موسوعة علمية جامعة، قد تروي ظمأ عطش المعرفة، وتجيب عن أسئلة جمة، لطالما كان يطرحها الباحثون في علم النبات، وغالبا ما تضيع الإجابة عنها بين متاهات الحيرة والجهل والتكهن. إنها «موسوعة النباتات الطبية» التي تعد معجما حقيقيا يلجأ إليه الناس عامة والمهتمون بالشؤون النباتية خاصة، ففيها المعرفة الميدانية والإجابة اليقينية التي لا تترك مجالا للشك.
وتعتبر الموسوعة ثمرة جهد مضنٍ وشاق قام به ميشال حايك، أو «المبتسم الصامت» كما يحلو لبعض الأكاديميين في الجامعة الأميركية أن يسموه، فهو شغوف بعالم النباتات، وقضى عمرا مديدا في مجالات البحث والاكتشاف ليصل إلى تحقيق حلمه بولادة هذه الموسوعة، والتي أصبحت مع مرور الوقت مطبوعة في ذاكرتي.
وعن انطلاقته في إعدادها يقول ميشال حايك في حديثه لـ«الشرق الأوسط» التي التقته في منزله في بلدة صربا (جنوب لبنان): «بدأت صولاتي وجولاتي من منطقة الشمال في عام 1974 - بعد أن فكرت لسنتين في آلية التنفيذ - وتحديدا من كسروان حيث الجبال والوديان. بداية هادئة صرت أوسّع بعدها دائرة البحث إلى أن حلت الحرب الأهلية في لبنان في عام 1975».
ويستذكر حايك كيف كان مسلحو الميليشيات آنذاك يحاولون نزع الكاميرا منه، فيجيبهم: «أنا أصور النباتات والزهور، بإمكانكم التأكد من الفيلم وإذا تبين لكم عكس ذلك فبإمكانكم سجني. وهكذا، كانوا يتركونني أكمل عملي».
ما يقارب 16 ساعة يوميا كان يخصصها حايك لتدوين موسوعته وذلك على مدى 12 عاما (بشكل متقطع) إضافة إلى قيامه بتصحيح كل مجلد 8 مرات، «مما يعني أن كل تعبي يذهب للمكتبة وللطباعة والناشر والموزع ويبقى لي من الجمل أذنه». وبعد أن انتهى ابن الـ77 عاما من مناطق جنوب لبنان، وتحديدا من حقول مدينة النبطية ومناطق دير الزهراني وصربا وعربصاليم، وضع برنامجا زمنيا لترجمة هوايته في الجمع والتصوير. والتزم بهذا البرنامج حتى عام 2005، حيث تعرض لأزمتين في القلب، مما اضطره إلى حصر نشاطاته في المطالعة والأبحاث ومواصلة الكتابة.
وإذا ما أخذنا الجزء السادس، من الموسوعة الصادرة عن «مكتبة لبنان»، نموذجا نجد أنه أخذ من المعاجم ترتيبها وتنظيمها. وهو يذكر التسمية العربية لكل نبتة مع مقابلها باللغات الإنجليزية والفرنسية والألمانية واللاتينية والإيطالية. أما الشروحات، فهي تتناول النوع والمركبات والخصائص والاستعمال وطريقته. وقد زود المعجم بـ40 صورة ملونة.
وتحتوي الموسوعة على أنواع نادرة من النباتات ومنها «بخور مريم»، الموجود حصرا في 3 أماكن في لبنان. وأيضا عيزقان لبنان، وهو نادر في سوريا وفلسطين وتركيا، المليسة، والعشبة الذهبية، ودازي أو مخرم. وبشكل عام فإن الموسوعة تهدف إلى تلبية رغبة الناس في معرفة خصائص النباتات، والاستفادة من استعمالاتها، والابتعاد عن مضارها، في زمن يشهد العودة إلى التداوي بالأعشاب، حيث يعتبر: «الطبيعة كأول صيدلية شهدها الإنسان، فيها الداء والدواء والشفاء على السواء».
ويكشف حايك أن عدد النباتات الطبية في لبنان هو 730 وربما أكثر بقليل، بينها عدد قليل نادر، رقم توصل إليه بعد أن زار حقول لبنان لا سيما من أقصى الجنوب إلى النهر الكبير شمالا. الاسم اللاتيني هو لدى حايك بمثابة الهوية لكل نبتة، وإذا لم يجده خلال أسبوع فلا مكان للنبتة في موسوعته، أما الآلية فمتشابهة في كل المعاجم فيما يمتاز الجزء السابع والأخير بـ«الدليل العام» لكل الأجزاء، لافتا إلى أنك «إذا أردت البحث عن نبتة ما عليك إلا تصفح هذا الفهرس وستجدها بالاسم اللاتيني والجزء والصفحة الموجودة فيهما». ويشرح حايك: «أحيانا كنت أتعرف على النباتات فورا وأحيانا كنت أستغرق أسبوعا كاملا لأعرف اسم أحدها». وعن مشاريعه المستقبلية يؤكد حايك أنه اليوم بصدد إصدار كتاب يتناول 1760 نبتة طبية من لبنان وخارجه.
نباتات لبنان في موسوعة جديدة.. مع حقائق وصور
معتمدة العودة إلى الطبيعة واستنباط ما تزخر به من فوائد وغرائب
نباتات لبنان في موسوعة جديدة.. مع حقائق وصور
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة