قديساً كمدرب، وكثيراً ما يرتكب فريقه آثاماً داخل أرض الملعب. ومع هذا، نلاحظ أنه في الفترة الأخيرة هناك وجهة نظر أصولية تجاه جوهر كرة القدم بدأت في الظهور. منذ متى كانت كرة القدم تتعلق بالهجوم فحسب؟ ومنذ متى أصبحت الأهداف والمناورات العملة الوحيدة المعترف بها في عالم كرة القدم؟ ومنذ متى انتقلت مسألة امتلاك حارس مرمى بارع من مجال التكتيكات إلى مجال الحظ والصدف؟
في الواقع، منذ فجر التاريخ انشغل مفكرون بالعلاقة بين الشكل والمهمة، وبين الجمال والهدف. ورغم أن أسلوب فريق سيميوني يبدو فجاً، فإن ثمة جمالاً كامناً خلفه يدور حول روعة التنسيق وإخضاع الأهواء الفردية للصالح العام الجمعي ومشاهدة نادي بسيط يتألق في صفوف الأندية الكبرى، ويقف صامداً في وجه قوتها المالية الهائلة، بل ويتمكن من افتراسها. إذا لم تكن هذه كرة مناسبة، فما إذن المناسبة؟


مقالات ذات صلة

«الأجندة السياسية» تفرض حضورها في قرعة أوروبا المؤهلة للمونديال

رياضة عالمية من مراسم قرعة تصفيات أوروبا المؤهلة إلى كأس العالم 2026 (رويترز)

«الأجندة السياسية» تفرض حضورها في قرعة أوروبا المؤهلة للمونديال

أسفرت قرعة تصفيات أوروبا المؤهلة لكأس العالم 2026، التي سحبت في زيورخ بسويسرا، الجمعة، عن مواجهة جديدة بين إنجلترا وصربيا.

«الشرق الأوسط» (زيورخ)
رياضة عالمية الجماهير الصربية تسببت في عقوبات من «يويفا» (رويترز)

«يويفا» يعاقب صربيا بسبب سوء سلوك مشجعيها

قرر الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا)، الجمعة، معاقبة الاتحاد الصربي للعبة، بسبب تصرفات عنصرية من قبل المشجعين في مباراتين ببطولة دوري أمم أوروبا.

«الشرق الأوسط» (زيوريخ)
رياضة عالمية فولر في حديث مع مدرب المنتخب الألماني ناغلسمان (الشرق الأوسط)

ألمانيا تستضيف إيطاليا في دورتموند بدوري الأمم

أعلن الاتحاد الألماني، في بيان، أن مدينة دورتموند سوف تستضيف مباراة منتخب ألمانيا ضد ضيفه الإيطالي، في إياب دور الثمانية لبطولة دوري أمم أوروبا.

«الشرق الأوسط» (فرنكفورت)
رياضة عالمية جمال موسيالا (أ.ف.ب)

موسيالا أفضل لاعب في المنتخب الألماني لهذا العام

اختير جمال موسيالا، لاعب وسط فريق بايرن ميونيخ الألماني لكرة القدم، اليوم الخميس، أفضلَ لاعب في منتخب ألمانيا للرجال لهذا العام.

«الشرق الأوسط» (برلين)
رياضة عالمية الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (د.ب.أ)

«يويفا»: الأدوار النهائية ستقام في بلد الفائز بين ألمانيا وإيطاليا 

من المقرر أن تقام الأدوار النهائية لبطولة دوري أمم أوروبا لكرة القدم في ألمانيا أو إيطاليا، حسبما أفادت صحيفة «لو فيغارو» الفرنسية، الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (برلين)

«خليجي 26»... السعودية والعراق وجهاً لوجه في المجموعة الثانية

الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
TT

«خليجي 26»... السعودية والعراق وجهاً لوجه في المجموعة الثانية

الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)

أسفرت قرعة بطولة كأس الخليج (خليجي 26) لكرة القدم التي أجريت السبت، وتستضيفها الكويت خلال الفترة من 21 ديسمبر (كانون الأول) 2024، وحتى 3 يناير (كانون الثاني) 2025، عن مجموعتين متوازنتين.

فقد ضمت الأولى منتخبات الكويت، وقطر، والإمارات وعمان، والثانية العراق والسعودية والبحرين واليمن.

ويتأهل بطل ووصيف كل مجموعة إلى الدور نصف النهائي.

وسُحبت مراسم القرعة في فندق «والدورف أستوريا» بحضور ممثلي المنتخبات المشارِكة في البطولة المقبلة.

وشهد الحفل الذي أقيم في العاصمة الكويت الكشف عن تعويذة البطولة «هيدو»، وهي عبارة عن جمل يرتدي قميص منتخب الكويت الأزرق، بحضور رئيس اتحاد كأس الخليج العربي للعبة القطري الشيخ حمد بن خليفة، إلى جانب مسؤولي الاتحاد وممثلين عن الاتحادات والمنتخبات المشاركة ونجوم حاليين وسابقين.

السعودية والعراق وقعا في المجموعة الثانية (الشرق الأوسط)

وجرى وضع الكويت على رأس المجموعة الأولى بصفتها المضيفة، والعراق على رأس الثانية بصفته حاملاً للقب النسخة السابقة التي أقيمت في البصرة، بينما تم توزيع المنتخبات الستة المتبقية على 3 مستويات، بحسب التصنيف الأخير الصادر عن الاتحاد الدولي (فيفا) في 24 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وتقام المباريات على استادي «جابر الأحمد الدولي» و«جابر مبارك الصباح»، على أن يبقى استاد علي صباح السالم بديلاً، ويترافق ذلك مع تخصيص 8 ملاعب للتدريبات.

وستكون البطولة المقبلة النسخة الرابعة التي تقام تحت مظلة اتحاد كأس الخليج العربي بعد الأولى (23) التي استضافتها الكويت أيضاً عام 2017. وشهدت النسخ الأخيرة من «العرس الخليجي» غياب منتخبات الصف الأول ومشاركة منتخبات رديفة أو أولمبية، بيد أن النسخة المقبلة مرشحة لتكون جدية أكثر في ظل حاجة 7 من أصل المنتخبات الثمانية، إلى الاستعداد لاستكمال التصفيات الآسيوية المؤهلة إلى كأس العالم 2026 المقررة في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك.

وباستثناء اليمن، فإن المنتخبات السبعة الأخرى تخوض غمار الدور الثالث الحاسم من التصفيات عينها، التي ستتوقف بعد الجولتين المقبلتين، على أن تعود في مارس (آذار) 2025.

ويحمل المنتخب الكويتي الرقم القياسي في عدد مرات التتويج باللقب الخليجي (10) آخرها في 2010.

الكويت المستضيفة والأكثر تتويجا باللقب جاءت في المجموعة الأولى (الشرق الأوسط)

ووجهت اللجنة المنظمة للبطولة الدعوة لعدد من المدربين الذين وضعوا بصمات لهم في مشوار البطولة مع منتخبات بلادهم، إذ حضر من السعودية ناصر الجوهر ومحمد الخراشي، والإماراتي مهدي علي، والعراقي الراحل عمو بابا، إذ حضر شقيقه بالنيابة.

ومن المقرر أن تقام مباريات البطولة على ملعبي استاد جابر الأحمد الدولي، الذي يتسع لنحو 60 ألف متفرج، وكذلك استاد الصليبيخات، وهو أحدث الملاعب في الكويت، ويتسع لـ15 ألف متفرج.

وتقرر أن يستضيف عدد من ملاعب الأندية مثل نادي القادسية والكويت تدريبات المنتخبات الـ8.